المحرر موضوع: الانتخابات المحلية تعيد إبراز الهويات الفرعية على حساب الدولة العراقية  (زيارة 130 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31583
    • مشاهدة الملف الشخصي
الانتخابات المحلية تعيد إبراز الهويات الفرعية على حساب الدولة العراقية
مرشحون وأحزاب يستنفرون عشائرهم وطوائفهم وعرقياتهم.
العرب

حملة الأحقاد والضغائن
الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها بعد أيام في العراق لا تشذّ عن سائر المناسبات الانتخابية في البلاد من حيث إذكاؤها للنعرات القبلية والطائفية والعرقية، وإبرازها للهويات الفرعية على حساب الدولة الوطنية الجامعة، وذلك في تطابق مع النظام السياسي القائم على المحاصصة وتقاسم السلطة كمغنم لا كمسؤولية.

بغداد- أعادت الحملة الانتخابية الجارية في العراق استعدادا للانتخابات المحلية المقرّر إجراؤها بعد أقل من أسبوع إبراز الهويات الفرعية؛ القومية والطائفية والقَبلية في البلاد، وذلك في مسار معاكس تماما للهدف النظري من المناسبة الانتخابية والمتمثّل في ترسيخ مؤسسات الدولة عبر منحها شرعية شعبية.

وأظهر ما دار خلال الحملات الانتخابية من تنافس حادّ خرج في الكثير من الأحيان عن ضوابط العمل السياسي وأخلاقياته، أنّ العقلية الحاكمة لخوض الانتخابات تقوم على اعتبار الفوز بمقعد في المجالس المحلية للمحافظات غنيمة، ليس فقط للمرشّح بل لعشيرته وطائفته وقوميته.

وعلى هذا الأساس لوحظ خلال تلك الحملات خفوت نبرة الترويج للأفكار والبرامج أمام تركيز لافت على رفع شعارات عاطفية تتضمّن وعودا فضفاضة بالتفاني في خدمة الجهة وسكانها، بينما لم يتردّد بعض المرشحين خلال تجمّعاتهم الانتخابية في عرض أنفسهم كـ”خدام” أوفياء للعشيرة، وأحيانا للطائفة، وأحيانا أخرى للقومية التي ينتمون إليها.

ستران عبدالله: بعض الخطاب  الانتخابي في كركوك عنصري بامتياز
وبرزت في بعض المناطق وخصوصا منها المتعدّدة عرقيا وطائفيا الرباعية التقليدية؛ سنّة – شيعة – عرب – أكراد.

وفي محافظة مثل كركوك الواقعة بشمال البلاد والتي تجرى فيها الانتخابات المحلّية لأول مرّة منذ سنة 2005 بعد أن استثنيت من دورتي 2009 و2013، لا تخطئ عين الملاحظ أنّ الرهان الأول للمرشحين للانتخابات هو السيطرة على الحكومة المحلية أو على الأقل القيام بدور كبير في تشكيلها، وذلك بدوافع قومية واضحة، حيث يسعى الأكراد لجعل المناسبة الانتخابية فرصة لإثبات كون المحافظة المتنازع عليها جزءا لا يتجّزأ من أراضي إقليمهم شبه المستقل، بينما يسعى العرب لإثبات العكس تماما، في ما يعمل التركمان وغيرهم من المكوّنات على انتزاع مكانة لهم في المحافظة لتأكيد أنّهم مكوّن مهمّ فيها وأنّها ليست “مِلكية” حصرية للأكراد والعرب.

ونشطت خلال الحملة الانتخابية اتهامات لعرب كركوك بالقيام بعملية تغيير ديموغرافي يقول بعض الأكراد إنّها تمت بشكل حثيث منذ فشل الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان قبل ستّ سنوات وسيطرة القوات العراقية على المحافظة بدلا من قوات البيشمركة الكردية. وتقول جهات كردية إنه تم منذ ذلك الحين جلبُ أعداد كبيرة من العرب من محافظات تكريت وديالى ومناطق عراقية أخرى إلى كركوك حيث تمّ توطينهم في المدينة ومنحهم وثائق إقامة وتسجيلهم ضمن المشمولين ببطاقات التموين.

