المحرر موضوع: السابع من آب ، يوم الشهيد الاشوري ، ذكرى مرور 90 سنة على مذبحة سميل والذكرى السنوية 108 لمجازر الإبادة الجماعية للآشوريين  (زيارة 1661 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Hermiz Shahen

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 183
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
السابع من آب ، يوم الشهيد الاشوري ، ذكرى مرور 90 سنة على مذبحة سميل والذكرى السنوية 108 لمجازر الإبادة الجماعية للآشوريين
اعداد : هرمز شاهين
أن الآشوريين هم السكان الأصليون في العراق وتركيا وايران وسوريا، جذورهم تمتد الى أكثر من 7000 سنة، وآشوريو اليوم هم أحفاد الإمبراطورية الآشورية القديمة التي كانت واحدة من أقدم الحضارات التي ظهرت في بلاد ما بين النهرين.
         
   وكان الآشوريون من أوائل الشعوب الذين اعتنقوا الديانة المسيحية في القرن الأول الميلادي على يد الحواري مار توما وتلامذته مار أدي ومار ماري, واقام الاخير كنيسة المشرق في ساليق (المدائن الحالية) عاصمة الساسانيين. ونشرت كنيسة المشرق تعاليم المسيح في كل أرجاء قارة آسيا لتصل الى أقاصيها في الشرق وليقيموا إمبراطورية ثانية: مسيحية.
 
    منذ انهيار الإمبراطورية الآشورية عام 612 قبل الميلاد، استعمرت أراضي بلاد النهرين من قبل قوى غازية خارجية: فارسية، ويونانية، وعربية ومغولية وعثمانية وغيرها الحقت الكوارث والمآسي بالسكان الأصليين، ودمرت الحضارات التي شيدها أبناء هذه البلاد. وأصبح أبناء وادي الرافدين غرباء في موطنهم بعد أن كانوا أسياداً على العالم القديم. فلقد تعرض أحفاد آشور الى قتل وظلم وإضطهاد على يد غزاة من الجزيرة العربية، وتبعهم غزاة من صحارى آسيا الوسطى ليقوموا بأبشع المجازر على يد تيمورلنك وجنكيز خان البرابرة.
 
وجاء القرن العشرين ليكون واحداً من أحلك الفصول في تاريخ الآشوريين. فإن القبائل الآشورية التي إعتصمت في جبال آشوربعد هروبها أمام جحافل المغول والعنصر التركي، ظلت متجانسة في أرض آشور ، أرض آبائهم وأجدادهم، وقعت ثانية ضحية لواحدة من أسوأ عمليات الإبادة الجماعية في بداية القرن العشرين من قبل الإمبراطورية العثمانية ، والتي غيرت تماما مصير الشعب الآشوري. ثم جاءت معاهدة لوزان ورسم الحدود بين العراق وسوريا وتركيا وايران ، لتجزء ارض آشور والاشوريين  بين هذه البلدان.
 
يحتفل الشعب الاشوري في كل مكان من العالم في السابع من آب بذكرى يوم الشهداء، ذكرى المذابح الجماعية التي نفذت ضد ابناء شعبنا الابرياء الذين سقطوا في مناسبات مختلفة ولاسباب دينية وقومية. ولاتزال بعض الشعوب والحكومات في الشرق الآوسط تحاول ابادة شعبنا الأشوري والمسيحي من الوجود ليتسنى لها السيطرة على ارض ابائه واجداده ومقدساته وسرقة حضارته وعلومه وثقافته وتاريخه.
 
هذا اليوم مناسبة لإستعادة ذكرى ضحايا المذابح التي تعرض لها الاشوريين في بلدة سميل وضواحيها من قبل الجيش العراقي في آب/ اغسطس 1933، اي بعد عام واحد فقط من اعلان العراق لإستقلاله، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 3,000 آشوري بالإضافة إلى تدمير حوالي 63 قرية آشورية، تركت صفحة سوداء في سجل تاريخ العراق المعاصر. ولن تنساها الأجيال القادمة وعلى الحكومة العراقية الحالية أن تقر بها. هذه المناسبة هي ايضا تذكير بالابادة الجماعية الاشوريه، على يد الجيش العثماني اثناء وبعد الحرب العالمية الاولى من 1915 لغاية 1923 بسبب انتمائهم العرقي وايمانهم المسيحي. حيث تم ابادة حوالي ال 750000 من ابناء شعبنا في تلك الفترة.
 
