المحرر موضوع: في الذكرى الرابعة لانتفاضة أكتوبر، التيار المهزوم والتيار الثوري  (زيارة 233 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31627
    • مشاهدة الملف الشخصي
في الذكرى الرابعة لانتفاضة أكتوبر، التيار المهزوم والتيار الثوري
يحتاج العراقيون افقا ثوريا لكي تتحول انتفاضتهم إلى شيء ملموس، وإلا إنها المزدي من الأوهام.
سمير عادل

عودة إلى ساحة التحرير
تمر علينا الذكرى الرابعة لانتفاضة أكتوبر، ومازالت الاماني والآمال والاحلام الواقعية ترنو نحو تلك الانتفاضة العظيمة التي هزت سلطة الإسلام السياسي بكل قدراتها وامكاناتها من اموالنا المسروقة والمنهوبة ومن الميليشيات المدعومة عسكريا، وإقليميا.

وكان بطل تلك الانتفاضة، التيار الوطني الذي استطاع ان يقوض ويفرغ محتوى الانتفاضة وتوجيه نصال نضالها الى إيران وإعطاء صورة مظللة بأنها سبب رحى المأساة ودوامة الفقر والعوز وتطاول الميليشيات بدلا من اسقاط تلك السلطة الجائرة التي عبثت بحياة ومعيشة البشر في العراق منذ ان جاءت تحت حراب الحرب والغزو والاحتلال، لطمس ماهية الصراع الطبقي وماهية الطبقة البرجوازية الحاكمة في العراق والتي تمثلها اليوم سلطة الإسلام السياسي الشيعي، والتعمية على كل سياسات النظام الرأسمالي العالمي الذي مثله بالأمس الاحتلال واليوم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشركات الرأسمالية العالمية التي جاءت الى العراق في قطاع النفط والغاز والكهرباء والاسمنت، وتؤيدها كل القوى القومية بعروبييها وكردييها والإسلامية المتواجدة في العملية السياسية، والتي شكلت تحالف باسم تحالف إدارة الدولة الذي شكل حكومة السوداني.

صعد على أكتاف تلك الانتفاضة مصطفى الكاظمي الممثل الفاشل بامتياز لذلك التيار المهزوم -اي الوطني- ومزماره والثعابين التي كان يراقصها، كما صرح في أيامه الأولى إلى وسائل الاعلام الأميركية عندما قام بزيارته الميمونة الرسمية الأولى الى واشنطن.

اليوم يلعق التيار الوطني مرارة هزيمته، وسلم نفسه او الراية التي رفعها الى الأحزاب والجماعات التي فرضت الانتفاضة التراجع عليها بعد إسقاط حكومة القناصين التي مثلها عادل عبدالمهدي، ونصبت حكومة السوداني التي أوكلت المهمة لها بتنفيذ البرنامج الاقتصادي لحكومة سلفه الكاظمي وهو فرض الضرائب على الخدمات والتمسك بتخفيض العملة المحلية وعدم التوظيف في القطاع العام إضافة التي تصفية القطاع، وتشريع قوانين تنال من معيشة العمال والموظفين من اجل تهيئة الظروف والارضية لأغراء أصحاب الشركات العالمية واسالة لعابهم من اجل جذب اموالهم، وتصفية ذكريات وآثار انتفاضة أكتوبر ومطالبها وردم ساحة كل الجرائم التي اقترفت بحق متظاهري انتفاضة أكتوبر في ساحات التحرير والخلاني وثورة العشرين والحبوبي وام العروسة..الخ.

وقد كتبنا حينها في مقال بعنوان "هزيمة الانتفاضة ام هزيمة أوهامها"، وهناك قلنا أي قبل أكثر من ثلاثة سنوات، وقبل تتويج الكاظمي "بطلا" قوميا للانتفاضة، ان من جمع بيضه في سلة التيار الوطني هو من انهزم وليست الانتفاضة التي حملت في رحمها عراق خالي من الإسلام السياسي والقوميين والطائفيين، عراق الحرية والأمن والأمان والمساواة والعيش الكريم. فها هي كتل الامتداد واشراقة كانون وباسم خشان ينعمون بخيرات ذلك التيار في البرلمان ولا يتعدى نشاطها غير الجعجعة الإعلامية والمحاولة للاستفادة من الوقت للحصول على الامتيازات مثلما اتحفنا عراب الامتداد الذي كانت المرجعية تقف خلفه وخلف جماعته علاء الركابي؛ بأنه على استعداد للتحالف مع الفاسدين من اجل خدمة العراق! بينما يحصي الجناح الاخر منه -أي من التيار الوطني من جماعة الكاظمي والتيار الصدري- خسائره السياسية والاجتماعية، ويحاول الأخير عبثا اصطياد اشباح دون كيشوت للعودة الى المشهد السياسي، مرة عبر إطلاق الفتاوى ضد المثليين، ومرة من خلال استغلال مسالة حرق القرآن وحرق بناية السفارة السويدية وثالثة عبر المطالبة بتدريس منهج تياره في الجامعات والمعاهد وهكذا دواليك.

