المحرر موضوع: الأكراد أخطاؤوا في حساباتهم .  (زيارة 1116 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل داود برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 138
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأكراد أخطاؤوا في حساباتهم .

منذ أنتفاضة آذار عام 1991 في كردستان العراق، سيطر الأكراد في البداية من خلال أفواج المستشارين على القوات الحكومية جميعها، وعلى أدارة المدن بالكامل في كل من دهوك،أربيل،سليمانية..ألخ،وبعد عدة أسابيع هاجم الجيش العراقي المنطقة الشمالية وأنسحبت القوات الكردية والأهالي الى الحدود التركية في 3-31-1991،وهٌجِرَ أكثر من مليون كوردي مع عوائلهم الى الأراضي التركية،وعلى أثرً تلك المعانات من الهجمة الشرسة،بادر المجتمع الدولي من خلال منظمات حقوق الأنسان الدولية ووسائل الأعلام العالمية،المطالبة بحماية الشعب الكوردي من الحملات العسكرية التي تشنها الحكومة العراقية الفاشية ضدًه،وقرر مجلس الأمن أصدار قرار رقم 688 في 5 نيسان عام 1991 يحدد فيه منطقة آمنة للأكراد ( Save haven )،ويتعين على الحكومة العراقية عدم تجاوز تلك الحدود التي تسمى شمال خط العرض 36،وأصبحت مدينة أربيل مقر للمكاتب السياسية لأحزاب المعارضة العراقية بعد أن أصبحت شبه مستقلة،بالأضافة الى مكاتبهم في كل من دمشق وطهران،وكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني يوفًر الحماية والدعم اللوجستي لتلك الأحزاب والمنظمات حتى سقوط النظام في نيسان عام 2003،وأصبحت تلك الأحزاب مَدًينة للقيادة الكوردية التي وفًرتُ لهم كافة مستلزمات الحياة الحرة الكريمة. تعززت وترسخت تلك العلاقة بينهما بعد سقوط النظام في 2003،وفي مقدمة تلك الأحزاب ( المؤتمر الوطني )بقيادة الدكتور أحمد الجلبي،وحركة الوفاق بقيادة الدكتور أياد علاوي بالأضافة الى الزعماء الأكراد السيد مسعود البارزاني،والسيد جلال الطالباني،وهؤلاء القادة،كانت الحكومة الأمريكية تعتمد عليهم كليآ،كما كان هناك مكاتب أخرى لحزب الدعوة يمثله نوري المالكي،والمجلس الأسلامي الأعلى يمثلهم الدكتور عادل عبد المهدي،بالأضافة الى مكاتب للحزب الشيوعي العراقي،وأحزاب القومين العرب، وحزب البعث المؤيد لسوريا.

بعد سقوط النظام في عام 2003 كان المتوقع من القيادات الكوردية أن تطالب قوات التحالف -بالأستقلال عن العراق،بعد أن كانوا منفصلين عنه لأكثر من عشرة سنوات،كما أن القيادة السياسية العراقية المعتمدة لدى الأمريكان في تلك الفترة كانوا من أقرب الناس الى القيادة الكوردية،وكما ذكرنا آنفآ،هم كل من د.أحمد الجلبي، د .أياد علاوي،والسيد عبد العزيز الحكيم،والسيد بحر العلوم ..ألخ، ولكن ما يثير العجب في هذه القضية أن القيادة الكوردية لم تطالب بالأستقلال أي تقرير المصير ،في الوقت الذي كان لهم علاقات متميزة مع الأدارة الأمريكية ،وبنفس الوقت مع القيادة السياسية العراقية،لأنهم كانوا في تلك الفترة يحققون مكاسب مادية لمجموعة محددة من المسؤولين في القيادة ،من خلال الوظائف التي كانوا يشغلونها في الحكومة المركزية وفق نظام المحاصصة،بالأضافة الى نسبة 17./.التي كانوا يتقاضونها من ميزانية الدولة.

