المحرر موضوع: كنيسة اللاتين تحتضن قبر العلامة أنستاس الكرملي سلسلة أبنية بغدادية تراثية ٢٢  (زيارة 2075 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 37774
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كنيسة اللاتين تحتضن قبر العلامة أنستاس الكرملي
سلسلة أبنية بغدادية تراثية ٢٢


عنكاوا دوت كوم/bassam kakka /د. صلاح عبد الرزاق


٤ كانون الأول ٢٠٢٣


في سوق الشورجة العريق وبين جامع الخلفاء ومرقد الشيخ النوبختي السفير الرابع للإمام المهدي (ْع) ، على بعد 100 متر فقط عن كنيسة أم الأحزان للكلدان ، بجوار كنيسة مريم العذراء للسريان الكاثوليك التي هي في طور الهدم ، تتوسد كنيسة اللاتين التربة البغدادية منذ قرابة قرن ونصف بكل أمن وسلام وتعايش مع بقية العراقيين. وتسمى بكنيسة السيدة العذراء للآباء الكرملين ، والكرمل جبل بفلسطين ، حيث نشأت هذه الجماعة المسيحية ، وانتشرت في العالم ، ولها في العراق خصوصية.
في بغداد توجد (٧٤) كنيسة تتوزع علي جانبي الكرخ والرصافة ، وتتبع لقرابة (١١) طائفة مسيحية متواجدة في العراق مثل الكلدان والسريان والأرمن والأقباط والانكليكانيين . وتتوزع الكنائس المسيحية في أغلب المحلات السكنية وخاصة في المناطق التي يسكنها مواطنون مسيحيون مثل المنصور والكرادة وبغداد الجديدة والدورة وزيونة وشارع فلسطين. 

دير مار توما

في عام ١٧٤١ اشترى الأب عمانوئيل القديس البرت بيتاً في في سوق الغزل من رجل كلداني اسمه عبد العزيز كرومي عبد الله. قام بترميم المنزل واتخذه ديراً ، وفتح به معبداً باسم (مار توما رسول الشرق) يتكون من غرفتين متجاورتين ، يجتمع الرجال في واحدة ، والنساء في الأخرى.
في عام ١٨٢٩ قام المطران كوبري بتوسيع المعبد حتى صار ملتقى المسيحيين من كل الطوائف. نما عمل الدير بوصول عدد من الآباء الكرملين الذي قاموا بترميمه ثم توسيعه ليكفي العدد المتزايد للمصلين وللآباء الساكنين فيه. وقام الأب ماري جوزيف ببناء دير جديد عام ١٨٨٨، بعد ذلك غادر ماري جوزيف إلى البصرة وعاش فيها حتى وفاته عام ١٨٩٥ ودفن هناك.
لما قامت أمانة بغداد بشق شارع الملكة عالية عام ١٩٥٦، ( صار اسمه شارع الجمهورية عام ١٩٥٨، واستقر باسم شارع الخلفاء عام ١٩٦٦) ، أتى على معظم الدير فتركه أصحابه وشيدوا لهم ديراً جديداً في الجانب الآخر من نهر دجلة سموه (دير الوردية العذراء فاطمة) وانتقلوا إليه. ويقع في كرادة مريم قرب السفارة الإيرانية. 

كنيسة اللاتين

متزامنة مع بناء القشلة ، أنشئت الكنيسة عام ١٨٧١ وافتتحت رسمياً باسم (كنيسة القديس يوسف) بعد عمل استغرق خمس سنوات. إذ بدأ البناء فيها عام ١٨٦٦ وانتهى عام ١٨٧١. ويذكر الرحالة الهولندي تينكو اينهولت ، الذي زار العراق عام ١٨٦٦-١٨٨٦٧ ، ان الاب ماري جوزيف ومعاونيه من القساوسة والرهبان كانوا من أحب الناس له في بغداد وكان يكثر المجالسة معهم طيلة فترة إقامته في بغداد .
بنيت الكنيسة على مكان كنيسة سابقة . وتم تصميمها على شكل صليب متناظر الأبعاد من الشمال والجنوب الجغرافي ، وموقع المذبح شرقاً ، والباب الرئيس غرباً.
في عام ١٩١٧ تعرضت الكنيسة للحرق جزئياً من قبل الأتراك  ، وكانوا قد استخدموها كمستشفى حتى انسحابهم من بغداد عام ١٩١٧ . وفي عام ١٩٢٠ تم ترميم الكنيسة .

في عام ١٩٥٦ قامت أمانة بغداد باستملاك الكنيسة ، وأغلقتها عام ١٩٦٦ . وفي عام ١٩٧٦ أعطيت الكنيسة مؤقتاً إلى طائفة الأقباط المصريين الذين قدموا مع الهجرة المصرية إلى العراق بتشجيع من النظام البعثي. بقيت الكنيسة بيد الأقباط مدة ٣٣ عاماً مجاملة للمصريين ، حتى غادرها الأقباط عام ٢٠٠٩ بعد أن بنوا كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في بغداد الجديدة. تركوها في حالة يرثى لها من الإهمال والتداعي في جدرانها ، وتحولت المدرسة الملحقة بها ومحل سكن الآباء الأوائل إلى خرائب وأنقاض. كما قام الأقباط بإجراء تغييرات في الكنيسة وحسب طقوسهم الكنسية. فأقاموا المذبح (منضدة القداس) في وسط الكنيسة يتقدمه ستار فاصل بين المذبح والمصلين ، وتعلوه صور تلاميذ المسيح.