بيد ان الذي نريد التنويه إليه في الذكرى الرابعة لانتفاضة اكتوبر، ان من انهزم في هذه المرحلة هو التيار الوطني، ويعني هزيمة الأوهام التي نثرها في صفوف الجماهير واعتلى على اكتافها، وأن المطالب التي رفعت في الانتفاضة من انهاء سلطة الإسلام السياسي وميليشياتها وفسادها ونهبها، واقامة دولة علمانية غير قومية وغير ودينية تعرف البشر في العرق وبغض النظر عن انحدارهم القومي والديني والطائفي والعرقي على أساس الهوية الإنسانية والمساواة التامة بين المرأة والرجل وفرصة عمل مناسب او ضمان بطالة، ما زالت كامنة في صدور عشرات الملايين من جماهير العراق.

ولا بإماكن لا حكومة السوداني ومن قبلها الكاظمي ولا اية حكومة بإطفاء شمعة انتفاضة أكتوبر في نفوس جماهير العراق التي قررت انهاء عمر الإسلام السياسي وسلطته التي تمثل أكثر حثالات الطبقة البرجوازية عفونة، لان مشكلة الأخيرة في بنيتها، وهي متأزمة من قمة راسها إلى أخمص قدميها، وان رؤوسها متناثرة في الدول الإقليمية والعالمية مرتبطة بسياسات واجندات.

وعلى الجانب الآخر هناك مرحلة جديدة في تاريخ العراق الحديث وهي نمو الاعتراضات والاحتجاجات العمالية التي تجتاح المصانع والمعامل وخاصة في القطاع الخاص من أجل تحسين ظروف عملهم ومعيشتهم، إضافة الى انتشار الفكر الاشتراكي ونزعة المساواة في صفوف الجيل الجديد بعد انتفاضة أكتوبر وخاصة في صفوف الشباب سواء كانوا إناثا ام ذكورا.

وبالرغم من كل محاولات تشييع المجتمع عبر السرف والبذخ على المناسبات الدينية وتضخيم الأعداد المشاركة وإقامة المواكب والولائم بمناسبة عاشوراء، وعلى الجانب الآخر هناك منافسة قوية من طرف من يصنفون أنفسهم بـ"السنة" الذين لا يملكون لسوء حظهم غير المولد النبوي والاحتفال بالسنة الهجرية، للحماية والحفاظ على التصنيف الطائفي السني، وكل ذلك للبقاء في المعادلة السياسية التي تساوي المحاصصة الطائفية للسلطة، إلا ان راية التحرر والمدنية والعلمانية تشق طريقها، وان الصراع الطبقي الذي حاولت كل الأحزاب القومية والطائفية طمسها تطفو على السطح، سواء على شكل احتجاجات عمالية كما اشرنا او الحركات الاحتجاجية الأخرى.

ان ما تحتاجها الحركة الاحتجاجية المستمرة بأشكالها المختلفة وفي الميادين المتعددة سواءً العمالية او النسوية او في توفير الخدمات أو في تحقيق الحريات والدفاع عن مدنية المجتمع، هو تسليحها بالأفق الثوري، وأن أي اصلاح لهذا النظام والعملية السياسية سواء من خلال نشر الأوهام في إعادة مسرحية جديدة للانتخابات وهذه المرة انتخابات مجالس المحافظات او في البهلوانيات الإعلامية والدعائية للسوداني وحكومته في حربها على الفساد ومحاربة السلاح المنفلت وحل الميليشيات هو ضرب من الخداع ونشر الأكاذيب المظللة لحماية النظام السياسي القائم، وهو محاولة لبث الروح في سلطة الفساد والإفقار وإطالة عمر إدارة ازمتها المزمنة والتي تتفاقم كل يوم.