قراءة في كتاب الدكتور عامر حنا فتوحي: يهود بابل ماضياً وحاضراًد. صباح قيّاألدكتور عامر حنا فتوحي شخصية متنوعة المواهب تجمع بين الفن التشكيلي والأدب والتصميم والتأريخ ومواهب أخرى أغدق الخالق بنعمته عليها.
للدكتور فتوحي عدة مؤلفات باللغتين العربية والإنكليزية تتناول مواضيع حياتية شتى وبالأخص ألتأريخ الكلداني. وله أيضاً ديوان شعر وصفحات عديدة على الشبكة العنكبوتية. كما أنه مصمم العلم القومي الكلداني المعمول به منذ عام 1985.
يُسعدني أن أتطرق بتواضع إلى إصداره الأخير باللغة الإنكليزية والموسوم "يهود بابل ماضياً وحاضراً". والذي صدر هذا العام 2023.
يعكس الكتاب بشفافية قصة الشعب اليهودي ببابل كجزء من السكان الأصليين لبلاد ما بين النهرين ممن إستوطن الأرض الكلدانية من عام 7300 قبل الميلاد وحتى الوقت الحاضر. وتشترك الإكتشافات الأثارية والتوراة كمصدر عظيم لربط بابل عموماً وأور الكلدان خصوصاً بإبراهيم أب العبرانيين.
يثير الكاتب نقطة مهمة في مقدمة كتابه بأن أغلبية اليهود التي إستقرت في بابل كانت تنتسب إلى سبط يهوذا وهو نفس السبط الذي بنتسب إليه المسيح. ساهمت هذه الاغلبية في العمل ضمن الخدمات الحكومية, وفي الأعمال التجارية الحرة, وكان لها دور فعال في هيكلة الإمبراطورية لا كعبيد بل كمواطنين من الدرجة الاولى.
يتطرق الكتاب في فصله الأول إلى جذور تسمية عدن وجنتها الواردة في العهد القديم من الكتاب المقدس. ويؤكد أيضاً بأن اليهود الذين جُلبوا إلى بابل لم يكن لهم ذلك الشعور بالغربة كون بابل ترتبط بأجدادهم وبأبيهم إبراهيم الذي خرج من أور الكلدان نفسها. كما أشار أيضاً إلى السامريين اليهود من إصول كلدانية والذين أجبرهم الآشوريون لمغادرة بابل إلى بلدة السامرة في الاراضي المقدسة. وتضمن الفصل أيضاً الحرية التي تمتع بها اليهود في بابل وكم من أسفار العهد القديم كُتبت هنالك بحيث أن الكثيرين من الذين عادوا إلى الاراضي المقدسة بعد الإحتلال الفارسي لبابل, رجعوا مرة ثانية إلى بابل وبالأخص التجار ورجال الاعمال. ولم يغفل الكاتب ذكر اليهود في خطاب الملك فيصل الاول وفي قصيدة الشاعر جميل صدقي الزهاوي والشاعر معروف الرصافي في رثاء صديقه الوزير ساسون حسقيل. كما أشار أيضاً ألى فرهود اليهود عام 1941 وفرهود المسيحيين في كركوك عام 1924. ولم ينسى مرقد النبي ناحوم في ألقوش والنبي عزرا في قضاء العزير في محافظة ميسان.
وقد أظهر الكاتب في هذا الفصل عدداً من يهود بابل البارزين في مجالات شتى منذ عام 1800 وللوقت الحاضر.
أما في الفصل الثاني من الكتاب فركّز الكاتب على العديد من الشخصيات المبدعة في حلقات حياتية متشعبة والتي تعود جذورها إلى بابل الكلدان ولكنهم غادروها إلى إسرائيل, ورغم ذلك ظلت تلك النخبة تفخر بماضيها البابلي والرافديني.
ألكتاب جدير بالقراءة والدراسة لكل مهتمٍ بالتأريخ اليهودي في أرض بابل خصوصا وبحضارة بابل عموماً. يتميز الكتاب بجاذبية خاصة من ناحية التصميم ونوعية الورق وحجم الأحرف, كما انه زاخر بالصور التوضيحية التي يُنشر الكثير منها لأول مرة, ومجموع صفحاته 64 صفحة قياس 27 سم طولاً 19.5 سم عرضاً.
لا يسعني إلا أن أقدم خالص التهاني لللمبدع ألدكتورعامر فتوحي على إنجازه المتميز الذي حتماً سيضيف عبقاً فريداً للثقافة المعرفية وللرسالة الإنسانية التي تستهدف السلام أولاً بأوّل, فطوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعون.[/b]