المحرر موضوع: التاريخ يعيد نفسه مع اغتيال صالح العاروري  (زيارة 208 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31502
    • مشاهدة الملف الشخصي
التاريخ يعيد نفسه مع اغتيال صالح العاروري
تجدد شبح عمليات القتل الفلسطينية والإسرائيلية المتبادلة في بلدان ثالثة.
العرب

الاغتيالات لن تتوقف عند العاروري
عملية اغتيال نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري في بيروت تغذي توسع موجة العنف والاغتيالات المتبادلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مثلما حدث في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. وهو سيناريو مرجح الآن للتدوير.

بيروت - تثير حادثة اغتيال نائب رئيس حركة حماس وأحد مؤسسي كتائب عزالدين القسام صالح العاروري في بيروت، شبح تجدد عمليات القتل الفلسطينية والإسرائيلية المتبادلة في بلدان ثالثة. ويرى الباحث في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي أن الحادثة تمهد ليعيد التاريخ نفسه مع اختطاف الفلسطينيين الطائرات والهجمات على المدنيين في إسرائيل وأهداف إسرائيلية ويهودية في الخارج في سبعينات وثمانينات القرن العشرين.

ووضع العنف القضية الفلسطينية على جدول الأعمال العالمي إذ اندلع مدفوعا بنقاش حاد بين قادة الفدائيين الفلسطينيين حول ما إذا يجب التخلي عن المطالب المتطرفة لاستبدال دولة إسرائيل بـ"دولة ديمقراطية علمانية” (يهيمن عليها الفلسطينيون) والسعي لتأسيس دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.

واستغرقت منظمة التحرير الفلسطينية 16 عاما لقبول وجود إسرائيل وإنهاء المقاومة المسلحة ضد إسرائيل في 1988. وكان العنف ينحسر ويتوسع حيث شمل اغتيالات مستهدفة لممثلين وقادة إسرائيليين وفلسطينيين في بلدان ثالثة.

وكان إطلاق النار في لندن سنة 1982 على السفير الإسرائيلي في بريطانيا، شلومو أرغوف، سبب اندلاع الغزو الإسرائيلي للبنان وأجبر منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات على الانتقال من لبنان إلى تونس.

◙ مسرح محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي لدى المملكة المتحدة في 1982
ورفضت إسرائيل التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية خلال معظم الستينات والسبعينات والثمانينات مستخدمة نفس اللغة التي تعتمدها اليوم حول حماس. ويقول دورسي إن من المؤكد أن هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر زاد من حدة الرهان من حيث الحجم والوحشية.

ويدعم هذا التمشي (مثلما حدث في الماضي) خطابات العناصر القومية المتطرفة والدينية المتطرفة الأكثر تشددا في الطيف السياسي الإسرائيلي. كما أشعل حربا، شملت القصف العشوائي ومعاقبة السكان المدنيين الذين ستجد إسرائيل وحماس صعوبة في نسيانهم.

ولم توقف الحرب المسار الصعب داخل حماس، تماما مثل التطور الصعب الذي شهدته منظمة التحرير الفلسطينية. وأصبح النقاش الداخلي في حماس واضحا مع اعتماد ميثاقها المعدل لسنة 2017 واستمراره رغم الحرب، لكن لا يوجد ما يضمن أنها ستسير على خطى منظمة التحرير الفلسطينية.

وكان ينظر إلى العاروري على نطاق واسع على أنه متشدد داخل حماس، ومسؤول عن البنية التحتية العسكرية للحركة في لبنان وعملياتها في الضفة الغربية، حيث تزداد شعبيتها بسبب حرب غزة ومساهمتها في تمرد مسلح محتمل.

واندلعت الاحتجاجات في الضفة الغربية استجابة لدعوات حماس إلى “أعمال المقاومة”، واستنكرت اغتيال العاروري، وهو مواطن من الضفة الغربية، والعديد من نشطاء حماس الآخرين في غارة بطائرة دون طيار في بيروت. وتقرر شن إضراب عام أوقف جميع الأعمال.

◙ عمليات القتل الانتقامية في القرن الماضي استهدفت الفلسطينيين المعتدلين في منظمة التحرير الفلسطينية وليس المتشددين.

وكان العاروري قد عبّر عن نوايا حماس قبل وقت طويل من هجوم 7 أكتوبر. وصرّح خلال لقاء جمعه بقناة الميادين الإخبارية “أصبحت الحرب الشاملة حتمية. نعتبرها ضرورية… محور المقاومة، الشعب الفلسطيني، وأمتنا، كلنا نريد هذه الحرب الشاملة. ليس هذا مجرد شيء نقوله عبر وسائل الإعلام. نتحدث عن ذلك خلف الأبواب المغلقة…. نحن نناقش معا السيناريوهات والاحتمالات المختلفة”.

