المحرر موضوع: هل تخرج النهضة من جلباب الغنوشي؟  (زيارة 164 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31502
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل تخرج النهضة من جلباب الغنوشي؟

الوريمي يقدم مقترحات بتغيير اسم الحركة ومجلس الشورى معتبرا أنها تبدو أكثر تلاؤما مع التوجهات الجديدة للحزب الذي يبحث عن مشتركات مع القوى الديمقراطية والمدنية.
MEO

النهضة تحاول أن تعيد نفسها إلى المشهد
تونس - لم يستبعد أمين عام حركة النهضة العجمي الوريمي تغيير اسم الحزب ومجلس الشورى، مؤكّدا طرح هذا المقترح داخل لجنة الإعداد المضموني للمؤتمر القادم، في خطوة ينظر إليها محللون على أنها مناورة سياسية للإيحاء بتغيير جذري في الحركة قبل الانتخابات الرئاسية تصب لصالح العودة إلى الشارع التونسي الذي ارتبط لديه اسم النهضة بالعشرية السوداء.

وقال الوريمي، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي في فيسبوك في وقت متأخّر الأحد، إن هذا المقترح لا يحتاج إلى استفتاء داخلي إلا في صورة وجود أكثر من اسم بديل عن اسم الحزب الحالي، مبيّنا أنه في تلك الحالة يمكن القيام بسبر آراء لمعرفة أي الأسماء يحظى بأكثر قبول وتأييد.

وليس واضحا ما اذا كانت التغييرات المرتقبة جرت مناقشتها بتنسيق مع رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي يقبع في السجن على ذمة تحقيقات في عدة ملفات وقد تطول فترة ايقافه، لكن المؤكد أن حركة النهضة تعيش حالة ارتباك وانقسامات لم تكن طارئة، اذ تعود إلى سنوات مضت حين انشق عدد من قياداتها وحين قدم العشرات منهم رسالة تطالب الغنوشي بالتخلي طوعا عن رئاسة الحركة والبقاء كشخصية رمزية، لكنه رفض وتمسك بالبقاء على رأس النهضة، في تناقض صارخ بين ادعائه التمسك بالمسار الديمقراطي بينما يمارس هو ديكتاتورية وتفردا بالقرار أدى إلى حالة تشرذم داخلي.

وكشفت تلك الفترة حجم الخلافات بين الحرس القديم والجيل الجديد من قيادات الحركة الاسلامية وبين تيار يرغب في التجديد وفقا لمتطلبات المرحلة السياسية وتيار تقليدي متشدد يريد الاستمرار في الحكم والتحكم ويدعي العمل على مراجعة فكرية بينما يستمر في تبني فكر متشدد.

والتغييرات المعلنة كمقترحات تطرح تساؤلات عما اذا كان الوريمي وقيادات من صفه ترغب في اخراج النهضة من جلباب الغنوشي واعادة ترميم الشروخ الداخلية والمصالحة مع المنشقين أم هي مجرد تغييرات شكلية لاستعادة التموقع في مشهد سياسي لفض الاخوان وطروحاتهم.

ويشير مقترح تغيير اسم مجلس الشورى إلى المجلس الوطني إلى محاولة الحركة الاسلامية تسويق نفسها كحزب مدني يفصل بين الدين والسياسية ومحاولة للايحاء بأن المجلس الذي يهيمن عليه متشددون، مجلس للتشاور والتنسيق يحتكم للمصلحة الوطنية العليا ولا يحتكم لأجندة أيديولوجية.
وأشار أمين عام حركة النهضة إلى أنه ليس هناك ما يدعو إلى تغيير الاسم قبل المؤتمر، موضّحا أن تغيير أسماء الأحزاب كليا أو جزئيا عادة ما يتم في المؤتمرات أو عند إعادة التأسيس. وفي نفس الوقت لم يستبعد تغيير اسم مجلس الشورى أيضا وتبديله باسم المجلس الوطني وهي فكرة طُرحت قبل المؤتمر التاسع ولم يتم التركيز عليها أو تفعيلها، معتبرا أنها تبدو اليوم أكثر تلاؤما مع التوجهات الجديدة للحزب الذي يبحث عن مشتركات مع القوى الديمقراطية والمدنية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زكى مجلس شورى حركة النهضة العجمي الوريمي عضو المكتب التنفيذي أمينا عاما جديدا وانعقد المجلس رغم قرار وضع رئيس مجلسها والوزير الأسبق عبد الكريم الهاروني رهن الإقامة الجبرية، بينما ذكرت مصادر مقربة أن قرار تعيينه صدر من رئيس حركة النهضة سابقا راشد الغنوشي من داخل محبسه باعتباره رجل المرحلة بالنسبة للنهضة يجيد الانحناء حتى مرور العاصفة السياسية.

