المحرر موضوع: السابع من آب ، يوم الشهيد الاشوري ، ذكرى مرور 90 سنة على مذبحة سميل والذكرى السنوية 108 لمجازر الإبادة الجماعية للآشوريين  (زيارة 438 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صادق الهاشمي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 803
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
السابع من آب ، يوم الشهيد الاشوري ، ذكرى مرور 90 سنة على مذبحة سميل والذكرى السنوية 108 لمجازر الإبادة الجماعية للآشوريين
اعداد : هرمز شاهين
أن الآشوريين هم السكان الأصليون في العراق وتركيا وايران وسوريا، جذورهم تمتد الى أكثر من 7000 سنة، وآشوريو اليوم هم أحفاد الإمبراطورية الآشورية القديمة التي كانت واحدة من أقدم الحضارات التي ظهرت في بلاد ما بين النهرين.
         
   وكان الآشوريون من أوائل الشعوب الذين اعتنقوا الديانة المسيحية في القرن الأول الميلادي على يد الحواري مار توما وتلامذته مار أدي ومار ماري, واقام الاخير كنيسة المشرق في ساليق (المدائن الحالية) عاصمة الساسانيين. ونشرت كنيسة المشرق تعاليم المسيح في كل أرجاء قارة آسيا لتصل الى أقاصيها في الشرق وليقيموا إمبراطورية ثانية: مسيحية.
 
    منذ انهيار الإمبراطورية الآشورية عام 612 قبل الميلاد، استعمرت أراضي بلاد النهرين من قبل قوى غازية خارجية: فارسية، ويونانية، وعربية ومغولية وعثمانية وغيرها الحقت الكوارث والمآسي بالسكان الأصليين، ودمرت الحضارات التي شيدها أبناء هذه البلاد. وأصبح أبناء وادي الرافدين غرباء في موطنهم بعد أن كانوا أسياداً على العالم القديم. فلقد تعرض أحفاد آشور الى قتل وظلم وإضطهاد على يد غزاة من الجزيرة العربية، وتبعهم غزاة من صحارى آسيا الوسطى ليقوموا بأبشع المجازر على يد تيمورلنك وجنكيز خان البرابرة.
 
وجاء القرن العشرين ليكون واحداً من أحلك الفصول في تاريخ الآشوريين. فإن القبائل الآشورية التي إعتصمت في جبال آشوربعد هروبها أمام جحافل المغول والعنصر التركي، ظلت متجانسة في أرض آشور ، أرض آبائهم وأجدادهم، وقعت ثانية ضحية لواحدة من أسوأ عمليات الإبادة الجماعية في بداية القرن العشرين من قبل الإمبراطورية العثمانية ، والتي غيرت تماما مصير الشعب الآشوري. ثم جاءت معاهدة لوزان ورسم الحدود بين العراق وسوريا وتركيا وايران ، لتجزء ارض آشور والاشوريين  بين هذه البلدان.
 
يحتفل الشعب الاشوري في كل مكان من العالم في السابع من آب بذكرى يوم الشهداء، ذكرى المذابح الجماعية التي نفذت ضد ابناء شعبنا الابرياء الذين سقطوا في مناسبات مختلفة ولاسباب دينية وقومية. ولاتزال بعض الشعوب والحكومات في الشرق الآوسط تحاول ابادة شعبنا الأشوري والمسيحي من الوجود ليتسنى لها السيطرة على ارض ابائه واجداده ومقدساته وسرقة حضارته وعلومه وثقافته وتاريخه.
 
هذا اليوم مناسبة لإستعادة ذكرى ضحايا المذابح التي تعرض لها الاشوريين في بلدة سميل وضواحيها من قبل الجيش العراقي في آب/ اغسطس 1933، اي بعد عام واحد فقط من اعلان العراق لإستقلاله، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 3,000 آشوري بالإضافة إلى تدمير حوالي 63 قرية آشورية، تركت صفحة سوداء في سجل تاريخ العراق المعاصر. ولن تنساها الأجيال القادمة وعلى الحكومة العراقية الحالية أن تقر بها. هذه المناسبة هي ايضا تذكير بالابادة الجماعية الاشوريه، على يد الجيش العثماني اثناء وبعد الحرب العالمية الاولى من 1915 لغاية 1923 بسبب انتمائهم العرقي وايمانهم المسيحي. حيث تم ابادة حوالي ال 750000 من ابناء شعبنا في تلك الفترة.
