المحرر موضوع: أضواء على المعارضة العراقية في سوريا ( الجزء الرابع ).  (زيارة 534 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل داود برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 138
    • مشاهدة الملف الشخصي
أضواء على المعارضة العراقية في سوريا ( الجزء الرابع ).
عرفنا مما سبق تم ذكره في الجزء الثاني والثالث من المقالة،بأن أحزاب المعارضة العراقية في بداية الثمانينات من القرن الماضي،كان بعضها على خلاف شديد مع البعض الآخر ولا سيما قيادة البارزاني،والطالباني،وأودَ الآن أن أقف على أبرز الأسباب التي أدت الى عدم مشاركة حزبنا (حزب بيت نهرين الديمقراطي) بالكفاح المسلح في كوردستان (شمال العراق)وهذا أمرُ جدير بالعناية.
في بداية عام ١٩٨٣ عقدت أحزاب جبهة (جود) المتكونة من الأحزاب الرئيسية الحزب الشيوعي العراقي ( حشع )،والحزب الديمقراطي الكوردستاني (حدك)،والحزب الأشتراكي الكردستاني..ألخ ،في أيران _محافظة أورمية- قرية رازان،القريبة من الحدود العراقية،والتي كان فيها مقر المكتب السياسي ( لحدك )وكنت آنذاك ضيفآ عندهم، وجاءً وفدَ ( حشع )المتكون من سكرتير الحزب عزيز محمد (أبو سعود)،وأعضاء المكتب السياسي كل من آرا خاجادور ،ثابت حبيب العاني (أبو حسان) ، كريم أحمد ،أحمد باني خيلاني،وحضرت مناسبة أستقبالهم من قبل قيادة (حدك)المتمثلة بالسيد مسعود البارزاني،والمرحوم أدريس البارزاني،وسكرتير الحزب علي عبدالله والمستقل المقدم عزيز عقراوي وآخرون .وفي سياق الجلسة بعد أن أنهى حديثه مع قيادة ( حدك )
بدأ أبو سعود يتحدث معي أمام الحاضرين وقال :في نهاية الستينات كنت قادمآ من الأتحاد السوفيتي في طريقي الى بغداد،مكثت في بلدة القوش عدة أيام ،وعلمت دوائر الأمن في الموصل بالخبر ،تم تطويق البلدة وقبل القيام بعملية التحري زودني خالك رفيقنا أبو سفر بهوية شقيقك المعلم ميخائيل وسافرت بها الى بغداد وأحتفظت بها لمدة ستة أشهر،وبقيت أتنقل بها من وكرٍ الى آخر للحزب ،من أجل تعزيز وحدة التنظيم وتماسكه في بغداد،وأنني لم ولن أنسى ذلك.ثم تحث عن موقفهم من حزبنا،وقال أننا نرحب بحزبكم وبكل حزب وطني يسعى لتغير النظام ، وفي المساء تم توزيع الضيوف على غرف البناية ( البناية تعود لمدرسة القرية المهجورة )،وكنت أشغل غرفة السيد فاضل ميراني حيث كان في أجازة لمدة عِدَة أشهر لزيارة عائلته في أميركا ، وكان ضيفي في الغرفة ثابت حبيب العاني.
لقد كان هذا الشخص مدرسة عليا تعلمت منه الكثير وقضيت معه ساعات وأيام عديدة وتناولنا الحديث حول جميع المواضيع السياسية،وكان منفتحآ ومتواضعآ وصريحآ،وسألته عن الكفاح المسلح  في كوردستان ودور الأحزاب  فيه، فشرح لي الأوضاع بكامل تفاصيلها،وطلب مني أن لا أفكر بهذا المشروع أبدآ أنه مشروع فاشل من الأساس،وقال أن جميع الأحزاب مخترقة من قبل المخابرات العراقية وبمستويات عليا بحيث بدأنا نشك نحن في القيادة بعضنا بالبعض الآخر ،وأضاف قائلآ أن جميع تنظيماتنا في بغداد القي القبض عليهم،فمنهم من تعهد بعدم العودة الى الحزب،ومنهم من رفض وأدخل السجن،ومنهم القلة جدآ من أرسل للعمل في صفوف المعارضة لمصلحة النظام ،بعد تلك العمليات عملنا تنظيم خيطي كل أثنين،أيضآ قبض عليهم ،ثم أرسلنا الى بغداد رفيقين ممن كانوا في الأتحاد السوفيتي لأكثر من عشرة سنوات ولا أحد يعرفهم في بغداد، من مقرنا في منطقة ( بشت آشان)  لأعادة التنظيم السري،ولكن لدى وصولهم كراج النهضة في جانب الرصافة،كانت سيارات الأمن في أستقبالهم ،أذا كان حزبنا التاريخي العريق مخترق لهذه الدرجة ،فما بالك من الأحزاب الأخرى، أنها مكشوفة للجميع،نحن تورطنا بالكفاح المسلح، وأنصح كل حزب أن يبتعد عن هذا المشروع،أنه مشروع سياسي فاشل، كبًدَ الحزب عشرات الضحايا معظمهم من أصحاب الشهادات العليا،وتحدث الكثير الكثير لا مجال هنا لذكر تلك الأحداث،ثم تحدث عن العلاقات المتوترة السيئة السائدة بين بعض الأحزاب في الكفاح المسلح ولاسيما بين ( حدك ) والأتحاد الوطني الكوردستاني ( أوك )،وقال أن كردستان مقسمة الى مناطق ومربعات بين الفصائل المسلحة وأن أي نشاط مسلح يجب أن يكون محدد ويجب أن تحصل على موافقة الحزب الذي يسيطر على المنطقة ،وأخيرآ قال أقترح أن  يقتصر نشاطكم على المعارضة السياسية ومن خلال وسائل الأعلام فقط، أنتم حزب قومي صغير ويختلف عن الآخرين قوميآ ودينيآ ثم ليس لديكم أمكانيات لتؤهلكم في فرض سيطرتكم على المنطقة التي تتواجدون ةفيها ،ومن الصعب جدآ أن تحصلوا على دعم أو مساعدة من الدول التي تدعم المعارضة العراقية لأن هذه الدول لا تعترف بقضيتكم ومنهم سوريا،أيران،ليبيا ، أنهم أسوأ من صدام بالنسبة لكم .
