المحرر موضوع: قصه قصيرة . على بحيرة فانيرن  (زيارة 364 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل اسطيفان هرمز

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 315
  • الجنس: ذكر
  • افعل كل شيء بالحب
    • MSN مسنجر - www.astefan@hotmail.com
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • http://wwwlovelanbd.blogspot.com/?m=0
    • البريد الالكتروني
     
      اسطيفان هرمز ...              (على بحيرة فانيرن )


          احداث  القصة حقيقية ، تم تغير الأسماء الحقيقية  تفاديا للاحراج .



    بسحنته  السمراء وسواد عينيه الحالك و وسامه وخفة ظل وكارزما ، كان ( جان ) جميل المعشر ، دمث الخلق  جاد على الدوام ، تشعر وانت بجانبه  انك تعرفه منذ زمن   .
هذا الانطباع ، ولّيد  سفرة قصيرة بقارب  على بحيره ،  .  .

   القارب   صغير ليست بجديد ، لكنه غير متهالك ،   يتسع من ثلاثة الى خمسة اشخاص ،
غرفة صغيره  بالاسفل تستخدم للنوم والطبخ
.
  تهادى القارب على مياه بحيرة  فانيرن  vänern وهي من أكبر بحيرات السويد والتي تقع عليها ثلاث مقاطعات ومنها مقاطعة ( دالس لاند) .

مدينة( بَنكس فوش ) Bengtsfors.

إحدى مدن هذه المقاطعه والتي يسكنها كل من( جان وعبد) 
هي مدينة هادئه  ترقد على حافة هذه البحيرة الجميلة والمترامية الأطراف وأهلها  طيبون جدا ، اما مناخها قياسا بمناخ وسط  وشمال السويد المتدني الحرارة أغلب ايام السنه  فيعتبر  افضل .

اما (يوسف) فهو من مدينة (بلنكس فوشBillingsfors  وهي مدينةتابعه لبلدية بنكسفوش

 بتروٍِ تمايل القارب مع أمواج البحيرة الهادئه. وعلى أنغام الموسيقى  شق  طريقه بكل نعومة وسلاسة نحو منتصف البحيرة تقريبا .
    على شواطيء تلك البحيرة كانت إعداد من الشباب والشابات والأطفال ينتعشون ببرودة مياه البحيرة في ذلك اليوم  الصيفي القائض  والنادر في مناخ السويد المعروف بطقسه البارد والممطر بصورة عامة  وبين المشمس في أحيان نادرة جدا .

كلما كان الجو مشمسا ودافي كان الشباب والشابات يتسابقون لارتداء الشورتات القصيرة لاستعراض رشاقتهم و عرض اجسامهم تحت اشعه الشمس

   اذاً انها فرصة  أهل المدينه ليتمتعوا بأكبر قدر ممكن بصيف قصير جدا ، بالأخص من قبل الشابات وهم مرتدين المايوهات البكيني

ارتأى "جان" أن يوقف القارب في عرض البحيرة للتمتع ببرودة المياه المنعشة ، واخذ صور تذكاريه .

"جان"  سباح ماهر ومقتدر  لا يهاب المياه حتى الضحله منها ، نزل بكل ثقه في الماء ،  وبقى كل من "عبد" و"يوسف" اللذان لايعرفان العوم نهائياً  ، على ظهر القارب  مستمتعين بالمناظر الجميلة التي تحيط بهم، ونسمه الهواء العليل  ومنظر زوارق صغيرة تحاول مجاذيف أفرادها شق طريقهم عبر تلك المياه الهادئة وبين زوارق سريعة تحدث امواجا هادرة بمحركاتها     ..
وسفن صغيرة باشرعتها الجميلة تتمايل ذات اليمين والشمال
لم تكن في نيّة "عبد" أو "يوسف"  التمتع بتلك المياه ، رغم تعرق جسميهما من اشعة الشمس  كما أنها لم تكن ضمن خطتهم  ، ولم يتمنيا  لو انهما يعرفان  السباحة رغم اغراءات الطبيعه.
ببساطه لانهم لايعرفون العوم  .
.

لا يعرف مالذي دفعه لقبول عرض "جان" بالنزول للمياه من اجل الانتعاش ببرودة الماء .
لم يكن نزول "يوسف" للماء خالي من القلق والخوف رغم ارتدائه ( النجاده )  سترة النجاة ،ولأنها المرة الأولى التي يجازف بها بالنزول إلى مياه بهذا العمق 
.
أحس بانتعاش في تلك المياه الصافيه وبين الضحك والمزح الممزوج بالخوف
بدأت تيارات البحيرة تأخذ "يوسف"  بعيدا عن اليخت فبدأ يستنجد "بجان" ليقربه من الزورق، بعد ان بدأ الرعب ينتابه ودقات قلبه بازدياد.

