المحرر موضوع: أبوأمل: الشيعيون الحقيقيون قادمون والعراقيون المزيفون راحلون  (زيارة 532 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31641
    • مشاهدة الملف الشخصي
أبوأمل: الشيعيون الحقيقيون قادمون والعراقيون المزيفون راحلون
عادل عبدالمهدي استعان بأرقام من الإحصاءات الرسمية العراقية وبيانات أُممية وتقارير دولية لكي يبين بأن أشباه التنويريين والأشقاء الأعداء ينطلقون من أحكام مسبقة تعمي أعينهم عن رؤية النجاحات التي تحققت.
مسار عبدالمحسن راضي

في خدمة من؟
السياسي العراقي في تاريخ بلاده المُعاصر غالباً ما اتخذ من الأيديولوجيات السائدة ثياب رحلة بحريَّة. أبرزُ قطعة في هذا الدولاب العقائدي ذي المقابض البحريَّة هو القميص “المْشَجَّر” بحسب اللفظ العراقي. التشجير في هذا القميص، هو كناية عن وجود جميع الأفكار.. قديمة وحديثة، دون تمحيص الأولى وتوطين الثانيَّة في بلاده.

رئيس الوزراء الأسبق، عادل عبدالمهدي وكمثال، بدأ قومياً ثُمَّ انتصف شيوعياً لينتهي شيعياً. في محطة المنتصف والنهاية حَمَلَ الاسم الحركي “أبوأمل”. عُهدة هذا الاسم تقعُ على صديقه الصحافي التركي جنكيز تشاندار.

هذا الروليت الأيديولوجي جَلَسَ على مقعده معظم السياسيين العراقيين. فاضل الربيعي فسَّر إدمان الجلوس فوقه بأنه اختزال للصراع الشيعي والسُّني. الأول استخدم الشيوعية والثاني استخدم القومية.

أبوأمل الماوي – نسبة إلى ماو تسي تونغ – نشر في الـ12 من يوليو الماضي، بحثاً من سبعٍ وخمسين ورقة يُدافع فيه عن النظام، مفاده أن الدولة والحكومة بعد 2003 لم تتحوَّل الأولى فيها إلى طائفية، ولم تكُن الثانية بحكوماتها المتعاقبة لصوصيَّة وشوفينيَّة، إنَّما القاعدة حيث النظام والمجتمع.

أهم النجاحات التي حققتها تجربة العراق السياسية بعد 2003 كانت زيادة أعداد الشعب العراقي من 23 مليونا إلى 42 مليونا بحسب أبوأمل، وبالتالي زيادة نسبة الشباب الذين وبحكم أعمارهم لديهم أُذنان مُرهفتان لسماع كل تفسيرات الهُراء والكذب والطائفية

لَعِبَ رئيس الحكومة الأسبق دور فردٍ من الحرس القومي، لا لحماية الأمَّة العربيَّة كما فعل سابقاً، وإنَّما لحماية الأمَّة الإسلاميَّة التي يجب أن يرأسها أمير المؤمنين الشيعي، المُشكَّل من أحزابٍ طائفيَّة بحسب الحالة العراقيَّة. قسَّم العراقيين أيضاً، والذين لم يعُد ممكناً اختزالهم بعد ثورة تشرين 2019 إلى سُّنة وشيعة، إلى صنفين.

الصنف الأول هم “الأصوليون”، المتطامنون مع تاريخهم وتراثهم والمتصدون للهيمنة العالمية. هم أيضاً يمتلكون روابط حقيقية مع المجتمع العراقي. باختصار وباستخدامٍ وصفٍ وظَّفتُه لبيان سبب نجاح الثورة الخُمينية في إيران “رقصوا في عُرس ابن الوزير وساروا في جنازة ابن الغفير”.

الصنف الثاني هم “أشباه التنويريين” أو “الأشقاء/الأعداء”، المتوافقون مع الفكر الغربي والذين يعملون كخَدَم للإمبريالية من حيثُ يشعرون أو لا يشعرون. هكذا فإنَّ الصنف الأول واقعي لكنه دون برنامج، والثاني لديه برنامج يشبهُ باروكة مُستعارة، حوَّل مجتمعه بسببها إلى مُختبرٍ لإجراء التجارب السياسيَّة.

استخدم أبوأمل أسلوب الكذبة الكُبرى لمُخاطبة من كان عمرُهم عشر سنين في 2003. هو اعترف بأن كلامه موجَّه لأُذني هذا الجيل الذي لم يمتلك بعد القُدرة على إجراء حفريات معرفيَّة. سببُ اختيار هذه الفئة العمرية، لإسماعِها الكذبة الكُبرى، يستطيعُ عالم السياسة الأميركي جوزيف فرانكل توضيحهُ لنا فهي إن “ردّدت ترديداً كافياً فسوف تُصدِّقُها الجماهير تصديقاً جُزئياً على الأقل إذ أن أكثر الناس يفتقرون إلى سعة الأفق اللازمة لإدراك أن ترديد تصريحات ما لا يعني صحتها. وفرض رقابة على مصادر الإعلام الأُخرى أمر ضروري لنجاح هذه التقنية”.