في عام 2006 - 2007 أشتد الصراع الدموي بين السنة والشيعة بعد عملية تفجير ضريح الأمامين في سامراء،وبنفس الوقت تَخلًت حكومة الجعفري من ألتزاماتها في تنفيذ المادة 140 من الدستور، والتي تنتهي مدتها في 12-31-2007،والتي تنص على التطبيع - الأحصاء - الأستفتاء ،لتقرير مصير المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية، وحكومة أقليم كوردستان، ومنها كركوك - سنجار - سهل نينوى ...ألخ،وكانت الفرصة سانحة جدآ لأعلان الأستفتاء وتقرير المصير ردآ على عدم تنفيذ المادة 140 من الدستور في وقتها المحدد، ولاسيما بوجود المرحوم الطالباني رئيسآ للجمهورية ،وهوشيار زيباري وزيرآ للخارجية،الفريق بابكر زيباري رئيس أركان الجيش،بالأضافة الى العديد من الوزراء والوكلاء الأكراد في حكومة بغداد،ثم لديهم أكثر من خمسة وخمسين نائبآ كورديآ أعضاء في مجلس النواب الأتحادي،وسادت في تلك الفترة ،حالة من التنمية والأنتعاش الأقتصادي في الأقليم،  وأصبح للأقليم فائض من الأموال،
مع كل هذا لم يطالبوا حتى بنظام كونفدرالي ،لماذا كل هذا الأنتظار؟؟ لا نعرف، وهذا ما لا ندركه!!!،ونحن لسنا ممن يساورهم أي شك في أن القيادة الكوردية مخلصة ومتفانية في سبيل حماية مصالح الشعب الكوردي والدفاع عنها.

في عام 2014 سقطت ثلاث محافظات سنية بيد (داعش ) وكانت الحكومة في بغداد ضعيفة جدآ، تتوسل بالأمريكان لأنقاذها من خطر (داعش )،وكان بأمكان القيادة الكوردية آنذاك أجراء الأستفتاء ثم تقرير المصير،حيث كانت الفرصة موأتية، لأن الحكومة المركزية ( المالكي ) آنذاك توقفت عن تزويد رواتب الموظفين والبيشمه ركة في الأقليم مما تسبب من تداعيات خطيرة التي تترتب على نتائج تلك العملية،كما أن في تلك الفترة لم يكن هناك ألوية الحشد الشعبي قد أكتملت،ولا الفصائل المسلحة المنفلتة التي تستلم أوامرها من طهران ورواتبها من ميزانية الدولة العراقية.
في 25 أيلول 2017 قامت حكومة الأقليم بأجراء الأستفتاء لتقرير مصير الأقليم،وهذا الوقت لم يكن مناسبآ بسبب عوامل عديدة،منها قطع الرواتب عن حكومة الأقليم والتذمر السائد في صفوف الشعب آنذاك،وعدم تأييد الأدارة الأمريكية لأجراء الأستفتاء في هذا الوقت بالذات،كذلك أن الجبهة الداخلية الكوردية غير متماسكة،ولقد شاهدنا كيف تم التعاون بين قيادة الأتحاد الوطني،وقوات حيدر العبادي وقاسم سليماني في السيطرة على مدينة كركوك،ولا تزال كركوك تحت سيطرتهم بسبب أختيار الوقت الغير مناسب لأجراء الأستفتاء.

الآن الذين أستلموا القيادة في حكومة بغداد معظمهم من  الجيل الجديد من الشباب الشيعة لا يعرفون عن السيد البارزاني والطالباني اٍلا القليل،ولا تأثير عليهم من قبل قادة المعارضة الذين كانوا في الخارج.
لقد جاءت فرص عديدة للكورد لأعلان الأستقلال، أو الكونفدرالية ،ولكن لم يستثمروها وأختاروا الوقت الغير مناسب لأجراء الأستفتاء مما أدى الى الأحباط في صفوف الشعب الكوردي،كما أن الأجيال الجديدة من القادة الشيعة المشبعين بمذهب ولاية الفقيه،ومبدأ التقية، لا يؤمنون بالفدرالية ولا بالحكم الذاتي،ويطبقون الشريعة الأسلامية كما هي مطبقة في أيران، (نسخة طبق الأصل) . أن القوميات والأقليات في أيران لا حقوق لها وهم مضطهدون،وهذا ما تؤكده منظمات حقوق الأنسان في هيئة الأمم المتحدة.ولهذا نقول أن الأكراد أخطأوا في تقيمهم للوضع السياسي والأمني ،حيث قاموا بترحيل تحقيق أهدافهم في تقرير المصير الى المستقبل المجهول،وجاءَ الأستفتاء عام 2017 متأخرآ.ربما كانوا يراهنون على علاقاتهم الوطيدة مع الجيل الأول من قادة المعارضة وفي مقدمتهم ،د.الجلبي ،د. أياد علاوي، والجادرجي ،والسيد عبد العزيز الحكيم …ألخ ،وهؤلاء لم يبقً منهم أحدًا في السلطة،منهم من توفي في ظروف غامضة،ومنهم من أبعدَ عن الوطن،وفي ظل هذه الأوضاع المضطربة،وسيطرت أيران على مقدرات البلد بالكامل، من خلال الفصائل الولائية المسلحة التابعة لها،فلم أرى هناك مستقبل للأقليم في العراق، ألا أذا تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر لأنتزاع حقوق الشعب الكوردي من أيران، وهذا من الصعب أن يتم، ألا أذا ضٌربت المصالح الأمريكية في العراق،عندها ستدعم أميركا مطالب الشعب الكوردي لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن في تقرير مصيره في الأستقلال.
داود برنو






