المحرر موضوع: عصام الخواجة والجين الأناني!  (زيارة 270 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
عصام الخواجة والجين الأناني!

رعد الحافظ
1 يناير 2024

مقدمة :
د.عصام الخواجة رجل في أواسط العمر ,أمريكي من أصل مصري!
يعمل أستاذ إستشاري للطب النفسي التطوري في إحدى جامعات مدينة دايتون في ولاية أوهايو الامريكية!
أمّا (الجين الأناني) أو
 The Selfish Gene
فهو عنوان الكتاب الأول والأشهر لعالم البايولوجي البريطاني د.ريتشارد داوكنز.ألفه عام 1976 وتمّت ترجمته لمختلف لغات العالم.
في عام 2017 حصل هذا الكتاب في الإستطلاع الذي أجرته الجمعية الملكية البريطانية العريقة ,على لقب أكثر كتاب علمي تأثيراً في التأريخ على الإطلاق!
في الرابط الأول ستجدون ورقة تعريف من كاتب السطور بهذا الكتاب!
***
صورة عصام الخواجة!



***
شريط لقاء الصحفي سعيد شعيب مع عصام الخواجة / رابط 2
الأسئلة كانت لأجل فهم تصرفاتنا العامة كبشر ,وطريقة تفكيرنا تجاه الآخر المختلف (والأعداء) ورأي علم النفس التطوّري في ذلك!
بعد بضعة إجابات ,تبادر الى ذهني كتاب (الجين الأناني) وعلاقته بالموضوع.
الأسئلة المطروحة كانت من قبيل :
لماذا نتعاطف مع بعض ضحايا الحروب ونتجاهل ضحايا آخرين؟
على سبيل المثال : نتعاطف مع ضحايا الحرب الحالية في غزّة ,مقابل تجاهلنا كلياً ,ضحايا الحروب الحالية أيضاً في اليمن وسوريا والسودان وأوكرانيا وبلاد أخرى!
لماذا نتعاطف مع مسلمي غزّة بالذات ,بينما نتجاهل حال مسلمي الصين (الإيغور) ومسلمي ميانمار (الروهينكا) ,وقبلهم مسلمي البوسنة في أوربا الذين حرّرتهم الولايات المتحدة وحلف النيتو ,عام 1995 من إعتداء الصرب وأقامت لهم دولتهم المستقلة؟
وقبل هؤلاء مسلمي (الكويت) ,الذين حرّرتهم الولايات المتحدة وحلفائها عام 1991 من المحتل القذر (صدام حسين) وأعادت لهم إمارتهم!
حسناً / هل التفسير العلمي يعود لجيناتنا ووظائف الدماغ؟
أم أنّ الإنسان بطبيعته منحاز أو مزدوج المعايير؟
أم هو سبب إجتماعي وحبّ الإنتماء لمجموعة بشرية أو قبيلة أو ماشابه؟
ماذا يقول علم النفس التطوري في هذا الشأن؟
***
مختصرات لبعض أجوبة د.خواجة :
سأتحدث عن الطبيعة البشرية كما نعرفها ويعرفها علم النفس التطوّري!
الحروب عادةً يقرّرها الساسة والقادة ,ويدفع ثمنها البسطاء من الشعوب!
لا خير يأتي من الحروب ,إنّما هذه هي الحياة . الصراعات البشرية حدثت على مرّ العصور .
أنا دائم القول ,بأنّنا كائنات كانت في الماضي تفترس بعضها مادياً ,ثمّ تطوّرت لاحقاً لتفترس بعضها مادياً ومعنوياً وأخلاقياً وإجتماعياً.
فالسؤال : ماهي طريقة تعاطفنا مع الضحايا؟
الجواب ببساطة إنّنا نتعاطف مع مَن نظنّ أنّهم يشبوهننا!
الإنسان تطوّر ككائن إجتماعي يبحث عن الحماية .
والدماغ البشري تطوّر عبر ملايين السنيين للقيام بعدّة وظائف!
فالعقل البشري عبارة عن أفكار ومشاعر وسلوك!
فهل نحن كبشر ,نتخذ جميع قراراتنا بوعي كامل مدروس وصحيح؟
أبداً ..هذه ليست الحقيقة ,نحنُ محكومين بالمشاعر والإنحيازات!
لأنّ وظيفة المخ ليست فقط التفكير .التفكير هو آخر المراحل!
الوظيفة الأولى للمخ هي حماية الفرد ,تجنب الألم ,مساعدة الإنسان على البقاء المادي والمعنوي وتوفير الطاقة!