غطس "جان" في الماء وبلحظة أصبح خلف "يوسف"  مباشرة ، دفعه باتجاه الزورق مهدأًً من روعه مما أشعره بأمان كبير ، فازدادت ثقة يوسف  ب"جان" اكثر .

كانت تيارات مياه  البحيرة تأخذ الزورق  حيثما تريد ، فيتهادى معها إلى غير هدى . 

قبل قرار العودة أراد "جان" أن يتحلى "يوسف"  بالشجاعة مرة ثانية وان يخوض المغامرة مرة أخرى  طالما ابدى شجاعة بالنزول في المرة الاولى

"عبد" كان مًصرّا  بقوه بعدم النزول إلى الماء مهما كانت الإغراءات   . .

كانت ضحكات  "يوسف" و"عبد"  لا تنقطع لتندر "عبد" ب"يوسف"  ،  لانه قَبلَ بالنزول إلى مياه البحيره ، وهو لايعرف السباحة نهائيا .
وبقوله. لو غرقت يا "يوسف" لا تنتظر مني أن اتيك بالقارب لأنني لا أعرف كيفية تشغيله حتى .

كان قد انهى مكالمة مع خطيبته في لبنان ، كانت الابتسامة  ترتسم على وجهه دون انقطاع
لكنه لم يشارك "يوسف" و"عبد" ضحكتهم ونكاتهم.

بدا "جان" هذه المرة  هادءاً تماما  لايعوم كعادته  كأنه في عالم إخر غير عالمهم ،اما  الابتسامة  فلم تفارق محياه

الضحك زاد من انتعاش "يوسف"  في ذلك المساء الجميل . وفي تلك المياه الصافية الرقراقة،
مرة اخرى بدأت التيارات تأخذ "يوسف" بعيدا عن القارب  دون أن يشعر  وفجأة ينتبه الى انه ابتعد عن الزورق فصاح ب"عبد" ليلقي الحبل له كي يتشبث  به وليبقى بقرب القارب لكن عملية القاء الحبل في الماء باءت بالفشل بعد أن أصبح يوسف أكثر بُعدا عن القارب وبعد أن اخذته تيارات البحيرة  بعيداً ، بدأ يستنجد ب"جان"  مرة ثانية ليأخذه قريبا من الزورق

    كأن "جان" لم يسمع صيحات "يوسف" ، مما زاد من رعب "يوسف" ، لذا علا صوته  أكثر فأكثر  .
.
في هذه الاثناء كان "جان" ساكنا تماماً ، لا يتكلم ،باستثناء ابتسامتة المعهودة  التي لم غادرت وجهه  ، ولم يبدي اي ردة فعل
ظنا"عبد"و"يوسف" انه يمزح وانه سوف يغوص مرة أخرى ويظهر خلف "يوسف" ليدفعه إلى قرب القارب.

ازداد رعب "يوسف" ، ليس من عدم استجابة "جان" لصيحاته  ، بل من حتمية غرقه ،  وان الوضع بات لايحتمل المزح .

بدأ "عبد" منزعجا من عدم استجابة "جان" لصراخ "يوسف"  . لكن دون جدوى
  تيارات البحيرة هذه المرة كانت قد  دفعت "يوسف" مسافه ظنها اميالا

بهدوء ،  "جان" غطس كما فعل  من قبل  ،

فتنفس "يوسف" الصعداء وعاد الأمل إليه بالنجاة
هيا يا جان ...   هيا ،.... هكذا كان "يوسف" يحدث نفسه  . متأملا الخلاص من موته المحتوم .
    لكنه تأخر هذه المرة  ، "جان" لم يظهر لا خلف "يوسف"  ولا أمامه
.
طالت غطسته في الماء وبدأ الرعب ينتاب "يوسف" من جديد  .
صرخ "يوسف"  باعلى ما يستطيع
"عبد"     ..... اعتقد ان "جان" قد غرق ،،

لا يا رجل ...   صاح "عبد"  وهو يبتسم مستهزءأ بما قال "يوسف"  ؛ انه ماهر في السباحة وسيفاجئك  ويطفوا في اي لحظة .

كان ذلك هو أملهم المشترك.
.
بدأ "يوسف"  يصرخ باعلى صوته  انقذني يا "عبد"...    "جان" قد غرق... "جان" قد غرق. .... لقد ذهب "جان" يا "عبد"  ... تصرف أنقذني فأنا لا أعرف العوم.