غير متصل Farouk Gewarges

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 614
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألاستاذ داوود برنو المحترم ،
    شكراً جزيلاً لما تكتبه لاحداث الخمسين سنة الماضية كشاهد عيان ومشارك في تلك الاحداث . قرار الاكراد في البقاء ضمن الجمهورية العراقية صائب ولا غبار علية ، العالم يتجة نحو التكتل بين الشعوب التي تخدم مصلحة الجميع والدول الاوربية واتحادهم خير مثال , أتمنى لك التوفيق وطول العمر .

غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2254
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الصديق الاستاذ داؤود برنو المحترم
تحيه طيبه
عداالكلام الذي تفضل به مشكوراالصديق الاستاذ فاروق,بوّدي أن اضيف لاُلفت إنتباهك الى أننانعيش في عصر نادرا ما تلاقي  فيه شعبا تسيّدت ارادته ونضالاته على قراراته في رسم مستقبله وتحقيق طموحاته,من هذاالمنطلق اقول سواء أخطأالاكرادفي حساباتهم وسياساتهم ام أصابوا فالامر سيان,لان قضيتهم مرتهنه تتحكم بها مواقف اقليميه ومصالح اطراف دوليه غربيه,فيما يتعلق بالجانب الاقليمي فاتفاقية الجزائر 1975 خير دليل , اما ما يتعلق بالجانب المتمثل بالقطب السياسي الامريكي, فهو لم يكن يوما جادا في زعم حرصه على حق تقرير مصير الشعوب الا اذا كان في ذلك ما يخدم اجندته الخاصه به وهذا ينطبق  بشكل واضح على الأكراد ,بدليل ان اميركا لم تطلب يوما من الحزبين الكرديين المتنازعين ان يتوحدا الاحين تحتاجهم  في تنفيذ اجنده خاصه بها في المنطقه,ليس هذا فقط, أنظر مثلا الى الموقف الامريكي من اكراد تركيا, فهي تعتبر بككه  ارهابيه مثلما سبق وأعتبرت حدك منظمه ارهابيه ايضا , لماذا هذاالاختلال في الموازين ؟
لك أن تتخيّل اخي داؤود كيف تغير الموقف الامريكي من حركة الشيشانيين  بعد احداث 11 سيبتيمبر  2001؟ كانت اميركا  تعتبرهم ثوار مسلمين روس يطالبون بحقهم المشروع من النظام, ولكن بعد أحداث سيبتيمبر التي بسببها قررت أميركا غزو افغانستان, كان لا بد من كسب ود الروس لتسهيل مهمة الغزو, فاشترط الروس على الامريكان  ستة او سبعة شروط من ضمنها اعتبار حركة الشيشان ارهابيه. بجرة قلم وافقت اميركا ضاربة عرض الحائط  كل  مزاعم دعمها  للشيشان. 
شعوب اليوم مسلوبة الاراده  في ظل هذا النظام العالمي
شكرا لكم

غير متصل داود برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 138
    • مشاهدة الملف الشخصي

