المحرر موضوع: قدسية الزواج في العهد القديم  (زيارة 709 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net

قدسية الزواج في العهد القديم

بقلم / وردا إسحاق قلّو

 
( فخلق الله الإنسان على صورته . على صورة الله خلقه . ذكراً وأنثى خلقهم )
" تك 27:1 "

    أختار الله له شعباً وأسماه شعب ( إسرائيل ) لكي يكون له عروساً في العهد القديم ، والعروس يدخل مع العريس في مجد داخلي سماوي ، والعريس يشتهي جمال العروس الروحي " مز 45: 9-10 " . وإن خان الشعب المختار خالقه الذي إختاره من بين كل أمم الأرض ، فيعتبره كالزوجة الزانية ( طالع هو 4:2 ) لكن الله الأمين والصالح لا يهجر عروستهِ ، بل يعود عن قرارهِ ، لأن رحمتهِ عظيمة تتجاوز خيانة الزوجة ، لكن بعد أن يؤدبها بسياط الأمم ومن ثم يعيدها إليهِ ويتعهد لها عهداً جديداً . 

   يقول النبي إشعياء ( ... الجبال تزول ، والتلال تتزعزع ، وأما رأفتي فلا تزول عنك ، وتعهدي بسلامتك لا يتزعزع ) " 54: 7-10 " . 

   وسفر نشيد الأناشيد يصور لنا فيهِ الملك سليمان الزواج بين العريس والعروس فيعبّر عن حبهما وكأنهما يحتفلان بحب أمتزجت فيه معالم حب شهواني أرضي بحب سماوي صوفي . فالحبيبة تكلم حبيبها بأسلوبها الأنثوي الرائع . وحبيبها يرد عليها بدورهِ بصور أدبية تعبّر عن خبرة الجمال والحب المتقد في قلبهِ ، وقد وجد المختصون في ذلك السفر أروع ملاحم الحب الروحي والذي يصلح لكل إنسان يتوق إلى حب العريس إلاهه . وهكذا بدأ الحب بين الناس إبتداءً من آدم وحواء في لحظة لقائهما الأول . فالعريس آدم كان يعبّر عن الإنجاب والإندهاش من منظر جسد حبيبتهِ ، فكان ينظر إليها بإعجاب . أما عيون عروستهِ وقلبها فكان يغمران في بحر أنوثتها لتشاهد الجمال الأسراري في ذكورة حبيبها آدم . وجمال الجسد هو إستعارة مجازية للقداسة التي تغيب فيها الخطيئة . واللاهوت المسيحي يجد في سفر نشيد الإناشيد نبعاً ثرياً لللاهوت الروحي . والمنهج الروحي لا ينكر المنهج الحرفي ، إنما يهبهُ قيمة غنية وكاملة . فحين ينادي الحبيب حبيبتهِ قائلاً ( قد سبيتِ قلبي يا أختي العروس ) " نش 9:4 " قد نصطدم من هذا التعبير لأنه ينادي عروستهِ بالأخت ، لكنهُ يقصد بها أختهُ في الإنسانية فلا يستند إختلافهما على الجنس ، بل في طريقة العيش المشترك ، فإنهُ أحبها بهوى الزواج ، وبنقاء الأخوة . فالحب الحقيقي يجب أن يتجاوز شهوانية الجسد من أجل الإنطلاق نحو التسامي . 

  في العهد القديم بدأ الزواج مقدساً بين الزوجين اللذان يتحدان ليكوّنا جسداً واحداً ، فلا يكونان إثنان بل واحد ، أي صورة الإنسان الكامل والذي يكَمِل وحدته ( الزوج والزوجة ) بسبب الحب الصادق هو الله ، لهذا تقول الآية ( إذاً ليسا بعد إثنين بل جسد واحد . فالذي جمعه الله لا يفرقهُ إنسان ) " مت 6:19 " . 

   كما أحب الله عروستهِ في العهد القديم فعلى الزوج أن يحب زوجتهِ . وهذا الحب يكمل عندما يكون مرتبطاً بالله العريس المحب لشعبهِ . لهذا نقرأ في سفر طوبيا بأن عائلة طوبيا عاشت في زمن الأسر في نينوى سنة 722ق.م كعائلة يهودية تقية ونقية رغم معاناتها من المشقات والإضطهاد إلا أنها حافظت على شريعة الله . شهد طوبيا لحقيقة مهمة وهي ( أن الحب شديد كشدة الموت ) بل حب الحبيب يتحدى الموت من أجل حبيبته وكما فعل الرب يسوع على الصليب ، وعلى الصليب مات من أجل خلاص عروسته ِ . سفر طوبيا تحدث عن قصة حب بين العريس والعروس ، كان حبهما أقوى من الموت . والله ساعد طوبيا وسارة وجمعهما بملاكهِ روفائيل ، رغد خطورة الزواج من سارة التي تزوجت سبع مرات قبل زواجها من طوبيا فكان كل زوج من أزواجها الأولين يلاقي حتفهُ في ليلة زواجهِ منها . لكن بسبب الحب لم يتوان طوبيا في التقدم للزواج منها وبتشجيع من رفيقه الملاك ، فكان حبهِ لسارة عظيماً رغم اللعنة التي إستهرت بها . في ليلة الزواج قال لسارة قومي نصلّي إلى الله حتى يتحنن علينا . فقال ( مبارك أنت ، يا إله آبائنا ، ومبارك أسمك إلى جميع الأجيال  الآتية ! لتباركك السموات وجميع خلائقك أبد الدهور ! أنت صنعت آدم  ، أنت صنعت له عوناً وسنداً ، حواء إمرأته ومنها خرج الجنس البشري ، وأنت قلت :  لا يحسن أن يكون الإنسان وحده فلنصنع له عوناً يناسبهُ . والآن فلا من أجل الزنى أتخذ أختي هذه زوجة ، بل في سبيل الحق . ، فإرحمنا يا رب حتى نشيخ معاً . وقالت سارة معه : آمين ، آمين ) " طو 8: 5-9 " . 

  تبدو هذه الصلاة الوحيدة في أسفار الكتاب المقدس التي قيلت في العهد القديم قبل أن يتحد الزوجان ليصيرا جسداً واحداً . 

  وأخيراً نقول أن الزواج في العهد القديم كان مقدساً ، ويجعل من العريسين واحد في عائلة واحدة مقدسة . ومباركة من قبل الله ، وهم يحافظون على أرثهم الروحي كأبناء وبنات الله وترافقهم بركتهِ كما بارك إبراهيم وإسحق ويعقوب . وإختيار الزواج الصحيح والناجح من أجل العيش المشترك تحت سقف واحد يغرهم الإيمان والحب لله وتكوين عائلة مؤمنة فهو طريق نحو إختبار ملكوت الله ضمن الحياة الأرضية رافعين صلاة الحمد متسلحين بسلاح الحماية لهم ، ومتكليم على من وحدهم في جسد واحد . 

إلى اللقاء في موضوع ( قدسية الزواج في العهد الجديد ) .

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن )  ” رو 16:1 "