صدمة "عبد"  جعلته كالمجنون على ضهر القارب لا يعرف من ينقذ ، هل ينقذ "يوسف"   لأنه لأيعرف السباحة ؟ ، أم ينقذ "جان" الذي قد يكون غرق فعلاً ، لكن كيف السبيل ، وهو لايعرف السباحة ، ولا حتى كيفية إدارة محرك القارب ؟
    "عبد" وحيدا على سطح القارب  كالذي  اضاع شيء ثمين ويبحث عنه بلهفة ، يلتفت يمينا وشمالاً ويركض حول القارب وبيده الحبل عسى  أن يرى "جان " فيرمي له الحبل فينقذه ، ثم يذهب  لإنقاذ "يوسف" لأنه على الأقل يرتدي. (سترة النجاة)

"جان" لم يبدي اي اشارة للمساعدة  ، ولم تسمع منه اي كلمة تدعوهم  لليقضة أو الخوف ، او طلب المجدة ، حتىالبحيرة تضامنت معه ولم تصدر اي فقاعه هواء تدلل على مكانه.

هل اصبح أيوب ثاني وابتلعه الحوت؟

 ، ولايمكن  ان تكون حورية من حوريات البحر قد اختطفته ؟ .

  ازداد بُعد "يوسف"  عن القارب كثيرا ، قد تكون عشرات الأمتار لكنه ظنها عشرات الكيلومترات ، لشدة خوفه ، وبدأت المياه تصل لمستوى فمه ، بل اصبح  قسما منها يدخل الى جوفه اثناء صراخه .
بين تيار  وآخر،  شعر يوسف  بتثاقل جسمه  وبدأ  كأنه يغوص شيئا فشيئافي تلك البحيرة .
"يوسف"   لم يترك لا نبيا ولا قديسا  الا واستنجد به  فقد  أصبح غرقه شبه محتم.
  بدأ يلوّح بيديه ل"عبد"  كي يسرع بانقاذه ، بعد ان فقد الأمل بصياحه الذي لم يعد ينفع بعد ابتعاده عن القارب بمسافة كبيرة .

رجل سويدي  تجاوز الخمسين من عمره كان هو الآخر يتمتع بتلك المياه وبذلك الجو الساحر وحيدا على متن زورق بسيط ، لاحظ أن حركة أحدهم  ليست حركة سباح وان صوته لا يدل على المزح  ،فاتجه نحو "يوسف"   بزورقه الصغير وهو يجهد نفسه بدفع الزورق  بمجاذيفه ليقدم المساعدة ،
بنفس الوقت كان "عبد" وكأنها معجزة اهتدى إلى طريقة تشغيل محرك القارب ،  ويأخذه  بأتجاه "يوسف"  .

في آن واحد اقترب القارب و الزورق من "يوسف" ; مما زاد من  قوة تيارات المياه التي دفعت "يوسف" بعيدا عن الزورق أكثر فأكثر ،
قال "يوسف" ..
يا "عبد" اطفيء محرك المركب وا ترك المركب يقترب  ببطء.
.
أفاق "يوسف"  على صوت "عبد" وهو يحاول تهدأته

قال "عبد" .. لقد اتصلت بالشرطة وهاهم قادمون ..

هناك  مروحية ( هليكوبتر ) تحوم فوق البحيرة

وصل زورق نجاة الشرطة النهرية المطاطي
اقتاد أحدهم القارب نحو حافة البحيرة .

صاحت اخت "جان" بصوت متهدج ..اين "جان" ؟
.لم تسمع ردا من احد
صاحت مرة ثانية بصوت أعلى  كأنها عرفت مالذي حدث !
هل غرق "جان" ؟   قولوا لي .

ترك "يوسف" الأمر برمته ل "عبد"  ليوضح لها ما جرى لأنه غير قادر على الكلام اطلاقاً ، فصدمته كبيرة جداً .

اقترب أحد أفراد الشرطة من "يوسف"  واحاطه ببطانية لانه كان  مبتلاً بالكامل ويرتجف كهلام في صحن ،

"يوسف"  انتابته نوبه بكاء لا ارادية

"عبد"  يواسي ويحكي لأخت جان ما حصل  ،

    "جان" لازال  راقداً بابتسامته تلك في مكان ما من تلك البحيرة اللعينة،
                  ولم يظهر إلى يومنا هذا ..........

    اسطيفان هرمز .....  مشيغان


 
AL HAMZEKY