المحرر موضوع: حسابات إيران في حرب غزة..  (زيارة 164 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31632
    • مشاهدة الملف الشخصي
حسابات إيران في حرب غزة..
« في: 12:04 25/10/2023 »
حسابات إيران في حرب غزة..
حسابات طهران تتطور وتتشكل حسب الأحداث على الأرض في غزة، مثلها كمثل الأطراف المعنية الأخرى.
العرب

لا حلفاء دائمين
واشنطن - ستبقى إيران طرفا مركزيا مع اشتداد حدة الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، إذ تعدّ طهران أكبر عدو إقليمي لإسرائيل، باعتبارها المصدر الرئيسي للمساعدات والتدريب العسكري لحماس.

وبما أن إيران تحتل دورا مركزيا في حرب الشرق الأوسط الحالية، فإن السؤال يحوم حول أهدافها النهائية.

وتقول أليكس فاتانكا، المدير المؤسس لبرنامج إيران في معهد الشرق الأوسط، إن التصريحات الإيرانية منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر تبرز أن هذه الأهداف ليست ثابتة، حيث تتطور حسابات طهران وتتشكل حسب الأحداث على الأرض في غزة، مثلها كمثل الأطراف المعنية الأخرى. لكن حقيقتين أساسيتين تبرزان.

أولهما افتقار إيران لنية الانخراط عسكريا بشكل مباشر في الحرب ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة إذا قررت المشاركة، حيث يجلب ذلك مخاطر للجمهورية الإسلامية ومرشدها الأعلى البالغ من العمر 84 عاما، علي خامنئي.

وتلقى النظام الإيراني ضربات مزعزعة هددت وجوده خلال السنوات الأخيرة. لكن طهران ترى فرصة ذهبية لإثبات رؤيتها للمنطقة المبنية على “محور المقاومة” الرافض لاتفاقيات أبراهام وفكرة اندماج إسرائيل في نسيج الشرق الأوسط.

إيران تريد إبقاء حماس في غزة لكنها ستقبل القضاء عليها من أجل الحفاظ على حزب الله إذا اضطرت إلى الاختيار

لكن للولايات المتحدة والغرب القدرة على تعزيز الأجندة الإيرانية عن غير قصد إن فشلت في التوسط في الصراع بين إسرائيل وحماس بنمط يحترم مطالب الجماهير العربية والإسلامية. وبعبارات أخرى، أصبح مفهوم اتفاقيات أبراهام على المحك وتعدّ طهران أكبر راغب في زوالها.

ووجّه علي خامنئي في السابع عشر من أكتوبر خطابا عن الحرب، وبرزت خلف المنصة صور لسبعة علماء نوويين إيرانيين سبق أن اتهمت طهران إسرائيل بالتورط في اغتيالهم بداية من سنة 2010 إضافة إلى أعمال التخريب التي طالت الأراضي الإيرانية. ولم يكن تصميم المشهد من قبيل الصدفة.

وكانت رسالة خامنئي، على الأقل إلى الجمهور الإيراني، هي أن إيران ردت على إسرائيل من خلال دعمها لحماس على مر السنين. وكان ذلك جزئيا لإبراز الانتقام الناجح، ولتذكير إسرائيل بقدراتها على الرد.

وفي نفس الوقت، بذل خامنئي قصارى جهده لينكر أي دور إيراني مباشر منذ هجمات السابع من أكتوبر. وكان خامنئي يشكك في الحسابات الأميركية في ما يتعلق بالشرق الأوسط، وربما في استعداد واشنطن لدخول حرب غزة، لكنه لم يقلل من شأن قوة الجيش الأميركي إن تحرّك.

وتقوض قلّة فرص تملص إيران من المسؤولية رغبتها في المخاطرة ببقائها السياسي لمجرد مساعدة حماس في حرب أوسع تشمل الولايات المتحدة. وترتكز كل الاستثمارات الإيرانية في محور المقاومة وعقيدة “الدفاع الأمامي” على فكرة بسيطة مفادها أن من الأفضل للبلاد أن تواجه خصومها خارج حدودها من خلال وكلاء مسلحين موالين لها.