البقاء المادي : يعني البقاء حيّاً لا تموت ,أكل شرب نوم تكاثر..الخ.
البقاء المعنوي : يعني أنّ لك كياناً ووضع في مجتمعك ,لدى الناس الذين يشبهونك .لذا فرأيهم فيك مهم ,فتحاول كسب تعاطفهم وودّهم على الدوام!
توفير الطاقة : يعني المخ (مش عاوز يوجع نفسه) .المخ لايستطيع التعامل مع ثماني مليارات من البشر بآرائهم ومعتقداتهم المختلفة ,ثمّ ينظر لكل فرد منهم على أنّه حالة خاصة منفصلة متميزة .هذا شيء صعب وعسير على المخ.
المخ يتعامل بطريقة الأنماط (كاتيگوري) .مثلاً نضع الصينيين الذين يفوق عددهم المليار إنسان بنمط معين .كذلك نفعل مع السويديين ,
الأمريكيين ,المسلمين ,المسيحيين ,اليهود ,البيض ,السود ...الخ
هذا يحدث لأجل توفير الطاقة لدى المخ .فهو لايستطيع التمييز بين كلّ شخص أبيض على وجه الارض أو كلّ شخص أسود على وجه الأرض!
فأنتَ تتعامل مع البيض أو السود أو اليهود ,كحالة (نمط معين) واحد!
فالتعامل البشري (البدائي) سيكون أنا مع أقاربي وعشيرتي وحبايبي ,أنا أنتمي لهذه المجموعة التي تشبهني جينياً (في حالة الأقارب) ,وتشبهني فكرياً وثقافياً (عندما تطوّرت المجتمعات لاحقاً)!
التعريف العام للثقافة : كل ما هو ليس جيني (أو بايولوجي) في حياتنا .
بمعنى طريقة اللبس ثقافة ,طريقة الأكل ثقافة ,طريقة التفكير ثقافة ,الدين ثقافة ,العادات الإجتماعية ثقافة ,...الخ
كيف يعمل المخ مع هذه الأشياء؟
الجزء الأول والأقدم من المخ يسمى الأدنى ,أو مخ الزواحف ,هذا يقوم بالإنعكاسات وردود الأفعال بطريقة لا واعية!
الجزء الثاني هو المخ الأوسط (مخ الثدييات) ,هذا مسؤول عن المشاعر والإنفعالات والهرمونات والفيرمونات ,والثواب والعقاب والحب والإنتماء ..وما شابه!
الجزء الثالث من المخ
الذي تكون تطورياً ,يتمثل بالقشرة المخيّة العليا وهذه لها وظيفتين:
الأولى / التحليل والمنطق والتفكير بحلّ المشاكل.. وماشابه.
الثانية / محاولة السيطرة على المشاعر والإنفعالات والإنتماءات.
والقيام بالتحليل النقدي لكل أمر لأجل إتخاذ القرار الصائب.
هذا الجزء الثالث من المخ يختلف لدى البشر ,حسب العوامل والظروف التي يعيشها الإنسان من مستوى التعليم والصحة والثقافة السائدة والإنفتاح وتقبّل الآخر ,وباقي الأشياء التي تتسم بها مجتمعات الرفاهية في الحضارة الغربية عموماً!
أنا متأكد أنّ أغلب مَن يسمعنا الآن من سكان الشرق الاوسط سيكون غير سعيد بما نقوله ,لأنّ هذا الجزء الثالث من المخ لديهم مازال لم يتطوّر بما يكفي!
وهذا يقودنا الى الدين .ما هي مسؤولية الثقافة الدينية في كلّ مايحدث؟
الدين ,عندما يعني علاقة الإنسان بربهِ ,فهذا جيد ولا مشكلة فيه!
لكن عندما يصبح الدين آيدلوجية وثقافة تُلزم الجميع الإنصياع لها ,فهنا تبدأ المشاكل ولا تنتهي إلّا بالقتال والحروب لأنّها تصبح معادلة صفرية. كلّ دين يعتبر نفسه هو الحق المبين!
ورغم تطوّر بعض الإديان وتقربها من الحالة والقوانين الإنسانية المنصوص عليها في وثيقة حقوق الإنسان ,إنّما ليست جميع الاديان هذا حالها .الإسلام وبالأخص (الإسلام السياسي) مازال لم يتأنسن!
