المحرر موضوع: الزواج الأسراري في المسيحية  (زيارة 414 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net

الزواج الأسراري في المسيحية
بقلم / وردا إسحاق قلّو
 ( من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ، ويكون الإثنان جسداً واحداً ) " أف 31:5 "
   في العهد القديم أمر الله المرأة بعد سقوطها في الخطيئة ، وقال ( إلى زوجك يكون إشتياقك ، وهو عليك يسود ) " تك 16:3 " . الله خلق حواء لكي تكون عوناً لآدم ( تك 18:2) وهنا لا يقصد بالعون خادمة ، بل لكي تجعله قادراً على إدراك معنى إنسانيته ودعوته إلى العيش في حب مشترك . الله خلق لآدم زوجة واحدة فلا يجوز تعدد الزوجات ، لكن سماح الله لآبائنا الأوائل من تعدد الزوجات كان من أجل إكثار النسل ، والرجال رأوا في تلك المحبة فرصة لإرضاء شهواتهم . وموضوع تعدد الزوجات لا يعني عندهم كسر الوصية . ولا يعتبروها خطيئة أي ( زنا ) بل الزنا في نظرهم هو أن يتعدى رجل على إمرأة رجل آخر كما فعل داود مع زوجة أوريا الحثي . وحتى الرب يسوع لم يناقش هذا الموضوع مع اليهود في زمانه . أما الأنبياء في العهد القديم فقد وقفوا موقف الضد من تعدد الزوجات عبر التصوير المجازي الذي يقدم الله كعريس على العروس ( شعب إسرائيل ) . وعبر هذه العلاقة تم كشف البنى الشخصية للحب ، والمعيار الداخلي للإتحاد الزواجي ، لهذا يجب على الزوجين أن يكونان أمينين مع بعضهما لأن الله أمين مع شعبه . والشعب الإسرائيلي الذي كان يترك إلهه من أجل عبادة الأوثان ، كان في نظر الأنبياء زنى .
   وفي العهد الجديد لم تشوّه تلك العلاقة بين الزوجين ، إنما يدفعها نحو الأفضل ، فيقول الرسول بولس ( ليخضع بعضكم لبعض بتقوى المسيح ، أيتها النساء ، أخضعن لأزواجكن خضوعكن للرب ، لأن الرجل رأس المرأة كما أن المسيح رأس الكنيسة التي هي جسده وهو مخلصها  . وكما تخضع الكنيسة للمسيح ، فلتخضع النساء لأزواجهن في كل شىء ) " أف 5: 21-23" . كما يأمر الرجل لكي لا يستخدم العنف المتعسف على زوجته ، لهذا قال ( أيها الرجال أحبوا نساءكم مثلما أحب المسيح الكنيسة ، وضحى بنفسه من أجلها ) فالعائلة هي كنيسة صغيرة ، كما هي المدرسة الأولى لتربية الأجيال . فالجر هو رأس العائلة فطاعة المرأة له هي دعوة لتبجيله وإحترامه دون خوف او مهابة . وهكذا حتى في العهد القديم كانت أمنا سارة تنادي إبراهيم ( سيدي ) .
   على الزوج أن يقدم الحب الصادق لزوجته بشكل يطابق حب المسيح للكنيسة والذي حققه في العشاء السري ، وقال ( لأن جسدي مأكل حقاً ، ودمي مشرب حقاً ) " يو 55:6 " . هكذا يجب على الزوجين تفعيل الحب الزواجي ، فالزوج يتحد بجسد زوجته كي يستلما هبة الحياة عبر وحدتهما الأسرارية ، فعندما يلتقيان أمام الكاهن على المذبح يبرزان نذورهما الأبدية بكل حرية ليعلنان عن الحب والأمانة حتى الموت . وهكذا يحققان مبدأ الخضوع لبعضهما البعض . فالطاعة بينهما تؤسس فعل الإصغاء لبعضهما ، أي الإنفتاح كل منهما على الآخر لإستيعاب حضور الآخر ضمن ممكّنات الوجود الشخصي . إنها طاعة الإنجيل .
   يقول الرسول بطرس ( طهروا نفوسكم في طاعة الحق كيما يحب بعضكم بعضاً حباً أخوياً صادقاً ، فليحب بعضكم بعضاً حباً شديداً من صمين القلب ) " 1 بط 22:1 " . كما لا يجوز التفكير في حب آخر خارج نطاق الزواج . لا وبل حتى التفكير في الموضوع الذي يصل إلى حدود الشهوة . لهذا قال يسوع ( إن كل من ينظر إلأى إمرأة ليشتهيها ، فقد زنى بها في قلبه ) " مت 28:5" . لقد قصد يسوع في هذا مقاومة الخطيئة من مصدرها الذي هو الفكر الإنساني قبل أن تدخل مضمار النية والعزم ثم الفعل الفاحش .