وفي هذه السنة ستمضي مائة وثمانية أعوام على مذابح عام 1915 التي راح ضحيتها مئات الالوف من أبناء شعبنا الأشوري بمختلف تسمياتهم على يد الدولة العثمانية (التركية) الغاشمة  اثر إعلانها الجهاد بنزعة دينية عرقية عنصرية ضد الأشوريين المقيمين على أراضيها ، حيث تم في تلك السنة والسنوات التي تلتها سفك دماء الملايين من الأبرياء العزل بدون رحمة ، وإستعملوا فيها أبشع أساليب القتل والتنكيل التي لم ينجو منها حتى الأطفال الرضع، فاستباحوا أعراض النساء وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الصغير قبل الكبير في مجازر لم يعرف التاريخ الحديث مثيلا لها، وألاف من الكتب والوثائق والمقالات والصور الموثقة لتلك الجرائم القذرة التي ارتكبها الأتراك بحق ابناء هذه الشعوب  توثق وتصور حجم الكارثة وهول المأساة التي حلت بمئات ألألوف في أبشع عملية قتل وإغتصاب وتهجير واستيلاء على الأراضي وممتلكات المسيحيين ونشر هؤلاء العثمانيين وبالتعاون مع الأغوات الأكراد جميع وسائل الخراب والدمار في كل المناطق  التي اجتاحوها ومارسوا فيها شتى أنواع القتل والإعدام وإغتصاب النساء وخطف الفتيات والأطفال وتدمير ونهب وسلب وحرق وتخريب.         
إن المذابح الآشورية تطلق على سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية للدولة العثمانية بمساعدة مجموعات مسلحة كردية استهدفت المدنيين  الأشوريين أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى. وأدت هذه العمليات إلى مقتل مئات الآلاف منهم كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية بجنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران. لا توجد إحصائيات دقيقة للعدد الكلي للضحايا، غير أن الدارسين يقدرون أعداد الضحايا الآشوريين اكثر من 500,000 شخص. كما يضاف إلى هذا العدد حوالي مليوني أرمني ويوناني بنطي قتلوا في مذابح مشابهة معروفة بمذابح الأرمن ومذابح اليونانيين البونتيك.  لكن لم يكن هناك اهتمام دولي بمجازر الأشوريين حتى السنوات الأخيرة، ويعود السبب إلى عدم وجود كيان سياسي يمثل الآشوريين في المحافل الدولية ، وبسبب الضغوطات والممارسات اللاانسانية التي تعرض لها الاشوريون في ضل الحكومات المتعاقبة.
الأسباب
أعطى الباحثون عدة أسباب لعمليات الإبادة التي نفذها العثمانيون بحق الأقليات المسيحية بالأناضول ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر. غير أن معظمهم يتفق على أن أي ثورة أو حرب ستؤدي إلى انفصال أجزاء واسعة من الإمبراطورية مثلما حدث في دول البلقان بمنتصف القرن التاسع عشر حين نالت معظم تلك الدول استقلالها. كما أدت محاولات تتريك الشعوب القاطنة ضمن الدولة إلى ردود فعل معارضة أدت إلى انتشار الفكر القومي المعارض لهذه السياسة كالعربي والأرمني والآشوري، ما أدى إلى أستعمال العثمانيين العنف في محاولة لدمج تلك الشعوب في البوتقة التركية. بدأت أولى عمليات الإبادة على نطاق واسع سنة 1895 أثناء ما سمي بالمجازر الحميدية عندما قتل مئات الآلاف من الأرمن والآشوريين في مدن جنوب تركيا وخاصة في أدنة وآمد وذلك بعد اتهام الأرمن بمحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني . غير أن السبب الرئيسي من وراء المجازر التي حلت بالآشوريين هي خشية العثمانيين من انضمامهم إلى الروس والثوار الأرمن. يعتقد المؤرخون أن السبب الرئيسي وراء التورط الكردي في المجازر هو الانسياق وراء حزب تركيا الفتاة الذين حاولوا إقناع الأكراد أن المسيحيين الموجودين في تلك المناطق قد يهددون وجودهم. وأن سياسة الترحيب والترغيب دعت معظم العشائر الكردية إلى التحالف مع الأتراك. كما استغلت ميليشيات كردية شبه نظامية فرصة الفوضى في المنطقة لفرض هيمنتها وهاجمت قرى آشورية من أجل الحصول على غنائم.
الوضع قبل الحرب العظمى
شكل الآشوريون إحدى القوميات العرقية والاقليات الدينية الهامة ضمن الدولة العثمانية، وبالرغم من تواجدهم في مراكز عواصم الولايات العثمانية كالموصل وحلب وآمد إلا أن معظمهم عاش في قرى عديدة في منطقة تمتد من أورميا شرقا إلى ماردين غربا. حيث عاشوا جنبا إلى جنب مع الأكراد والأرمن. ويقدر الباحثون أن عدد الآشوريين كان بين 700,000 - 1,000,000. وقد انقسموا بحسب مناطق تواجدهم إلى ثلاثة أقسام:
أورميا
تقع منطقة أورميا في شمال غرب إيران حاليا، والترجمة لكلمة اورمية باللغة الاشورية هي (منبع المياء). أصبحت مدينة أورميا إحدى أكثر المناطق تطورا حيث شهدت تأسيس جريدة "زهريرا دبهرا" "شعاع النور"، سنة 1849، والتي تعتبر أول جريدة صدرت باللغة الاشورية. كما نشط في تلك المنطقة عدة إرساليات مسيحية منذ عشرينات القرن التاسع عشر عملت على إنشاء المطابع ونشر الصحف بهدف تحويل سكانها المسيحيين والذين تبعوا كنيسة المشرق. ولقد تحولت أعداد ضئيلة منهم إلى الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية والبروتستانتية، إلا أن تأثير تلك الإرساليات كان عميقا جدا في المنطقة أدت لحدوث نهضة ثقافية بانتشار الصحافة والتعليم بين سكانها المسيحيين.
حكاري
 اعتبرت هذه المنطقة من أكثر المناطق وعورة في الدولة العثمانية وتمتد من دهوك جنوبا حتى بحيرة  وان شمالا، وتمتعت بحكم ذاتي بحكم وعورتها وصعوبة اجتياحها من قبل الجيوش النظامية. معظم سكانها كانوا من أتباع كنيسة المشرق ، واتصف سكانها بنزعة عشائرية وكان يقود كل عشيرة شخص يدعى "مالك" "ܡܠܟ" وهؤلاء بدورهم كانوا يدينون بالولاء لزعيمهم الروحي بطريرك كنيسة المشرق الذي كان ينحدر من عائلة شمعون ويتخذ من "كنيسة مار شليطا   ببلدة قدشانس بجنوب تركيا مركزا له.
بحلول القرن التاسع عشر بدأت الإمارات الكردية تحاول فرض سيطرتها على هذه المنطقة فقام الأمير الكردي محمد الراوندوزي بعدة مجازر استهدفت المسيحيين في مناطق برواري وسنجار كما حاول فرض الديانة الإسلامية بالقوة على المناطق التي استولى عليها، وقام بمجازر استهدفت غير المسلمين من المسيحيين واليزيديين في مناطق برواري وحكاري وبوهتان، وتعاظمت سلطته واستولى على مناطق الجزيرة الفراتية. غير أن السلطان العثماني سرعان ما أرسل جيوشه فأسقط إمارة سوران الكردية وفرض السيطرة العثمانية على تلك المناطق. ولقد أثار نشاط الإرساليات البروتستانية في المنطقة في اربعينات القرن التاسع عشر ريبة القبائل الكردية فحدثت سلسلة من المجازر بقيادة أمير إمارة بوهتان الكردية بدر خان، أدت لمقتل عشرات الآلاف من المسيحيين وتدمير العديد من القرى في مناطق العشائر الآشورية. فأدى ضغط القوة الغربية من أجل وقف المذابح إلى تدخل الباب العالي على مضض فسقطت فبذلك آخر الإمارات الكردية.
طور عابدين
مجازر ديار بكر 1895
كانت هذه المنطقة أهم مراكز تجمع للسريان الأرثوذكس كما شهدت تحول البعض منهم إلى الكثلكة فانتشر السريان الكاثوليك كذلك وخصوصا في ماردين. بعكس آشوريي حكاري، لم يكن للاشوريون السريان في طور عابدين نزعات استقلالية غير أن ما أقلق السلطات العثمانية هو الفرق الكبير في مستويات التعليم بين مسيحيي تلك المناطق ومسلميها ما حدا بالعثمانيين إلى إصدار قرارات تقضي بإغلاق المدارس المسيحية ما لم تكن مفتوحة بفرمان رسمي. ووصل المطاف بالسلطات العثمانية في سنة 1884 إلى إصدار قانون يقضي بكون الباب العالي هو من يقرر فتح مدارس في المناطق من عدمها. تعرضت ولاية ديار بكر بأكملها إلى سلسلة من المجازر سنة 1895 قلصت عدد مسيحييها. وكان عدد سكان سنجق ماردين قبيل بداية الحرب العالمية الأولى حوالي 200،000، شكل المسيحيون حوالي خمسي عدد سكانه. كما أصبحت نسبة الأكراد حوالي 50% من عدد سكان طور عابدين البالغ حوالي  نسمة 45,000.
