المحرر موضوع: من سفير منشق إلى كاتب سياسي  (زيارة 484 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31616
    • مشاهدة الملف الشخصي
من سفير منشق إلى كاتب سياسي
ماجد أحمد السامرائي السياسي الذي حلم بأن يكون أديبا.
فاروق يوسف

السفير السابق الذي لم يغير مبادئه
يعيش أصحاب المبادئ المنتصرون للحقائق والمنسلخون عن الاصطفافات العمياء حياتهم في عزلة عن الآخرين، فيتفق في نبذهم المتعارضون لأنهم لا ينتمون إلى هذا الطرف أو ذاك؛ بل انتماؤهم الوحيد هو إلى مبادئهم مثل الوطنية والدفاع عن المستضعفين ونشر قيم السلام وغيرها من مبادئ مثلها الكاتب والسياسي العراقي الراحل ماجد أحمد السامرائي.

أن يعلن سفير دولة ما انشقاقه عن النظام السياسي الذي يحكم تلك الدولة معترضا على سياساته من غير أن يحتمي بالجهة المعارضة لذلك النظام لأنه لا يثق بوطنيتها ونزاهتِها في المعارضة فتلك موعظة صالحة لا تقع كل يوم.

ذلك ما فعله ماجد أحمد السامرائي سفير العراق لدى غير دولة في ثمانينات القرن العشرين، وكانت فنزويلا هي الدولة التي انفصل فيها السامرائي عن ماضيه الحزبي والوظيفي ومهمته الرسمية التي صارت تلقي بظلال كئيبة على شعوره بالمسؤولية عما كان يجري في بلاده.

السفير السابق في عزلته
كان السامرائي الذي توفي في لندن قبل أيام مفكرا قوميا لكن ليس على شاكلة الآباء المؤسسين للفكر القومي

في الوقت الذي انشق السامرائي عن النظام العراقي انشق معه سفراء آخرون، غير أن البعض منهم استثمر في انشقاقه حين جعل منه بابا للإثراء من خلال عرض خدماته على دول كانت قد قطعت علاقاتها مع العراق وصارت تخطط بطريقة معادية للنيل منه.

كان السامرائي قد أعد عدته ليكون وحيدا. فهو لم يعلن عن صرخته ليكون فردا في قطيع. ومثلما أدار السامرائي ظهره لماضيه الوظيفي فإنه لم يتودد إلى القطعان التي كانت تبحث عن طريق يقودها إلى العراق حتى لو حدث ذلك من خلال غزو أجنبي.

حين انتقل السامرائي إلى لندن طالبا اللجوء السياسي أدرك أن حربه صارت حربين. فهو يقاتل أجهزة النظام الدعائية الشرسة من جهة، ومن جهة أخرى صار يصد حملات معارضي ذلك النظام وهم البارعون في فن تشويه السمعة. ذلك اختصاص كانت المعارضة العراقية السابقة قد تدربت عليه عبر سنوات تشرذمها. سيكون المرء في حاجة إلى بطولة مضاعفة ليكتفي بدور الكاتب.

الحزبي السابق والسفير السابق الذي درس الأدب العربي كان يوم التقيته قبل سنوات قليلة لا يرغب سوى في أن يسمح له الزمن بأن يقول الحقيقة فيما يتعلق بوطنه الجريح. في كل المنصات التي وصل إليها، الكتابية والمرئية، كان يرغب في فضح الزيف الذي صار عنوانا لهجمة أريد من خلالها إخفاء صورة العراق التاريخي وتدميره.

ما الذي كان في إمكانه أن يفعله إنسان أعزل ووحيد سوى أن يكتب ويقول كلمة الحق في مواجهة حشود من أعداء النظام العراقي السابق الذين صاروا رموزا للهدم بدلا من بناء دولة الديمقراطية التي وعدوا بها.

لعبة أن يكون ماجد أحمد السامرائي أديبا بدلا من أن يكون سياسيا لا تنفع في التعرف على شخصيته، بالرغم من أن الرجل حصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي

لعبة أن يكون ماجد أحمد السامرائي أديبا بدلا من أن يكون سياسيا لا تنفع في التعرف على شخصيته، بالرغم من أن الرجل حصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي. كان الظرف العراقي قاسيا دائما. لذلك كان من الصعب على المرء أن يخلص لنفسه بالطريقة التي يحب.

درس السامرائي، الذي بدأ حياته العملية في المكتب الفلاحي لحزب البعث العربي الاشتراكي، الأدب العربي في جامعة بغداد. هل يحتاج مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزيون إلى ذلك الجهد ليثبت أهليته الثقافية؟ ينبغي أن تقلب المعادلة. عليك أن تتخيل طموح رجل لا يرغب في أن يكون أديبا ومع ذلك فإنه موسق حياته كما لو أنه في طريقه إلى أن يكتب أدبا.

