المحرر موضوع: فائق حسن وصدام حسين  (زيارة 454 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31658
    • مشاهدة الملف الشخصي
فائق حسن وصدام حسين
« في: 13:16 12/06/2023 »
فائق حسن وصدام حسين
لا توجد إجابات واضحة عن إرث الفنان التشكيلي الرائد فائق حسن، بل إن التاريخ سيقف حائرا عندما لا يجد غير رماد ضئيل من جثمان حسن الذي رحل عام 1992 في باريس.
كرم نعمة

فائق حسن بريشته
بدا الفنان التشكيلي فيصل لعيبي في غاية الاهتمام عندما عرف أن اللوحة النادرة للفنان رشاد حاتم التي رسمها داخل سجن الحلة عام 1954 لسجين معه والتي كشفت عنها “العرب” في تقرير على الصفحة الأولى في عدد الأربعاء الثاني عشر من سبتمبر 2012، مازالت في مأمن.

في لقاء جمعنا في المعرض الاستعادي للفنان الراحل هاني مظهر قبل أيام، أكد لي لعيبي أن تلك اللوحة بمثابة أيقونة معبرة عن فاصلة في تاريخ الفن التشكيلي العراقي والحزب الشيوعي بوصفه جزءا من ذلك التاريخ، فالرسام كان شيوعيا والسجين المرسوم في البورتريه كان شيوعيا أيضا. لذلك اقترح الفنان فيصل أن تكون من مقتنيات الحزب الشيوعي العراقي للحفاظ عليها!

ذلك الجانب السعيد من القصة المريرة التي تروي ما لحق بأعمال جيل الرواد بعد أن نهبها ودمرها الرعاع ومن ثم استولى على ما تبقى منها لصوص الدولة بعد احتلال العراق عام 2003.

لا توجد إجابات واضحة عن إرث الفنان التشكيلي الرائد فائق حسن، بل إن التاريخ سيقف حائرا عندما لا يجد غير رماد ضئيل من جثمان حسن الذي رحل عام 1992 في باريس، وجلبت زوجته إلى بغداد زجاجة صغيرة مما تبقى من رماده بعدما أوصى بحرق جثمانه!

من بين أشهر أعماله ثلاث بورتريهات شخصية للرئيس صدام حسين؛ واحدة بملابس عربية وأخرى عسكرية وثالثة على حصان. وحكاية رسم تلك اللوحات متداولة في الوسط التشكيلي، لكن الكلام عن مصيرها غير معروف، فهل سرقت أم أحرقت لأنها لشخص صدام، كما دمرت التماثيل بنوازع الانتقام والتخريب الوحشية مع أنها جزء من تاريخ البلاد وشاهد سيبقى حيّا، مثلما توجد إلى اليوم تماثيل في بعض المدن الإسبانية للجنرال فرانثيسكو فرانكو، أم إن مركز الفنون في بغداد لديه إجابات واضحة عن مصير لوحات فائق حسن لصدام حسين تحديدا؟

صدام حسين بريشة فائق حسن
في واحدة من جولات الرئيس في أروقة المركز في ثمانينات القرن الماضي وكان تحيط به نخبة من كبار فناني العراق وأدبائه، وبينهم فائق حسن. وفي لحظة تأمل لإحدى لوحاته المعلقة استدار الرئيس باتجاه الفنان الذي لم يبارح الغليون فمه، فسأله بلغة تجمع بين الطلب والمزاح “متى ترسمني أستاذ فائق؟”.

لم يتوقع الرئيس أن تكون إجابة الفنان بطريقته المعتادة في التهكم والثقة المفرطة بالنفس،عندما رد على الرئيس بقوله “كودن يابه أنت شيكعدك…” ومفردة “كودن” مستخدمة في الدارجة العراقية في تساؤل عن سبب شيء ما، ولا يخلو حديث فائق حسن منها بين جملة وأخرى، ذلك ما يعرفه كل المقربين منه.

كان فائق حسن في هذا الكلام يشير إلى صعوبة صبر الرئيس والجلوس الطويل أمامه كي يرسمه بتأن.

وبينما كان ينتظر الحاضرون وهم نخبة وشهود على القصة، بينهم الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد والفنانون نوري الراوي وإسماعيل الشيخلي وليلى العطار… رد الرئيس على كلام الفنان التشكيلي غير المعتاد في مخاطبة رئيس الدولة، بنفس لغة الفنان المتسائلة “لا يابه أكعد شكد ما تريد، وإذا ما ترسمني ترى أنا أرسمك”! وهنا تحول الكلام إلى مزاح مريح لجميع الحاضرين وتبادل الابتسامات.

لا أحد يعرف بعدها كيف وأين رسم فائق حسن اللوحات الثلاث لصدام حسين، وهل حقا كان صبورا معه؟ وهل تكررت مفردة “كودن” التي فضلها فائق حسن في مخاطبة رئيس الجمهورية؟

التاريخ يصمت هنا فليس لدينا شهود للإجابة على تلك الأسئلة، بينما كان حوار صدام حسين وفائق حسن أمام نخبة من الحاضرين، الأهم من ذلك ما مصير تلك اللوحات الثمينة في أرث فنان عراقي من كبار الرواد؟