المجازر
تلقى مار شمعون الحادي والعشرون بنيامين الزعيم الروحي لكنيسة المشرق وبطريركها وعودا قبيل دخول الدولة العثمانية إلى الحرب العالمية الأولى بفتح مدارس وتطوير مناطق تركز الآشوريين في حكاري في حالة موافقته على الوقوف حيادا في أي حرب مستقبلية ضد روسيا. وفعلا لم ينضم الآشوريون إلى الروس والثوار الأرمن خلال بدء العمليات العسكرية في خريف 1914، حتى أن بطريرك كنيسة المشرق أرسل رسائل إلى رعاياه طلب فيها منهم الولاء لحكامهم المحليين العثمانين وعدم مجابهة الميليشيات التابعة لها. وبفشل الهجوم الأول للعثمانيين في جبهة القوقاز باتجاه باتومي، قرر هؤلاء أن الطريقة الوحيدة في تحقيق انتصارات في تلك الجبهة تكمن في تغيير الواقع الديمغرافي وذلك بإبادة وترحيل سكانها الأرمن.غير أن عمليات التصفية لم تشمل الأرمن فحسب ففي 12 تشرين الثاني 1914 أعلن السلطان محمد الخامس الجهاد على "أعداء الإسلام"، وصادق شيخ الإسلام العثماني على هذه الدعوة بإعلان فتوى الجهاد في 14 تشرين الثاني.
في نفس هذه الفترة في هكاري بدأت المليشيات الكردية العاملة بإمرة العثمانيين بعمليات إبادة شملت قرى أرمنية وآشورية على حد سواء، وخلالها تم نهب وقتل سكان القرى الآشورية في مقاطعتي ألباق وغاوار الواقعتين جنوب بحيرة وان. كما قام العثمانيون باعتقال أعيان السريان في مناطق "بشكالي" شمالي هكاري وأجبروهم على العمل كحمالين لدى الجيش العثماني وقاموا بقتلهم بعد انتهاء المهمة الموكلة لهم. غير أن العامل الذي حسم دخول الآشوريين الحرب كان اعتقال أخ البطريرك، هرمز شمعون، أثناء دراسته في إسطنبول حيث نقل إلى الموصل واستعمل كرهينة فطلب الأتراك من البطريرك عدم تلبية دعوات زعماء العشائر الآشورية بالتحالف مع الروس فرد عليهم بأن حياة رعيته أهم من حياة أخوه. فأعدم هرمز شمعون أخو البطريرك في الموصل، ورد البطريرك بالرضوخ لضغوط رؤساء العشائر وأعلن الحرب على الدولة العثمانية في 10 أيار .1915
العمليات في ولاية وان (هكاري)
بالرغم من وعود الروس بدعم آشوريي هكاري إلا أنهم لم يرسلوا سوى 400 من الخيالة القوزاق الذين أبيدوا من قبل الميليشيات الكردية قبل وصولهم إلى جبال هكاري. فالتجأ الآشوريون بقيادة البطريرك شمعون بنيامين إلى أعالي الجبال على ارتفاع أكثر من 3,000 كيلومتر حيث كان من الصعب على الجيوش النظامية اختراقها. غير أن الأتراك أبقوا قواتهم في المناطق المحيطة بها لعلمهم أن ثلوج تشرين سترغم الآشوريين على النزول. يروي البطريرك في رسالة موجهة إلى القيادة الروسية الوضع في جبال هكاري:
         بعد شهر من المعارك مع الأكراد، أرسل مهدي باشا حاكم الموصل العثماني وحدات عثمانية مدونة بمدافع ثقيلة. فقاموا باحتلال قرانا وحرقها... يعيش الآشوريون الآن في قمم الجبال ب-"تياري" و"تخوما" مرورا ب-"ديز"، وهم يموتون بسبب نقص الغذاء. ليس لدينا أي عتاد والأتراك يحاصروننا، لقد نفذت خياراتنا.            
المسيرة إلى أورميا
علم مار شمعون بنيامين أن حلول الشتاء سيعني الإبادة الشاملة لرعيته، فسافر إلى إيران حيث حاول إقناع الروس بإرسال قوة ثانية لمساندة الآشوريين المحاصرين، غير أن هؤلاء أعلموه باستحالة الأمر ونصحوه بعدم العودة إلى حكاري لأن هذا سيعني مقتله، غير أنه سرعان ما عاد وتمكن من قيادة معظم المحاصرين في طريق وعر لم يحسب العثمانيون حسابه إلى أورميا فوصل حوالي 50,000 منهم إلى سهل أورميا واستقروا في بلدات سالماس وأورميا، وهلك الآلاف جوعا وتعبا أثناء عبورهم الجبال الممتدة بين هكاري وأورميا.
بعد أن اتضح للعثمانيين أن سكان الجبال تمكنوا من الفرار قاموا بالهجوم على القرى المسيحية الواقعة في السهل الفاصل بين مرتفعات هكاري وبحيرة وان غير أنهم انسحبوا غربا بعد أن ثبت الروس سيطرتهم على مدينة وان في صيف 1915.
المجازر في سعرد
بالرغم من فرار العديد من سكان قرى هكاري الجبلية، لقى سكان المدن والسهول الواقعة في مرتفعات أرمينيا مصيرا مختلفا. فبعد هزيمتهم أمام الروس في وان بنيسان 1915, انسحبت الخيالة الحميدية المكونة من الميليشيات الكردية إلى سعرد حيث قامت في حزيران 1915 باعتقال جميع الرجال الكلدان في البلدة وسلبت بيوتهم. ويروي شهود عيان كيف قام المهاجمون بتعرية المعتقلين من ملابسهم وقتلهم بالسلاح الأبيض. بعد عدة أيام صدرت أوامر بترحيل ما تبقى من نساء وأطفال من سعرد وسبعين قرية مسيحية اخرى، فسيروا مسافة 100 كم بصحبة خيالة كردية إلى ماردين وقبل وصولهم إليها أرسل حاكمها برقية طلب فيها تصفية جميع من معهم من الأطفال والنساء. فجلبوا إلى وادي حيث قام الخيالة معززين بمئات الرجال والنساء الأكراد من القرى المجاورة بقتل معظمهم بالسيوف والخناجر والحجارة ولم يسلم منهم إلا من تضاهر بالموت.
وفي نفس الوقت توجهت قوات جودت باشا وخليل باشا التي كانت متمركزة في هكاري إلى قرى سنجق سعرد حيث تواجد حوالي 60,000 مسيحي معظمهم من الكلدان والسريان الأورثوذكس وقاموا بإبادة جميع سكان القرى المسيحية.
مجازر ولاية ديار بكر
ذكر القس جوزيف نعيم، الذي نجى في مجازر الرها في كتابه "هل ستفنى هذه الأمة؟" أن عمليات الترحيل القسرية بدأت في آذار 1915, حين وصلت المدينة قوافل المرحلين الأرمن من الأرياف المحيطة بها وهم في حالة مزرية. بينما بدأت عمليات الإبادة بالشهر اللاحق وطالت جميع المسيحيين بدون أستثناء. حيث قاموا بجمع بعض الذكور الآشوريين/السريان ابتداء من عمر السادسة عشر وقاموا بتعذيبهم وقتلهم في ساحات المدينة. ثم قاموا بتصويرهم على أساس أنهم أتراك تم قتلهم من قبل المسيحيين.
أما في مركز الولاية آمد (دياربكر) فقد قامت السلطات باعتقال وإعدام الآلاف من أعيانها الأرمن والسريان على يد واليها محمد رشيد باشا قبل أن يقوموا بتصفية وترحيل البقية. ويقدر عدد القتلى بها من السريان بما بين 70,000 إلى 100,000.
مجازر طور عابدين
خلال شهر حزيران 1915 بدأت القوات بالهجوم على القرى السريانية بمنطقة الجزيرة الفراتية. ففي 10حزيران وقعت مذبحة ماردين وما حولها، وفي 14 حزيران هوجمت نصيبين. أما في نصيبين فقد رفض حاكمها التركي دخول الجيش بها لعلمه أن هذا سيؤدي لوقوع مذبحة. عندها أمر محمد رشيد باشا والي دياربكر باغتياله، فوقعت بعدها في الحادي والعشرون من نفس الشهر مجزرة بمديات.
المجازر والمقاومة في أورميا
تعرضت القرى الآشورية المحيطة شرقي بحيرة أورميا إلى مجازر من قبل العثمانيين خلال فترة سيطرتهم عليها، ففي كانون الثاني 1915 دخلت قوة عثمانية بلدة كولباشان، والتي كانت إحدى أكثر بلدات المنطقة ازدهارا، وقاموا بتدميرها ولم ينج من سكانها سوى المئات. وفي خوسروفا قام العثمانيون بجمع حوالي 7,000 نسمة من سكان القرى المجاورة وذبحهم مع سكان البلدة، وفي "حفتفان" تم قطع رأس 750 من الرجال بعدها قام الأكراد بترحيل 5,000 من نساء البلدة معهم. وتم حرق 200 شخصا في "كنجار". كما حدثت مجازر في كل من "كيوكتابي" و"آدا"، بالإضافة إلى قرى آشورية أخرى, كما قام العثمانيون قبيل انسحابهم بجمع الذكور الآشوريين في بلدة سلماس بحجة أحصائهم، حيث قاموا بقطع رؤوسهم.
 