   نعود إلى مفهوم العلاقة بين الزوجين . فطاعة المرأة لبعلها لا تعني إلغاء شخصيتها فتسكت على كل شىء وحتى في إبداء رأيها ، إنما المطلوب منها هو أن تصغي إلى زوجها وترمقع بعين الحب من خلال الطاعة والمحبة ، وكذلك على الزوج أن يحبها ببذل ذاته ( حباً ) من أجلها . إذاً الآن وصلنا إلى النقطة المهمة وهي أن الزوجين متساويين في بذا الحب رغم إختلاف الأدوار , فالزوج يبادر في إخلاء ذاته عبر حب زواجي مقدس للزوجة ، وهي بدورها تستلم هذا الحب وتجيب عليه بنفس الدرجة . ولا يعني ذلك إلغاء الفروق بينهما ، بل يحتفظ كل منهما بأصله وكيانه .
   بعد الزواج المسيحي يصبح الزوجان جسداً واحداً في الرب ، أي ثالوثاً مقدساً ، فالرب الذي ربطهم في سر الزواج المقدس ، لا يفرقهم إنسان ( مت 19: 4-6 ) فعليهم أن يعيشا كجسد واحد إلى الموت ، والموت وحده هو الذي يفرقهم . وموضوع ( الجسد الواحد ) لا يعنى به الجماع الجنسي بينمهما بل يتعدى مشاركة الأجساد وحتى الممتلكات ، إلى المشاركة في الحياة ، والأفكار ، والأفراح ، والأحزان ... إلخ .
   سر الزواج هو علاقة النعمة في العهد الجديد . والنعمة في حياة الزوجين تكون مؤثرة جداً تساهم في تحقيق هدف أسمى وهو العمل الخلاصي للزوجين . وهذا العمل أُعِدَ منذ الأزل . فالعروسان هما أوعية حب الله في العالم ، مدعوون جنباً إلى جنب مع العذراء مريم في جعل حياتهم علامة سماح لله لكي يكون حاضراً في العائلة وهو سرها الأساسي . فكما أن الآب والإبن والروح القدس هم عائلة متكاملة مستقلين ومختلفين ، لكنهم يعيشون في حب كامل تجاه بعضهما البعض . وحبهم المتبادل يربطهم معاً مع الله في وحدة مشتركة لا يمكن أن تنفصل . وهكذا يجب أن نرى الزوج والزوجة شخصيتين مستقلتين تصبحان واحداً بالجسد والنفس ، فيتحد الزوجان عبر الزواج الأسراري برباط الحب الدائم مع المسيح . إن الحب القائم بين الأقانيم الثلاثة ملتزم ، ومخلص ، ونهائي ، وغير مشروط ، وهو نفس الحب الواجب توفره في الزواج المسيحي ، فالحب بين الزوجين يشكل علامة أسرارية تعكس الوحدة الأسرارية بين الثالوث في الله . فَسّر الزواج هو علامة منظورة للواقع المخفي بقداسة ونعمة المسيح .
التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) " رو 16:1 "



غير متصل نافــع البرواري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 386
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: الزواج الأسراري في المسيحية
« رد #1 في: 14:05 06/11/2023 »
سلام المسيح اخي وردا
 
عندما خلق الله آدم، قال الله بأنّ كل ما صنعه "هو حسن" ثم خلق المرأة لتكون معينا للرجل، لانّه رأى أن "ليس جيدا أن يكون آدم وحده "تكوين 2 :18". هذا سرٌّ عميق: الرجل والمرأة، الذكر والأنثى ينتميان معا كصورة لشخصية الله، وكلاهما يمكن ان يوجد في الله ، ومعا يصيران كيانا لايمكن ان ينفصل او يتجزأ
لاشيء على الأطلاق أكثر صعوبة على المرء من ان يتحمل الوحدة. فقد قيل أنّ المساجين في السجن الأنفرادي يفرحون لدى رؤيتهم للعنكبوت فقد رأوا على الأقل شيئا ينتمي الى عالم الأحياء.
لقد خلقنا الله لنكون كائنات إجتماعية متقاسمة. في حين أنّ عالمنا المعاصر مجرد من العلاقات وبشكل فظيع.. لقد تمخَّض التقدم التكنولوجي عن افساد المجتمع في مجالات متعددة من الحياة، وبشكل متزايد، فقد جعلت الآلة الناس يبدون غير ضرورين.