الأخ الأستاذ شوكت توسا المحترم.
أقتبس مما كتبته (شعوب اليوم مسلوبة الأرادة في ظل هذا النظام العالمي) نعم هذا صحيح، أنا أيضآ مؤمن بذلك.ولكن أميركا تعرف جيدآ بأن أيران تحاول أبتلاع العراق أن شئنا أو أبينا، من خلال الميليشيات المسلحة الموالية لها وأنهاء كيانه كوطن،لأن نظام ولاية الفقيه الأسلامي الشيعي في أيران لا يؤمن بالأوطان،كما هو حزب (أخوان المسلمين السنة )الذي يدعو لأقامة نظام الخلافة الأسلامية في العالم،وأن الدستور الأيراني ينصً على تصدير الثورة الى الأقطار المجاورة،ثم الى العالم أجمع.
أما أميركا،أن سياستها معروفة للجميع حيث تقول لا صديق دائم،ولا عدو دائم،أنها تعمل من أجل مصالحها فقط وليس غير ذلك ،وهذه المصالح موجودة في شمال العراق (كوردستان)،من خلال شركات النفط والغاز الأمريكية العاملة في المنطقة منذ عشرات السنين،ولو لا المصالح الأستراتيجية لأميركا في كوردستان، لما أٌنشٍأَت القواعد العسكرية العملاقة في كل من أربيل ، وحرير.كما أن الأكراد طموحهم وهدفهم هو الأستقلال في كيان سياسي  من خلال ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم بموجب المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