بحلول صيف 1915 بدأت قوافل آشوريي جبال هكاري تتقاطر على أورميا. وخلال المجاعة التي شملت أجزاء من الدولة العثمانية في اواخر الحرب، بدأ الأكراد يتوجهون شرقا إلى القرى الآشورية في سهل أورميا، فقام سكانها بإيوائهم وتقديم المأكل لهم. ويروي أعضاء جمعية الإغاثة الأمريكية دهشتهم عندما تقدم رجال دين آشوريون بطلب إغاثة جميع النازحين الأكراد بدون أستثناء، بغض النظر عن كونهم أعداء أم أصدقاء.
لم تشهد أورميا خلال الفترة بين صيف 1915 خلال فترة سيطرة الروس عليها وحتى 1917 عمليات عسكرية تذكر. غير أن الوضع تغير في ربيع 1917 عندما بدأ الروس بالتقهقر تحت وطئ المشاكل الداخلية في روسيا نفسها والضغط الألماني على جبهتها الشرقية فقاموا بسحب قواتهم من جبهتها الجنوبية فتبعهم الآلاف من الآشوريين مخافة تكرار المجازر العثمانية. وهنا مرة أخرى وجد الآشوريون أنفسهم محاصرين من قبل الأكراد والعثمانيين والأذريين، بيد أنهم كانوا أكثر تنظيما وعدة هذه المرة. فقاموا بالاتصال بالبريطانيين الذين كانوا قد دخلوا بغداد في 8 آذار 1917، في محاولة لفتح خطط إمدادات يمتد من بغداد إلى القوقاز. فشكل جيش آشوري من جناحين: شرقي بقيادة آغا بطرس، وغربي تحت أمرة أخ البطريرك مار شمعون بنيامين. وفي حزيران 1917 قاد مار شمعون بنيامين مقاتليه مخترقا الحدود العثمانية واشتبكوا مع الميليشيات الكردية في "مرغاوار" و"ترغاوار" في هكاري وانتصروا عليهم. ومكثوا في تلك القرى المدمرة عدة أيام قاموا خلالها بجمع عظام ضحايا مجازر 1915 ودفنها.
أدت ثورة تشرين الأول الروسية إلى انهيار كامل للجيش الروسي الجنوبي، وبعد محاولات فاشلة من قبل مار شمعون بنيامين للاتصال بالعاهل القاجاري من أجل ملء الفراغ الذي تركه الروس في سهل أورميا، نشبت معارك بين المسيحيين والمسلمين للسيطرة على أورميا انتهت بانتصار الآشوريين في شباط 1918 فشكلوا حكومة مدنية لتسيير أمور تلك المناطق.
اغتيال مار شمعون بنيامين
لم تطل سيطرة الآشوريين على الأمور في سهل أورميا، حيث استغل سمكو شيكاك  المجرم أحد أبرز قادة الأكراد في إيران فرصة اختفاء النفوذ الروسي بها في محاولة لإرساء سلطته فيها. فدعى البطريرك الآشوري الذي دأب على تفقد أحوال المدن الواقعة تحت سيطرته، إلى زيارته في معقله كونيشهر وقام باغتياله بغدر.  أدى مقتل البطريرك الذي قاد الآشوريين خلال فترة المجازر في هكاري إلى توجيه ضربة معنوية قوية لهم. وانتقم آشوريو هكاري بقتل المسلمين في "دلمان" و"سلماس" وفر "سمكو" بعدها إلى "خوي" مع رجاله فقتلوا مسيحييها.
النزوح إلى العراق
بحلول صيف 1918 بدأ البريطانيون باحتلال شمال بلاد فارس، وطلبوا من الآشوريين والأرمن دعم القوات البريطانية المتواجدة في "ساين قالا".فانطلق آغا بطرس إلى سوج بولاق حيث اشتبك مع قوة كردية وتركية فردها إلى راوندوز. غير أن نشوب خلافات بين جنوده الآشوريين والأرمن وبدلا من وضع رجال لمراقبة سوج بولاق في حالة عودة الأتراك المهزومين، زحف آغا بطرس بكامل قوته إلى ساين قالا لملاقاة البريطانيين ليكتشف أن هؤلاء انسحبوا بعد تأخر الآشوريين. وأثناء غياب بطرس آغا الطويل انتشرت إشاعات أن تلك القوة قد أبيدت من قبل العثمانيين ووصلت أخبار عن تقدم الأتراك والأكراد ما دعا العديد من سكان أورميا الآشوريين إلى النزوح جنوبا باتجاه مناطق سيطرة البريطانيين، فقتل العديد منهم بعد أن لاحقهم الأكراد والأتراك وانتشرت الأوبئة كالتيفوئيد والحصبة والملاريا بينهم، وسقط الآف منهم على قارعة الطرق بعد أن انهكهم التعب. بينما أبيد من فضل البقاء في أورميا وعلى رأسهم توما أودو المطروبوليط الكلداني بالمدينة. ويقدر عدد الذين قضوا في هذه المسيرة بأكثر من 17,000 آشوري.
قام البريطانيون لاحقا بنقل اللاجئين الآشوريين إلى مخيمات اقيمت لهم في بعقوبة.
 