وتشير التصريحات والتحركات المتتالية لقيادات النهضة إلى أنها تسابق الزمن في محاولة تغيير وجهة نظر التونسيين الذين فقدوا الثقة تماما بالنهضة على جميع المستويات، وبات اسمها مرادفا لملفات الفساد السياسي والاقتصادي حيث يقبع العديد من قياداتها في السجون بتهم خطيرة، لذلك لجأت الحركة إلى الإعلان عن تغييرات "كبيرة" وتعهدات اصلاحية للاقتراب من الشارع الذي لفظها.

وتعهّد الوريمي الشهر الماضي، بتقديم عرض سياسي جديد إلى التونسيين، وأكد في حديث إلى إذاعة "شمس.إف.إم" أن الحركة "تشهد على المستوى الداخلي مرحلة إصلاحيّة عنوانها حوكمة الموارد البشرية والمادية للنهضة بغاية جعلها حزبا رياديا قادرا على تحمّل المسؤولية في البلاد ولإنجاح العيش المشترك ورفض الإقصاء والتأسيس لديمقراطية سليمة خالية من العاهات".

وتابع بأنّ "العرض السياسي الجديد للحركة سيواصل مسار التطبيع مع الدولة وسيكون من مهام النخبة السياسية في المرحلة القادمة -خاصة ممن سيفوزون في الانتخابات- إصلاح الدولة لتكون دولة القانون والمؤسسات ودولة مواطنة".

أما على مستوى التنمية، قال أن "العرض السياسي الجديد للحركة سيسعى إلى إيجاد منوال حوله توافق"، لافتا إلى أن الشركات الأهلية التي عمل عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد يمكن إدماجها ضمن ركيزة الاقتصاد التضامني.
وتحاول النهضة اليوم أن تعيد نفسها إلى المشهد رغم أن الشارع التونسي فقد الثقة تماما بها، وذلك بتصريحاتها حول الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة المنتظر أن تجري في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. فمنذ أيام قليلة أكد القيادي في حركة النهضة رياض الشعيبي أن حزبه معني بالانتخابات الرئاسية عن طريق دعم مرشح واحد.

وأضاف أن "النهضة ستخوض غمار هذه الانتخابات شريطة أن تعطيها السلطة ضمانات تتمثل أبرزها في إطلاق سراح الموقوفين (من بينهم زعيم الحركة راشد الغنوشي والقيادات نور الدين البحيري وعلي العريض وغيرهم)". وقال الشعيبي إن "جبهة الخلاص الإخوانية وحركة النهضة لا يمكنهما البقاء بعيدًا عن المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة".

ويقول متابعون أن النهضة تبحث عن الاعتراف والشعبية وحتى مع عدم ثقتها بالوصول إلى الانتخابات إلا أنها تناور من أجل إطلاق سراح قياداتها المسجونة على خلفية تهم خطيرة، وذلك في تغيير لاستراتيجيتها القائمة على مقاطعة الانتخابات والتي أثبتت فشلها بالتأثير على المشهد السياسي.

وسبق أن أعلنت الحركة مقاطعتها الانتخابات التشريعية الماضية التي جرت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، وانتخابات مجلس الجهات والأقاليم التي جرت في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقالت حينها إنّ اعتقال رئيسها راشد الغنوشي وقيادات من الصف الأول، يندرج في إطار الإجراءات التعسّفية واستهداف الحريات والأحزاب والعمل السياسي.

واعتبر الوريمي في تصريحات صحافية سابقة أنّ الإيقافات الأخيرة التي شملت رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي وعددا من مسؤوليها المحليين، تهدف إلى تعطيل عقد مؤتمر الحركة. واتهم السلطة بالسعي إلى تعطيل مؤتمر الحركة من خلال إيجاد أوضاع لا تساعد على العمل السياسي، ولا تساعد الأحزاب على القيام بدورها، ما يؤدّي إلى تعطيل استحقاقاتها الحزبية الكبرى وأبرزها المؤتمرات.

وفي إطار ممارسة الضغوط وجذب الانتباه، أعلنت النهضة الأحد الماضي إن الونيسي المعتقل منذ يوم 06 سبتمبر/أيلول 2023 في السجن المدني بالمرناقية قد دخل في إضراب عن الطعام منذ ما يزيد عن عشرة أيام "احتجاجا على غموض المسار القضائي منذ لحظة إيقافه إلى ساعة دخوله في الإضراب". زاعمة أن اعتقال الونيسي كان على خلفية "ما اعتُبر تسريبا من إحدى الصفحات المشبوهة التي أوغلت في استهداف عديد الرموز والشخصيات الوطنية الرسمية والمعارضة على حدّ السواء ببث الأخبار الزائفة والنيل من الأعراض".

ويقول متابعون للمشهد التونسي إن حركة النهضة الإخوانية خلال عشرة أعوام (2011-2021)  سيطرت على السلطات في البلاد بالكامل وهي أحكمت خلالها قبضتها على مفاصل الدولة، فحوّلوها إلى مؤسسات واهنة ومتهالكة، وبعد أن خرج الشعب التونسي ضدهم ليعزلهم تعمل الدولة على ضبط الأوضاع داخليا وحققت بالفعل نجاحات كبرى في ذلك.