أما المدرسة فقد انتقلت آنذاك إلى بناية حديثة شيدها الآباء في منطقة العلوية في حي الوحدة ، في مدرسة المكاسب التي ما تزال قائمة لكن بإدارة أهلية. 
وكنيسة اللاتين هي إحدى ثلاث كنائس ، والأخريان تقعان في عقد النصارى في شارع الرشيد.   

الطائفة المسيحية

على الرغم من أن المسيحيين من أبناء الطائفة اللاتينية لا يشكلون سوى جزءاً صغيراً من مسيحيي العراق، إلا أنهم في اتصال وثيق مع المؤمنين الكاثوليك من الطوائف الكلدانية والسريانية الكاثوليكية والأرمنية واليونانية الكاثوليكية. مما لا شك فيه أن الكلدان يمثلون غالبية المسيحيين في العراق، وفي آخر إحصائية لعام 1987 كان عددهم ( 750000 ) شخصاً ، مقابل ( 300000 ) آشورياً (كنيسة المشرق وكنيسة المشرق القديمة).
ومع ذكر جميع الطوائف، كان مسيحيو العراق يمثلون 8 ٪ من سكان البلاد. بعد سقوط الموصل في حزيران ٢٠١٤ تعرض المسيحيون هناك إلى عمليات تطهير ديني من قبل تنظيم داعش ، وهدمت وخربت كنائسهم.  وحدث تغيير ديموغرافي الذي طال جميع الطوائف. يقال أنه هناك أقل من ( 400000) من الكلدانيين في العراق وهم منتشرون بين بغداد وكردستان وسهل نينوى والبصرة. (١)

الطائفة اللاتينية في العراق

منذ عام 1235م، أرسل البابا غريغوري التاسع (بابا ١٢٢٧- ١٢٤١م) أحد رفاق القديس دومينيك إلى الشرق الذي وصل إلى بلاد ما بين النهرين في عام 1237م، ويقال إنه ذهب إلى بغداد في عهد الخليفة المستنصر بالله (حكم ١٢٢٦- ١٢٤٢ م).
في السادس من أيلول عام 1632م، تم إنشاء أبرشية بغداد اللاتينية، في الوقت الذي سيطرت فيه بلاد فارس على المنطقة وكانت أصفهان مركزها الروحي. في هذه المدينة التابعة للإمبراطورية الفارسية، طورت القوى الأوروبية والكرسي الرسولي أنشطتها الدبلوماسية والدينية تحت سيطرة الحكام الفرس وخاصةً في عهد الشاه عباس الأول (1587 – 1629م). كان جان ثاديوس أول أسقف في أصفهان وعُيّن تيموتيو بيريز من الرهبنة الكرملية الإسبانية كمساعد له في بغداد، لكن لم يتمكن أيا منهما من الفوز بالكرسي الأسقفي.  كان برنارد دي سانت تيريز (جان دوفال) من الرهبنة الكرملية أول أسقف لاتيني وصل بالفعل إلى بغداد. في عام 1642م ، احتفل بالقداس الإلهي قبل عودته إلى فرنسا.

شهد القرن السابع عشر وصول البعثات اللاتينية إلى بلاد ما بين النهرين. ففي عام 1636م، افتتح الرهبان الكبوشيون أول مقر لهم في الموصل ونشروا أنشطتهم التبشيرية في بغداد بين القرنين السابع عشر والثامن عشر.
في 21 كانون الأول عام 1743م، تم تكريس إيمانويل دي سان ألبرت (جان كلود باليت، المعروف باسم دوم إيمانويل باليت من سان ألبرت دي سان أنطوان ( 1702-1773) كأسقف كرسي بابل، وبهذا أصبح أسقف اللاتين في بغداد. كان كاهن كنيسة بغداد منذ عام 1728، كما تم تعيينه قنصل فرنسا في بغداد عام 1741 قبل أن يتوج أسقفاً. بنى داراً للعجزة ومدرسة ومقراً للأسقفية. توفي في بغداد عام 1773 بعد إصابته بمرض الطاعون.
في عام 1820 ، تم تسمية بيير ألكسندر كوبيري (1770 – 1831) أسقف اللاتين في بابل. كان له دور أساسي في دعم اتحاد الكنيسة الكلدانية مع روما. عين قنصلاً لفرنسا في بغداد في عام 1823 ، وحافظ على المراسلات الدبلوماسية والدينية الوفيرة. توفي في عام 1831 تاركاً ذكرى لأسقف رائع ورجل يهتم بالمحرومين خلال أوقات المجاعة والطاعون: “رجل مقدس” كما وصفه رئيس أساقفة اللاتين الحالي في بغداد، اللبناني الأصل جان بنيامين سليمان. (٢)