لمحة تاريخية للحقوق القانونية والشرعية للاشوريين في ولاية الموصل
في عام 1923، كانت تركيا ما تزال تحتل اقليم راوندوز في القسم الشمال الشرقي من ولاية الموصل. عندما حاولت بريطانيا تأسيس حكومة كردية في المنطقة المجاورة للسليمانية. حيث قامت فرقة عراقية - بريطانية باحتلال المنطقة. هذه الفرقة احتلت راوندوز من الاتراك في 22 - نيسان - 1923، يذكر توينبي "في هذه العملية، برع الاشوريون مرة آخرى
بدأ مؤتمر لوزان عمله  في 20 - تشرين الثاني - 1922 وفي جدول اعماله مستقبل الحدود بين تركيا والعراق. تم التوقيع على معاهدة لوزان في 24 - تموز – 1923. المنطقة المحتلة من قبل بريطانيا وتركيا في هذا التاريخ اصبحت منطقة حدودية مؤقتة تعرف بـ "خط بروسلس،" والتي اصبحت في آخر الامر الحدود الدائمية بين تركيا والعراق. من الواضح ان القوات الاشورية كانت وراء حصول العراق على الجزء الاكبر من مغانمه من الارض اذ لم يكن سيحصل عليها لولا ذلك، اذ
قام الاشوريون بمساعدة بريطانيا في المحافظة على الاجزاء الشمالية من ولاية الموصل، ساهم الاشوريون في طرد الاتراك من راوندوز وضواحيها، المنطقة التي اصبحت لاحقا جزءا من العراق، طرد القوات التركية من راوندوز فصل منطقة اقليم السليمانية، الذي كان تحت سلطة حاكم تركي، من الاراضي التي كانت تحت ادارة الحكومة التركية، هذا سمح لبريطانيا لاحتلال المنطقة بعد التوقيع على معاهدة لوزان. 
المادة الثالثة من معاهدة لوزان اشترطت: 
ترسم الحدود بيت تركيا والعراق بطريقة  ودية على ان تختم بين تركيا وبريطانيا العظمى خلال تسعة اشهر. في حال عدم الوصول الى نتيجة بين الحكومتين خلال الفترة المحددة، فان الخلاف ينقل الى مجلس عصبة الامم. الحكومتان البريطانية والتركية ستتولى ذلك بشكل متبادل، اثناء عملية  الوصول الى قرار حول موضوع الحدود، لن يكون هناك تحرك عسكري او اي تحرك آخر من شأنه تغيير الوضع الحالي للاراضي الاقليمية باي شكل يؤثر على الوضع النهائي للاراضي موضوع البحث.
في احد المؤتمرات السابقة للتوقيع على معاهدة لوزان، كتب اللورد كورزون مذكرة معنونة الى التركي عصمت باشا في 11 - كانون الاول - 1922، يذكر "ان الاشوريون الذين اكرهتهم القوات التركية على ترك ديارهم في منطقة جولامرك والحدود الايرانية اثناء الحرب، ومات منهم الالاف اثناء نزوحهم الى العراق، واستقروا هناك، سيقاتلون حتى الموت على ان يسمحوا لاعدائهم و ادوات ظلمهم واضطهادهم ان يستولوا على ديارهم الجديدة."وقد اكدت الحكومة البريطانية على ان وجود الاشوريين في مناطقهم الجديدة في ولاية الموصل يعتبر عمل مهم من اجل ضم منطقة الموصل الى العراق بدلا من تركيا. 
في ايار - 1924 طبقا لمعاهدة لوزان، اجتمعت الاطراف المعنية في قسطنطينوبولس. في هذا المؤتمر تم طرح قضية الاشوريين الذين استقروا في شمال حدود الولاية. طبقا لما ورد في تقرير مفوضية الحدود في عصبة الامم
في بداية نيسان - 1924، الحكومة البريطانية ابلغت الحكومة العراقية بنيتها في المطالبة بالتنازل للعراق عن جزء من الاراضي الاشورية . . وسؤال حكومة بغداد لتكون جاهزة لتوفير الشروط الملائمة للاشوريين الذين لم يتم اسكانهم لحد الان في الاراضي المهجورة من المناطق الشمالية. ايضا سألت الحكومة البريطانية عما اذا كانت الحكومة العراقية مستعدة لتضمن للاشوريين نفس الاستقلال المحلي الذي كانوا يتمتعون به قبل الحرب في ظل السلطة التركية. رد الحكومة العراقية الذي قدمته في 30 - نيسان  كان ايجابيا.
انتهى المؤتمر في 5 - حزيران - 1924، بدون التوصل الى اتفاق بين الطرفين. في 6 - حزيران - 1924 احيلت مسألة الحدود الى عصبة الامم. مرة آخرى اثارت بريطانيا المسألة الاشورية. في المذكرة المؤرخة في 14 - آب - 1924
في 30 - ايلول - 1924، شكل المجلس مفوضية لتقديم معلومات واقتراحات بخصوص الحدود. بعد زيارة المنطقة رفعت المفوضية تقريرها الى المجلس في 16 - تموز - 1925.
تقرير المفوضية اقترح ان يعتبر "خط بروسلس" كـحدود دائمية بين العراق وتركيا. بذلك تكون الـ 87,890 كيلومتر مربع جنوب خط بروسلس والتي تدعيها تركيا جزءا من العراق، و 3,500 كيلومتر مربع شمال الخط والتي تدعيها بريطانيا جزءا من تركيا.
الوجود الاشوري في ولاية الموصل كان عاملا هاما في قرار المفوضية بالحاق كل الولاية بالعراق.
الخاتمة
يمكن الاستنتاج ان وجود الاشوريين في شمال العراق كان عاملا هاما في تقرير حدود العراق مع تركيا. اذ لم يكن من اجل الاشوريين لأستحال على العراق اكتساب كل ولاية الموصل.
ان الوجود الاشوري أثرَ على تثبيت الحدود العراقية للاسباب التالية:
    (1) الاحتلال البريطاني الاولي لولاية الموصل في عام 1918 كان الحافز الاكبر له لضمان ديار يمكن اعادة توطين اللاجئين الاشوريين فيها وحمايتهم.
          (2) ان بريطانيا وضعت اجزاء من الولاية، كأقليم العمادية تحت الاحتلال في محاولة اعادة توطين الاشوريين.
          (3) في عام 1921 قامت بريطانيا باعادة توطين اللاجئين الاشوريين في شمال الموصل.
(4)اقنعت بريطانيا الاشوريين بقمع انتفاضة الاكراد في شمال الموصل ولطرد الاتراك من منطقة راوندوز في الولاية.
    (5) بسبب النزاعات التي حدثت في عام 1924 حيث قامت تركيا بطرد الاشوريين الذين عادوا للاقامة في ولاية هكاري، رسمت عصبة الامم حدودا مؤقتة، ان "خط بروسلس" يمثل الوضع القائم بين تركيا والعراق في وقت توقيع معاهدة لوزان. بالتالي، ان عملية الاحتلال سمحت للعراق بالحصول على ولاية الموصل في تسوية مؤقتة تحولت الى حدود دائمية.
(6) ان وجهة نظر اهالي المنطقة كانت عاملا مهما في قرار عصبة الامم بتسليم ولاية الموصل الى العراق. عبًرَ الاشوريون عن موقفهم لصالح العراق، اذا كان لانتداب العصبة ان يستمر فان الاشوريون كانوا سيشكلون الجماعة الاكبر في منطقة الموصل، وان اقتراحاتهم كانت مقبولة من قبل مفوضية الحدود وتبنتها العصبة.
(7) احدى المناقشات لتبني خط بروسلس قُدمت امام المجلس من قبل الممثل البريطاني ويذكر فيها ان تحديد اي خط الى الجنوب من خط بروسلس سيفصل الاشوريين المقيمين شمال الموصل عن العراق، وستسبب "رعب فوري ونزوح" لهؤلاء الاشوريين.
مجزرة سميل
في عشية انهاء الانكليز لنظام الانتداب على العراق  عام 1932 ومنحه الاستقلال الرسمي وتهيئة اجراءات دخوله لعصبة الأمم، كان أعضاء النخبة الحاكمة في العراق، ضمن سياق تأثرهم العميق بأفكار الفاشية والنازية واعجابهم الشديد بهتلر وموسيليني وكمال أتاتورك ، يبحثون عن هدف لتحقيق شعاراتهم في مقاومة الاستعمار والامبريالية ومكافحة أعوانه وجواسيسه وحماية حدود الوطن وصيانة سيادته واستقلاله لغرض استخدام هذه الشعارات "الوطنية" الطنانة في اضفاء نوع من الهالة البطولية على الاستقلال الممنوح وأظهاره كناتج عن كفاح شعب وحكومة العراق وعمل من الأعمال "الخارقة" للجيش العراقي الذي لم يكن قد دخل أية معركة او اختبار حقيقي. وبسبب الظروف المأساوية التي أفرزتها نتائج الحرب الكونية الأولى وتسويات الحدود والمعاهدات الدولية على الآشوريين وجدت النخبة الحاكمة فيهم "الحلقة الأضعف" في سلسلة الحلقات الساعية الى البحث والمطالبة عن ضمانات حماية وجودهم القومي والديني المتميز والتي برزت بشكل أكثر وضوحاً بعد اعلان الانكليز عن نواياهم في التخلي عن نظام الانتداب في العراق ومنحه الاستقلال. كما وجدت في عمق التناقضات القومية والدينية والتاريخية وفي خلفية طبيعة علاقة الآشوريين بالانكليز الناجمة عن تحالفهم مع الحلفاء أبان الحرب العالمية الأولى وما بعدها في مقارعة استبداد ومطامع الدولة التركية، وجدت فيها الظروف الملائمة جداً لاستغلالها وجعل الآشوريين الهدف الأمثل لتحقيق أهداف النخبة الحاكمة في تأطير الاستقلال بصور بطولية ووطنية تثير حماس واندفاع الشعب نحو حكومة الدولة الفتية .
 