وأخيرآ طلب مني أن أذهب معه الى مقر المكتب السياسي في منطقة (بشت آشان) لكي أقوم بتدريب مجموعة من الرفاق الملتحقين الجدد الذين لم يتسنَ لهم الخدمة العسكرية الألزامية في الجيش،ولمدة من أربعة أسابيع الى ستة ،بصفتي ضابط مغاوير وكنت آمر لدورات المغاوير في ل٢٩،والبعض من رفاقهم خدموا في الوحدة العسكرية التي كنت فيها،وأضاف قائلآ لقد خسرنا أربعين شهيدآ خلال ستة وأربعون يومآ بسبب عدم معرفتهم في الشؤون العسكرية والأمنية،وأستعرض تلك المعارك الخاسرة وبأختصار شديد،وقال خسرنا في معركة قرداغ أكثر من عشرون رفيقآ بين شهيد وجريح بينما كانوا رفاقنا يحتفلون بعيد تأسيس حزبنا تم مباغتتهم من قبل الجحوش،كما خسرنا أثنا عشر شهيدآ في معركة الهجوم على ربيئة في منطقة دربندخان،بعد أحتلال الربيئة جاءت طائرة سمتية قصفت الربيئة وقتل كل من فيها، كما خسرنا ستة شهداء أثناء العبور الى كردستان من المثلث الحدودي بين تركيا،سوريا،العراق،بالأضافة الى المتفرقة هنا وهناك،وقال لي بعد أتمام الدورة التدريبية نحن نستطيع أن نساعدكم بما لا يقل عن أربعين قطعة سلاح خفيف لأنه متيسر لدينا كثيرآ،قلت له أنا لامانع لدي أذا وافق (حدك) لأنني ضيف عندهم ،وفي اليوم الثاني ذهبنا الى سكرتير المكتب السياسي (لحدك)السيد علي عبد الله وطلب منه أبو حسان الموافقة لكنه رفض وبشكل قاطع ،وقال أن الطريق مسيطر عليه جماعة عبد الرحمن قاسملوا (الذي كان رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الأيراني )ونحن في قتال مستمر معهم ،وكاكا داود ضيف عند أدريس البارزاني، أن حياته ستكون معرضة للخطر،ونحن مسؤولين عن حياته، ربما في وقت آخر يمكن أن يتحقق ذلك لأن التوتر بيننا بأتجاه التهدئة،أما أبو حسان قال للسيد علي أن علاقة الحزب الشيوعي مع جماعة قاسملوا جيدة جدآ ونحن مستعدين لتحمل المسؤولية،ولكن دون جدوى وقال يمكن أن تؤجل الى وقت آخر ،بعد يومين سافر أبو حسان ومرافقيه وأخبرني بأنه سيرسل مفرزة بعد أسبوعين مع موافقة جماعة قاسملوا لكي تأتي الينا في بشت آشان. بعد لقائي مع المناضل ثابت حبيب وأطلاعي على الأوضاع في الميدان بكل تفاصيلها وأسرارها ،عرضت الموضوع على قيادة الحزب (حزب بيت نهرين) لكي يكون على بينة من كل ما يجري من الأحداث في المنطقة بشكل عام وكوردستان بشكل خاص بعد أن أجتمعت بين أيدينا صورة شاملة متكاملة عن الموضوع،بعد ذلك قرر الحزب التريث لحين توفر الأمكانيات المناسبة والظروف الملائمة للقيام بالنشاط المسلح،أن الواقع الذي عشناه في الماضي  ونعيشه الآن ثبت لنا جميعآ وبالدليل القاطع وبما لا يقبل الشك، بأن كلام المناضل ثابت حبيب العاني القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، كان محقآ وصادقآ ومخلصآ في كلامه وهو السبب الرئيسي في عدم مشاركة حزبنا في الكفاح المسلح ،وأخيرآ أن ما ذكرته في هذا المقال،أنما يأتي ضمن ما توافر لدي من معطيات ومعلومات ولا يمكن ألأدعاء بحالٍ أنها تمثل جميع ما هو متوافر من معلومات بشأن الموضوع .