المحرر موضوع: الاستاذ والصديق العزيز صباح قيا المحترم  (زيارة 1141 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2254
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأستاذ والصديق العزيز صباح قيا المحترم
تحيه طيبه
   بتاريخ 6 آب 2023, وفي صفحة مقالكم (البطريرك المرتقب والمهمات الضروريه الملحه),كان لكم تعقيب على مداخلتي الأخيره,لم يتسنى لي الرد في حينها بسبب السفر,ونظرا لأهمية السؤال الذي تضمنه تعقيبكم ,إنتظرت لحين عودتي كي أؤدي المطلوب , وقدعدت بسلام, فوجدت الافضل في تخصيص مقال راجيا منكم قبول إعتذاري عن التأخير.
نص السؤال الموجه لي في تعقيبك :
"هل بالإمكان الاستفاده من المنهج الفلسفي الجدلي لهيغل لتحقيق توليف بين  الفكرين المتضادّين والشخصيتين المتصارعتين للخروج بموقف يجمع بين التناقضين السائدين في الساحه السياسيه"؟ انتهى الاقتباس
بسبب لباقة سؤالك ,لا احبذ ان اكون متشائماً لو قلت ان في طياته وفي تفاصيل المجريات حقائق هي من وجهة نظري خارج تغطية ثوابت الفلسفه التي ابتكرها هيغل مما يعيق إمكانية إيجاد حل هيغلي لصراع غيرمتكافئ نتج عنه تخريب وحالة يأس في صفوف ابناء شعبنا,ربما عند ميكيافيللي سنجد الاجابه الافضل .
واضحٌ بأن الصراع لم يكن وليد صدفه إنما متوقع رغم ذهاب البعض الى اعتباره استهداف شخصي للبطريرك,لكنه ليس كذلك في حال تابعنا متعلقات الازمه التي امتلك ما يبرهن وجودها وبنشاط قبل تسنم البطريرك ساكو منصبه ,ونظرا لتداخل تفاصيل أوليات خصام رجال ديننا فيما بينهم وتزامنها المتفاعل ايجابيا مع أطماع جهات سياسيه خارج مكوننا,حتما المواجهه لن تكون اسهل مما لو كان الصراع داخليا بيننا بمعزل عن التدخلات الخارجيه .
حقيقةً,لقد أفلحتم بسؤالكم في إجباري على فك رموزمقاصد طمر رسالة الفيلسوف هيغل  بين جذورشجره في الغابه والطلب من ماو وخروشوف بالنبش بحثاعنها كي يخلد أحدهما, كان هدفي مجرد تلميح مقتضب ومشفر,وهو بمجمله تعبيرعن مشاعر الاستياء من جهات سياسيه سخرّت ريان الذي قبل على نفسه تأدية مهمه غير نظيفه بحق شعبه وهي مهمه غير وطنيه ولا إنسانيه,إمتزجت هذه المشاعربمشاعر الالم والعتاب بسبب عدم اعارة الاهميه لمناشدات كررناها في السابق بضرورة تقنين مهام الكنيسه  والحذر من تعامل رجالاتها باي شكل من الاشكال مع جهات سياسيه(كرديه أوشيعيه وأحيانا سنيه)شاءت الاقداران تمتلك ما لا تمتلكه بطريركيتنا من أدوات لتدوير صراع بكفتي ميزان مختلّه ادت الى انشطارمضطرب في صفوف ابناء شعبنا بين معارض ومؤيد لممارسات البطريرك اللاهوتيه والسياسيه  وبين رافض ومجامل لسلوك ريان وبين مائلٍ صوب المريدين شرا لشعبنا,فكفرنا في زحمة هذا الصخب بأحكام ابسط البديهيات التي اعتمدها هيغل  في فلسفته .
المعروف عن هيغل بعد اكماله دراسة اللاهوت,نقل إهتماماته الى الخوض في فلسفة نظريته الجدليه التي دعا فيها الى تشغيل العقل في مختبر يضم أضداد ومتناقضات عقليه تتطلب إخضاعها لدراسة تحقق للبشرحاله توافقيه على علاقات مقننّه,أي أن تركيزه في مشروعه كان على الدورالريادي للعقل ,الاانه شكّك في قدرة العقل على انجاز مهمته في مجتمع مليئ بالمشاكل ما لم يتم أولاً ترويض التناقضات الفرديه السائده على كيفية  التوجه مجتمعة ً نحو مرحلة التصرف بعقلانيه في تعاملها مع اي صراع معتقداً في نفس الوقت بان الصراع سلوك غريزي لا يُستبعد ان يرقى الى حاجه مهمه لامناص من الاحتكاك بها لبناء الذات شريطة ان تتم عقلنتها وإلا فإن الحال سيؤول الى ما آلت اليه حالتنا المؤسفه.