ولما كان الآشوريون "الحلقة الأضعف" في السلسلة الاجتماعية والسياسية العراقية ولا يشكلون أي خطر حقيقي أو تهديد جدي على الدولة العراقية، مقارنة مع الحلقات الكردية والشيعية الأقوى، فإن مسعاهم في المطالبة بجزء يسير وبسيط من الحقوق التي كانوا يتمتعون باضعافها في ظل الدولة العثمانية كانت من الممكن وبسهولة جداً حلها والإيفاء بها واحتواء الملابسات التي رافقتها من دون إراقة الدماء. غير أن ذلك لم يكن يخدم أهداف النخبة الحاكمة، بل على العكس من ذلك تماماً حيث استوجب عليها تصعيد الأحداث وإيصالها إلى حافات الهاوية وتصوير الآشوريين ومطالبهم كخطر حقيقي داهم على أرض الوطن وتهديد جدي لأمن حدوده وسلامته. وهذا ما دفع، على سبيل المثال لا الحصر، عبد الرحمن البزاز (استاذ جامعي ورئيس وزراء أسبق ) إلى اعتبار الحركة الآشورية لعام 1933 من أهم المخاطر الجمة والفتن الداخلية الجسيمة التي واجهها العراق المستقل وعرضت سمعته الدولية إلى الكثير من الغمـز " (كتاب العراق من الاحتلال حتى الاستقلال – فتنة الآثوريين ص 223-232 ) .
 