قصة الجنود البولنديين
في عام 1942-1943، احتفل الجنود البولنديون المتمركزون في بغداد بالقداس الإلهي ضمن هذه الكنيسة مع الراعي المرافق لهم، المطران جوزيف غاولينا. وكانوا ضمن قوات الحلفاء وبريطانيا قد مكثوا لفترة في العراق.
وكذكرى لذلك الحضور وضع لوح معدني مثبت على إحدى جدران الكنيسة. كتب عليه بالبولندية والإنكليزية ما يأتي ( الجنود البولونيون صلوا في هذه الكنيسة في الأعوام بين ١٩٤٢ و ١٩٤٣ مع مطرانهم جوزيف غاولينا Joseph Gawlina).
كما توجد تحته لوحة برونزية تمثل السيدة مريم تحمل السيد المسيح (ع) بجانب جندي بولوني يرتدي خوذة ويحمل بندقية تعلوها حربة . وأعلى اللوحة نسر يمثل الشعار البولوني ، وفوقه تاريخ ١٩٤٢ و ١٩٤٣. وتحت الجندي قوس عليه كتابة أجنبية وأسفل اللوحة كتابة تخلد ذكرى تواجد الجنود البولونيين في الكنيسة لحضور القداس.
وصف الكنيسة
في ١١ شباط ٢٠٢٣ قمنا بزيارة كنيسة اللاتين ، ووصلناها بعد اجتياز عربات الكسبة المتجمعة في الشوارع المزدحمة التي تحيط بالكنيسة. مع أن الكنيسة أنشأت دكاكين ومحال تجارية قامت بتأجيرها على الكسبة لكن لم يمنع تجمع أصحاب العربات حولها.
البناية قديمة البناء تعلوها مظاهر الإهمال ، فجدرانها تعاني من الرطوبة والشقوق وتقشر طلائها ، وأرضيتها وسلالمها بحجة إلى ترميم كبير. الكنيسة بلا أجهزة تكييف ، دخلناها شتاء والجو بارد فيها كأنما في خارجها. كما أن المياه الجوفية تظهر في بعض الأماكن وقريباً من مقابر الآباء والراهبات.
مدخل الكنيسة بشكل أقواس متعددة ، محدبة ومقعرة ، تضيق تدريجياً حتى الوصول إلى الباب الخشبي القديم. بعد ذلك يبدأ الممر الموصل إلى القاعة الرئيسة.
من ابرز معالم الكنيسة هي القبة العالية على ارتفاع (٣٢) مترا ، وهي مبنية من الطابوق. تستند القبة على جدار دائري يضم إثني عشر شباكاً على عدد حواريي السيد المسيح (ع). وتستخدم الشباك لإنارة قاعة الكنيسة حيث تقام الصلوات والقداسات. من الداخل يستند السقف على أقواس تنقل الأحمال إلى الجدران. وتوجد شبابيك عالية للإضاءة ، وأخرى مغلقة بشكل رازونة داخل الجدار، توضع فيها تماثيل وإيقونات وغيرها. وتعاني الجدران من الرطوبة والتقشر وتساقط أجزاء من الجص المغلف للطابوق.
ويوجد برج عال يضم الناقوس المستخدم في أوقات الصلوات ومراسم الجنائز المقامة داخل الكنيسة.  يعود تاريخ صنع الناقوس إلى عام ١٨٩٤ كما مثبت عليه. البرج مبني من الطابوق دون تغليف، وينتصب الناقوس على مساند حديدية ترتكز على جانبي البرج. ويعلو الناقوس سقف مقبب من الطابوق العقادة.
في وسط القاعة يوجد المذبح، وهو المنضدة التي يقف خلفها المطران وهو يتلو الصلوات أو تقديم الخبز والخمر للحاضرين. وعلى المذبح مجموعة من الصلبان منحوت عليها تمثال السيد المسيج في وضع المصلوب. كما توجد منصة خشبية توضع عليها الكتب لتلاوة الأدعية والقداسات منها . كما توجد مناضد على صور وتماثيل للسيدة العذراء والسيد المسيح، وكذلك صور لبعض القديسين والآباء الكرملين. في وسط القاعة تصطف عدد من المصاطب الخشبية التي يعلوها الغبار.  ويفصل سياج قصير بين المذبح والمصاطب ، وفيه باب لدخول أعضاء الكادر الكنسي من رجال وشباب بعضهم يحمل صلبان ومباخر ومرشات ماء وهم يرتدون ملابس خاصة بالقداسات المسيحية.
مثل كثير من الكنائس لا يقتصر زوارها على المسيحيين بل يؤمها المسلمون وخاصة النساء اللاتي يأتين للنذور وإشعال الشموع والبخور طلباً للمراد من السيدة مريم عليها السلام. كما يأتيها زوار ومصلون أجانب من فرنسا وأمريكا وسويسرا.
تضم الكنيسة مقبرة قديمة دفن فيها آباء ورهبان وراهبات ، عراقيين وغير عراقيين. القبور على شكل لحد مدفون في جداد، يضم ثلاث طوابق. وكل قبر عليه لوحة من الرخام مكتوب عليها اسم المدفون ومنصبه وتاريخ ميلاده وتاريخ وفاته، مثل المرحوم فرنسيس فان ستابن (١٩٢٩-١٩٩١) ، الراهبة فيليب ماري (١٩١٢- ١٩٩٧) ، الراهبة ماريا دي لاكروا (١٩٠٩- ١٩٩١) ، الراهبة أكتا نعومي جرجيس (١٩٠٩-١٩٩٧) ، الراهب فارس كوركيس يوسف (١٩٦٣- ١٩٩١) توفي في ستراسبورغ ، الراهبة كاميل يوسف عابد (١٩١٠-١٩٩١) ، الكونت أدمون البير كبريل أصفر (١٩١٣- ١٩٩١) ، الراهبة ماري اسبرانس (١٩١٢- ١٩٩٥) ، الراهبة سيسيل عبد الأحد ( ١٨٩١- ١٩٧٧) و الراهبة فيرونيك ماري نعيمة عبد الأحد ( ١٨٩٦- ١٩٧٧) . 
كما توجد قبور منفردة تحيط ببناء الكنيسة من الخارج ، وداخل سياج مبنى الكنيسة، مثل قبر جوهانس جبرائيل أصفر (١٨٢٠- ١٩٠٢) ، وقبر جوهانس جبرائيل (١٨٥٠-١٩٢٣) ، وقبر السيدة جوزفين ابنة جان ديماركي وزوجة نعمة الله توتونجي (١٨٧٢- ١٩٥٠) ، إميل جبرائيل (١٩٠٠- ١٩٥٤) .

