المحرر موضوع: عذرا.. لا يوجد في لبنان رئيس بهذه المواصفات  (زيارة 313 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31685
    • مشاهدة الملف الشخصي
عذرا.. لا يوجد في لبنان رئيس بهذه المواصفات
لا أحد يستوفي شروط المانحين في ظل معارضة مطلقة من حزب الله.
العرب

جلسات فشلت في اختيار رئيس جديد
وضع صندوق النقد الدولي شروطا مجحفة لاختيار رئيس لبناني كي يصرف مساعدات للبلد المنهار، في المقابل يرفع حزب الله وأنصاره شعار المعارضة المطلقة ما لم يكن الرئيس المقبل حاميا للمقاومة ولمصالحها، وهو ما يجعل العثور على رئيس قادر على إنقاذ البلاد والموازنة بين الطرفين أمرا شبه مستحيل.

بيروت - دفع الانقسام السياسي الحاد في لبنان، وعمق الأزمة الاقتصادية، وفشل النظام المؤسسي في إدارة أعماله وفقا للمعايير المألوفة، البلد إلى ما لم يكن بالحسبان. فلا يوجد شخص واحد إلا وكان لديه موقف واضح تجاه الأزمة وأسبابها ومن يقف وراءها. أي أنه لا يوجد شخص واحد في لبنان إلا وكان على موقفٍ يعتبرُ طرفا من أطراف الأزمة هو المسؤول عما آلت إليه البلاد من تداعيات، بمن فيهم نخبة التكنوقراط، التي هي في العادة “الطبقة” التي يخرج منها رؤساء “التسويات” السياسية.

فالانقسام يعني أن “طبقة التسويات” اضمحلت كما اضمحلت الطبقة الوسطى. ما يعني أن الخيارات أمام الأطراف السياسية تضيق إلى حد الصفر تقريبا.

والأسماء التي سقطت من الحساب تشمل: العماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني، لسبب يتعلق بموقف جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر منه، كما سقط باسيل نفسه، وسمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية، وسليمان فرنجية زعيم تيار المردة، بسبب رفض الأغلبية المسيحية له. وسقط جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، بسبب معارضة حزب الله له، وهو الذي اعتبر أزعور “مرشح تحد”، رغم أنه “تكنوقراط خام”. كما سقط اسم رياض سلامة مبكرا، لمعارضة باسيل والرئيس السابق ميشال عون له وللاتهامات الحالية التي تلاحقه. كما سقط مرشحون من قبيل زياد بارود، وزير الداخلية والبلديات في حكومتي فؤاد السنيورة وسعد الحريري، ودميانوس قطار وزير البيئة وشؤون التنمية الإدارية في حكومة حسان دياب، والمصرفي سمير عساف الرئيس التنفيذي السابق للخدمات المصرفية والأسواق في مجموعة «إتش إس بي سي»، وهؤلاء الثلاثة الأخيرون بسبب قربهم من البطريركية المارونية في بكركي، وهو ما يجعلهم “رؤساء تحد” بالنسبة إلى حزب الله أيضا. وحيث أن الرئيس اللبناني، وفقا لـ”الصيغة” يجب أن يكون مارونيا، فلن يمكن العثور، باستثناء فرنجية، على رئيس قريب من المرجعية الإيرانية في قم.

أسماء أخرى لم يكن بإمكانها أن تحصل على الدعم الكافي، وتشمل السفيرة السابقة لدى الأردن ​ترايسي شمعون، وزياد حايك الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة، ومي الريحاني الناشطة في مجال تعليم الفتيات والدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها، بل وحتى بشارة أبي يونس رئيس حزب “الإنقاذ البيئي” الذي على حياديته “البيئية” ما كان ليُنظر إليه كمرشح جدير بالاعتبار.
وعدا الانقسام، فإن المطالب أو المعايير التي تحددها الأطراف الفاعلة لمنح الدعم، تنسحب على الانقسام الحاد نفسه. فبينما يطلب حزب الله حماية دولته الموازية تحت شعار “حماية ظهر المقاومة”، لكي يملي نفوذه على الحكومة، ولو من خلال تشغيل آلية الثلث المعطل، أي منع الحكومة المقبلة من تنفيذ الإصلاحات التي لا يرضى عنها “الثنائي الشيعي”، فإن هذه الإصلاحات نفسها هي شرط مسبق من شروط بقاء لبنان على قيد الحياة، بالنسبة إلى أطراف المعارضة الأخرى.