من هذا المنطلق بدأت حملة رسمية وشعبية منظمة ضد الآشوريين قبيل مذبحة سميل … ففي الفترة الممتدة من الأول إلى الرابع عشر من شهر تموز (يوليو) 1933 نشرت أكثر من 80 مقالة رئيسية في الصحافة العراقية والتي كتبت من قبل مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية وكانت جميعها تطالب بالقضاء على الآشوريين وافنائهم. وخلال شهر آب أعلنت الحكومة العراقية والصحافة وبعض الأحزاب والمنظمات السياسية الحرب المقدسة "الجهاد" على الآشوريين "الكفرة" وأصدرت الأوامر للتطوع ووزعت السلاح على المتطوعين، كما وجهت الحكومة شكرها وامتنانها للتجار وزعماء بعض العشائر البدوية والكردية للجهود التي بذلوها من أجل حماية وصيانة الوطن من الآشوريين "المرتزقة والجواسيس وعملاء الاستعمار والامبريالية … " . وأصدرت الحكومة العراقية أيضاً عشية مذبحة سميل أوامرها بمكافئة كل شخص بدينار واحد عن كل آشوري يُجلب إلى السلطات الحكومية حياً أو ميتاً، كما أعلنت الحكومة وبعض العلماء، البعيدين كل البعد عن سماحة الدين الاسلامي ، قرارات وفتاوى حللت بموجبها سلب ونهب قرى وممتلكات الآشوريين واعتبرت أعمال العنف والمذبحة المرتكبة قانونية وشرعية واتهمت كل من لا يشارك فيها بالخيانة بحق الوطن. وخلال شهر آب من نفس العام ، قبيل وأثناء وبعد المذبحة، نشرت الصحافة العراقية أكثر من 230  عمود صفحي ومقالة مهينة جميعها تدعو ألى تخليص البلاد من "الملحدين والمتمردين" الآشوريين والقضاء نهائياً على " ذئاب آشور" كما نعتهم الشاعر "الوطني" معروف الرصافي، عضو البرلمان العراقي، في قصائده وخطبه "الوطنية" الحماسية. من كتاب خيانة بريطانيا للآشوريين ليوسف مالك.
ضمن هذا التصور دخلت مذبحة سميل، رغم بشاعتها ووحشيتها، في قاموس العراق السياسي وترسخت في البنية الفكرية العراقية  كحدث تاريخي وطني وعمل من أعمال البطولة والنضال ضد الاستعمار والامبريالية وأعوانهم .. وكانت "وبحق الواجب الوطني الذي انقذ البلاد وحمى استقلاله وسيادته" . وأصبح قادة الجيش العراقي المتمثلون في النخبة العسكرية وعلى رأسها بكر صدقي، رمزاً وطنياً للإخلاص والتفاني في سبيل الوطن، فأحيط مرتكبي المذبحة بهالة البطولة الدونكيشوتية وزينت صدورهم بأنواط الشجاعة والبطولة التي تراصت مع الأنواط السابقة الممنوحة لهم من قبل أسيادهم السابقين العثمانيين عن "بطولاتهم" العسكرية اثناء حملات سحق حركات تحرر الشعوب غير التركية
في السابع من أغسطس 1933، دخلت قوة عسكرية بقيادة قائمقام زاخو إلى البلدة وطلبت من الأهالي تسليم أسلحتهم، كما أعلمتهم بأن يحتموا بمخفر الشرطة وأنهم سيكونون بأمان ما دام العلم العراقي يرفرف فوقه، وفي الأيام التالية شهدت البلدة وصول الآلاف من الآشوريين الذين نزحوا إليها بعد استهداف قراهم، كما قامت عشائر عربية وكردية بالاستيلاء على القمح والشعير بالبلدة وقطع المياه عنها، وفي ليلة 11 أغسطس قام سكان البلدة من العرب بسلب بيوت جيرانهم من الآشورين بحماية الشرطة المحلية.
في 11 أغسطس طلب من الذين قدموا للاحتماء بمخفر الشرطة العودة إلى قراهم التي سلبت، وعندما رفضوا أمرهم القائمقام بمغادرة المخفر، عندها دخل الضابط في الجيش العراقي إسماعيل عباوي برفقة جنود الفرقة المدرعة في البلدة، وامر بأن يتم فصل النساء والأطفال، قبل أن تبدأ المجزرة في البلدة.
 