الرئيس الأسبق أبوأمل لم يجِد حرجاً في استخدام الكَذِب السياسي لنفي وجود مجتمع عراقي. هذه اللفظة “المجتمع” رغم أنها اصطلاحٌ غربي بحسب تحليله، هي غير متوفِّرة في العراق الذي يشترك أفراده في حالة “اجتماع” بحسب تعبيره. هم بذلك مجموعات بشرية صلدة، لم تستطع تجربة الدولة الوطنية/القومية الاصطناعية أن تحفِر فيها شعوراً وطنياً.

هدفُ البحث السياسي لأبوأمل، والمكتوب بأخلاقٍ سياسيَّة فاضِحة، كان دفن كارثة العشرين عاماً بعد 2003 بالتبريرات، والتي سيطرت عليها شخصيات “أصولية” وصولية هو من قشدتِها، وتسويق النظام وشخصه هو تحديداً من جديد، بعد الحصول على كامل الرضى الأميركي، والذي ظهر في البيان المشترك بين بغداد وواشنطن، في الثامن من أغسطس فيما يخص حوار التعاون الأمني بينهما.

سرَّب أبوأمل بدوره، وعبر تصويره العراق وإلى حين 2003، كبلدٍ بلا مؤسسات دولة ولا مقومات هوية وطنية، إلى “التنويريين الأعداء” و”أشباه الأشقاء”، إن الحكومة القادمة ستكون حكومة أغلبية شيعية، بعد أن أعطى المكوِّن الأكبر فُرصة عشرين عاماً لبقيَّة المكوِّنات العراقيَّة؛ كي تعرف حجمها وما تستطيع الحصول عليه!

لَعِبَ رئيس الحكومة الأسبق دور فردٍ من الحرس القومي، لا لحماية الأمَّة العربيَّة كما فعل سابقاً، وإنَّما لحماية الأمَّة الإسلاميَّة التي يجب أن يرأسها أمير المؤمنين الشيعي، المُشكَّل من أحزابٍ طائفيَّة

الحقيقة الأساسية في التاريخ العراقي، والتي نالت استحسانه، كانت الإشارة إلى الحدود الطويلة بين العراق وإيران، وروابط المذهب. نسي هذا “المْشَجَّر” السياسي أنَّ المُرشد الإيراني الأول وقبل موته “أعطى الحق للدولة بتعطيل حدود الشرع من أجل المصلحة العامة” لا المذهب فقط، بحسب سامي زبيدة.

أهم ما كان يسعى إليه أبوأمل الماوي، والمؤمن بفكرة العُصب المُسلَّحة، في فلسفة الكفاح الثوري الصيني، كان الإعلان عن اتساع عباءته، لاستقبال الفصائل الولائية غير المقبول بها من قبل الأحزاب الشيعيَّة الأُخرى. هو سيحقق بذلك فائدتين، منها التعويض عن عدم امتلاكه قاعدة جماهيرية لدى “الأشقاء/الأعداء”، والثانية تسويق نفسه دولياً كواحد من صُنَّاع الاستقرار، عن طريق ضبط الإيقاع “الأصولي” لهذه الفصائل الولائية.

عادل عبدالمهدي، استعان أيضاً بأرقام من “الإحصاءات الرسمية العراقية وبيانات أُممية وتقارير دولية” لكي يُبيَّن بأن أشباه التنويريين والأشقاء الأعداء، ينطلقون من أحكام مُسبقة، تُعمي أعينهم عن رؤية النجاحات التي تحققت. منها أنَّ أعداد النخيل في العراق زادت بعد 2003 من 12 إلى 20 مليون نخلة. هذا التصوّر الطفولي المنفصل عن وقائع الأشياء، والذي جعله في رقبة بيانات رسمية غير موجودة، يجعلك تعرف أنك أمام بيان سياسي لا بحثٍ علمي، زَعَمَ بأنَّه سيكون جزءًا من كتاب يقوم بتأليفه.

أهم النجاحات التي حققتها تجربة العراق السياسية بعد 2003 كانت زيادة أعداد الشعب العراقي من 23 مليونا إلى 42 مليونا بحسب أبوأمل، وبالتالي زيادة نسبة الشباب الذين وبحكم أعمارهم لديهم أُذنان مُرهفتان لسماع كل تفسيرات الهُراء والكذب والطائفية كعلاجٍ وحيد لالتهاب الوعي السياسي العراقي منذُ 2019.