David Barno

غير متصل نبيل دمان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 896
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأكراد وحلم الإنفصال عن العراق / نبيل يونس دمان
نشر بتاريخ الجمعة, 22 أيلول/سبتمبر 2017 ، مضت 7 سنوات على كتابتي المقال، لست اعلم ان كان لا زال يحتفظ بحيويته اليوم الموافق  23- 11- 2023
اكتب انا الانسان البسيط، البعيد عن الساحة، ولكني حاضرٌ بهويتي الإثنية والوطنية، عملت اكثر من اربع سنوات في مشاريع طرق دهوك، وسنتين نصيراً في الجبال ضد الدكاتورية الحاكمة، بقبضة من الحديد والنار. منذ نعومة أظفاري نشأت في بيئة مجاورة، لقاطني قرى من الأكراد خلف جبل القوش وفي سفحه، كنا نتبادل المنتوجات الزراعية بالمقايضة( فواكه مقابل الحنطة) عموماً، وباقي التعاملات التجارية، وقسم كبير من اهلنا اجادوا اللغة الكردية، كان والدي حتى خروجه من العراق عام 2007 يرتدي الزي الكردي التقليدي، ولا يمكن ان تجد في تسجيلاته وحتى اليوم غير الأغاني الكردية، من خجي- سيامند الى حسنانو- حيدره الى غزال- غزل، وكذلك ولدي المولود خارج العراق لا تخلو ابداً سيارته وهاتفه المحمول من الاغاني الكردية الجميلة. كان ذلك قبل ان تحترق المنطقة بسلسلة حروب دامية، منذ عام 1961، غذتها حكومات عنصرية، وإستهدفتنا جميعا اكراداً وأيزيدية ومسيحيين، كانت تبغي فرض هيمنتها ووصايتها علينا، وتعاملنا كمواطنين من الدرجة الثاني والثالثة، مورس التعريب ضدنا، وضمت المقابر الجماعية نسيجنا الاجتماعي، ومرّ خيرة شبابنا تحت سوط الجلاد وسيفه في السجون الرهيبة.
بعد انتفاضة اذار 1991، الهجرة المليونية، وفرض منطقة آمنة في الشمال، اصبح الاقليم شبه مستقلاً، واعتقد بدأ من ذلك الحين يخطط للانفصال، وشرعت تتغير معالم المنطقة الى كردية بمعظمها، ابعدت العربية عن التداول والدراسة وتسمية المعالم، بعد مرور ربع قرن احتاج الشعبين العربي والكردي بشكل عام الى مترجمين بينهم، وبالمقابل انهكت تلك المرحلة من الحصار الظالم باقي اجزاء العراق، فعاشت الفاقة والحرمان، والحصار المزدوج.
عند حلول 2003 تصور الاكراد بعد سقوط الدكتاتورية المدوي، بان العراق سيغدو دولة ديمقراطية، ومفتاحاً لشرق اوسط جديد، فوضعوا كل ثقلهم في التفاعل مع التغيير، الذي لم تجري رياحه كما تشتهي السفن، بل سادته الفوضى ونشب القتال تحت ذريعة مقاومة الاحتلال، ليشعل الاوضاع، باستثناء الاقليم الذي كان يمر بطور مختلف، بعد توفر الحماية الدولية له. استثمر الوضع الجديد الاكراد لصالحهم وبغية انفصاله اللاحق، عندما غرق العراق بجرائم داعش الارهابية بخاصة بعد عام 2014 ، وضح الاكراد خططاً اضافية في توسيع مناطق سيطرتهم بالقوة، في غمار حرب الارهاب وداعش المفروضة، كركوك تم السيطرة عليها بالكامل في تلك الفترة. بعد ان استفحل الوضع، لم يعد بالامكان الاستمرار، فقرروا اللجوء الى ورقة الاستفتاء، لتشمل حتى المناطق المسماة" متنازع عليها" وغيرها من المناطق العائدة تاريخيا الى المكون المسيحي والايزيدي بخاصة، لقد اراد الاكراد النأي بأنفسهم عن الاوضاع القائمة، واستغلوا فرصة الخراب الشامل الذي خلفه داعش في المحافظات" السنية" اذا صح التعبير، مضى الاكراد وعندما نقول الاكراد لا نقصدهم بالمطلق بل نركز على احزابهم المتنفذة في بهدينان وسوران، فاستخدموا كل الطرق لاستمالة الناس وكسبها، وحتى الذين كانوا ادوات بيد النظام السابق من العسكريين والمرتزقة( الجحوش) والمخابرات، اضافة الى الشيوخ ورؤساء العشائر استمالوهم، بطريقة العصا والجزرة المعروفة، والتي طبقها صدام قبلهم، فاحكموا السيطرة على المناطق والاوضاع بقوة ونفوذ الاحزاب، وفتحت الباب على مصراعيها للتدخلات الدولية وخصوصا الاسرائلية والتركية وحتى الايرانية، باتت شركات واسثمارات ومقاولات تصول وتجول واستحوذت التركية منها على حصة الاسد، بخاصة على الاقتصاد وتصدير النفط وعمليات البناء والتوسع التي ضاعفت المدن والبلدات في الاقليم، الى اضعاف ما كانت عليه قبل عام 1991.