ويسرد العقيد البريطاني ستافورد الذي كان ملحقا عسكريا في الجيش العراقي في الموصل ما حدث بعدها: "استمرت المجزرة فترة من الوقت، فلم يكن هناك داع للاستعجال، فاليوم بطوله أمامهم، كما كان ضحاياهم في وضع عاجز ولم تكن هناك أي فرصة لتدخل طرف ثالث في الأمر. تم نصب الرشاشات المدفعية في شبابيك الغرف التي احتمى بها الرجال، وبعد جمع أكبر عدد ممكن منهم في غرفة واحدة تم إطلاق النار حتى لم يبق أحد واقفا، في حالات أخرى ظهر التعطش الدموي للجنود بشكل فعال، فقاموا بسحل الرجال وإطلاق النار عليهم وضربهم حتى الموت، ومن ثم ألقي بهم في كومة الجثث المتزايدة".
كانت لهذا الحدث تأثير كبير على الدولة العراقية الناشئة، حيث صورت هذه المجازر على أنها أول انتصار عسكري للجيش العراقي بعد فشله في إخضاع التمرد الشيعي في الجنوب وإخماد ثورة البرزنجي في الشمال، مما أدى إلى تنامي الروح الوطنية وزيادة الدعم للجيش العراقي.
 
 
التاريخ يعيد نفسه
لبضع سنوات ، بين عامي 1933 و 1968 كان هناك بعض النجاح والامل للاشوريين  للبقاء على ارضهم والحفاظ على تراثهم وهويتهم ، لكن كابوس الآشوريين بدأ مرة أخرى مع صعود حزب البعث وطاغوته صدام حسين . تسببت الهيمنة البعثية في التدمير المتعمد للأشوريين والهوية الآشورية من خلال المذابح والإعدامات السياسية والحرمان من حقوق المواطنة والتهجير القسري.
بين عامي 1975 و 1988 ، تم تدمير أكثر من 200 قرية آشورية على يد نظام البعث العراقي. العديد من هذه القرى تم استعادتها لاحقًا واحتلالها عنوة من قبل الأكراد. واضطر سكان هذه القرى إلى الهجرة إلى المناطق الحضرية . هذه التجاوزات والانتهاكات لحقوق الانسان والمواطنة من قبل الاكراد لازالت مستمرة الى يومنا هذا .
وفي 16 من أيلول 1969، قام الجيش العراقي بامرة الملازم عبد الكريم الجحيشي بتدبير مذبحة شنيعة اخرى بحق الابرياء في قرية صورية في زاخو  بدم بارد وبربرية قل مثيلها سقط فيها أكثر من أربعين شهيدا من أبناء شعبنا ، من دون وجود أي جريمة او ذنب قاموا به. دفنوا  جميعاً بعد حرق مساكنهم وتدميرها من قبل اهالي القرى المجاورة
وفي يوم 10 حزيران 2014، بعد سيطرة قوات داعش على مدينة الموصل، وانسحاب الجيش العراقي من مدينة الموصل، خير المسيحيين مابين المغادرة او القتل حيث تم تحديد مدة 24 ساعة لخروج المسيحيين ومصادرة املاكهم من الموصل وان لم يخرجوا فسوف يتعرضون للقتل وبعد انتهاء المهلة غادر المسيحيون مدينة الموصل بعد اجبارهم على المغادرة متجهين نحو مدن سهل نينوى والقصبات الاشورية الاخرى في شمال العراق المحتل وكان عددهم عشرات الأف تعرضوا اثناء مغادرتهم إلى سرقة مقتنياتهم الشخصية من اموال وحلي واجهزتهم النقالة والملابس وحتى المستمسكات الثبوتية الشخصية ولعب الاطفال من قبل سيطرات على مخارج المدينة من قبل داعش . وبعد قيامهم بتهجير المسيحيين قامت قوات داعش بالدخول إلى الكنائس وقاموا بنزع الصُلبان عنها، وحرقوا أجزاء منها، ومن بينها كنائس قديمة تعود إلى مئات السنين، وقاموا بتحويل بعض الكنائس إلى جوامع ومقرات لهموتم الاستيلاء على املاك وبيوت المسيحيين وسرقتها وحرقها وتفجيرها. وبعدها هاجمت القوات الارهابية مدن سهل نينوى ودمرت معظمها وشردت اهاليها علما انه قبل غزو داعش للمنطقة في شهر آب 2014. تم نزع سلاح السكان الآشوريين في السهل قبل الحكومة الكردية واثناء الهجوم فر البشمركة تحت غطاء الليل دون إطلاق رصاصة لحماية المدنيين الآشوريين ، بعد طمأنتهم بأنهم سيتم حمايتهم و أنه لا توجد حاجة للفرار. أدى ذلك إلى شعور عميق ودائم بانعدام الثقة بين الإيزيديين والآشوريين تجاه البيشمركة.
  وفي 23 شباط 2015 ، هاجمت قوات داعش الارهابية ودمرت  حوالي 35 قرية آشورية تمتد على بعد 80 كيلومترًا غربًا من محافظة الحسكة إلى رأس العين ، على نهر خابور في شمال شرق سوريا. قُتل ما لا يقل عن 15 حارسًا آشوريًا يدافعون عن قراهم. تم القبض على 373 آشوريًا ، معظمهم من النساء والأطفال.تم اعدام ثلاثة منهم والباقي تم الافراج عنهم بفدية مالية كبيرة وفر أكثر من 10000 آشوري من قراهم الى دول المهجر .
لم يقتل داعش ويشرد الآشوريين في سوريا والعراق فحسب ، بل قام أيضًا بتدمير التماثيل والتحف الآشورية في متحف نينوى في الموصل والمناطق الاثرية الاخرى في ارض آشور ، شمال العراق ، باستخدام المطارق والمتفجرات ، ونشر بفخر فيديو التدمير على الإنترنت. هذا العمل هو تواصل الحملة المدروسة لإلغاء التراث الثقافي الآشوري والوجود الاشوري في المنطقة. لقد دمرت 118 كنيسة في العراق و 6 في سوريا وأحرقت جميع مخطوطات الكنائس القديمة.
الاعتراف الدولي
لم تحض مذابح سيفو باهتمام رسمي كبير، وهو نقيض ماحصل أثناء وقوع مذابح الأرمن. ونقل عن المؤرخين الآشوريين أن مثل هذه الحادثة لم تتم بسبب عدم تكوين كيان سياسي يمثل الآشوريين/السريان في المحافل الدولية في القرن العشرين. وفي تلك الحالة، فإن المذابح التي حدثت لهم في الأناضول تم ربطها بمذابح الأرمن. غير أن السنوات الأخيرة شهدت اعترافا من دول ومنظمات بالمجازر التي حدثت للآشوريين/السريان علنا.
في كانون الأول 2007 أصدر المؤتمر الدولي لدارسي الإبادات، وهي المنظمة الأكاديمية الرئيسية دوليا في مواضيع الإبادات العرقية، وثيقة صوت عليها بالإجماع تدعوا إلى الاعتراف بالمجازر الآشورية.
وفي عام 2008 قرر البرلمان السويدي الاعتراف بالمجازر ضد الآشوريين/السريان/الكلدان كجرائم إبادة.
كما قامت شخصيات ومؤسسات كردية بالاعتذار عن دور الأكراد في مجازر الأرمن والآشوريين واليونان مثل عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني وحزب المجتمع الديمقراطي, كما أصدر البرلمان الكردي في المنفى بيانا جاء فيه:
لقد تم التخطيط والإعداد للإبادة من قبل، كما تم استخدام الخيالة الحميدية المكونة من عشائر كردية للقيام بالإبادة التي لم يكن التاريخ يعلم بها بعد. خلال هذه المجازر قتل الملايين من الأرمن والآشوريين ، كما تم ترحيل ملايين آخرين من أراضيهم إلى كافة أصقاع المعمورة...
اليوم، في الذكرى المئوية للمجازر التي حلت بالشعب الآشوري والشعب الأرمني، نشاركهم الحزن، ونلقي باللوم وندين بشدة الدولة العثمانية ومن تعاون معها من بعض العشائر الكردية.
وفي شهر ايار من 2013 تمكن الاتحاد الاشوري العالمي في استراليا والذي غير اسمه الى المجلس القومي الاشوري في استراليا بعد الضغوط من العملاء الموالين الى حكومة الملالي في ايران ، تمكن من اقتناء الاعتراف بالمذابح الجماعية للاشوريين في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز في استراليا وولاية تزمانيا ومن قبلها في برلمان ولاية جنوب استراليا. وفي عام 2021 تم التوقيع على حلف بين المجلس القومي الاشوري في استراليا والمجلس القومي الارمني الاسترالي والمجلس القومي الهيليني (اليوناني) للعمل معا لاجل اقتناء الاعتراف من الحكومة الفدرالية الاسترالية..
إنكار المجازر
تعتبر تركيا وأذربيجان الدولتان الوحيدتان اللتان تنكران حدوث مجازر في عهد الدولة العثمانية. فبحسب الدولة التركية لم تكن هناك خطة منظمة لإبادة الأرمن والآشوريين في اراضيها. كما تعتبر أن الأعداد مبالغ بها وأن الجيش العثماني لم يكن له يد في قتل المدنيين. 
ذكرى المجازر
ويتم ازاحة الستار عن نصب تذكارية لتذكار المجازر كما حدث في أرمينيا وأستراليا وفرنسا والسويد والولايات المتحدة وغيرها من دول المهجر التي تحوي على كثافة سكانية عالية نسبيا من الآشوريين/السريان.
المصادر :
1.   بحثا عن الوطن القومي الآشوري - المشاريع المقدمة في القرن العشرين , ترجمة وإعداد وليم ميخايل
2.   يوسف ملك، الخيانة البريطانية للاشوريين.
3.   عصبة الامم، تقرير المفوضية ص 52، Doe.  C-400, M. 147  (1925) ]كما يذكر تقرير مفوضية العصبة[.
4.   الأقليات في مسار تطور تاريخ العراق السياسي . أبرم شبيرا
 
 
 
 


غير متصل David Hozi

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1099
  • الجنس: ذكر
  • إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ماهو الفرق بين الاثوري والاشوري وماهو دور الانكليز من هذه التسميات

غير متصل Farouk Gewarges

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 612
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألآثورية طائفة كحال الكنيستين السريانية والكلدانية ، القومية الآشورية تضمهم وتحميهم .