المحرر موضوع: يوم الإمتحان يُكرم المرء أو يُهان  (زيارة 278 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح ابراهيم

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 71
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
يوم الإمتحان يُكرم المرء أو يُهان

لم يخطئ العرب حين قالوا هذا المثل أن في يوم الإمتحان يظهر من كان مستعدا لخوض التجربة الصعبة و إثبات الوجود، أم يصاب بالهزيمة وخيبة الأمل فيكون عارا على اهله و خزيا لنفسه ولأصحابه .
منذ كنا صغارا كنا نسمع عن القضية الفلسطينية والجهاد ضد المغتصبين واسترجاع الأرض واعادة الكرامة المهانة للعرب . ونسمع من الإذاعات العربية والمصرية خاصة التي كان جمال عبد الناصر يهدد بخطبه الرنانة اسرائيل برمي شعبها في البحر . وكنا نتحمس بأن لدينا قادة ابطال كلهم غيرة وحماس لا يقبلون بالظلم والإحتلال الأجنبي لفلسطين . وان الدول العربية التي تنادي بالقومية العربية تشحذ الهمم وتجهز الأسلحة وتعد الجيوش ليوم التحرير.   سمعنا عن معركة الهزيمة الشنعاء في حرب مصر مع إسرائيل في عام 1956، و شهدنا حرب العرب عام 1967 ضد إسرائيل والهزيمة المخزية للعديد من الدول عربية المدججة بالأسلحة والطائرات والدبابات وهي تنهزم أمام جيش دولة صغيرة واحدة حاربت على عدة جبهات . هزمت جيوش العرب مجتمعة في ستة أيام فقط ، حتى استجدى العرب مجلس الأمن للمطالبة بوقف إطلاق النار . ومرت بنا ذكريات حرب 1973 التي سميت بحرب 6 أكتوبر، حيث خططت مصر وسوريا لافتعال حرب قصيرة لتحريك القضية الفلسطينية من السبات الطويل الذي يمر بها، ولكن الحقيقة أن مصر أصابها القحط بسبب احتلال اسرائيل سيناء كاملة وغلق قناة السويس ومنع مرور السفن فيها والتي تدر على مصر عائدات مالية كبيرة بمليارات الدولارات التي تحتاجها لإعادة بناء الجيش وتغذية الشعب .
بعد فشل العرب في تحرير فلسطين و رمي اليهود في البحر كما تمنوا وحلموا، وقعوا اتفاقيات صلح مع العدو وتبادل السفارات . والان نشاهد مرحلة تسابق العرب للتطبيع مع اسرائيل وتبادل السفارات و التبادل التجاري معها، وقد تم نسيان القضية الفلسطينية إلا في مباريات الخطب السياسية الرنانة في المناسبات الوطنية للقادة و الحكام . اما شيوخ المساجد فلا ينسون الحقد الديني بين المسلمين واليهود ، فهم يتبارون في خطب الجمعة لشحن بطاريات المستمعين شبه النائمين أمام المنابر لتحريض المسلمين على الجهاد والبحث عن اليهود المختبئين وراء كل شجر وحجر وقتلهم حسب وصية النبي لهم .