مدرسة القديس يوسف أقدم مدرسة مسيحية في بغداد
توجد مدرسة خلف الكنيسة وتابعة لها. تعدّ هذه المدرسة من المدارس المسيحية الأجنبية المتقدمة في بغداد والتي اهتمت كثيراً في تربية طلابها ورفع مستواهم العلمي والديني والأخلاقي، وهي تابعة لطائفة اللاتين الكاثوليك التي أشرفت على إدارتها هيئة الآباء الكرمليين في بغداد.
تقع هذه المدرسة في محلة رأس القرية عكد الكنائس (عكد النصارى) مقابل جامع الخلفاء قرب سوق الغزل في بغداد، شغلت بنايتها المرقمة (1/178) بجوار كنيسة اللاتين التي كانت تحيطها بالجانبين الشرقي والغربي، كما يحيطها من الخلف دير للآباء الكرمليين.
تأُسست مدرسة القديس يوسف اللاتينية عام 1737 واستمرت في أداء رسالتها التعليمية حتى عام 1914 بعد أن أغلقت إبان الحرب العالمية الأولى وحل في بنايتها المكتب السلطاني العثماني، إذ تم الاستيلاء على جميع محتوياتها من أدوات مدرسية وأثاث وألواح وكتب وخرائط .
وفي فترة الإدارة البريطانية للعراق 1918، تم افتتاح المدرسة ثانيةً لقبول الطلاب فيها كمدرسة ابتدائية نهارية للبنين، وأخذ مديرها جوزيف كركجي بتهيئة أدوات مدرسية جديدة لتقوم مقام التي فقدت وتلفت عمداً . وفي عام 1920 قام المسؤولون على إدارتها والإشراف عليها من قبل الآباء الكرمليين بترشيح نخبة من الأساتذة الأكفاء لهيئتها التدريسية، وعُيّن الأب جان سعيد الكرملي مديراً لها فأعاد في مدة قصيرة سمعة المدرسة وشهرتها الأولى بالجهود الكثيرة التي بذلها في سبيل تقدمها ورقيها.
وبموجب التقرير السنوي لوزارة المعارف للسنة الدراسية 1930-1931 تألف الكادر التدريسي للمدرسة من (11) معلماً يدرسون (164) طالباً موزعين على (6) صفوف دراسية.

تميزت المدرسة بسعة مساحتها اذ تكونت من طابقين احتوت على أربع عشرة غرفة ، ست منها استخدمت كصفوف دراسية، كما توفرت فيها ساحة مناسبة للألعاب الرياضية وبعض الحدائق الصغيرة التي تكللها أشجار جوز الهند، وتوفرت فيها المستلزمات المدرسية والوسائل الضرورية التي تتطلبها المدارس العصرية الحديثة. وعلى الرغم من أنها مدرسة ابتدائية فقد ضمت مختبراً مجهزاً بالأدوات الفنية الحديثة والوسائل الضرورية اللازمة للعمل العلمي، يستفيد منها الطلبة لدروس الطبيعيات والأشياء والصحة والعلوم الطبيعية وهي تصلح لمدرسة ثانوية.