نعم الزواج مكرم ومقدّس. وفي العهد القديم يستخدم الأنبياء الزواج لوصف علاقة الله مع شعبه. "وأخطبك لنفسي الى الأبد. وأخطبك لنفسي بالعدل والحق والأحسان والمراحم. أخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الربّ "هوشع 2 :19-20". هنا يُعلن الله محبّته بطريقة خاصة لجميع الناس، ممثلا في الرباط الفريد بين الزوج وزوجته. هذا في العهد القديم. أمّا في العهد الجديد يُستخدم الزواج كرمز للوحدة بين المسيح وكنيسته. ففي انجيل يوحنا يُشبّه المسيح بالعريس، وفي سفر الرؤيا نقرأ انّ " عُرس الحمل قد جاء، وأمرأته هيّأت نفسها" رؤيا 19 :7". وتحويل المسيح للماء الى خمر في عرس قانا، لم يكن امرا بلا مغزى، فمن الواضح انه كان لديه فرحا عظيما بمسألة الزواج. لكن من الواضح أيضا انّ الزواج في نظر المسيح امر مقدّس، وينظر اليه بجدية ويتحدث بصرامة بلا مساومة ضد ادنى خطوة ترمي الى تدمير الزواج او التحلل من رباطه، اسمعه يقول : "إذا  ليس بعدُ أثنين بل جسدٌ واحدٌ. فالذي جمعه الله لايفرقه انسان "متى 19 :6"
محبتي

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net
رد: الزواج الأسراري في المسيحية
« رد #2 في: 21:06 06/11/2023 »
الأخ نافع البرواري المحترم
شلاما دمريا
   فعلاً الإنسان الوحيد أكان في هذا العالم طليقاً حراً لوحده كأدم ، أو في السجن كما تفضلت سيشعر بالوحدة القاتلة لهذا قرر الله أن يخلق له عروس لكي تصبح له صديقة ومعين له في حياته الزمنية . يقول الكتاب يصبحان جسداً واحداً . فكرة حساب الزوجين جسداً واحداً قديمة ذكرت في سفر التكوين ( 24:2 )  . وأكدها الرب يسوع أثناء حواره مع الفريسيين والكتبة ، فقال لهم ( إذاً ليسا بعد أثنين بل جسد واحد . فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان ) " مت 5:19" . والرسول بولس إستخدم في تعبيره عن الموضوع ذاته بنفس المعنى عندما شبه إتحاد المسيح بعروسته الكنيسة كإتحاد الزوجين مع بعضهما ليصبح الأثنان واحد ، وعبّرَ عن هذا الإتحاد بقوله ( إن هذا السر لعظيم ) " أف 32:5 ) .
على العريسان أن يعيشا في فرح دائم وبهذا يفرح الله أيضاً بهذا الفرح وبهذه الوحدة لأن الأثنان هما نواة لكنيسته ، لا يجوز الهجر لأن المسيح الداخل في سر الزواج جعل الوحدة غير قابلة للإنفصال أو الهجر ، لكي لا يقال بعد لكنيسة الرب " مهجورة " ، بينما الهجر والطلاق يجوز خارج الزواج الكنسي .
   المسيح الداخل في سر الزواج يشكل مع العريسين ثالوثاً . المسيح مع عروسته الكنيسة شكلا أيضاً جسداً واحداً موحداً الكنيسة هي الجسد وهو الرأس ، كذلك العريس هو رأس العروس والأثنان جزء لا يتجزأ من جسد كنيسة الرب .
  الزوجان يتقبلا عضوية كنيسة المسيح فيصيرا نفساً حية في جسد الكنيسة الحية . أيات كثيرة تتناول موضوع الكنيسة كعروس للرب وخاصةً رسائل بولس وسفر رؤيا يوحنا .
   يقول الكتاب المقدس عن الزواج الأسراري الكنسي بأن العروسين يصبحا جسداً واحداً .  كما كتب أيضاً بأنهما سيصبحان قلباً واحداً ونفساً واحدة ( أع 32:4 ) . لهذا لا يجوز لأحد الطرفين بعد الزواج الكنسي أن يقررا الفراق بل أن يعملوا في العيش معاً بنفس الحب والوحدة إلى أن يفرقهما الموت .
 شكراً لمشاركتك ولآرائك التي أضافت المزيد إلى الموضوع  . محبتي