المحرر موضوع: قرار قضائي عراقي يعيد إحياء الخلافات بين العراق والكويت بشأن المنفذ إلى مياه الخليج  (زيارة 358 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31502
    • مشاهدة الملف الشخصي
قرار قضائي عراقي يعيد إحياء الخلافات بين العراق والكويت بشأن المنفذ إلى مياه الخليج
ملف الديون ورقة كويتية قابلة للاستخدام ردّا على الخطوة العراقية.
العرب

تجاذبات محتملة وصدام مستبعد
في خطوة معاكسة تماما لرغبة معلنة من قبل الكويت في استكمال حل المشاكل الحدودية العالقة مع بعض جيرانه جاء قرار للمحكمة الاتحادية العليا أعلى سلطة قضائية عراقية بإسقاط التصديق على اتفاقية لتنظيم الملاحة البحرية بين الكويت والعراق ليحيي محاذير الصراع الحدودي بين البلدين، وليذكي الهواجس الكويتية بهذا الخصوص.

بغداد - أعاد قرار قضائي عراقي مسار إنهاء الخلاف بين العراق والكويت بشأن الحدود البحرية إلى نقطة الصفر، وأحيا هواجس الكويت من اندلاع نزاع حدودي مع الجار الشمالي الكبير.

وقضت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، بعدم دستورية قانون كان قد صدر سنة 2013 في فترة رئاسة نوري المالكي للحكومة وأقر التصديق على اتفاقية كانت قد أبرمت بين الحكومتين العراقية والكويتية بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله المنفذ الوحيد للعراق إلى مياه الخليج.

واستندت المحكمة في قرارها الجديد إلى عدم سلامة عملية تصديق البرلمان على الاتفاقية كون “المادة 61 رابعا من دستور جمهورية العراق نصت على تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسَّن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”، فيما اكتفى البرلمان الواقع آنذاك تحت سيطرة نواب التحالف الوطني الجامع لجلّ الأحزاب الشيعية، بالغالبية البسيطة خلال مصادقته على اتفاقية خور عبدالله.

عبدالكريم الكندري: قرار المحكمة العراقية مؤشّر على نوايا سيئة من الطرف العراقي
وظلت الاتفاقية منذ ذلك الحين موضع انتقاد العديد من الساسة وقادة الرأي العراقيين باعتبارها تفريطا من قبل حكومة نوري المالكي والتحالف الذي تنتمي إليه في مكسب حيوي وحقّ أساسي للعراق في الممر الملاحي الوحيد المؤدي إلى الموانئ العراقية.

ولقي قرار إسقاط الاتفاقية ترحيبا من قبل العديد من الأوساط السياسية العراقية بينما قوبلت الخطوة بامتعاض في الكويت لخّصته مصادر كويتية نقلت عنها وسائل إعلام محلية بالقول إنّ وراء صدور القرار في هذا التوقيت ضغوطا سياسية لقوى تعمل على التكسّب الانتخابي من ورائه استعدادا للانتخابات المحلية المقرّرة لشهر ديسمبر القادم.

وذهبت تلك المصادر حدّ وصف القرار القضائي العراقي بأنّه يشكل انتكاسة للعلاقات بين الكويت والعراق.

ولعقود طويلة ظلت مشاكل الحدود البرية والبحرية مع العراق، والبحرية مع إيران مبعث هواجس للكويت التي حكمت عليها الجغرافيا بالوقوع ضمن مثّلث ساخن إلى جانب جارين غير مستقرّين ومثيرين للقلاقل هما إيران والعراق.

وجاءت الخطوة العراقية معاكسة تماما لما هو معلن من أولويات للسياسة الخارجية الكويتية حددها قبل يومين وزير الخارجية الشيخ سالم العبدالله الصباح واحتلّ فض المشاكل الحدودية لبلاده مع العراق وإيران موقعا بارزا فيها، إلى جانب هدفين رئيسيين لتلك السياسة هما الحفاظ على أمن الكويت وسلامتها، والعمل على ضمان الاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى هدف رابع يتمثّل في تقوية علاقات الكويت وتحالفاتها مع دول العالم.

ولا تنقطع المطالبات في الداخل العراقي بإعادة فتح ملف الحدود البحرية وأيضا البرية مع الكويت على أساس أنّ ظلما سلّط على العراق من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكبّده خسارة بعض الأراضي التابعة له وضيّق عليه الوصول إلى مياه الخليج.

