المحبة هي هدف كل الوصايا ... وغاية المحبة هي الوصايا
( وما غاية هذه الوصية إلا المحبة الناجمة من قلب طاهر ) " 1 طي 5:1"
كمال المحبة يكتمل بتطبيق وصايا الشريعة كلها ، والتي اختصرها الرب يسوع بقوله
( تحب الرب إلهك من كل قلبك ...) هذه هي الوصية الأولى . والثانية مثلها
( تحب قربك كنفسك ) " مت 22: 36-40 " . إذاً المحبة هي هدف كل الوصايا ،
( وأما غاية الوصية فهي المحبة ) " 1 طي 5:1 " .
الكمال لا يتم بالإيمان مهما بلغ ما لم يرتبط بالمحبة ( طالع أنشودة المحبة 1قور 13: 1-3 ) . المحبة أفضل من الإيمان والرجاء التي يجب أن تنصهرا ببوتقة المحبة لكي يتأنى المؤمن في حياته فيتحمل الإثارة والإستفزار والإضطهاد ( غل 5 ) ومحبة الإنسان تشفق على المخطئين إليه أو إلى غيرهِ كما ترفق يسوع على المراة الخاطئة التي ضبطت في ذات الفعل ، هكذا نحن أيضاً يجب أن نعامل الخطاة ، لهذا قال الرسول
( إذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم ، والمذلين كأنكم أنتم أيضاً في الجسد ) " عب 3:13 " والي يعيش في المحبة لا يحسد أحداً ، بل يتمنى له المزيد . وأفضل مثال في الإنجيل عن المحبة التي لا تحسد ، موقف يوحنا المعمدان من المسيح الذي بدأ يبرز أكثر منه ، فقال
( لا بد له من أن يكبر ، ولا بد لي من أن أصغر ) " يو 30:3 " كما أن الذي يعيش في المحبة لا ينتفخ متكبراً على الآخرين ، بل يتعامل معهم بمودّة عندما نقرأ سيرة القديسين البالغين في علو المحبة فنجدهم يقولون عن أنفسهم بأنهم خطاة ، والرسول بولس العظيم الذي أختطفه الروح إلى السماء الثالثة . خير مثال على هذا ، قال
( والخطاة الذين أولهم أنا ) " 1 تي 15:1 " .
على المؤمن أن ينبذ الكبرياء والتفاخر وحب الذات ، لهذا قال
( لا أفتخر إلا بضعفاتي ) " 1 قور 5:12 ". وهكذا المحبة لا تقبح أو تجرح أحداً أو تظهر مساوءه للآخرين ، بل
( المحبة تستر كثرة من الخطايا ) " يع 20:5 " والمحبة لا تطلب ما لنفسها ، بل تهتم بالاخرين ( فل 4:2 ) فالذي لا يطلب لنفسهِ ، بل يقدم غيره في الكرامة فهو ذلك الإنسان الذي يتكأ في نهاية المجلس . والمحبة لا تحتد لأنها مستعدة لإحتمال الإزدراء والمهانة بكل حب ( أف 31:4 ) وأبرز مثال على هذا محبة داود الملك عندما أساء إليه إبنه وخانه لكي يستولي على عرشه ، لم يحتد عليه بل أوصى قادة جيشه قائلاً لهم
( ترفقوا بالفتى إبشالوم ) " 2 صم 5:18 " هذه هي المحبة الحقيقية التي تتانى وترفق والتي لا تظن السوء لأحد مهما بلغت أخطائه . كما أن المحبة لا تفرح بالأثم ، لهذا يقول الكتاب
( لا تفرح بسقوط عدوك ولا يبتهج قلبك إذا عثر ) " أم 17:24 " فداود لم يسر بموت شاول ، بل رثاهُ وبكى عليه ( طالع 2 صم 1 ) . أما فرح المحبة فهو بالحق الذي يوافق إرادة الله . فالإنسان المحب يقف مع المظلومين ولو كانوا أعداءه .
هكذا المحبة تتحمل كل شىء كإحتمال الرسل والشهداء والأنبياء جميع أنواع العذابات حتى آخر قطرة من دمائهم ( 2 قور 6 ) والذي يعيش في المحبة يصدق كل شىء ، لكن أولاً وصايا الله أكثر من أقوال الناس ، فكل ما يعارض كلام الله يجب أن لا نصدقه . كما أن المحبة ترجو كل شىء ، فالرجاء هو أولاً بالله أكثر من الرجاء بأي إنسان مهما بلغت منزلته . لهذا تقول الآية
( الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء ) " مز 118 " . والمحبة يجب أن تصبر على كل شىء كإحتمال الآلام من أجل المسيح الذي تحمل من أجلنا .
أخيراً نقول : أن المحبة لا تسقط أبداً لأنها قوية كالموت كما يقول سفر نشيد الأناشيد . فمياه كثيرة لا تستطيع أن تطفىء المحبة والسيول لا تغمرها ( نش 8: 6-7 ) وذلك لأن المحبة متقدة كالنار ، وقوية وثابتة كالبيت المبني على الصخر . لا يمكن أن تزعزعها الرياح . وهكذا يجب أن نكون كاملين في المحبة لأن
( الله محبة ) والله أظهر محبته على الصليب عندما غفر لصالبيه ، قال:
( يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون ! ) التوقع
( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) " رو 16:1 "