فضلاً عن احتوائها على مكتبة نفيسة تضم بين جدرانها سبعة آلاف كتاب من الكتب العلمية والأدبية والثقافية وهي مصنفة إلى اللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، كذلك أفادت إدارة المدرسة وهيئتها التدريسية من مكتبة الأب أنستاس ماري الكرملي في كنيسة اللاتين وهي من الكنوز الأدبية والثقافية للبلاد. ومن الآثار العلمية فيها وجود متحف مصغر للتاريخ الطبيعي، إذ تحتوي على مجسمات لهيكل الإنسان، ومجسمات لأعضاء البدن، وبعض الحيوانات المحنطة، كما توفرت فيها وسائل الإيضاح والخرائط الجغرافية والمصورات العلمية ، وعارضة سينمائية يتم تشغيلها لعرض الأفلام العلمية والاجتماعية للطلاب.
وعند صدور قانون المعارف العامة رقم (57) لسنة 1940، أخذت المدارس الأجنبية الابتدائية تقدم طلباتها إلى وزارة المعارف لغرض تحويلها إلى مدارس أهلية، فضلاً عن تعيين مدراء عراقيين لها، وعلى هذا الأساس قدمت إدارة مدرسة القديس يوسف اللاتينية طلباً مؤرخاً في 13 آب 1940 إلى وزارة المعارف لغرض مواصلة عملها كمدرسة أهلية تخضع لقانون المعارف العامة الذي صدر في 4 آب 1940، ورشحت مديراً عراقياً لإدارتها وهو الأب كراسيان الكرملي، ومن هذا المنطلق اعترفت بها الحكومة العراقية كمدرسة أهلية بعد إجراء مصادقة وزارة المعارف للتخلي عن صفتها الأجنبية.
وبعد صدور القانون المذكور اتخذت إدارة المدرسة عدة إجراءات في سياستها التعليمية بهذا الخصوص، محاولة منها التخلص من صفتها الأجنبية ومواصلة عملها كمدرسة عراقية أهلية، وكانت أبرز الإجراءات التي اتخذتها إلغاء درس اللغة الفرنسية في منهاجها، فضلاً عن تقليص اللغة الإنكليزية.
 ومن الجدير بالذكر أن هيئة آباء الكرمليين في بغداد بادرت إلى تأسيس معهد لتدريس اللغة الفرنسية باسم (معهد الآباء الكرمليين المسائي لتدريس اللغة الفرنسية) في دير الآباء الكرمليين قرب كنيسة اللاتين في محلة رأس القرية عكد الكنائس ، بعد صدور قانون المعارف العامة رقم(57) لسنة 1940، وبالخصوص بعد إلغاء مادة اللغة الفرنسية في مدرسة القديس يوسف اللاتينية باعتبارها من المدارس الأجنبية التي أبدت اهتماماً كبيراً للعناية بتدريس اللغة الفرنسية منذ عام 1737،
فضلاً عن مدرسة الناشئة التي اعتنت هي الأخرى بتدريس اللغة الفرنسية حتى 1940.

وثمة حقيقة تاريخية ينبغي الإشارة إليها في هذا الصدد هي قيام الأب نوئيل الكرملي رئيس الآباء الكرمليين في العراق، عام 1943 بتقديم طلب إلى وزارة المعارف بضرورة تعيين الدكتور الأب أنج الكرملي اللكسمبورغي . مديراً لمدرسة القديس يوسف اللاتينية، بدلاً من المدير العراقي الأب كراسيان الكرملي المرسل إلى البصرة. وعلى هذا الأساس جاءت الموافقة الوزارية على تعيين الأب أنج الكرملي اللكسمبورغي، ومنحت الإجازة الرسمية باسم المدير الجديد، ولدى تدقيق جنسيته من الوزارة أعيد النظر في هذا القرار، وطلبت الوزارة من رئيس الآباء الكرمليين في العراق ضرورة تغيير المدير الجديد لكونه ينتمي إلى أصول أجنبية ولا يجوز تعيينه مديراً لمدرسة أهلية، عملاً بموجب قوانين وأنظمة وزارة المعارف وأكدت الوزارة على ترشيح مدير عراقي بدلاً عنه. لذا طلبت إدارة المدرسة من الوزارة الموافقة على التعيين الوقتي للمدير الأجنبي إلى حين ترشيح مدير عراقي جديد.