اليوم هو يوم الإمتحان الحقيقي بين العرب واسرائيل . لقد أرادت حركة حماس الإسلامية إبراز عضلاتها و استعراض قوة الصواريخ الإيرانية التي تم تهريبها سرا من إيران عن طريق حزب الله لضرب سكان المستوطنات الإسرائيلية بها يوم التحرير المنتظر . ومكروا ومكر الله معهم، فهو خير الماكرين . خططت حماس للهجوم بغدر يوم السبت 7 أكتوبر بعد أن تعلمت الدرس من المصريين ، وقد كان اليهود يحتفلون بعيد كيبور أي يوم الغفران يوم 6 أكتوبر . حيث أقاموا في المستوطنات احتفالات غنائية وموسيقى بهذه المناسبة ، حتى تفاجئوا بنيران وقذائف الصواريخ من جهة غزة تنهال عليهم مثل المطر، وبعض الطائرات الشراعية تحمل مقاتلين يطلقون على المحتفلين العزل نيران أسلحتهم من الجو ، وصواريخ تنهال عليهم من بر غزة ومن البحر . ثم تلاه هجوما بريا لمقاتلي حماس و الجهاد الإسلامي يدخلون المستوطنات بالسيارات والدراجات النارية وآخرون مشيا على الأقدام . وبدأت عمليات القتل والذبح بالجملة للمستوطنين اليهود. ثم أخذوا أكثر من مائتين من المستوطنين اسرى وسبايا من الجنود والنساء والأطفال إلى داخل غزة كرهائن .
انهالت الصواريخ الإيرانية على المدن الإسرائيلية بالجملة ، ادعت حماس أنها أطلقت 5000 صاروخ على مدن اسرائيل في اول يوم الهجوم. أصيب الجيش الإسرائيلي بذهول من هول الصدمة، حيث فشلت كل أجهزتهم الاستخبارية وعناصر الموساد المزروعين داخل غزة من كشف التحركات والاستعدادات لحركة حماس وحليفتها الجهاد الإسلامي . اما حزب الله فهو ينتظر النتائج ليمارس دوره الذي طالما تبجح به المعمم والعميل الإيراني حسن نصر الله لسنوات عديدة إنه ينتظر يوم الحسم وتحرير أرض فلسطين ومزارع شبعا اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي . لكنه أجبن و تخاذل وخذل حلفائه ولم يشارك إلا بمناوشات حدودية لحد الآن، ولم يفتح جبهة جديدة من جنوب لبنان بسبب التهديد الأمريكي القوي الذي سيتكفل بتدمير حزب الله وقواعده إذا ما تجرأ وشارك بالهجوم على إسرائيل .

اليوم بدا يوم الإمتحان حيث يُكرم العربي فيه أو يُهان .
المعارك مشتعلة والصواريخ والطائرات الإسرائيلية ترد الصاع صاعين وأكثر ، قذائف الطائرات والمدفعية تنهال فوق أحياء غزة ومدنها وقراها، وفوق رؤوس أهلها العزل، الأبراج والعمارات والمنازل تتهدم بالجملة، أحياء كاملة مسحت بالأرض . المساجد والجامعات الإسلامية اختفت من الوجود، الصراخ والعويل في كل مكان، اهالي غزة بلا مأوى، إسرائيل قطعت عن غزة إمدادها بالماء والكهرباء والوقود والغذاء والأنترنيت . المستشفيات ممتلئة بالجرحى والمصابين وجثث القتلى . المعابر مع مصر أغلقت وتوقف العبور نهائيا بالاتجاهين . مصر رفضت دخول المهاجرين واللاجئين أبناء غزة الى سيناء خوفا من الطوفان البشري الفلسطيني على أرضها ومدنها وتحملها مسؤولية اعالتهم المكلفة  وخوفا من قصف إسرائيل لأرضها ومدنها لمتابعة حماس ومقاتليها .
الجيوش العربية غير مهتمة بما يحدث بين الفلسطينيين وجيش اسرائيل وكأن الأمر لا يعنيهم. القادة العرب والسياسيون والأحزاب في سبات عميق . بعض رجال الدين المسلمون تذكروا واجباتهم الدينية وكراهية اليهود التاريخية ، فهيجوا اتباعهم والرعاع والمراهقين منهم للخروج بمظاهرات للصراخ والتنديد الفارغ لتسجيل موقف سياسي وديني فقط، وبعدها كل فرد يعود لبيته وكأن شيئا لم يكن .