هذا التوجه نحو التصرف بالمعقول لو تحقق كما يريده هيغل  في حقبه معينه ,هو  بمثابة مُفقسّه تفرّخ عوامل منتجه  لصراعات متجدده تفرضها عملية مواكبه لما نطلق عليه بمتغيرات طرق التفكيرطبقا لمتطلبات البقاء الامثل,إذن مكتوب علينا  عدم خلوّ حياتنا من الصراعات والتعامل معها يحتاج الى عقلانيه مجرده مادمنا غير قادرين على عرضها امام المراكز والمنظمات المختصّه بايجاد ضوابط وقوانين تحكم وتقترح نهايات مقبوله للصراعات .
 بحسب قراءتي المتواضعه لاستعانتك بمثال ماوتسي وخروشوف,واضح انكم استخدمتم كنايه بلاغيه لتقريب وصفكم للصراع الدائر في الساحه الكلدانيه,وهي مقارَبه مقبوله نسبيا بين حالتين تشتركان في نوازع الـ أنا ومفاعيلها اللاعقلانيه التي حددت ان يكون المُبتلي في حالة ماو وخروشوف هوهيغل والماديون المركسيون بينما المبتلي في الحاله الثانيه هو السيد المسيح  وأتباعه المؤمنين,وهذا ما جعلني أختار جوابا مجازيا مقتضبا بصيغة نكته ( مال يازي قهر) كرد على سؤالك: " مع اي ٍّ من الطرفين سأفضل الذهاب الى الغابه"؟.
 داخليا,نحن عندنا كفايه من الصراعات تطفو وتنكمش ثم تطفو دون حسمها ,لكن خطورة الصراع الذي زجنا فيه المدعو ريان الكلداني تكمن في تسخيره من قبل جهه سياسيه طامعه استخدمته بقصد تحقيق مكسب لها في خضم صراعها مع الجانب الكردي الذي هو الاخرلم ينفك يوما وما زال  يصر على خلق ذات المشاكل لنا سعيا منه الى تحقيق ما حققته قائمة بابليون في سهل نينوى(تخيل لو فشلت قائمة ريان من كان سيفوزعدا قائمتنا المستكرده)!.
رابي العزيز, نعم لا خير يُرتجى من هكذا صراع حتى ننشغل في تدويره ونحن قد قرأنا النتيجه مسبقا في ظل حكومه تتحكم فيها الميليشيات,هذا لا يعني انني ألغيت فلسفة هيغل في احتمالية الاستفاده من صراع قابل للاخذ والرد لكن الصراع الذي نتحدث عنه مفروض علينا بالقوه من قبل جهه طامعه بنا إختارت من داخلنا عنصراً طيّعا  لتنفيذ مشروعها,بلاشك مطلوبٌ من الطرف الثاني(منّا)موقفا,قلناها مرارا ونكررها الان,إلقاء مهمة إتخاذ الموقف السياسي على عاتق كنيستنا وانفرادها لوحدها سوف لن يأتِ لنا بأفضل مما تلقيناه,لقد ولّى زمن التزامط  بالقول بان كنيستنا  قادره على تحمل عبئ اكبر من طاقتها في مواجهة مشروع سياسي يتطلب أدوات وأذرع لاتمتلكها الكنيسه او بالاحرى لم تفكر في صنعها ,حتى في حال توافرها فالعقل الهيغلي  يؤكد عبثيتها وعدم جدواها في نظام حكم و مجتمع غابت فيهما النخبه التي تؤمن في ترويض متناقضاته كمرحله انتقاليه,بدليل ان ما يحصل هو فوضى استغلال الأقوياء لهذه المتناقضات وتغذيتها لخدمة مصالحها.
 في نظريته الجدليه,يعتبرهيغل الصراع العقلي(الفكري) حاجه لا بد منها كونها مرتبطه بمتناقضات و تباينات مستويات تفكير العقول وتجدد رغباتها,هذا يذكرّني بأول ستة أشهر مرت على اندلاع الحرب العراقيه الايرانيه,حيث تعالت الاصوات مطالبةً الراي الدولي بايقاف الحرب لما تسببه من خسائر,فكان الرد من محلل سياسي غربي سمعته (في اذاعة مونت كارلو) قائلاً:
"انا استغرب من سذاجة العقول التي تطالبنا بوضع حد لحرب خرج الاف الاوربيون يتظاهرون مبتهجين بها لانها أعادت تشغيل مصانع ومعامل كانت مُعطلّه". مصائب قوم عند قوم فوائد!