بعد هبوب الرياح الاسلامية على المنطقة، جراء الصراع العربي الاسرائيلي المزمن، انتبهت تركيا التي كان اقتصادها في اضعف حال، ايام رئاسة توركوت اوزال حكومتها في مطلع التسعينات، وايضا ساهم انهيار الاتحاد السوفيتي الذي انبثقت منه جمهوريات اسلامية قريبة من تركيا، فتفاعلت كل تلك العوامل الى وصول حزب العدالة والتنمية فيها ذات التوجه الاسلامي، وبقيادة اردوغان الذي وجه انظاره بقوة الى العمق الاسلامي وعمقه التاريخي من سنين حكم الدولة العثمانية، فكانت اولى محطاته اقليم كردستان.
هكذا لعب طور التسعينات دوره في تشديد الحصار الاقتصادي على الشعب العراقي، فيما انتعش وضع الاكراد المستقر نسبياً، بفضل المظلة الجوية والمساعدات الاجنبية في استتباب الامن في الاقليم، ونهوض ثقافي وفكري واجتماعي لا ينكر، باستثناء ما تخلل ذلك من اقتتال بين الفصيلين الرئيسيين في اواسط التسعينات، وتدخل قوات صدام لصالح احدهما في السيطرة على اربيل.
بعد السقوط انهارت البنية التحتية للدولة العراقية، وحل الجيش العراقي، وشرعت الحرب الاهلية الطائفية على خلفية الاحتلال وبذريعة مقاومته، كل ذلك والاقليم له تجربته في الادارة والاقتصاد الذي تنامى اكثر فاكثر بعد السقوط، وتخللتها موجة ثراء وامتيازات طبقية وعشائرية وحزبية، وكذلك سوء ادارة وفساد مستشري وانغلاق خانق. لمن لا يعرف ماذا حصل في الاقليم على مدى الربع قرن الاخير عليه مراجعة تقارير منظمات حقوق الانسان، ومنظمات الدفاع عن المرأة، وكذلك نزيف الهجرة من الاقليم الى الدول الاوربية بخاصة. كل تلك الامور عكست نفسها لواقع غير مشجع ولا مؤهل للانفصال، كدولة تستطيع الحياة ومقاومة عاديات الزمن.
مع اقتراب نهاية داعش وسيطرته على مدن كبرى ومساحات واسعة، تصاعدة نبرة الاستقلال بشدة، ولهذه المسألة اسبابها التي اشرنا اليها، ولم تحظ الخطوة بتأييد من العالم أجمع باستثناء اسرائيل، التي هدفها خلق بلبلة وكيان مقتطع له خاصية جذب وتجاذب مع المحيط من الدول الاخرى، وهي كل من تركيا وسوريا وايران. اسرائيل في كل محن العراق كانت تركز عليه اعلامها وجهودها، لانه ارض السبي البارز في التاريخ للشعب اليهودي في حقب ملوك اشور وبابل، ان نظريتها المعروفة دولة من النيل الى الفرات، لا زالت تحمل كامل حيويتها واندفاعها للتمدد في الشرق الاوسط، المكان الاكثر اهمية في العالم لجملة اسباب، وفي مقدمتها انه مثوى الرسالات السماوية الثلاث. بدل ان تفكر بطريقة اتباع نهج التنازلات المتبادلة بينها وبين الفلسطينيين، لايجاد ارضية صالحة لوضع حد للصراع الاسرائيلي- العربي، الذي يترك الشرق الاوسط برمته غير مستقر تنهشه الازمات والحروب. لا اعتقد هذا الزواج غير المقدس بين الكيانين، ستكون له دوامة الاستمرار والنجاح، ولنا تجربة تاريخية بهذا الخصوص في بداية سبعينات القرن الماضي، وتحالف الحركة الكردية انذاك مع ايران الشاه محمد رضا بهلوي، ثم فجأة تخلى الشاه عنهم في اتفاقية الجزائر عام 1975، فانهارت الحركة الكردية وذاقت طعم هزيمة، تحملها شعبها بمرارة لعقود قادمة.
عندما تنضج ظروف الانفصال على اساس حق تقرير المصير، يتم على اكمل وجه، وحدود دولته ستكون عشرات اضعاف هذا الجزء القلق المتوتر، والمستعد لصراعات مسلحة غير محمودة العواقب، ستكون دولة كردية شاملة ديمقراطية تمتد في تركيا وايران وسوريا، وتضم عشرات الملايين من الاكراد المهيئين فكريا وثقافيا وسياسيا لهذا المولود الجديد الذي تتزين به منطقتنا، لا كما يمضي الاخوة اليوم لولادة دولة مشوهة متوترة، جذبت اليها الاعداء من كل صوب، وحتما ستحرق صراعاتها المقبلة كل البناء والتقدم الذي حصل في الربع قرن الاخير، بعد ان اخلت مرغمة دكتاتورية صدام مواقعها في شمال العراق غير مأسوف عليها.
انا اكتب ويكاد عقلي وفكري وما اختزنتُه في دورة حياتي من متابعة ومطالعة، لا يحتمل تجزئة العراق، هذا الوطن الجميل المتعدد الاقوام والطوائف والاديان، وكذلك التضاريس المناخية، والعادات والتقاليد المختلفة، لا ينبغي ان يحدث انقسام فيه في ظروف الحاضر الدامية، في مواجهة الارهاب متعدد الوجوه والغايات، الطائفية والمحاصصة، وتدخل الدين الفض في امور الدولة، والتدخلات الاقليمية التي لم تتوقف، العراق بحاجة الى وحدة وطنية، ودولة مدنية، فيها السلم الوطيد، وفيها العدالة الاجتماعية، والغد لناظره قريب، والوطن الحُر السعيد على مرمى حجَر.