ومن جهتهم حرص العرب المرشّحون للانتخابات المحلية في المحافظة على إبراز العامل القومي خلال حملاتهم الانتخابية التي تحوّلت إلى “فزعة عروبية” على حدّ تعبير ستران عبدالله القيادي بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

وانتقد عبدالله الخطاب الانتخابي لبعض الجهات في كركوك واصفا إياه في مقال له بأنّه “خطاب عنصري بامتياز”، ومحذّرا من دق إسفين الخلاف بين مكونات المحافظة.

كما تساءل في مقاله عن “معنى أن تشحذ الهمة القبائلية والاستقطاب القومي في حملة انتخابات ديمقراطية تتعلق بالإدارة المحلية والخدمات وهي لكل المكونات، إذا كانت الإدارة منصفة وتفكر ببعد نظر وطني وعدالة مسؤولة”، مضيفا “ما دخل العقال واليشماخ في التباري الديمقراطي إذا كان الخطاب السياسي خطابا معقولا ينبع من الروح الوطنية والتعايش بين المكونات في كركوك”.

وقال إنّ “بعضا من الخطاب الانتخابي يدفع باتجاه التصعيد والفزعة العروبية في مدينة حساسة مثل كركوك عانت في السابق ما عانته من تمييز ومن دق إسفين الخلاف بين المكونات”.

حنان الفتلاوي: تحالفنا يمثل الهوية الحشدية المجاهدة  ولا نخجل من ذلك
واتّخذ الخطاب الانتخابي في عدد من المحافظات السنية العراقية منحى التحذير من خسارة السنّة لزمام القيادة في محافظاتهم والتحذير من اختراق الشيعة سياسيين وميليشيات مسلّحة لها.

وحين تعلّق الأمر بالصراعات السنية – السنية المحتدمة حول السيطرة على مجالس المحافظات وتشكيل الحكومات المحلية، تجاوز المرشحون الاستناد إلى الأحزاب والكتل السياسية إلى استدعاء الهويات القبلية والعشائرية، وهو ما عكسته بعض اللوحات الدعائية، وجسّده حرص بعض المرشحين على كتابة أسمائهم الثلاثية والرباعية وحتى الخماسية في بعض الأحيان حرصا على ذكر العشيرة التي ينتمون إليها.

وتشمل هذه الظاهرة أيضا المحافظات والمناطق الشيعية حيث كان الخطاب الطائفي واضح المعالم، من خلال شعارات وخطب انتخابية وتصريحات إعلامية تحذّر من تراجع مكانة المكوّن الشيعي في قيادة البلاد وتنسب للمكون ذاته الفضل الأول في حماية البلاد وتحرير مناطقها من تنظيم داعش “السنّي” وفقا للكثير من السياسيين وقادة الفصائل الشيعية. كما تحاول تصوير مكونات أخرى كمتخاذلة في مواجهة التنظيم بل متواطئة معه وحاضنة له.

ودافعت النائبة بالبرلمان العراقي حنان الفتلاوي عن تحالف “نبني” الذي يدخل الانتخابات القادمة ممثلا لميليشيات الحشد الشعبي التي يُنسب إليها “الفضل” في محاربة داعش بالقول إنّه “يمثل الهوية الحشدية المجاهدة ولا نخجل من ذلك”.

ورغم أنّ أغلب السجال الذي دار على هامش الحملات الانتخابية داخل الأوساط الشيعية كان شيعيا – شيعيا بين التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر الذي دعا إلى مقاطعة الانتخابات، من جهة، وخصومه السياسيين المشاركين بقوة في الاستحقاق الانتخابي والساعين لإنجاحه، من جهة مقابلة، إلاّ أن النفس الطائفي ظهر فيه بجلاء، عندما اتّهم عدد من زعماء الأحزاب والكتل المرشّحة للانتخابات الصدر بالعمل ضدّ مصلحة الشيعة.

واعتبر زعيم حزب الدعوة الإسلامية رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي يقود ائتلاف دولة القانون في ردّ ضمني على دعوة الصدر لمقاطعة الانتخابات بأنّ “الغياب عن الانتخابات لن يحقق الشراكة والإصلاح، بل يسبب خللا في التوازن بين المكونات”، فيما اعتبر عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة الشيعي أنّ “منع الناس من المشاركة في الانتخابات سيخلق نتائج غير متوازنة في تمثيل المكونات الاجتماعية، خاصة في المحافظات ذات التمثيل المتنوع”، محمّلا “دعاة منع الناس من المشاركة مسؤولية اختلال التوازن وحالة عدم الاستقرار التي ستترتب عليه”.