واستهدفت عمليات القتل الانتقامية في القرن الماضي الفلسطينيين المعتدلين في منظمة التحرير الفلسطينية في المقام الأول، وليس المتشددين، ولم ترتكبها إسرائيل فقط، بل نظمها بعض المتشددين الفلسطينيين أيضا، مثل أبونضال المنشق عن منظمة التحرير الفلسطينية. وحذرت إسرائيل مرارا وتكرارا من أنها ستطارد نشطاء حماس حيثما كانوا، كما عرضت وزارة الخارجية الأميركية في 2015 ما يصل إلى 5 ملايين دولار مقابل معلومات تساعد على تحديد مكان العاروري.

لكن إسرائيل لم تعلم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بخططها للقضاء على العاروري، وهي علامة على أنها خشيت أن تعارض الولايات المتحدة العملية لأنها تخاطر بتوسيع الحرب إلى ما وراء الأعمال العدائية المحسوبة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية وفي البحر الأحمر والاشتباكات الإسرائيلية – الفلسطينية في الضفة الغربية.

وتتعقد تداعيات اغتيال العاروري بحقيقة أن إسرائيل وحماس ليستا اللاعبتين الوحيدتين. وتعهد حزب الله بالانتقام لمقتل أي ممثل لمحور المقاومة المدعوم من إيران في لبنان الذي يشمل حماس والحوثيين اليمنيين والميليشيات العراقية.

ويشن حزب الله حربا ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر لتقييد القوات الإسرائيلية على الحدود الشمالية للدولة العبرية بحيث لا يمكن نشرها في غزة دون إثارة صراع شامل يمكن أن يكون كارثيا لحزب الله ولبنان. ويضع اغتيال العاروري حزب الله في موقع حرج، حيث يتوجب عليه أن يجد طريقة يفي من خلالها بتعهده مع ضمان عدم خروج الأعمال العدائية عن السيطرة. ويخشى كثيرون في لبنان أن تجر حماس البلد المفلس إلى حرب لا يريدونها.

◙ اختطفت الجبهة الشعبية طائرة تابعة للخطوط السويسرية في 1970
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد حذر خلال الشهر الماضي من أن إسرائيل “ستحول بمفردها بيروت وجنوب لبنان، غير البعيدين، إلى غزة وخان يونس” إذا شن حزب الله حربا شاملة. وألقى زعيم حزب الله حسن نصرالله خطابا مدته 90 دقيقة لإحياء الذكرى الرابعة لاغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، الأربعاء، لكنه أشار بإيجاز إلى عملية الاغتيال الأخيرة في بيروت.

وكرّس جزءا كبيرا من خطابه لدور سليماني وإيران في دعم الميليشيات في غزة والعراق وسوريا ولبنان واليمن من خلال تمويلها وتدريبها وتسليحها وتمكينها من تصنيع الأسلحة وإنشاء محور المقاومة. وأصر على أن أعضاء المحور يتخذون قراراتهم الخاصة بشكل مستقل ولا يتلقون أوامر من طهران. وأشاد بهجوم حماس في 7 أكتوبر دون أي ذكر لاستهداف الحركة للمدنيين. واعتبر أن رد إسرائيل على غزة كان “يستحق التضحية”.

وذكر نقاطا تحدد سبب فوز حماس في الحرب، بما في ذلك نجاحها في إعادة القضية الفلسطينية إلى جدول الأعمال الدولي. وقال إن الحرب نجحت في “إحياء القضية الفلسطينية، وإجبار الدول في جميع أنحاء العالم على البحث عن حلول”، مشيرا إلى أن البلدان العربية كانت على استعداد لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل دون حل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

لكن بدا أنه كان يشتري الوقت، بقوله إنه سيتناول قضية لبنان ومقتل العاروري بالمزيد من التفصيل في خطاب آخر اليوم الجمعة خلال حفل تكريم لأحد عناصر حزب الله الذي قُتل مؤخرا. وبدا أن نصرالله يشير إلى أن حزب الله سينتقم من مقتل العاروري في الجدول الزمني الذي يحدده، بالنظر إلى المعارضة اللبنانية واسعة النطاق للحرب مع إسرائيل. وحذر نصرالله، في إشارة إلى مقتل العاروري في معقل حزب الله في جنوب بيروت، من أن “جريمة اغتيال العاروري خطيرة ولن تبقى دون رد وعقاب وبيننا وبينهم الميدان والأيام”.

وأكّد بعد ذلك “أننا نأخذ الوضع في لبنان بعين الاعتبار”. ومن الواضح أن نصرالله بدا وكأنه يدعم المتشددين في نقاش حماس الداخلي. واعتمد نصرالله حجة أن الارتباط اليهودي بالأرض كان ملفّقا وأن الإسرائيليين كانوا يفرون من البلاد لأنها أثبتت عدم قدرتها على توفير الأمن. وخاطب الإسرائيليين مباشرة قائلا “ليس لكم مستقبل هنا. أرض فلسطين هي للفلسطينيين".