أين هم حكام الدول وأصحاب الخطب الرنانة التي كنتم تصدعون رؤوسنا بها ؟
أين صراخكم فلسطين في قلوبنا ؟ أين المساعدات الطبية والغذائية لشعب يموت من الجوع والمرض وحدوده مقفلة ولا من يتحرك لفتحها !
أين هي الجيوش الجرارة التي يصرفون أموال الشعب لتسليحها ليوم المحن، والصدأ يأكلها في مخازنها ؟
لم نسمع أي فارس من فرسان الخطب الرنانة يتكلم لمساندة شعب غزة . الكل بلع لسانه      و احتضن زوجته ونام ليله دافئا مسترخيا، واهل غزة يموتون كل يوم بالمئات حتى وصل عدد القتلى إلى 3500 والجرحى إلى 12 ألف  ولا من مغيث !.
نحن نعرف أسباب الصمت وسبات القادة العرب الذين يرتعشون فوق عروشهم ، بل هم يجيدون الإسناد باللسان والتصريحات الرنانة فقط . والأسباب هي :

-   يتجنبون الحرب مع دولة وجيش اسرائيل الذي لا يقهر . الذي سبق وان جرب بعدة حروب والنتيجة الهزيمة الساحقة والمذلة، فمن يتورط معهم من جديد ؟
-   اسرائيل تقاتل عصابة إرهابية متطرفة اسلاميا من جماعة الإخوان المسلمين والجهاد الإسلامي المنبوذة عربيا وعالميا، هؤلاء يتمسحون بالدين قبل الوطنية، أنها منظمات ارهابية لا تستحق إسنادها ودعمها، وإلا سيكون من يساندها هدفا للطائرات وصواريخ إسرائيل .
-   لن يتورط العرب مع اسرائيل لأن اقوى الدول بالعالم تساندها وتعتبرها صاحبة حق في الدفاع عن شعبها وأرضها . وأن العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، ومن بدأ الحرب والاعتداء على المستوطنين الآمنين الآن هي حركة حماس الإسلامية وشريكتها منظمة الجهاد الإسلامي . ليتلقوا نتيجة أعمالهم . ومن كان بيته من زجاج لا يرم الناس بالحجارة.
لقد دمرت حماس بروعنتها البنية التحتية للمباني في غزة والمدارس وأبراجها السكنية وعماراتها وجامعاتها ومشافيها ومنازل أهل غزة الذين باتوا بلا مأوى في الشوارع و يسكنون الخرائب .
أين هم قادة منظمة التحرير  الفلسطينية وفتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذين يتقاتلون فيما بينهم داخل المخيمات من اجل النفوذ والمال والمناصب . لم يتحرك أي منهم للدفاع عن فلسطيني غزة وكأنهم من شعب آخر . أبو مازن (محمود عباس) يزداد وزنه يوما بعد يوم و أوداجه منتفخة من أكل الدجاج والسمك ، وأهل غزة يقتلهم الجوع أصبح من أصحاب المليارات من سرقة أموال التبرعات للفلسطينيين كما كان سلفه ياسر عرفات اللص المليونير ، الذي قتلته الموساد بالسم المشع لغلق فمه الكبير .
اليوم يوم الإمتحان وفيه يكرم العربي أو يُهان، لكننا لا نجد من يُكرم اليوم من هؤلاء الحكام ، بل نرى الذل والمهانة على وجوه القادة و السياسيين والحكام العرب الذين لا يجرؤون على لفظ كلمة تنديد بالحرب . كلهم يريدون أنتهاء وموت القضية الفلسطينية التي صدعتهم طوال أكثر من خمسين عاما وبلا حل . ليبقى شعب فلسطين تحت رحمة منظمات الإغاثة الدولية والدول (الكافرة) التي هي من تغذي وتعلم وتداوي شعب منكوب بحكامه والمزايدين على مستقبله من ابطال رامبو حماس والجهاد  وحزب الله المرتزقة وآكلي السحت الحرام من أموال الشعوب المبتلية بحكامها الخونة .
صباح ابراهيم