ولكن لا بد من التشكيك في رغبة إيران في المخاطرة ببقاء محور المقاومة. ولا تبدو طهران راغبة في تجنب الحرب فقط، بل تريد كذلك تجنب المخاطرة بمستقبل حزب الله، الذي تعتبره جوهرة التاج بين وكلائها العرب. ولا ينبغي أن يكون هذا مفاجئا. وتبقى أجندة إيران المناهضة لإسرائيل طويلة المدى، وهي تهدف إلى إضعاف إسرائيل عسكريا ودبلوماسيا ونفسيا على مدى السنوات وربما حتى العقود القادمة.

الإيرانيون سيستغلون الحرب في غزة لتبرير مفهوم محور المقاومة، وللضغط على الدول العربية التي تدرس فكرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل

وتوقع خامنئي في 2015 أن “إسرائيل ستختفي خلال 25 عاما”. ولن يكون خامنئي موجودا في 2040 لمعرفة ما إذا كانت توقعاته قد تحققت، ولكن لا يوجد دليل على أنه سيخاطر بنظامه بالتورط في صراع عسكري مباشر يجلب مفاجآت لن يكون مستعدا للتعامل معها، سواء في الداخل أو في المنطقة.

ويمكن لخامنئي بدلا من ذلك ببساطة أن يقول إن هجوم السابع من أكتوبر مثّل انتصارا إستراتيجيا على إسرائيل وهو اللحظة التي وصلت فيها المنطقة إلى نقطة انعطاف.

ومن المرجح أن يواجه حلفاء إيران بالوكالة إسرائيل والقوات الأميركية، من لبنان أو سوريا أو العراق وداخل هذه البلدان. لكن ستمتنع طهران نفسها عن المخاطرة بمستقبل محور المقاومة، بما في ذلك ترسانة حزب الله التي يبلغ عددها 150 ألف صاروخ وقذيفة موجهة نحو إسرائيل.

ولن تطلق إيران قواتها الوكيلة إلا إذا هاجمت الولايات المتحدة الأراضي الإيرانية، وهو أمر غير وارد اليوم. وقد تحاول طهران تشكيل حسابات إسرائيل وإقناعها بعدم اللجوء إلى “قتال” حماس من خلال ضربات حزب الله المحدودة من الشمال.

وتريد إيران إبقاء حماس في غزة على المدى الطويل، ويندرج ذلك ضمن إستراتيجية محاصرة إسرائيل. ولكنها ستقبل القضاء على هذه الجماعة من أجل الحفاظ على سلامة حزب الله إذا اضطرت إلى الاختيار بين الطرفين، فهي تحتاج إلى الاحتفاظ به ليكون رادعا إستراتيجيا ضد إسرائيل والولايات المتحدة على المدى الطويل.

وستتركز طاقات طهران الآن على الساحة الدبلوماسية في المنطقة والعالم. وسيستغل الإيرانيون الحرب في غزة لتبرير مفهوم محور المقاومة، وللضغط على الدول العربية التي تدرس فكرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وتحرص طهران بشدة على تحقيق هذا الهدف إلى درجة أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قرر الأسبوع الماضي الاتصال بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ويصعب أن نتجاهل هنا خط الصدع الأساسي، حيث تتمثل خطة اللعبة الإيرانية في سحب الدول العربية المعتدلة بعيدا عن الولايات المتحدة وإسرائيل، في حين يفعل الأميركيون العكس تماما، مسجلين نتائج متباينة في أحسن الأحوال حتى الآن.

وحاربت حماس منذ تأسيسها خلال 1987 إسرائيل في ثمانية مناسبات. ولم تمتد تلك المواجهات إلى المنطقة الأوسع. ولا تريد أي قوة إقليمية، بما في ذلك إيران، حربا كبيرة في الشرق الأوسط اليوم. ويكمن الاختبار بالنسبة لواشنطن في إدارة هذه الحرب سياسيا في الداخل ودبلوماسيا على الساحة الدولية. ويجب على الولايات المتحدة أن تجد طرقا مبتكرة لطمأنة إسرائيل والعالم الإسلامي بقدرتها على لعب دور الوسيط المحايد في هذا الصراع. وإذا لم تنجح الولايات المتحدة في ذلك، فستوفر فرصة لروسيا والصين، وستساعد إيران على إثبات أن محور المقاومة والكفاح المسلح هو مسار الفلسطينيين الوحيد القابل للتطبيق.