 من حقنا انا وانت ان نناشد ونطالب بايجاد حل سريع لإشكالية البطريرك مع عقليات لم تكن لتتحرك ضدنا لولا إمتلاكها مقومات تدوير الصراع لصالحها في محيط مهترئ لا مكان للغة المنطق والاخلاق والقانون فيه,محيط يعج بفايروسات منشطه لأطماع الأقوياء في مشاريع لا وطنيه منزوعه من عقلانية الذهاب الى ما تتطلبّه المرحله التي يمر بها العراقيون,مع الأسف اكرر وأقول بأننا حتى لو جاملنا تعاطي الكنيسه في السياسه,فهي لم تكن قد هيأت لنفسها المستلزمات المطلوبه للخوض في هكذا صراع سياسي غيرمتكافئ,شخصيا كنتُ قد سبقت الحدث وكتبت قبل سنوات في أكثر من مناسبه عن مُسببات غياب هذه المستلزمات والتأثيرات المستقبليه لغيابها .
ختاماً أتمنى ان اكون قد وفقت نسبيا في الاجابة على سؤالك. 
 شكرا لكم وتقبلوا تحياتي



غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1901
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

ألأستاذ والصديق شوكت توسا
سلام المحبة
شكراً جزيلاً على تخصيص الثمين من وقتك للإجابة على سؤالي الوارد في مقالي الذي أنت نوهت عنه.
نعم, لا يمكن إيجاد حل هيغلي لصراع غير متكافئ وخاصة كونه, للأسف الشديد,  صراع يطغي عليه السلوك الصبياني وبالأخص عند أحد أطراف النزاع.
نعم, أن الصراع لم يكن وليد الصدفة ما دام هنالك التسابق على زعامة ما بقيَ من المسيحيين عموماً والكلدان خصوصاً في الوطن الجريح. بالرغم من تجنبي الخوض في حيثيات هذا الصراع بسبب تحفظي على طرف من جهة, ونظرتي إلى الشلة التي تجثم على رقاب الشعب كذيل لدولة طائفية لم تكن في يوم ما صديقة للعراق وما الطرف الثاني إلا جزء من هذه الشلة, من جهة ثانية. إلا أنني أسمح لنفسي بتبيان وجهة نظري المتواضعة بأنه, للأسف الشديد, لم تحسم الحكمة هذا الصراع بل إنزلق أحد الأطراف إلى أن يكون نداً لمن لا يستحق بكل المقاييس أن يوصف بالند بالمقارنة مع ذلك الطرف, فتحوّل الصراع إلى منافسة على الزعامة وكما بدأ حينما إستهدف أحد الاطراف الطرف الآخر بما ليس من صميم واجباته الجوهرية ورسالته الأساسية.
كما تعلم, وأنت معي والعديدون أيضاً, حذرنا مراراً من إنزلاق رجل الدين في دهاليز السياسة وألاعيبها الملتوية. لكن , للأسف الشديد تغلّب الطموح الشخصي وحب الذات على الرسالة الروحانية فحصل الذي حصل. وحسب المثل الشعبي " اللي ما يعرف تدابيره حنطته تأكل شعيره".
لا يخفى عليك أستاذي العزيز بأن التحليل العاطفي لن يحقق الهدف المنشود بل قد يقود المحلل إلى سقطة قد لا تُغتفر له. لا أظن أن فلسفة هيغل ستساعدنا في الوصول إلى الحل الأمثل لهذا الصراع, ولا أعتقد بأن جهدي أو جهدك سيحضى بإذن صاغية ما دام هنالك طرف لم يسبق له الإستماع إلى العديد من وجهات النظر الصائبة, بل على العكس أن العناد والتفرد بالقرار ميزته السائدة.
ألحل يكمن في مغادرة أحد الاطراف حلبة الصراع أو كليهما. كيف يتم ذلك؟ ممكن عند حدوث معجزة فيتغير النظام في الدولة التي أوجدت أحد أطراف الصراع ووضعته في موقع لا يمُكن زعزعته إلا بتزعزعها هي, ولكن متى؟ ألمؤشرات تشير إلى إستبعاد ذلك على المدى القريب. إذن الحل عند الطرف الآخر الذي يتطلب منه النظر إلى ما يجري في البلد الأم ومن يتسلط عليه نظرة واقعية وصائبة ويبتعد عن إسلوب التحدي والمجابهة بالأقوال الخالية من الأفعال, وأيضاً, وهذا هو الأهم, أن يلتزم بأركان رسالته المتمثلة بالمحبة والتسامح والغفران والعطاء.
كما أشرت سابقاً بأن الأب الجيد من يحافظ على سلامة بيته, والقائد الجيد من يستر شعبه, والراعي الجيد من يلّم قطيعه بأمان. أنا بالإنتظار لذلك.
أشكرك عل لمساتك العميقة لفلسفة هيغل والتي تعلمت منها ومن عمق مقالك هذا الكثير.
تحياتي 


غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2254
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رابي العزيز صباح قياالمحترم
تحيه طيبه
ليس لي سوى أن اشكرك جزيل الشكر على صراحةوتواضع ردك.
تقبلوا تحياتي