المحرر موضوع: الفصل الثامن من كتاب "نينوى وبقاياها" للعالم الاثري الشهير أوستن هنري لايارد*  (زيارة 475 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل marqos yousif

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 27
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
                        ترجمة: الاستاذ يوآرش هيدو
                    ( الجزء الثاني )

كانت مؤلفات  الأطباء والفلاسفة الاغريق قد ترجمت  منذ فترة مبكرة الى السريانية . وقد اُثارت تلك  المؤلفات  فضول  الخلفاء  الذين  كانوا  آنذاك  مشجعين  ورعاة  العلوم ، وبأوامر منهم  ترجمت من قبل  الآشوريين  النساطرة  الى اللغة العربية.
ومن بين  المؤلفات التي عهد بها الخليفة المأمون  لرعاياه الآشوريين ، كانت مؤلفات  ارسطو  طاليس وجالينوس وآخرين . كما  أوفد  العلماء النساطرة
الى سوريا  وأرمينيا  ومصر لجمع المخطوطات ، والحصول  على مساعدة اكثر الرجال علماً في تلك البلدان .
يقدم اسيماني(  Assimani ) ، الذي كتب تاريخ  الكنيستين  النسطورية واليعقوبية ،  قائمة طويلة بأسماء المترجمين  الذين ترجموا رسائل  أرسطو طاليس وكتبوا  شروحاً  لها ؛  وقد ترك لنا أحد الكتاب  الأشوريين جدولاً شاملاً  بأسماء ومؤلفات الكتاب الآشوريين .
( يقصد المؤلف مار عبد يشوع  الصوباوي و فهرسه الشهير _ المترجم ) .

‏لم يكن البطاركة  الآشوريون غافلين عن تنامي قوة وسطوة  الملوك التتار  ( المغول  ) الذين أسقط أحفادهم فيما بعد الخلافة العباسية واخضعوا  لحكمهم قارة آسيا برمتها تقريباً .

‏في فترة مبكرة كان المبشرون الآشوريون قد نفذوا  إلى عمق منغوليا . ومنذ القرن السادس وحتى  استيلاء   ( هولاكو خان ) على بغداد  ، في منتصف القرن الثالث عشر ،  كان الآشوريون قد حازوا على نفوذ  كبير  على قبائل تركستان  ، بل أنهم كانوا يتباهون بأهتداء  اكثر من ملك مغولي على ايديهم .
‏ومن بين هؤلاء الملوك يرد ذكر ( القس يوحنا )
prester Johm الشهير
الذي لعب دوراً بارزاً في الحوليات المبكرة للكنيسة  ، والذي حيك حوله  العديد من القصص الخيالية التي يصعب تصديقها .
ويبدو ان المبشرين الآشوريين لم يحالفهم النجاح
 دوماً  كما حالفهم مع  القس يوحنا (  Prester John ).

‏ومع ان ملوكاً  آخرين من التتر  رفضوا اعتناق الديانة المسيحية، إلا  أن هناك دلائل تثبت ان زوجاتهم وأطفالهم كانوا ، في  حالات كثيرة  ، من بين
المهتدين. وكان لهؤلاء ،  بالطبع ، تأثير في جعل أؤلئك  الملوك يتسامحون مع ديانتهم ،  رغم أن ذلك لم يكن كافياً لتمكينهم من نشر ديانتهم على نطاق أوسع.
ومن بين أولئك  الذين اتخذوا لهم زوجات مسيحيات ، يمكننا أن نذكر  ( جنكيز خان ) الذي من المحتمل أن يكون  اولاده  الأربعة قد تلقوا  تربية  مسيحية على يد والدتهم.
‏كان رئيس اساقفة  الفرع  المغولي لكنيسة المشرق يقيم في مرو. هذه المدينة التي شيدت على أنقاض ( مارگيانا الكسندريا ) مدينة الفاتح  المقدوني  ( الاسكندر الكبير _المترجم )  ، كانت  تقع على الحدود الجنوبية الغربية لتلك السهب الشاسعة  التي تمتد نحو الشرق حتى تخوم  الصين ، والتي كانت تشكل في ايام إزدهارها المحطة الرئيسية في طريق القوافل العظيم بين بلاد فارس وبخارى ، بلخ ، وسمرقند ،  ومدن ترانسوكسيانا ( Transoxiana).
‏في مرحلة لاحقة إحتلت القبائل  التترية المترحلة هذه السهول  وقد اطلق  المؤرخون المسيحيون الأوائل على اكبر هذه القبائل تسمية ( الكيراتيين )  The  Keraites.
‏وكان زعيم تلك القبيلة يعتبر ملكاً لذلك الاقليم المترامي  . وكان يقيم في مدينة ( كراكورام ) Karakoram الواقعة على سفح  جبال ( آلتاي )  حيث يدفن ملوك  بني قومه.
‏انه لشيء رائع واستثنائي أن يكون احد بطاركة  الآشوريين أول من يعلن في بلاط الخلفاء ، عن زحف تلك القبائل التي لا تعد ولا تحصى من الشمال والتي قدر لها ، قبل مرور وقت طويل،  أن  تكتسح   سلالة   النبي  ،  و أن  تنجس  قصور  بغداد عاصمة الخلافة.
‏أن الحدث كما يصفه كتاب شرقيون ، مشوق إلى حد كبير ويصور على نحو أخاذ  عادات وأسلوب حياة الناس الذين يقيمون الآن في المدينة التي شهدت تلك الأحداث التي هي جديرة بالتدوين .
‏كان البطريرك الأشوري قد تسلم رسالة من ميطراپوليط (
رئيس اساقفة ) ( سمرقند ) يقدم فيها وصفاً للقوم الذي ظهر على مسرح الأحداث .  أسرع البطريرك إلى نقل الخبر إلى الخليفة وقرا الرسالة على مسامع الحاضرين في مجلسه  من المستشارين ورجال الحاشية.