وهي ذاتها من بين أبرز الشروط التي حددها صندوق النقد الدولي لأجل ضمان الحصول على قروض إنقاذ. وبالتالي، فإن الرئيس المرشح، إما أن يكون نسخة أخرى من سليمان فرنجية، فيتم رفضه، وإما أن يكون نسخة من جهاد أزعور، لجهة الإصلاحات الاقتصادية تحديدا، فيتم رفضه أيضا.

وما من سبيل، من وجهة نظر المراقبين، للعثور على رئيس يستطيع الجمع بين شروط حزب الله وتعطيلاته، وبين الحاجة إلى تنفيذ إصلاحات شاملة كالتي يطالب بها صندوق النقد الدولي. لاسيما وأن هذه الشروط تتضمن إصلاحات هيكلية تهز أركان الفساد. بينما الفساد هو سلعة البقاء الرئيسية لتمويلات حزب الله. فكيف سيمكن العثور على رئيس؟

الاجتماع الخماسي الذي انعقد في الدوحة لممثلي الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، بمشاركة المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، انتهى إلى أنه حدد “مواصفات” الرئيس المطلوب، ولكن ما من أحد في هذا الاجتماع كان يمتلك أدنى فكرة عمّن يمكنه أن يملأ كل الفراغات المطلوبة في تلك المواصفات.

ولقد أمكن تجاوز بعض الأسماء بسهولة. ولكن لم يمكن العثور على أسماء بديلة، لأنه لم يعد هناك في لبنان من يمكنه أن يوفي بتلك المواصفات حقها. ولو أنها توفرت، فإن حزب الله، سيكون أول من يقف ضدها في جميع الأحوال، لأن بعض مضامينها تتصادم مع مباشرة حقوق وامتيازات “حماية ظهر المقاومة”.

المتحدث الرسمي باسم الاجتماع الخماسي وباسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري قال إن النقاشات “دارت حول الرسائل الخاصة والعامة التي ستُرسل إلى القيادات اللبنانية من قبل الدول المجتمعة، وكذلك مواصفات الرئيس اللبناني في ظل الفراغ السياسي الحالي، وضرورة أن يتسم بالنزاهة والقدرة على توحيد البلاد وتطبيق مبدأ الشفافية والمحاسبة، ويقدم مصلحة الشعب اللبناني فوق كل شيء، ويقود لبنان نحو الوحدة الوطنية، وينفذ إصلاحات اقتصادية مهمة”.

ما من سبيل للعثور على رئيس يستطيع الجمع بين شروط حزب الله وتعطيلاته، وبين الحاجة إلى تنفيذ إصلاحات شاملة
المواصفات الأخرى شملت “ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية ومالية تستجيب لمصالح الشعب اللبناني بما يتماشى مع توصيات وخطط العمل التي نوقشت مع صندوق النقد الدولي، وتعزيز سيادة القانون ومكافحة الفساد والإفلات من العقاب وضمان المحاسبة العادلة واستقلال القضاء، وتمكينه من أجل القيام بواجباته التي تشمل استمرار التحقيق في حادث انفجار مرفأ بيروت عام 2020، وأن يشكل الرئيس المنتخب حكومة ذات صلاحيات ومن دون تأخير”.

جواب الواقع على هذه المواصفات يقول: عذرا، لا يوجد أحد في لبنان يمتلك هذه المواصفات أو القدرات على تنفيذها. بل إن هذه المواصفات نفسها هي جزء من قضايا الانقسام الحاد.

ويعد التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، على سبيل المثال، سببا كاف لتفجير مقعد الرئيس المنتخب من قبل أن يجلس عليه. لأن “حماية ظهر المقاومة” تعني تحديدا، بين الكثير مما تعني، إفشال هذا التحقيق ودفنه تحت رماد الآلام والمرارات والخسائر التي أحاقت العاصمة بالدمار وزادت في دفع الاقتصاد إلى الانهيار. أما “سيادة القانون ومكافحة الفساد والإفلات من العقاب وضمان المحاسبة العادلة واستقلال القضاء” فهي مواصفات من أضغاث الأحلام، ولا يمكن تحقيقها في لبنان، وإلا ما كان الحال ليصل بالبلاد إلى ما وصلت إليه.

لودريان يعود إلى بيروت من أجل أن يجري حوارا، يبدأ بإزالة قائمة من الأسماء لكي لا يكون السجال حولها عقبة. ولكنه عندما يبدأ رحلة البحث عن أسماء، فإنه لن يعثر على أحد تتطابق قدراته ومستويات القبول به، مع تلك المواصفات.