المحرر موضوع: مقتدى الصدر يستثمر الحدث الفلسطيني لإثارة الشارع العراقي  (زيارة 420 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31658
    • مشاهدة الملف الشخصي
مقتدى الصدر يستثمر الحدث الفلسطيني لإثارة الشارع العراقي
الرئاسة العراقية تدعو المجتمع الدولي إلى ضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
العرب

القضية الفلسطينية وسيلة فعّالة في دغدغة مشاعر العراقيين
بغداد - منحت الأحداث الدامية الجارية في غزّة ومناطق إسرائلية رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر فرصة قطع حالة الانكفاء السياسي التي يعيشها منذ أشهر، في ظل التراجع الواضح في شعبيته وعدم اهتمام الشارع العراقي بتعاليقه الخارجة عن المألوف، وتجاهله لدعواته إلى التظاهر، بعد أن كانت قدرته على تحريك الشارع أحد أمضى أسلحته في مواجهة خصومه السياسيين.

ودعا زعيم التيار الصدري إلى مظاهرة مليونية موحدة يوم الجمعة المقبل في بغداد دعما للفلسطينيين.

وتمثّل الدعوة إلى المليونية أمرا معهودا لدى الصدر الذي أبدى خلال السنوات الأخيرة طموحات سياسية كبرى وصلت حدّ سعيه للسيطرة على البرلمان والحكومة، مستغلا فشل أبرز منافسيه من داخل العائلة السياسية الشيعية في قيادة البلاد في مقابل تزايد شعبيته باعتبار عدم مشاركته بشكل مباشر في تجربة الحكم القائمة منذ أكثر من عقدين، والتي توصف بالكارثية.

وكان مقتدى قد انخرط بقوّة في الحراك الجماهيري الكبير الذي شهده العراق سنة 2019، قبل أن يكتشف المتظاهرون أنّ الرجل اخترق حراكهم بهدف التحكّم في مداه ومنعه من تهديد النظام الذي يأمل الصدر نفسه في قيادته.

تظاهر العراقيين دعما للفلسطينيين ليس بالضرورة استجابة لمقتدى الصدر المعروف عنه استغلاله لتحركات الشارع

وتجلّى تراجع جماهيرية زعيم التيار الصدري في عدم استجابة الشارع مؤخّرا لدعوته إلى تجديد انتفاضة أكتوبر في ذكراها السنوية الرابعة.

ومنذ ظهوره بعد الغزو الأميركي للعراق، عرف مقتدى الصدر بتصريحاته النارية وبتعاليقه الصادمة حدّ الغرابة في الكثير من الأحيان.

وقد حرص دائما على الظهور بمظهر رجل الدين البارز باعتبار انتمائه إلى أسرة آل الصدر ذات المكانة في مجال التدين الشيعي. كما قدّم نفسه للعراقيين كمصلح وكمقاوم شرس للفساد.

غير أنّه لم يستطع أنّ ينفصل بالكامل عن منظومة الفساد المتغلغلة بعمق في مفاصل الدولة العراقية. وكان في كل مرّة يواجه فيها تياره فضيحة فساد يلجأ إلى تحميل أفراد في التيار مسؤولية ذلك ويسارع لتجميد نشاطهم، بل منعهم من مغادرة أماكن معينة في بعض الأحيان حيث ينصّب نفسه قاضيا ومنفّذا للأحكام في الآن ذاته.

وقال الصدر في بيان أصدره الاثنين إنه “من الواجب علينا نحن العراقيين المجاهدين المقاومين للاحتلال الأميركي وكل محب للقضية الفلسطينية الخروج بمظاهرات مليونية سلمية موحدة في ساحة الإصلاح والمظلومين: ساحة التحرير ليرتفع صوت الجهاد من العاصمة العراقية بغداد”.

كما طلب من المتظاهرين “حرق الأعلام الإسرائيلية ورفع الأعلام الفلسطينية جنبا إلى جنب مع العلم العراقي”.

كما حدّد موعد التظاهر بـ”يوم الجمعة القادم بعد صلاة جمعة موحدة في زحف مليوني من جميع المحافظات”، معتبرا أن الخطوة “إثبات للفاسدين والظالمين أننا مستمرون بدعم الإصلاح والمقاومة”.

ودعت الرئاسة العراقية من جهتها المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته وضمان حقوق الشعب الفلسطيني. وقالت في بيان “نجدد موقف العراق الثابت إزاء القضية الفلسطينية وبما يعبر عن الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في نيل كامل حقوقه المشروعة، وندين بشدة الاعتداءات الوحشية التي تمارس ضده”.

وقالت الحكومة العراقية على لسان متحدثها باسم العوادي إن العراق “يؤكد موقفه الثابت، شعبا وحكومة، تجاه القضية الفلسطينية ووقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني في تحقيق تطلّعاته ونيل كامل حقوقه المشروعة”، معتبرة أنّ “الظلم، واغتصاب هذه الحقوق، لا يمكن أن ينتج سلاما مستداما”.

القضية الفلسطينية تحظى بدعم شرائح واسعة من العراقيين الناقمين، ليس على إسرائيل تحديدا، لكن على داعمتها الولايات المتّحدة في المقام الأول

وما زالت القضية الفلسطينية تحظى بدعم شرائح واسعة من العراقيين الناقمين، ليس على إسرائيل تحديدا، لكن على داعمتها الولايات المتّحدة في المقام الأول، والتي يحمّلونها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في بلدهم بفعل غزوها له وتدميرها لبناه التحتية ومؤسساته استنادا إلى أدلّة مفبركة وتعلاّت واهية.

لكنّ خروجهم المتوقّع للتظاهر دعما للفلسطينيين لن يكون بالضرورة استجابة لمقتدى الصدر، نظرا لما عرف عنه من استغلاله لتحرّكات الشارع وتجييرها لمصلحته.

وصدرت في منتصف سبتمبر الماضي دعوة إلى التظاهر في بغداد احتجاجا على سوء الأوضاع وفشل حكومة الإطار التنسيقي بعد عام على تشكيلها في حل مشاكل البلاد، تبنّتها حركة تطلق على نفسها اسم “متظاهري الشعب”.

لكن شكوك العديد من الملاحظين اتجهت صوب وقوف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وراء الدعوة باعتباره سيكون أكبر المستفيدين من أي عملية تسخين للشارع العراقي، بعد أن عانى التهميش ضمن العائلة السياسية الشيعية التي ينتمي إليها ولم يحصل على المركز القيادي في تجربة الحكم القائمة، والذي لطالما اعتبره حقا أصيلا له.

ورأى البعض أنّ البيان المذكور حمل ملامح الخطاب السياسي الصدري، معتبرين أنّ ضعف الاستجابة لدعوة التظاهر مثّل مظهرا آخر لتراجع شعبية الصدر وهزيمة سياسية أخرى له تضاف إلى سلسلة الهزائم التي ظل يراكمها منذ فشله في مواجهة خصومه المتجمعين تحت يافطة الإطار التنسيقي، وعدم قدرته على فرض نفسه كقوة مؤثرة في البرلمان ومتحكمة في تشكيل الحكومة.