 
وفي هذه السنة ستمضي مائة وثمانية أعوام على مذابح عام 1915 التي راح ضحيتها مئات الالوف من أبناء شعبنا الأشوري بمختلف تسمياتهم على يد الدولة العثمانية (التركية) الغاشمة  اثر إعلانها الجهاد بنزعة دينية عرقية عنصرية ضد الأشوريين المقيمين على أراضيها ، حيث تم في تلك السنة والسنوات التي تلتها سفك دماء الملايين من الأبرياء العزل بدون رحمة ، وإستعملوا فيها أبشع أساليب القتل والتنكيل التي لم ينجو منها حتى الأطفال الرضع، فاستباحوا أعراض النساء وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الصغير قبل الكبير في مجازر لم يعرف التاريخ الحديث مثيلا لها، وألاف من الكتب والوثائق والمقالات والصور الموثقة لتلك الجرائم القذرة التي ارتكبها الأتراك بحق ابناء هذه الشعوب  توثق وتصور حجم الكارثة وهول المأساة التي حلت بمئات ألألوف في أبشع عملية قتل وإغتصاب وتهجير واستيلاء على الأراضي وممتلكات المسيحيين ونشر هؤلاء العثمانيين وبالتعاون مع الأغوات الأكراد جميع وسائل الخراب والدمار في كل المناطق  التي اجتاحوها ومارسوا فيها شتى أنواع القتل والإعدام وإغتصاب النساء وخطف الفتيات والأطفال وتدمير ونهب وسلب وحرق وتخريب.         
إن المذابح الآشورية تطلق على سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية للدولة العثمانية بمساعدة مجموعات مسلحة كردية استهدفت المدنيين  الأشوريين أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى. وأدت هذه العمليات إلى مقتل مئات الآلاف منهم كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية بجنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران. لا توجد إحصائيات دقيقة للعدد الكلي للضحايا، غير أن الدارسين يقدرون أعداد الضحايا الآشوريين اكثر من 500,000 شخص. كما يضاف إلى هذا العدد حوالي مليوني أرمني ويوناني بنطي قتلوا في مذابح مشابهة معروفة بمذابح الأرمن ومذابح اليونانيين البونتيك.  لكن لم يكن هناك اهتمام دولي بمجازر الأشوريين حتى السنوات الأخيرة، ويعود السبب إلى عدم وجود كيان سياسي يمثل الآشوريين في المحافل الدولية ، وبسبب الضغوطات والممارسات اللاانسانية التي تعرض لها الاشوريون في ضل الحكومات المتعاقبة.
الأسباب
أعطى الباحثون عدة أسباب لعمليات الإبادة التي نفذها العثمانيون بحق الأقليات المسيحية بالأناضول ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر. غير أن معظمهم يتفق على أن أي ثورة أو حرب ستؤدي إلى انفصال أجزاء واسعة من الإمبراطورية مثلما حدث في دول البلقان بمنتصف القرن التاسع عشر حين نالت معظم تلك الدول استقلالها. كما أدت محاولات تتريك الشعوب القاطنة ضمن الدولة إلى ردود فعل معارضة أدت إلى انتشار الفكر القومي المعارض لهذه السياسة كالعربي والأرمني والآشوري، ما أدى إلى أستعمال العثمانيين العنف في محاولة لدمج تلك الشعوب في البوتقة التركية. بدأت أولى عمليات الإبادة على نطاق واسع سنة 1895 أثناء ما سمي بالمجازر الحميدية عندما قتل مئات الآلاف من الأرمن والآشوريين في مدن جنوب تركيا وخاصة في أدنة وآمد وذلك بعد اتهام الأرمن بمحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني . غير أن السبب الرئيسي من وراء المجازر التي حلت بالآشوريين هي خشية العثمانيين من انضمامهم إلى الروس والثوار الأرمن. يعتقد المؤرخون أن السبب الرئيسي وراء التورط الكردي في المجازر هو الانسياق وراء حزب تركيا الفتاة الذين حاولوا إقناع الأكراد أن المسيحيين الموجودين في تلك المناطق قد يهددون وجودهم. وأن سياسة الترحيب والترغيب دعت معظم العشائر الكردية إلى التحالف مع الأتراك. كما استغلت ميليشيات كردية شبه نظامية فرصة الفوضى في المنطقة لفرض هيمنتها وهاجمت قرى آشورية من أجل الحصول على غنائم.
الوضع قبل الحرب العظمى
شكل الآشوريون إحدى القوميات العرقية والاقليات الدينية الهامة ضمن الدولة العثمانية، وبالرغم من تواجدهم في مراكز عواصم الولايات العثمانية كالموصل وحلب وآمد إلا أن معظمهم عاش في قرى عديدة في منطقة تمتد من أورميا شرقا إلى ماردين غربا. حيث عاشوا جنبا إلى جنب مع الأكراد والأرمن. ويقدر الباحثون أن عدد الآشوريين كان بين 700,000 - 1,000,000. وقد انقسموا بحسب مناطق تواجدهم إلى ثلاثة أقسام:
أورميا
تقع منطقة أورميا في شمال غرب إيران حاليا، والترجمة لكلمة اورمية باللغة الاشورية هي (منبع المياء). أصبحت مدينة أورميا إحدى أكثر المناطق تطورا حيث شهدت تأسيس جريدة "زهريرا دبهرا" "شعاع النور"، سنة 1849، والتي تعتبر أول جريدة صدرت باللغة الاشورية. كما نشط في تلك المنطقة عدة إرساليات مسيحية منذ عشرينات القرن التاسع عشر عملت على إنشاء المطابع ونشر الصحف بهدف تحويل سكانها المسيحيين والذين تبعوا كنيسة المشرق. ولقد تحولت أعداد ضئيلة منهم إلى الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية والبروتستانتية، إلا أن تأثير تلك الإرساليات كان عميقا جدا في المنطقة أدت لحدوث نهضة ثقافية بانتشار الصحافة والتعليم بين سكانها المسيحيين.
حكاري
 اعتبرت هذه المنطقة من أكثر المناطق وعورة في الدولة العثمانية وتمتد من دهوك جنوبا حتى بحيرة  وان شمالا، وتمتعت بحكم ذاتي بحكم وعورتها وصعوبة اجتياحها من قبل الجيوش النظامية. معظم سكانها كانوا من أتباع كنيسة المشرق ، واتصف سكانها بنزعة عشائرية وكان يقود كل عشيرة شخص يدعى "مالك" "ܡܠܟ" وهؤلاء بدورهم كانوا يدينون بالولاء لزعيمهم الروحي بطريرك كنيسة المشرق الذي كان ينحدر من عائلة شمعون ويتخذ من "كنيسة مار شليطا   ببلدة قدشانس بجنوب تركيا مركزا له.
بحلول القرن التاسع عشر بدأت الإمارات الكردية تحاول فرض سيطرتها على هذه المنطقة فقام الأمير الكردي محمد الراوندوزي بعدة مجازر استهدفت المسيحيين في مناطق برواري وسنجار كما حاول فرض الديانة الإسلامية بالقوة على المناطق التي استولى عليها، وقام بمجازر استهدفت غير المسلمين من المسيحيين واليزيديين في مناطق برواري وحكاري وبوهتان، وتعاظمت سلطته واستولى على مناطق الجزيرة الفراتية. غير أن السلطان العثماني سرعان ما أرسل جيوشه فأسقط إمارة سوران الكردية وفرض السيطرة العثمانية على تلك المناطق. ولقد أثار نشاط الإرساليات البروتستانية في المنطقة في اربعينات القرن التاسع عشر ريبة القبائل الكردية فحدثت سلسلة من المجازر بقيادة أمير إمارة بوهتان الكردية بدر خان، أدت لمقتل عشرات الآلاف من المسيحيين وتدمير العديد من القرى في مناطق العشائر الآشورية. فأدى ضغط القوة الغربية من أجل وقف المذابح إلى تدخل الباب العالي على مضض فسقطت فبذلك آخر الإمارات الكردية.
