سر تجسد وميلاد الإله عمانوئيل
بقلم / وردا إسحاق قلّوتقول الآية عن كوكبٍ ،
( أراه وليس في الحاضر . أبصرهُ ولكن وليس من قريب . يخرج كوكب من يعقوب ، ويقوم صولجان من إسرائيل ، فيحطم صدغي موآب وجمجمة جميع بني شيت) " عدد 17:24 " .
كتب البشيران متى ولوقا عن نسب المسيح الإنسان ، وقد نسِّبَ إلى سلالة داود الملك . وكأنه كباقي البشر له نسل آدمي . كما يظهر لنا متى في الفصل الأول من إنجيله بأنه يوصف يسوع بمظهر إنسان وإله . فإنه نسّب المسيح إلى داود وإلى إبراهيم ( طالع مت 1:1-17 ) وكأن المسيح المتجسد من الروح القدس في أحشاء مريم هو من نسلنا نحن البشر ، لكن متى يستمر في الحديث ليقربنا إلى النسل اللاهوتي ليسوع الإله المتجسد ، فيقول
( لأنه حبل به في الروح القدس ) " 1: 18-25 " ، أي أنه ليس من نسل إنسان . إذاً صار دور يوسف النجارمعروفاً أختاره الله لخدمة المولود الإلهي ، ويطلق أسمه عليه كأب بالتبني ، وأوكله الملاك أيضاً بأن يطلق هو عليه إسم
( يسوع ) والذي يعني
( يهوة يخلص ) . ولينَسَب إلى سلالة يوسف البار البشرية .
ولد الطفل من العذراء مريم في بيت لحم اليهودية . بلدة داود النبي ، في عهد الطاغية هيرودس الذي رفضه وحاول قتله ، وبسببه سال دم غزير في إسرائيل ، فرسمت في الأفق تلك المآسات لمذبحة أطفال بيت لحم الأبرياء . سال دمائهم التي كانت رمزاً مسبقاً للصليب ، وإستمرت المآسات فعلاً إلى يوم الصلب الذي كان يبحث عنه هيرودس . نجا يسوع الطفل من سيف الغدر وكما نجا موسى الطفل من القتل في عهد فرعون .
بعض المجوس جاءوا وسجدوا للطفل المولود وقدموا له الهدايا التي ترمز إلى آلوهية وملوكية الطفل إيماناً به . بينما أهله اليهود رفضوه منذ طفولته لتتم النبؤة ، ورؤية إشعياء النبي الذي لمح جمهور الوثنيين يدخلون أورشليم المستنيرة بمجد الله ( أش 60 و 62 ).
ولد يسوع من العذراء لتتم النبؤة
( ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمه عمانوئل " الله معنا " ) لم يكن بمقدور المخلص أن يكون معنا على وجه حقيقي ونهائي إلا بعد مروره بالموت وقيامته ( مت 20:28 ) .
قام البار يوسف بإتمام الدور الموكَل له من السماء بكل أمانة والذي أوحى له مرات عديدة في الحلم . وهذا الروح القدوس هو الذي أشرق على خلق العالم ، وهو الذي أيّدَ إيمان يوسف وعمل في مريم البتول على وجه كامل وبكل دقة . أمر الملاك يوسف لكي ينطلق بالطفل ومريم إلى مصر . وبهذه الرحلة جدد موضوع الخروج . والدلالة عليه كيسوع المخلص الفادي . الشعب اليهودي عندما كان في البرية فشل في دخوله إلى أرض الميعاد ، في
( ملكوت الله ) التي وعد بها الله موسى . أما يسوع الذي إندمج في هذا الشعب منذ ميلاده فأنه حمل في نفسه تاريخ ذلك الشعب وبلغ بذلك التاريخ إمتحانه في البرية إلى الكمال الحقيقي . وفي نهاية مسيرته على الأرض قال
( لقد إقترب ملكوت الله ! ) فصار شعب إسرائيل مستعداً للدخول مع يسوع في الملكوت . لكن ذلك الشعب رفض . فأخذ النور من تلك الأمة ليشرق على الوثنيين إبتداءً بالمجوس . أخيراً إنتهى تاريخ إسرائيل بميلاد المسيح الذي أتجه نحو الوثنيين ، أي إلى
( الشعب الجالس في ظلمة أبصر نوراً عظيماً ، والجالسون في كورة الموت وظلاله أشرق عليهم نور ) " مت 16:4 " .
وبعد زيارة قام بها يسوع إلى الناصرة بعد عماذه ، أقام في كفرناحوم ، أي في جليل الأمم . ومن هناك بدأ نور رسالته يشع إلى العالم كله . لأنه لم يأتي فقط لخراف بني إسرائيل الضالة بل لخلاص كل الشعوب . وله المجد التسبيح والسجود .
التوقع
( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) " رو 16:1 "