شعب تعداده  كأسراب الجراد التي تحجب الشمس ، انطلق من الجبال الواقعة بين التبت وكوثان ،  يتدفق
كالسيل الجارف على سهول كشغر الخصبة بقيادة
سبعة ملوك تحت امرة  كل منهم  سبعون الف مقاتل من الفرسان . كان هؤلاء المقاتلون ذوي بشرة  سمراء
كالهنود  . لا يستخدمون الماء للوضوء ،  ولا يحلقون شعرهم.  أنهم أمهر  رماة السهام ، قانعون بوجبات
طعام بسيطة وخيولهم  تقات  باللحوم .
 استمع العرب  بدهشة الى  هذه التقارير الغريبة التي يصعب تصديقها .
ان طريقة اطعام الخيول  ادهشتهم  بنوع خاص ، لكنهم رفضوا تصديقها الى ان اعلن احد الحاضرين انه كان قد رأى بأم عينه في شبه جزيرة العرب خيولاً تقات
لا  باللحم  فحسب ، بل وبالسمك المقلي أيضا.

‏لن ازعج القارئ بسرد مفصل عن اخفاقات أو نجاحات المبشرين الآشوريين في قلب آسيا،  رغم أن تاريخ نشاطهم التبشيري في تلك الأصقاع مثير للاهتمام إلى حد كبير.
‏لكنني لا استطيع الأحجام عن إضافة قائمة بأسماء المطارنة (  رؤساء الأساقفة )  الذين كانوا ، إبان  احتلال هولاكو خان لمدينة بغداد ،  يقرون بسلطة البطريرك الأشوري كرئيس لكنيسة المشرق.
 أن الغاية من هذه القائمة هي  اطلاع  القارئ على مدى نجاح البعثات التبشيرية  الآشورية  في تلك الحقبة وتأثيرها  الكبير في نشر المسيحية في قارة آسيا.
‏كانت الابريشيات متناثرة في طول القارة وعرضها،  من شواطئ بحر قزوين إلى بحار الصين ومن اقاصي التخوم الشمالية ل ( Scythia  ) الى جنوب شبه القارة الهندية.


‏وهذه أسماء ابريشيات كنيسة المشرق:
1_ عيلام وجنديشابور ( سوسيانا ، او مقاطعة خوزستان من بلاد  فارس )
2_ نصيبين  3_  ميسان او البصرة 4_ آثور 5_ او حدياب وتتضمن مدينتي  الموصل وأربيل 5_ بيث گرمي او ، بيث سيلوقيا،  وكرخا  6_حلوان  7_ فارس ، وتشمل مدن اورميا ، سلماس ووان. 8_ مرو (في خراسان ) 9_هراة 10_ قطربا 11_ الصين  12_ الهند 13_ارمينيا 14_ سوريا ، او دمشق 15_بردع   ، اذربيجان ( مقاطعة اذربيجان الفارسية ).
16_الري 17_الديلم ( الى الجنوب من بحر قزوين ) 18_سمرقند 19_تركستان 20_بلخ 21_سجستان 22_همدان (ميديا ) 23_خان بالق( كمبالو، او بكين في الصين ) 24_ تانكوث  ( في تتاريا ) 25_كشغر  ونواكوت
(احدى مقاطعات تتاريا )
‏كان جميع هؤلاء  إلمطارنة  على اتصال مباشر مع البطريرك النسطوري .
 اما اولئك  الذين تعذر عليهم حضورهم شخصياً لإظهار طاعتهم للبطريرك كرئيس لكنيسة المشرق،  بسبب بعد كراسيهم عن مقر البطريرك ، كانوا يبعثون كل ست سنوات ببيان  عن وضع  رعاياهم ويجددون  فيه ولاءهم وتمسكهم بأيمانهم .

                ( انتهى الجزء الثاني )