كانت التدريس في المدرسة يجري وفق النظام التعليمي الحديث، كما أن التوزيع النظامي للطلبة خلق مناخاً دراسياً ملائماً، إذ حرصت إدارة المدرسة على توزيع الطلاب على نسق مرتب ومنظم، واهتمت بالحالة الانضباطية للطلبة من خلال المحافظة على دوامهم ومظهرهم اللائق والعناية الصحية بهم. كما أن المقدرة العلمية والتدريسية لأغلبية المعلمين انعكس بشكل كبير على المستوى العلمي والثقافي للطلبة. ويمكن القول إن حرص إدارة المدرسة وهيئتها التدريسية وعملها المتواصل والدؤوب ساعد على رقيها وتطورها حتى رقيت في عداد المدارس المتميزة في بغداد.
وقد تألفت الهيئة التدريسية للمدرسة في أربعينيات وخمسينات القرن العشرين من نخبة من الأساتذة الأكفاء من خريجي الدراسة الإعدادية والجامعية منهم من يحمل دكتوراه في الفلسفة من جامعة روما، ومعلم الديانة المسيحية من خريجي كلية الآباء الكرملين في حيفا . ومعلم اللغة الفرنسية من خريجي كلية مارلولس في الاستانة. ومعلم الحساب والهندسة من خريجي كلية الحقوق ببغداد، ومعلم الرياضيات واللغة العربية من خريجي كلية التجارة والاقتصاد ببغداد، كما تألف أعضاء هيئتها التدريسية من خريجي المدارس العالية كمعلم اللغة العربية والتاريخ من خريجي مدرسة القديس يوسف العالية. ومعلم اللغة الإنكليزية من خريجي المدارس العالية في بريطانيا . ومعلم اللغتين العربية و الإنكليزية من خريجي المدرسة الكلدانية العالية في الموصل، ومعلم الديانة المسيحية من خريجي المدرسة الاكليريكية في الموصل. ومعلم الديانة المسيحية والخط والرسم من خريجي المدرسة الكهنوتية للآباء الكرمليين في مالطة. فضلاً عن أحد خريجي المدرسة الكهنوتية الدينية في الموصل لتدريس، الديانة المسحية، ومعلم اللغة الإنكليزية من خريجي مدرسة جيرس البريطانية، كما تضمن كادرها التدريسي بعضاً من حاملي شهادات الصناعة والتجارة الرسمية، والدورات التربوية، والدراسات الخصوصية. (٣)

