هل شارك الاعلام باذكاء فاجعة الحمدانية ؟
سامر الياس سعيدعرضت احد فضائيات شعبنا قبل نحو يومين تسجيلا بينت فيه احتضار احدى ضحايا فاجعة قاعة الاعراس ببلدة بغديدا دون احترام للحظات الاخيرة التي كانت فيه تلك الشهيدة تودع الارض لتلحق بقوافل الماضين نحو الملكوت في اقسى فاجعة شهدها العالم حينما تحول فرح وسعادة المدعوين لالم وماساة قضت على نحو اكثر من 100 مدعو فيما احرقت النيران اجسادا اخرى لتبقى تنوء بما القت به حمم القاعة المنكوبة ولتحمل ندوبا من حفلة العرس التي ستبقى تفاصيلها راسخة في الاذهان ويبقى السؤال حول مدى امكانية الاعلام في كونه اذكى شرارة تلك الاحداث التي شهدها العرس ليجعلنا في خط فاصل بين اعلاميين يملاؤن فضاء السوشيال ميديا بفيديوهات تبين اللحظات الاولى لاحتراق القاعة فيما القسم الاخر يسعى للتدقيق واستخراج روح المسكتشف الكامنة بداخله لينتج فيديوهات اخرى يبرز من خلالها ان الحادث كان عرضيا او في المقابل يمكن ان يسهم في ان يبحث عن ابرة وسط كومة قش ليؤكد ان الحادث مفتعل وليؤجج نيران القلوب التي تشتعل بفقدان الاحبة اما الفيديوهات الاخرى التي تسعى لانتاجها قنوات فضائية تستهدف من خلالها الحصول على كم مناسب من المشاهدات فهذه ترقص على جراح المنكوبين من اهالي الضحايا حينما يسال المذيع اسئلة لهم تبحث عن شعور او مجرد كلمة وحينما تشتغل الماكنة الاعلامية لانتاج عشرات الفيديوهات التي يمكن ان تضع الزيت على النار او تؤجج قلوب اخرى فيما تبحث كاميرات اخرى عن متحدثين فهذا الاعلامي ذو القلب المحزون بفقدان امه يمكن ان يتحدث بما ينبئه قلبه المحترق لابعقله فحينها يتلقف تلك الكلمات من يتصيد بالماء العكر ليبدا رحلة ادانة اخرى فيما صوت الحق العالي يقول لاتدينوا لكي لاتدانوا وكم من حذاء لمصور او اعلامي قد داست على اطراف محروقة او اجزاء من اجساد لفها الحريق فحولها لرماد دون احترام للضحايا بل احتراما للسبق الصحفي او مزيدا من فيديوهات الالم التي يملا بها فضاء الكون لتنتج نفسيات مهزوزة مكتئبة تحاول الخروج من عنق الازمة دون جدوى اما فضائية اخرى فتحاول توظيف تقنيتها باكتساب اصوات مجهولة مبهمة لتخفي ورائها اخر صور الحفلة المؤلمة ولتكتب على شاشتها بان ما يسمع من اصوات ما هو الا اصوات الانفاس الاخيرة لشهداء قضول في القاعة في اولى ساعات الحريق وهكذا يحصد الاعلام المبني على تلك المشاهد معدلات قياسية في نسب المشاهدة ليسهم ايضا بحصد معدلات من الاكتئاب والالم والحيرة التي يزرعها نائب لاهم له الاالصراخ مدافعا عن كتلته الغارقة بسيل الاتهامات فضلا عن صراخ رجل دين لايفقه الا ان يقول مرارا عيب وعيب وكانه امام حشد كبير من الناس يذعنون له ويطاطاون رؤسهم امامهم لانه هو فقط من يفقه بالادب واللياقة والاخرون لاهم لهم بهذه الامور البروتوكولية .. فعلا نحن بحاجة لاعلام مهني يستهدف احترام تلك القاعة دون اقتحامها بحجة تصوير اشياء لاقيمة لها اصبحت رمادا واثرا بعد عين فالقاعة بعد هذا الحادث يجب ان تكون بمتناول الباحثين عن الحقيقة فحسب من ذوي الاختصاص لا ان تكون محطة الباحثين عن الشهرة وركوب الموجة او جزء من برنامج الزيارة للبلدة بغية التخفيف عن هول المصابين وذوي الضحايا .نعم الماساة عميقة لكنها لاتجعلنا نضع رؤوسنا فحسب كالنعامة في الارض لكننا نبحث عن وميض النور في الحقائق التي لو قلبناها لادركنا ان القاعة كانت مجرد قنبلة موقوتة على وشك ان تحرق القلوب في اي وقت بسبب انقيادنا للتقليد ومحاكاة الاخرين دون ان نملك نمطا للفرح كفيل بادراكنا لهويتنا فلا عرس يمكن ان يكون عرسا بدون تلك الشرارات التي ينظرها العريس او صاحب الحفل فيدرك انها مثل نقوده التي تطايرن هنا وهناك لانتاج حفلة لاترضيه هو فحسب بل ترضي المدعوين ممن سيتكلمون عن عرسه لايام ولاسابيع وقد تطول لسنين .