أقول :عموماً الإنسان كائن أناني عنصري بطبعهِ (الجيني) ,لكنّه يحاول تعلّم الإيثار والتعاون وتقبل الآخر المختلف كلّما إرتقى في الحضارة!
***
ملاحظة من كاتب السطور:
حسب عالم الأعصاب الروسي (سيرجي سافيليف) ,فإنّه لا يعتبر علم النفس ,وأشهر المشتغلين به (سيغموند فرويد) علماً دقيقاً ,إنّما هو أقرب الى المواعظ الحسنة لرجال الدين من مشايخ وكهنة وحاخامات!
لكن العلم الحقيقي ذي الصلة بالنفس يسمى (علم الأعصاب النفسي)!
هذا يدرس علاقة الدماغ البشري وخلاياه ,بتصرفات نفسيّة سلوكيّة محددة .ويهتم بعمل الخلايا العصبية ووصلاتها ومشاكلها المختلفة!
***
الخلاصة :
في بداية كتابه (الجين الأناني) يقول د.ريشارد داوكنز ما يلي :
[لابدّ لي من التأكيد أنّ الانانية المطبوعة بإنعدام الشفقة ,هي ميزة طاغيّة نتوقع توفرها لدى الجينة الناجحة .وعادةً ستؤدّي أنانية الجينة الى تعزيز الأنانية في السلوك الفردي .ثمّ يضيف :
رغم كوني شخصيّاً أظن ,أنّ المجتمع البشري المبني فقط على قانون الأنانية الكونية عديمة الشفقة للجينة ,سيكون مجتمعاً كريهاً يصعب العيش فيه ,لكن لسوء الحظ مهما بلغ إستهجاننا مداه ,فإنّه لا يحول دون كونه حقيقة.
من جهة أخرى ,نعم تُعلّمنا جيناتنا أن نكون أنانيين ,لكنّنا لسنا مجبرين للإمتثال لها طوال حياتنا .الإنسان وحدهُ (من بين الحيوانات) محكوم بالثقافة وتأثيرات التنشئة ,لذا فالجدل قائم بين تأثير هذه العوامل مقابل تأثير الطبيعة ذاتها .فلنحاول تعلّم الكرم والإيثار لأنّنا ولدنا أنانيين.
الإيثار المُكتسب مقابل الأنانية الطبيعية ,كلاهما ضروري للبقاء والتطوّر] / إنتهى الإقتباس من داوكنز
في الواقع ,كلّما تطوّرت الشعوب ,إزدادت رفاهيتها وإنسانيتها وقبولها للآخر المختلف .وإستقرت لديهم فكرة الفردانية (حقوق الفرد).
بمعنى كل شخص يعتبر كيان قائم بذاته له حقوق ,لا ينبغي محاسبته على جريمة قام بها فرد آخر من دينه أو بلده أو جنسه أو ماشابه .كذلك يصبح التعاطف عاماً يشمل جميع البشر!
بينما كلّما تخلفت المجتمعات إلّا وزادت عنصريتهم وإنتمائهم للعشيرة أو القبيلة أو الدين أو الطائفة الخاصة بهم ,وإنحصر التعاطف مع القرناء أو المشابهين لهم ,وإنمحى تقريباً مع المختلف عنهم في جنسه أو ثقافته!
ولاحظوا المثال التالي الذي ينطبق على عموم العرب والمسلمين:
بين عامي 1990 و 1993 حدثت حرب أهلية في راوندا في أفريقيا,
بين قبيلتي (الهوتو والتوتسي) ,راح ضحيتها أكثر من مليون إنسان (إبادة جماعية).
فهل تعاطف أغلب الناطقين بالعربية مع الضحايا؟
بل هل سمعوا أصلاً بتلك الحرب؟
أم سيقولون لم يوجد الإنترنت حينها؟
اُمنيتي للعام الجديد 2024 أن يتحسن ويتطور حال التعليم في بلادنا البائسة ,وينال الجزء الأهم من ميزانية الدول ,كي يُنتج لشعوبنا جيلاً يفهم معنى وقيمة التفكير النقدي ,يؤمن بالديمقراطية والعلمانية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجميع!
كل عام وأنتم بخير!

***
الروابط
1/ تعريف بكتاب الجين الأناني
https://akhbaar.org/home/2021/9/287312.html

2/ د.عصام الخواجة يجيب سعيد شعيب ,عن موقف علم النفس من إنحيازات العقل البشري!
https://www.youtube.com/watch?v=CeOE2NoNgxc&t=31s



رعد الحافظ
1 يناير 2024