المحرر موضوع: رجال الإصلاح وثمن التغيير في الكنيسة  (زيارة 844 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردا البيلاتـي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
رجال الإصلاح وثمن التغيير في الكنيسة

 انشغل رجال الكنيسة منذ القدم بالطقوس والاعراف الدينية التي لازمت حياتهم ولم يمنع ذلك من بروز افكار وممارسات تبلورت بظهور تكتلات تدعو الى اصلاحات وتقييمات جديدة تتناسب مع القيم الاصيلة للمفاهيم الكنسية وقادت تلك المجموعات صراعات من اجل التغيير والتصدي لأولئك الذين جعلوا من القيم الدينية الاصيلة وسيلة ارتزاق وسلطة لقمع الأخرين. ان الخوض في مسارات الصراع واسعة وكتبت فيها الكثير من الكتب والمجلدات، ولكن ما اود ان الفت الانتباه
اليه هو ان هناك شخصية مارست دور مميز وتاريخي وتستحق البحث والدراسة في مسار الاجتهاد ألا وهي شخصية مار شمعون بطريرك كنيسة المشرق الاشورية.
فكما عرف الراهب مارتن لوثر (1483 – 1546 أستاذ اللاهوت الالماني، مؤسس حركة الإصلاح البروتستانتي، وشعلة الإصلاح الديني الذي سعى إلى تطهير المسيحية من العقائد غير الأصيلة، مثل (صكوك الغفران) التي كانت تصدرها الكنيسة الكاثوليكية في روما في القرن السادس عشر، والتي كان الهدف من اصدارها من قبل البابا ليو العاشر (1521ـ1513) لأجل إصلاح كنيسة القديس (بطرس) وليس كما تم الأعلان عنه "بحسب المعتقدات الكاثوليكية الاعفاء الكامل أو الجزئي من العقاب الدنيوي عن الخطايا التي تم الصفح عنها،"
ومن اهم ما طالب به مارتن لوثر هو فصل سلطة البابا الروحية عن الشؤون الدنيوية وترجمة الكتاب المقدس الى اللغة الالمانية جعله في متناول جمهور أوسع بكثير، وهناك الكثير مما انجزه مارتن لوثر، وكان زواجه من كاترينا التي كانت راهبة سنة 1525. *جزء من التعارض مع الكنيسة *
وحينها قال عن هذا الزواج" لقد شاء الرب هذهِ الزيجة وأتمَّها. لست مغرَمّا أو متيمّا بزوجتي، ولكنني أعتز بها" وانجبت له هذه الزيجة ستة أطفال.
ونتيجة لأفكاره الجريئة صدر قرار بحرمانه من الوعظ والتدريس وحرقت كتبه عام1520. وانتهى المطاف بظهور المذهب البروتستانتي كمذهب جديد الى جانب المذاهب المسيحية الأخرى.
وإذا خلد التاريخ حركة مارتن لوثر كحركة اصلاحية تبنت افكار وقيم جديدة فلا بد ان نعود الى مار شمعون بطريرك كنيسة المشرق (الأشورية)الثالث والعشرون (ولد في حكاري، تركيا في28 شباط 1908ـ اغتيل في سان خوسيه في6 تشرين الثاني1975). كانت صرخته قوية في الإصلاح (ثورة) للسماح بالزواج من هم بدرجة الأسقفية والمطارنة وكان قدوة للأخرين حين تزوج بنفسه وهو في موقع بطريرك الكنيسة، استنادا: اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ." (مت 18:18). ولكونه بطريرك الكنيسة ممنوحة له هذهِ السُّلْطة بِما يراه مناسبا للعصر الحديث، لذلك قرر الزواج عن عمر ناهز 65 سنة وذلك في 1973 وعلى أثر هذه الزِيجة تم اغتياله على يد أحد المقربين (دافيد مالك ياقو مالك إسماعيل) هكذا تناقلت وسائل الاعلام في حينها أو ربما اشتركت جهات عراقية أخرى داخلياً وخارجيا في عملية الاغتيال.
السماح بالزواج في كنيسة المشرق، وان يكون البطريرك هو القدوة، زلزل إيمان الإكليروس وبقية المذاهب المسيحية في العالم الشرقي والغربي. ومن وجهة نظري ان مار ايشاي شمعون كان مطلع على وضع الإكليروس الكهنوتي بالكنائس المسيحية ابتداء من حالات الاعتداء الجنسي والملاحقات الجنائية الى الفضائح المتصلة بالاعتداءات الجنسية التي ارتكبها بعض الكهنة حيث كهنة الكاثوليك لا يسمح لهم بالزواج، بخلاف المذاهب الأخرى التي تسمح للكهنة (قَسَاوِسة) بالزواج ولا يسمح للذي يحمل رتبة أسقف او مطران او بطريرك، الذي هو راس الهرم للمؤسسة الكنسية كما هو الحال في كنيسة المشرق الاشورية.
بل يمكن القول انه تنبأ بما آلت اليه الامور وفق تقرير جون جاي عام 2004 المستند على دراسة في الاتهامات الموجهة ضد القساوسة وعددها (10667) المتهمين بالتورط في الاعتداءات الجنسية على الأطفال بين عامي 1950و2002 رقم (4392) يمثل أربعة في المئة من عدد الكهنة 109694 خلال تلك الفترة.
وانصافا للتاريخ سياتي يوماً تعترف فيه جميع المذاهب المسيحية بموقف هذا الرجل، مار ايشاي شمعون، واعتباره شهيدا لما قام به من اصلاح من موقعه المسوْل، وسيقام له نصب تذكاري وتحتفل بذكراه البشرية..

وردا البيلاتي