طور عابدين
مجازر ديار بكر 1895
كانت هذه المنطقة أهم مراكز تجمع للسريان الأرثوذكس كما شهدت تحول البعض منهم إلى الكثلكة فانتشر السريان الكاثوليك كذلك وخصوصا في ماردين. بعكس آشوريي حكاري، لم يكن للاشوريون السريان في طور عابدين نزعات استقلالية غير أن ما أقلق السلطات العثمانية هو الفرق الكبير في مستويات التعليم بين مسيحيي تلك المناطق ومسلميها ما حدا بالعثمانيين إلى إصدار قرارات تقضي بإغلاق المدارس المسيحية ما لم تكن مفتوحة بفرمان رسمي. ووصل المطاف بالسلطات العثمانية في سنة 1884 إلى إصدار قانون يقضي بكون الباب العالي هو من يقرر فتح مدارس في المناطق من عدمها. تعرضت ولاية ديار بكر بأكملها إلى سلسلة من المجازر سنة 1895 قلصت عدد مسيحييها. وكان عدد سكان سنجق ماردين قبيل بداية الحرب العالمية الأولى حوالي 200،000، شكل المسيحيون حوالي خمسي عدد سكانه. كما أصبحت نسبة الأكراد حوالي 50% من عدد سكان طور عابدين البالغ حوالي  نسمة 45,000.
المجازر
تلقى مار شمعون الحادي والعشرون بنيامين الزعيم الروحي لكنيسة المشرق وبطريركها وعودا قبيل دخول الدولة العثمانية إلى الحرب العالمية الأولى بفتح مدارس وتطوير مناطق تركز الآشوريين في حكاري في حالة موافقته على الوقوف حيادا في أي حرب مستقبلية ضد روسيا. وفعلا لم ينضم الآشوريون إلى الروس والثوار الأرمن خلال بدء العمليات العسكرية في خريف 1914، حتى أن بطريرك كنيسة المشرق أرسل رسائل إلى رعاياه طلب فيها منهم الولاء لحكامهم المحليين العثمانين وعدم مجابهة الميليشيات التابعة لها. وبفشل الهجوم الأول للعثمانيين في جبهة القوقاز باتجاه باتومي، قرر هؤلاء أن الطريقة الوحيدة في تحقيق انتصارات في تلك الجبهة تكمن في تغيير الواقع الديمغرافي وذلك بإبادة وترحيل سكانها الأرمن.غير أن عمليات التصفية لم تشمل الأرمن فحسب ففي 12 تشرين الثاني 1914 أعلن السلطان محمد الخامس الجهاد على "أعداء الإسلام"، وصادق شيخ الإسلام العثماني على هذه الدعوة بإعلان فتوى الجهاد في 14 تشرين الثاني.
في نفس هذه الفترة في هكاري بدأت المليشيات الكردية العاملة بإمرة العثمانيين بعمليات إبادة شملت قرى أرمنية وآشورية على حد سواء، وخلالها تم نهب وقتل سكان القرى الآشورية في مقاطعتي ألباق وغاوار الواقعتين جنوب بحيرة وان. كما قام العثمانيون باعتقال أعيان السريان في مناطق "بشكالي" شمالي هكاري وأجبروهم على العمل كحمالين لدى الجيش العثماني وقاموا بقتلهم بعد انتهاء المهمة الموكلة لهم. غير أن العامل الذي حسم دخول الآشوريين الحرب كان اعتقال أخ البطريرك، هرمز شمعون، أثناء دراسته في إسطنبول حيث نقل إلى