حين أدار السامرائي المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون لم يأخذه الإعلام بعيدا عن اهتماماته الأدبية فأصدر عام 1983 كتابا بعنوان “التيار القومي في الشعر العراقي الحديث/ من الحرب العالمية الثانية 1939 حتى نكسة حزيران 1967”. كما أن ولعه باللغة العربية التي كان قد درسها في جامعة بغداد وخصها بأطروحته التي نال عليها درجة الدكتوراه عام 1983 دفعه إلى إصدار كتاب “شعر ثابت قطنة العتكي” ويقع الكتاب في نطاق تخصص علوم اللغة العربية وهو وثيق الصلة بالتخصصات المتفرعة مثل البلاغة العربية في الشعر والنثر.

وفي السياسة أصدر السامرائي كتبا عديدة منها “العرب أزمة الفكر والسياسة”.

الانحياز إلى المبادئ
بعد انتقاله إلى العمل في وزارة الخارجية عين سفيرا للجمهورية العراقية في عدد من العواصم العالمية كانت العاصمة الفنزويلية كاركاس آخرها. وبالرغم من إيمانه بمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي الذي انتمى إليه في شبابه فإن احتلال العراق للكويت منتصف عام 1990 أحدث زلزلة كبيرة في نفسه، ووجد أن ذلك السلوك العدواني يعارض المبادئ القومية التي آمن بها ونذر نفسه من أجلها. وهو ما دفعه إلى إعلان اعتراضه عن طريق الاستقالة والانتقال إلى لندن لاجئا. وهنا بدأ الفصل الشخصي في حياته كما أعتقد.

بسبب حرصه على الالتزام بموقف سياسي مستقل ومتحرر من تبعية الجماعات الحزبية، واجه ماجد السامرائي حملات عدائية

فبعد أن كان عبر المناصب الرسمية التي تقلدها ممثلا لدولة قوية وجد نفسه فجأة شديد الصلة بموقفه الشخصي الذي كان حريصا على التعبير عنه من خلال الكتابة أو من خلال البرامج التلفزيونية التي كان يقدمها أو تستضيفه باعتباره خبيرا في الشأن السياسي العراقي. حين التقيته كان أحد كتاب “العرب”. قبلها كان قد نشر مقالاته في العديد من الصحف العربية.

النظر بعين إيجابية
في كل ما كتب في مرحلة ما بعد انشقاقه عن السياسة العراقية لم يتخل ماجد أحمد السامرائي عن ثوابته الفكرية، الوطنية والقومية على حد سواء. غير أن المسافة التي كانت تفصله عن الأجواء الحزبية وهبته سعة في الرؤية والإنصات إلى الآخر. سعة عمقت إيمانه بتلك الثوابت التي أضاف إليها نوعا من المرونة والليونة في المعالجة.

كان السامرائي الذي توفي في لندن قبل أيام مفكرا قوميا لكن ليس على شاكلة الآباء المؤسسين للفكر القومي. فمن خلال درايته بأسرار السياسة العراقية في زمن تميز بالاضطراب شعر بهول الخلخلة التي أحدثها العمل السياسي المرتجل بالفكر القومي الذي أخلص له عبر سني حياته. وهو ما لم يؤثر على التزامه الفكري بقدر ما جعله قادرا على النظر إلى متغيرات السياسة الدولية بعين إيجابية.

غير أن ذلك لم يكن يرضي الكثيرين ممن لم يفتحوا أعينهم على حقيقة الكارثة التي أصابت العراق.

بسبب حرصه على الالتزام بموقف سياسي مستقل ومتحرر من تبعية الجماعات الحزبية، وبسبب كتاباته، واجه ماجد السامرائي حملات عدائية، لم يكن غريبا أن القائمين عليها ينتمون إلى أطراف عراقية يقف بعضها على النقيض من البعض الآخر.

وبالرغم من الحملات التي هدفت بشكل أساسي إلى صناعة سيرة مختلقة وزائفة له، فإن السامرائي واجه تلك الحملات بثقته بموقفه المناهض للاحتلال والأحزاب التابعة له والمتحفظ على طروحات البعثيين المنفصلة عن الواقع. ليس لأنه يعرف أكثر مما يعرفون بل لأنه قرر منذ انشقاقه أن يكون مخلصا للحقيقة التي كان يعرف أن الجميع قد أداروا لها ظهورهم.

غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3076
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: من سفير منشق إلى كاتب سياسي
« رد #1 في: 11:47 04/08/2023 »
هل السفير ماجد احمد السامرائي هو ذاته الشاعر ماجد السامرائي الذي كان يعمل في شعبة اربيل لحزب البعث ثم اصبح سفيرا قبل ان ينشق؟؟
الكثير منا يعلم من هو الشاعر ماجد السامرائي الذي يمتاز باسلوب شعري جميل