المحرر موضوع: حكاية العراق على مسرح البرلمان  (زيارة 208 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31658
    • مشاهدة الملف الشخصي
حكاية العراق على مسرح البرلمان
مجموعات متخالفة ومختلفة تجتمع تحت قبة البرلمان لمناقشة طرق الانقضاض على الموازنة، تلك هي حكايات العراق يشاهدها الجمهور الجالس أمام شاشات فضائيات تحكي واقعاً يعيشه العراقيون منذ أكثر من عشرين عاماً.
سمير داود حنوش

اتفقوا على ألا يتفقوا
هو المسرح الذي يتقافز على خشبته أولئك المتخالفون والمختلفون، هو المساحة المكانية التي تقرر مصير القادم من الأيام لشعب مقهور، يقرره هؤلاء الذين تتقاسمهم الطوائف والكتل والأحزاب كلٌ حسب حجمه ولونه ومذهبه.

نعم.. ذلك هو مسرح البرلمان الذي يجلس العراقيون أمام شاشة التلفزيون وكأنهم يشاهدون صوراً تعكس واقعهم العراقي المتناثر المليء بالمتناقضات على أيدي المقامرين بمستقبلهم، انظروا إلى خلافاتهم وصراخهم ستجدون أنها تعكس الواقع العراقي المنخور الذي لا يحتاج إلى معول لتحطيمه لأنه مُحَطّم أصلاً.

البرلمانيون الجالسون أمام مسرح البرلمان الذين اتفقوا على ألا يتفقوا إلى درجة أن البرلماني الذي لا يجد من يتشاجر معه في البيت سيجد حتماً من يتشاجر معه تحت قبة البرلمان.

توزعت الأدوار كلٌ حسب رغبته وغاياته، فالكرد أقسموا ألا يُبقوا ديناراً واحداً في جيب العراق من غير أن تكون لهم حصة فيه، يقاتلون بشراسة من أجل ألا توضع إيرادات إقليمهم (دولتهم) تحت إشراف البنك المركزي العراقي أو أنظار الحكومة الاتحادية.

قاعة البرلمان العراقي التي تحيط بها الجدران الإسمنتية بعيداً عن عيون الشعب حيث يقررون مصير ذلك الغائب عن وعيه خلف تلك الصبات الكونكريتية، والمصيبة أن ذلك الضائع بين حساباتهم وغنائمهم لا يعلم ماذا ينتظره منهم، فهل رأيتم كابوساً حل على العراقيين أكثر من ذلك؟

الكرد يرفضون تسليم واردات نفطهم لبغداد بل غايتهم أن يكون تحت إشراف بنك يكونون المشرفين عليه، وكأن الحال يقول ما تنفقه اليد اليمنى سيذهب بالتأكيد إلى اليد اليسرى، لا يهمهم غضب مناطق الجنوب والوسط وهم يستنزفون ثرواتهم حتى ولو احترق الجميع، يُطبّقون المثل العراقي “منين ما مِلتي غِرفتي”، أي من تهريب نفطهم وأموال المحافظات الأخرى التي يتقاسمون خيراتها.

الشيعة هم مأساة السلطة في العراق حيث لا يبتغون سوى المنطقة الخضراء التي يسكنون في قصورها، وحساباتهم المصرفية، وكم يجنون من التنازلات والانهزامات، لا يهم السياسي الشيعي حتى ولو ذهب جمهوره إلى الجحيم ما دام هناك من يرضى ويبارك له سلطانه المزيف.

لا يمس السياسي الشيعي وخز الفقر والحرمان وأمراض السرطان التي تفتك بجمهوره في مناطق الجنوب وهم يتنفسون روائح النفط المستخرج ليُعطى هِبات مجانية إلى الآخرين، لذلك ترى الانتفاضات وهي ترفع شعار “باسم الدين باگونه الحرامية” في توصيف لا يحتاج إلى شرح.

السُنّة أو من يمثلهم في البرلمان ذلك الجرح الغائر والغصّة التي تشهدها حكايات وقصص مناطقهم المهجورة التي لم يبق منها سوى الأطلال وصفحات متنقلة ما بين غرابيب داعش والفساد الذي فتك بمستقبلهم وحياتهم وأمانيهم حيث لم تجد زعاماتهم حلولاً لمصائبهم بل زادت من معاناتهم.

مجموعات متخالفة ومختلفة تجتمع تحت قبة البرلمان كطلاب صف دراسي يدخلونه لأول مرة لمناقشة طرق الانقضاض على نعيم الموازنة الثلاثية لسنوات كابوس العراق، تلك هي فصول حكايات العراق يشاهدها الجمهور الجالس أمام شاشات الفضائيات وكأنها تحكي واقعاً يعيشه العراقيون منذ أكثر من عشرين عاماً تحت غيوم الاحتلال التي تأبى مغادرة سمائه.

موازنة الزعامات والأحزاب والطوائف التي تتراقص جيوبها طرباً بانتظار الإقرار الذي يطول النقاش فيه إلى ساعات الفجر، حيث لم تكشف لنا سر عقد الجلسات في ساعات الليل الطويل، والطريف المُبكي أن ساعات نقاشهم رافقها انقطاع التيار الكهربائي عن قاعة الجلسات لحواراتهم.

قاعة البرلمان العراقي التي تحيط بها الجدران الإسمنتية بعيداً عن عيون الشعب حيث يقررون مصير ذلك الغائب عن وعيه خلف تلك الصبات الكونكريتية، والمصيبة أن ذلك الضائع بين حساباتهم وغنائمهم لا يعلم ماذا ينتظره منهم، فهل رأيتم كابوساً حل على العراقيين أكثر من ذلك؟