متصل يوسف شيخالي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 182
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قبل نحو ربع قرن كتب صديقي المرحوم وليم ميخائيل مقالة عنونها «هل يحق للأشوريين وللأكراد إنشاء دولة مشتركة؟». انظر الرابط أدناه. يومها تعرض هذا الموضوع الى العديد من الانتقادات من قبل بعض القوميون الاشوريون: لماذا نحن الاشوريون نكتب عن امكانية قيام دولة كردية على أرض آشور، التي تعتبر مغتصبة على مراحل تاريخية من قبل الأكراد؟
أنا أتسائل: لماذا يعود اليوم بعض سياسيونا ومثقفونا بإثارة هذا الموضوع؟؟؟

https://betnahrain.net/Arabic/Articles/William/wl3.htm

غير متصل داود برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 138
    • مشاهدة الملف الشخصي

الأستاذ يوسف شيخاني المحترم.
لقد أطلعت على الرابط (المقالة التي كتبها المرحوم وليم ميخائيل في نيسان 1999) أقتبس منها .
( لا أحد في العالم يجد أية مصلحة لأقامة مثل هذه الدولة - الدولة المشتركة للأكراد والآشوريين - كما أن الشعبان لا يملكان القدرات والأمكانيات الذاتية التي مكنت شعوبآ أخرى من أنشاء دولها في ظروف تاريخية ملائمة لها ).
من خلال هذا النصً،يعني من المستحيل أن يكون للآشوريين والأكراد دولة، وهذا لا أعتقد صحيح،لأن الأكراد منذ بداية التسعينات من القرن الماضي،هم منفصلين عن العراق وكانوا شبه مستقلين،وتحت الرعاية الأمريكية البريطانية،وبعد 2003 تشكل لهم أقليم فيدرالي ملحق بالدولة العراقية،والمرحلة القادمة هي الدولة المستقلة،ولقد أجرت القيادة الكردية الأستفتاء عام 2017 ليؤكدوا رغبتهم في تقرير المصير،ولكن تم أفشال المشروع بتدخل الجنرال الأيراني قاسم سليماني آنذاك،ولكن المحاولات سوف لن تتوقف وحسب الظروف الدولية.
أما نحن الآشوريون،لا نملك القدرات والأمكانيات التي تؤهلنا للمطالبة بحقوقنا القومية المشروعة.كما أن الهجرة أفرغت القرى وبلدات أبناء شعبنا من الأهالي،وكل كلام عن الدولة الآشورية فهو ضربُ من الخيال،تصور أن مشكلة واحدة للتجاوزات على القرى الآشورية في منطقة وادي نهلة - قضاء عقرة لا نستطيع أن نَجدً حلآ لها،هذا هو الواقع الذي نعيشه،وعليه يجب أن ننطلق من الواقع في رسم خارطة المستقبل،أن القانون مع الأقوى وليس مع الحق.

David Barno

غير متصل داود برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 138
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأستاذ نبيل دمان المحترم.
قرأت ردك إنه رائع،لقد وصفت الأوضاع على حقيقتها في كوردستان،كما إنني مثلك مؤمن بوحدة العراق كوطن مستقل ذات سيادة  يعيش فيه الجميع متساوون في الحقوق والواجبات،ولكن هذا الشيء غير موجود ،ولن يتحقق أبدآ ،بسبب السيطرة الإيرانية عليه،وكثرة فصائل  المقاومة الإسلامية المرتبطة بإيران التي تسيطر على الدولة والحكومة،كمًا أن المحكمة الاتحادية تتأثر بقراراتهم،وان الدستور مليء بالتناقضات ولم ينفذ منه آي فقرة او مادة تتعلق بحقوق المكونات الصغيرة (الأقليات)،بالإضافة الى نمو التيار الإسلامي المتشدد في العراق الذي يدعوا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.



متصل يوسف شيخالي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 182
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
السيد داود برنو المحترم
أنا تساؤلي كان، ما هو الغرض من إثارة هذا الموضوع؟ فلم أتطرق إلى إمكانية إقامة دولة كردية أم لا. لذلك ذكرت مقالة المرحوم وليم ميخائيل التي أتفق من مضمونها: بأن شعبنا الآشوري والشعب الكردي في المرحلة الراهنة لا يملكان القدرات والإمكانات الذاتية التي تمكنهم بإقامة دولة مستقلة في العراق، ولا في أية دولة أخرى. وحتى الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي الذي يتمتع به الأكراد اليوم في العراق، يعتمد على مساندة ودعم الولايات المتحدة في هذه المرحلة. فلولا مساندة الولايات المتحدة لمصلحتها الستراتيجية الآنية سيكون من المستحيل المحافظة حتى على الحكم الذاتي.