قرار إسقاط الاتفاقية لقي ترحيبا من قبل العديد من الأوساط السياسية العراقية بينما قوبلت الخطوة بامتعاض في الكويت

وعلى الرغم مما تشهده العلاقات الرسمية العراقية – الكويتية حاليا من استقرار، إلاّ أنّ دوائر كويتية تنظر بجدية إلى خطر تفجّر الصراع الحدودي بين الطرفين نظرا إلى تدخّل جهات غير رسمية عراقية في الموضوع وتحديدا بعض الميليشيات والأحزاب الشيعية التي لم تتردّد في العديد من المناسبات في توجيه تهديدات للكويت على أساس أنّها استولت على أراض عراقية بمساعدة قوى دولية والأمم المتحدة ضمن المسار الذي أعقب غزو الكويت من قبل الجيش العراقي مطلع تسعينات القرن الماضي.

كما ينخرط مسؤولون عراقيون من حين إلى آخر في الهجوم على الاتفاقيات المنظمة لمسألة الحدود بين العراق والكويت حيث نُقل في وقت سابق عن وزير النقل العراقي كاظم الحمامي قوله إنّ اتفاقية خور عبدالله حوّلت العراق إلى دولة مغلقة بحريا، مؤكدا ارتكاب زعماء البلاد هفوتهم البحرية الكارثية الثانية بعد أن كانت الهفوة الأولى عام 1975 عندما فرط العراق بمدخل شط العرب لصالح إيران.

ويضبط مسألة الحدود بين العراق والكويت القرار الأممي 833 المؤرخ بـ27 مايو 1993. ورغم أن صدور هذا القرار عن مجلس الأمن الدولي يجعله غير  قابل للتعديل، إلا أنّ ذلك لا يمنع الجهات الرسمية وغير الرسمية العراقية من انتقاده والمطالبة بتجاوزه على اعتبار أنّه قرار معيب اتّخذ في فترة استثنائية تتميّز بحالة إدانة دولية شاملة للعراق، وفي غياب الطرف العراقي المعني مباشرة بالمسألة وباعتماد خرائط ومخططات وصور قديمة.

دوائر كويتية تنظر بجدية إلى خطر تفجّر الصراع الحدودي بين الطرفين نظرا إلى تدخّل جهات غير رسمية عراقية في الموضوع وتحديدا بعض الميليشيات والأحزاب الشيعية

وضمن ردود الفعل على قرار المحكمة الاتحادية العراقية بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية خور عبدالله مع الكويت طالب النائب بالبرلمان الكويتي حسن جوهر حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح بإصدار بيان رسمي لتحديد موقف الدولة بشكل واضح عقب قرار المحكمة العراقية.

وقال في بيان صحفي إن الاتجاه البرلماني بشأن سياسة دولة الكويت الخارجية كانت ولا تزال متسقة مع ثوابت الكويت والمبادئ والاتفاقيات والمواثيق العالمية في إرساء قواعد حسن الجوار والانفتاح على التعاون مع التمسك المطلق بسيادة الدولة ووحدة أراضيها وصون حدودها المرسمة بموجب الاتفاقيات وقرارات مجلس الأمن الدولي بشكل نهائي وحاسم دون رجعة فيه.

وأشار إلى أنّه تم توجيه سؤال برلماني إلى وزير الخارجية لاستجلاء موقف الوزارة وتوجه الحكومة في المستجدات الطارئة في هذا الموضوع.

أما النائب عبدالكريم الكندري فقد ذهب إلى اعتبار القرار العراقي بإلغاء التصديق على الاتفاقية المذكورة عديم القيمة على المستوى الدولي، معتبرا أنّه مؤشّر “على نوايا سيئة من الطرف العراقي ويجب أن يواجه بحزم من الحكومة الكويتية والخارجية والبرلمان الكويتي.. كونه تطورا خطيرا على مستوى العلاقات الثنائية”، ومحذّرا من أن القرار “سيؤثر على ما تبقى من حدود غير مرسمة وتحديدا ما يتعلق بالعلامة البحرية مئة واثنتين وستين”.

وإذ يستبعد مراقبون وصول الخلافات الحدودية بين العراق والكويت حدّ النزاع المسلّح، فإن منهم من لا يستبعد تأثير تلك الخلافات على مستوى العلاقات بين البلدين وامتدادها إلى ملفات أخرى، إذ لم  يستثن الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي إمكانية أن تردّ الكويت على القرار القضائي العراقي بتحريك ملف ديونها المترتبة على العراق والمقدّرة بحوالي ستة مليارات دولار.