الأب أنستاس ماري الكرملي
من أبرز المدفونين في كنيسة اللاتين هو العلامة اللغوي أنستاس ماري الكرملي . فعلى قبر منفرد كُتبت هذه الأبيات من الشعر: (لطمت صدرها عليك لغات ،
                في بوادي الأعراب يوم مماتك
وعروس اللغات قد شقّت الجيب
              وقامت تنوح فوق رفاتك
هذا هو اللحد الذي يضم رفات الطيب الذكر العلامة الأب أنستاس ماري الكرملي البغدادي رحمه الله ، المولود في ٥ آب ١٨٦٦ م ، والمتوفي فيها في ٧ كانون الثاني ١٩٤٧م). 
في ٢٥ شباط ٢٠٢٣ أزيح الستار عن تمثال نصفي للأب أنستاس الكرملي بحضور عراقي وفرنسي. وكانت فكرة التمثال تعود لعام ٢٠١٢ عندما أعلنت وزارة الثقافة اختيار (١٩) شخصية لإقامة تماثيل لهم في بغداد. وكان الكرملي أحدهم. وقد وضع في مدخل المدرسة الملحقة بالكنيسة ، والتي شغل منصب مديرها لأربع سنوات من ١٨٩٦ إلى ١٨٩٩ .
من هو العلامة الكرملي
من أشهر علماء العراق المختصين باللغة العربية وعلومها وبالتاريخ. ويُقرن مع قامات لغوية عالية مثل الدكتور مصطفى جواد والدكتور سالم الآلوسي والدكتور مهدي المخزومي والدكتور إبراهيم الوائلي والدكتور فاضل السامرائي وغيرهم كثيرين.
هو بطرس جبرائيل يوسف عواد، وهو الاسم الحقيقي لأنستاس الكرملي، وهو رجل دين مسيحي ولغوي عربي، ولد في آب 1866، وتوفي في كانون الثاني 1947.
ولد الكرملي من أب لبناني قَدِم من ( بكفيا ) إحدى قرى لبنان إلى بغداد في منتصف القرن التاسع عشر، ليتزوج من فتاة عراقية بغداد تدعى مريم وهي والدة الكرملي ، أنجب منها خمسة بنين وأربع بنات، وكان بطرس الرابع بين أولاده.
نشأ الأب أنستاس في العاصمة العراقية وتلقى تعليمه فيها، وتحديدًا في مدرسة الآباء الكرمليين التي درّس فيها لاحقًا، قبل أن يغادر بغداد إلى بيروت ليعمل مدرسًا في كلية الآباء اليسوعيين، وقد تعلم أيضًا اللغات اللاتينية واليونانية والفرنسية فضلًا عن العربية، وقد عاد إلى العراق حتى وفاته. ومنذ السادسة عشرة من عمره، أخذ ينشر وهو في هذا العمر الغض مقالات لغوية في العديد من الصحف المعروفة في ذلك الوقت، مثل: الجوائب والبشير والضياء. ولما أكمل العشرين غادر بغداد سنة 1886م إلى بيروت.
وعُرف عن الكرملي تمسكه باللغة العربية ودعواته لعدم التساهل مع الخروج عن اللغة، وضرورة التصحيح اللغوي والحفاظ على لغة العرب. فهو أحد مؤسسي هذه الثقافة في سياق مشروعها التأسيسي، بعد الاحتلال الإنجليزي للعراق عام 1914، وفي سياق الحفاظ على عروبة هذه الثقافة وسط مهيمنات الاغتراب، والموروثة من ركاكة (العثمنة التركية) ومن الأنكلوفونية التي حاول الاستعمار الإنجليزي التبشير بها. علاقة الكرملي باللغة العربية علاقة وجودية، فرغم معرفته بكثيرٍ من اللغات الأخرى (اللاتينية، واليونانية، والسريانية، والإنجليزية، والفرنسية، والمندائية، والتركية، والفارسية) فإن حرصه على اللغة العربية كان من منطلق هوياتي وتاريخي، ومن منطلق ثقافي لساني أدرك من خلاله أن هذه اللغة هي الفضاء والجسر والمقاومة والوعي. وهذا الإدراك وضعه أمام جملة من التحديات السياسية خلال أواخر الحكم العثماني للعراق، فضلاً عن التحديات الثقافية التي أعطت لعلاقته مع اللغة طاقة متعالية للمواجهة، ولتجاوز عقدة (الاغتراب الداخلي) الذي كان يعاني منه كثير من المثقفين العراقيين، وحتى حرصه الشديد على الاحتفاظ بمعارفه للَّهجات العراقية المتعددة، كان بدافع الحافظ على روح اللغة، وعلى شفراتها الحاملة للوجود، ولشفرات التفكير بها، أو من خلالها.(٤)
كتب الكرملي عددًا من الكتب لم يُنشر إلا القليل منها، مثل: أغلاط اللغويين الأقدمين، نشوء اللغة العربية ونموها وشيخوختها ، النقود العربية، وغيرها.
من أشهر مؤلفاته مجلة (لغة العرب) التي أصدرها عام ١٩١١ التي اشتهرت بدراساتها ومقالاتها الأدبية واللغوية والتاريخية. وكتب فيها كبار العلماء والمؤرخين أمثال الدكتور مصطفى جواد (١٩٠٤ -١٩٦٨) ، العلامة  محمد بهجة الأثري (١٩٠٤- ١٩٩٦)، والمؤرخ عبد الحميد عبادة (١٨٩١- ١٩٣٠)، والفقيه السيد هبة الدين الشهرستاني (١٨٨٤- ١٩٦٧)، ويوسف رزق الله غنيمة (١٨٨٥- ١٩٥٠)، وغيرهم من مفكري ومثقفي بغداد في تلك الفترة.
في عام ١٩١٧ أصدر جريدة (العرب) والتي أثارت حوله جدلاً كثيراً، بسبب ارتباط هذه الجريدة بالاحتلال الإنجليزي. ورغم العنوان الذي حملته الجريدة، بأنها (جريدة سياسية إخبارية تاريخية عمرانية، عربية المبدأ، والغرض من إنشائها في بغداد عرب للعرب) فإن رئاسة تحرير المجلة من قبل المس بيل الشخصية الإنجليزية المعروفة، أسبغت عليها طابعاً خاصاً؛ لكن إصرار الكرملي على عروبة الرسالة الثقافية، واستمرار صدور هذه الجريدة، وقيام كثير من الأدباء والصحافيين العراقيين المعروفين، قلل من ذلك الجدل؛ حيث حفلت الجريدة بكتاباتهم التي كانت تندد بالاستعمار، وبالسخط على الاستعمار التركي الذي كان مسؤولاً عن إشاعة الجهل والتخلُّف بين العراقيين، ومن أبرز من كتب فيها: عبد الفتاح إبراهيم، وجميل صدقي الزهاوي، ومعروف الرصافي، ويوسف غنيمة، وغيرهم. (٥)

ألف الكرملي معجمًا سماهُ ( المساعد ) يقول عن سبب تأليفه: (منذ أخذنا نفهم العربية حق الفهم، وجدنا فيما كنا نطالع فيه من كتب الأقدمين والمولدين والمعاصرين ألفاظا جمة ومناحي متعددة، لا أثر لها في دواوين اللغة. ولهذا رأينا في مصنفات السلف نقصا بينا، فأخذنا منذ ذلك الحين بسد تلك الثغرة). وقد ظل هذا الكتاب مخطوطًا سنوات طويلة بعد وفاة مؤلفه، ولم ير النور إلا في عام 1392 هـ/1972م حيث صدر المجلد الأول منه من بين خمس مجلدات. وقد قام بتحقيقه عام 1972- بعد وفاته - الباحثان عبد الحميد العلوجي (١٩٢٤ – ١٩٩٥)، وكوركيس عواد (١٩٠٨ – ١٩٩٢) . إذ عدَّ هذا المعجم واحداً من أهم المعاجم التي أغنت البحث اللغوي وعياً وحفراً ومعرفة بتاريخية اللغة وبوظائفها في إغناء الفكر والكتابة، وفي تشذيبها من النافر والوحشي، وكأنه في هذا المبحث قد ناظر ابن منظور، الباحث المعجمي، والعارف بمظانها وشجونها، وبتعالقاتها وأغراضها. وحتى حياته (الكنائسية) لم تكن بعيدة عن هذه الأجواء الثقافية، إذ كانت كتاباته تنطلق من فهمه للرسالة الثقافية، وللغة التي تحملها، فهي (لسان العرب الذي لا يدانيه أي لسان كما يقول). وهذا ما جعل (دير الآباء الكرمليين) مجالاً مفتوحاً للتواصل الثقافي، ولتأليف كثير من الكتب التي تُعنى بالثقافة بشكلٍ عام، وباللغة، وبقيمتها الخطابية والمعرفية.

