المحرر موضوع: البيرت آينشتاين بقلم : ديل كارنيجي ترجمة: الاستاذ يوآرش هيدو  (زيارة 311 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل marqos yousif

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 27
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
ذات يوم وبينما كنت سائراً  في شوارع مدينة صغيرة بجنوب المانيا  منذ  سنوات قليلة، اذ بصديقي الذي كان يرافقني يتوقف فجاة  ويشير الى نافذة فوق  متجر قائلاً:  "اترى تلك الشقة السكنية هناك  ؟ " ،هناك ولد  آينشتاين" وبعد  فترة قصيرة من اليوم  نفسهِ لقيت عم آينشتاين  وتحدثت اليه.لكن الرجل  لم يترك عندي  انطباعاً حسناً كرجل له اية قدرات
غير مألوفة . إلا ان ذلك  ليس مما يدعو للاستغراب ، لأن البيرت آينشتاين  نفسه كان طفلاً لم  يتوسم فيه
أحد اي علامة تنم عن مستقبل واعد . لكنه الان يعتبر
اعظم مفكري  عصره  عن بكرة  ابيهم ، لا بل اعظم مفكر  لكل العصور ، ومع ذلك كان قبل خمسين سنة مضت  طفلاً  بطيء التفكير ، كسولا ً ، خجولاً ومتخلفاً . وقيل انه كان يلاقي صعوبة حتى  في تعلم الكلام .
كان  بليد الحس الى حد ان معلميه اعتبروه طفلاً  مضجراً ( ثقيل الظل ) ،  وحتى والديه كانا يتوجسان خيفة  ان يكون  ذكاؤه  دون مستوى  الذكاء العادي .
لقد دهش آينشتاين   ايما دهشة  حين استيقظ  ذات يوم منذ سنوات قليلة  ، ليجد نفسهُ  وقد اضحى واحداً  من اشهر الرجال الذين  عاشوا  على هذه البسيطة.
لقد  بدا  امراً  يصعب  تصديقهُ ، ان تحتل  اخبار   استاذ للرياضيات الصفحات الامامية للصحف
 عبر  القارات الخمس .

لقد غدا  العالم آينشتاين  ذا شهرة  تضاهي 
شهرة جاك  ديمپسي ( 2 ) JACK DEMPSEY
 
ويعترف  آينشتاين بأنه لايفهم كيف حصل ذلك . ولا احد يستطيع ان يفسر ذلك ، اذ لم يسبق ان حدث شيءُ من هذا القبيل في تاريخ الجنس البشري كله.
هذا  الرجل  آينشتاين غريب كغرابة نظريته في النسبية تقريباً. 
فهو يحتقر الاشياء التي يتمنى معظم الناس الحصول عليها _ الشهرة ، المال  والرفاهية.
فعلى  سبيل المثال ، عرض قبطان سفينة عابرة للمحيط الاطلسي  ، على اينشتاين غرفة في أغلى  طابق  من السفينة ،   لكن آينشتاين  رفض العرض قائلاً  انه يؤثر  السفر في المكان الارخص من  السفينة  المخصص للمسافرين العاديين ، على
قبول اي امتيازات خاصة .
وعندما بلغ آينشتاين الخمسين من عمره ، غمرته المانيا بمظاهر الحفاوة والتكريم ،اذ  اقامت له تمثالاً  نصفياً في پوتسدام  ومنحته مسكناً محترماً
وقارباً شراعيا ً كرمز لحب واعجاب وتقدير الامة له.
لكن بعد سنوات قليلة،  ( حين تسلم الحزب  النازي السلطة في المانيا  _ المترجم ) .  صودرت ممتلكاته
، ولم  يعد بمقدوره العودة الى وطنه الأُم  خوفاً على حياته.
مكث في بلجيكا  اسابيع  قليلة خلف ابواب  مغلقة
يحرسه شرطي  كان ينام بجنب سريره ليلاً . عندما وصل  نيويورك ليصبح استاذاً  للرياضيات ‏في معهد الدراسات المتقدمة بجامعة پرنستون " PRINCETON " ، ‏كان متلهفاً لتجنب مراسلي الصحف والمقابلات والمصورين وما يصاحب  ذلك من إثارة ، فقام أصدقاؤه   بأنزاله  من السفينة سراً قبل وصول السفينة  إلى الرصيف  واقتادوه  بسرعة  في سيارة بعيدا عن الانظار.
‏وقد صرح اينشتاين بأن الذين يفهمون نظريته في النسبية هم  اثنا عشر شخصاً فقط ، رغم أن العديد من الكتب قد الفت في محاولة لشرحها.
‏ويشرح إينشتاين نظريته في النسبية بهذا المثل التوضيحي  البسيط : عندما تجلس مع فتاة جميلة لمدة ساعة ، ستشعر أنها لم تكن سوى دقيقة
واحدة،  لكنك أن جلست على موقد ساخن لمدة دقيقة ، ستشعر وكأنها  ساعة.
‏إذا ، هذه هي " النسبية  " . أن هذا التوضيح يبدو حسناً  بالنسبة لي ، لكنك أن كنت ترتاب في صحته  وتود ان تجربه ، فأنني  سأكون  مسروراً بالجلوس مع الفتاة ان كنت انت مستعداً للجلوس على موقد.
وبمناسبة الحديث عن الفتيات نقول  اينشتاين تزوج مرتين انجب ابنين من زواجه الاول  وكلاهما  فتيان لامعان  ولهما علامات تنم  عن عبقرية  .
السيدة اينشتاين _ وقد فارقت الحياة _ كانت تعترف بأنها لم تفهم هي الأخرى  ( نظريته في النسبية )، لكنها فهمت زوجها  جيداً   . كانت تدعو صديقاتها من حين لاخر  لتناول الشاي معها ، ثم تنادي على(  البروفيسور) للنزول والانضمام إليهن.
_"كلا "، كان يصرخ غاضباً ، " قلت لك ، كلا "
" انني مغادر هذا المكان. انا لا استطيع ان اعمل هنا . انا ببساطة لا اطيق مقاطعتي وانا منهمك في عملي ."

كانت السيدة اينشتاين تلتزم الهدوء التام لبعض الوقت منتظرة هدوء العاصفة ، ثم ، بعد قليل وبشيء من الكياسة والدوبلوماسية تقنعه  بالنزول لتناول الشاي واخذ قسط من الراحة التي كان بحاجة ماسة اليها.
كما ان السيدة اينشتاين كانت تقول ان زوجها  كان يحب النظام في تفكيره ، إلا انه لم يكن يراعي النظام في  اسلوب حياته . كان يفعل كلما يريد ان يفعله ، ومتى ما يريد ان يفعله . وكان يتبع قاعدتين للسلوك فقط . القاعدة الاولى : لا تلتزم بأي قواعد مهما كانت.
و القاعدة الثانية هي كن مستقلاً  في تفكيرك عن تفكير الآخرين .  يعيش اينشتاين  نوعاً من الحياة البسيطة
جدا ، يرتدي ملابس عتيقة تفتقر إلى الكي، لم يرتد قبعة إلا نادراً ، يصفٓر  ويغني
عندما يدخل الحمام  ، يحلق ذقنه وهو جالس في حوض الاستحمام  ولا يستعمل صابون الحلاقة بل يحلق بنفس الصابون الذي يستعمله للاستحام .
هذا الرجل  الذي  يسعى جاهداً لحل الغاز الكون المحيٓرة   يقول ان استعمال نوعين من الصابون تجعل الحياة معقدة
اكثر مما ينبغي . اينشتاين يترك عندي انطباعاً حسنا ً لكونه انساناً  سعيداً جداً.
ان فلسفته عن السعادة تهمني اكثر الى حد بعيد من نظريته في النسبية .
انها فلسفة رائعة حقاً. فهو يقول  انه سعيد لانه لايريد اي شيء من اي احد .
انه لايريد مالاً ولا القاباً ولا مديحاً .
انه يصنع سعادته بنفسه من اشياء بسيطة كعمله وعزفه على الكمان والابحار في قاربه الشراعي .
ان كمان اينشتاين يمنحه  فرحاً اكثر من اي شيء اخر في الحياة. يقول اينشتاين انه غالباً ما يشغل فكره بالموسيقى ويعيش احلام يقظته في عالم الموسيقى الرحب.
ذات مرة فيما كان  راكباً سيارة اجرة بمدينة ( برلين ) ، قال لسائق السيارة. بأنه لم يعطه النقد الصحيح الفائض عن قيمة الاجرة. 
وعندما احصى السائق النقد من جديد وجده صحيحاً واعاده الى اينشتاين قائلاً :" مشكلتك هي انك ضعيف في الحساب! "
تنبيه :
المقالة مترجمة من كتاب 
‏ LITTLE  KNOWN FACTS ABOUT WELL  _KNOWN  PEOPLE
( انظر صفحة 5_8 ) من الكتاب


 الهوامش:
____________
1- ديل كارنجي DALE  CARNEGIE، كاتب امريكي له مؤلفات عدة منها : (كيف تكسب الاصدقاء وتؤثر في الناس ) ، و( كيف تتخلص من القلق وتبدا الحياة ) ،
وكتب اخرى منها  LITTLE  KNOWN FACTS ABOUT WELL _KNOWN PEOpLE
وهذا الاخير هو مجموعة مقالات عن اشخاص مشهورين من مختلف المشارب : علماء، كتاب وشعراء ، ملوك واباطرة ، ساسة ورجال دولة ، رجال اعمال ومؤرخين ومخترعين وغيرهم .
( المترجم )
2- جاك دمبسي JACK DEMPSEY
(1895 _1983 )ملاكم امريكي بطل العالم للوزن الثقيل ( 1919 _1926 ).
(المترجم)