المحرر موضوع: عرس الحمدانية  (زيارة 522 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نشوان عزيز عمانوئيل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 92
    • ياهو مسنجر - nashwan_aziz2000@yahoo.com
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عرس الحمدانية
« في: 03:56 02/10/2023 »



عرس الحمدانية

إلى أرواح ضحايا الحريق الغادر...

نشوان عزيز

خريف 2023
ستوكهولم.



فجأة توقفت الموسيقى، وبقي الراقصون يدورون في دوامة الحياة. لم يسمعوا صوت الموت يقترب، لكنهم شعروا بحضوره في كل لحظة تمر.
كان ذلك في وطن أدمن الحزن والوجع وتحديدا في مساء ذلك اليوم.. يوم زفافهم الجميل، امتلأت القاعة بالفرح والضحكات. كانت رائحة الورد تعلو وتختلط برائحة العطور الفاخرة والألوان الجميلة . العروس كانت ترتدي الأمل بجمالها.. بفستانها الأبيض الرائع، والعريس بدوره يتألق ببدلته السوداء الأنيقة.
 الجميع يستمتع بالأجواء الساحرة حتى أثناء الرقص الأخير، حين بدأت الأمور تتغير فجأة.. دخل دخان كثيف من القاعة،دخان أسود كالموت.. دخان يحمل في طياته روائح الفراق والألم.. وسرعان ما اندلع حريق هائل. سادت حالة من الهلع والفزع وسط الحضور.

حاول الجميع الهروب، لكن الاندفاع والفوضى جعلت الأمور تتعقد أكثر فأكثر. وسط هذه الفوضى، انفصلت العروس عن العريس. كانوا يصارعون امواج الدخان بينما يحاولون البحث عن بعضهم البعض.

للأسف، لم يتمكن الكثير من اللحاق ببعضهم البعض في تلك الفوضى.
 اندلعت النيران بشكل مدمر ولم يتبقى سوى ركام من ما كان يُعتبر يوماً من أجمل أيام حياتهم.

في ذلك اليوم البائس،  كأن السماء كانت تبكي مع الحاضرين على مصير هذا العرس الذي تحول إلى كارثة مروعة. اندلع الحريق بشكل همسي، كالشيطان يراقب من الظلام، يأبى أن يترك للأمل مجالاً.. كانت الصدمة تعم المكان،
اصوات الصراخ والبكاء امتزجت مع اصوت النيران الجامحة، والدخان الكثيف التف حول الحاضرين كقبضة تحاول أن تخنق الحياة منهم. الأوجاع تملأ قلوبهم وتخنق حناجرهم، وهُم يبحثون عن فرصة بسيطة للنجاة.

في ذلك الظلام الحالك، اندمجت دموعهم مع قطرات المطر، كأن الأرض نفسها تشارك في هذه المأساة القاسية. لم يكن هناك أمل، بل كان اليأس يسيطر على الجميع.
حين انتهت الكارثة، ظلت القاعة مليئة بالصمت الكئيب. الأمل تلاشى، والقلوب تبدو وكأنها تحجرت، لا يمكن أن تنسى هذه اللحظات الساحرة التي تحولت إلى كوابيس مروعة.
بعد الكارثة، بقيت القاعة مكانًا منكوبًا، مليئاً بالركام والدمار. الأمل اندثر بأروقتها، والضحايا باتوا ذكرى مؤلمة في ذهن كل من كانوا حاضرين.

امتدت آثار الحريق لتشمل قلوب الحاضرين، فكانت الأحلام محطمة والآمال مطمورة. العروس والعريس، الذين كانوا يتطلعون لحياة مشرقة سوياً، انتهت رحلتهما في هذا الظلام الكامل.
تصاعدت أصوات البكاء والأنين، وتلاشت الضحكات التي كانت تعلو من قبل.
وبينما يحاول الناجون التكيف مع هذه الخسارة الهائلة، تظل القاعة تشهد على تلك اللحظات المريرة بكل زواية من زواياها.
الموت يرقص على أوتار القلوب المنكسرة ويراوغ بين جدران الروح الوحيدة.. الحب الذي كان ينبض فيها تحول إلى أشلاء من الأمل المحطم.
الحزن في وجه هذا الوطن أصبح لوحة تراجيدية يصعب محوها من الذاكرة.