مؤلفات الكرملي
ترك الكرملي عددًا من الكتب لا يزال معظمها مخطوطًا لم يطبع، ومن أهم كتبه المطبوعة:
- كتاب (أغلاط اللغويين الأقدمين)، ونشر في بغداد سنة 1932م،
- كتاب (نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها)، ونشر في القاهرة سنة 1938م،
- كتاب (النقود العربية وعلم النميات) ونشر في القاهرة سنة 1939م،
-  كتاب (مزارات بغداد) باللهجة العامية البغدادية.

وحقق عددًا من الكتب، في مقدمتها:
- ( معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي)، لكنه لم يكمله بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى،
- كتاب (نخب الذخائر في أحوال الجواهر لابن الأكفاني)
- وكتاب (الإكليل للهمداني).
- و(الفوز بالمراد في تاريخ بغداد)،
- و(مختصر تاريخ العراق)،
- و(جمهرة اللغات)،
- و(أديان العرب)،
- و(شعراء بغداد وكتابها)،
- و(العرب قبل الإسلام)،
- و(فضل العرب في علم الحيوان)،
- و(الرسائل المتبادلة بين الكرملي وتيمور) التي عني بتحقيقها والتعليق عليها كوركيس عواد، وميخائيل عواد، وجليل عطية.
- بالإضافة إلى مؤلفاته ومقالاته في مجلة لغة العرب التي أسسها عام 1329هـ/ 1911م، وخلّف فيها ما يزيد على أكثر من 1300 مقالة تمثل جزءا كبيرًا من إنتاجه.

عضويته في مجامع اللغة

حظي الكرملي بتقدير كثير من الهيئات والمجامع العلمية واللغوية، فانتخب عضوًا في (مجمع المشرقيات الألماني) سنة 1329 هـ/1911م و(المجمع العلمي العربي) في دمشق سنة 1339 هـ/1920م واختير ضمن أول عشرين عالمًا ولغويًا من مصر وأوروبا والعالم العربي يدخلون (مجمع اللغة العربية) بالقاهرة سنة 1351 هـ/1932م.
كما كان عضوًا في لجنةِ التأليفِ والترجمةِ بوزارةِ المعارفِ من عامِ ١٩٤٥م إلى عامِ ١٩٤٧م، واختيرَ عضوًا في المَجمعِ العِلميِّ العِراقي.

مجلسه الثقافي
وكان له مجلس يعقده للمناقشة والحوار وكان مجلسه يسمى ( مجلس الجمعة ) في دير الآباء الكرمليين في محلة سوق الغزل ببغداد، وكان يتردد عليه أساطين اللغة العربية وعلمائها وأعيان البلد على اختلاف مللهم ونحلهم، ومن رواد المجلس الشيخ جلال الحنفي ، وإمام جامع الخلفاء محمد بهجة الأثري.

وفاته
بعد عودتِه إلى بغدادَ اشتدَّ عليه المرضُ وانتقلَ على أثرِه إلى المستشفى التعليميِّ ببغداد، ولكنه لم يَلبثْ به طويلًا، وتُوفِّي عامَ ١٩٤٧م.
بعد وفاته رثاه شعراء عدة، منهم أحمد حامد الصراف ومما قاله:
وعشنا وعاشت في الدهور بلادنا جوامعنا في جنبهنَّ الكنائس
وسوف يعيش الشعب في وحدة له عمائمنا في جنبهنَّ القلانس

تأهيل الكنيسة
وضعت وزارة الثقافة العراقية مؤخرا خطة لإنقاذ وترميم هذا الاثر الديني والمعماري والثقافي. واستعان ديوان الوقف المسيحي بشركة مقاولات متخصصة لصيانة وتعمير الكنيسة وتوابعها.
وأثماء زيارتنا للكنيسة كانت أعمال الترميم جارية على قدم وساق التي شملت الجدران الخارجية والداخلية والأرضيات والسقوف والأبواب والشبابيك ، والتأسيسات الصحية والكهربائية ، والانارة . بالإضافة إلى ترميم الصور والايقونات والتماثيل التي تعرضت لأضرار بالغة. وقد شاهدنا بعض التماثيل لقساوسة مخزونة في أحد الأقبية وهي تعاني من تكسرات وأضرار بالغة.

أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية