المحرر موضوع: لماذا الرهان على حراك السويداء ؟  (زيارة 519 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 946
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لماذا  الرهان على حراك السويداء ؟
                                                                       
صلاح بدرالدين
 
      اندلعت الانتفاضة السلمية السورية العفوية في ربيع العام ٢٠١١ ،  بعد تراكمات نضالية لم تخلو من التضحيات الجسام من جانب مختلف المكونات ، والاطياف الوطنية  ، ومعارضة سياسية للاستبداد لعقود خلت وبينهم مناضلو الحركة الكردية ، كان الثمن باهظا تجلى في استشهاد العديد في اقبية التعذيب ، وقضاء الالاف زهرة شبابهم  ولعشرات الأعوام في الزنازين نتيجة الاحكام الجائرة من المحاكم العسكرية ، ومحكمة امن الدولة  ، وفي معتقلات فروع المخابرات لكل ميزانيته ، وهيكليته ، ومرجعيته ، ومافياته ، والتي بلغت الثمانية منذ تسلط حزب البعث على مقاليد الحكم عبر انقلابه المشؤوم . 
    بمرور الوقت تحولت الانتفاضة الى ثورة دفاعية مقاومة خصوصا بعد تلاقي ، وتلاحم الحراك الوطني الثوري العفوي ويتصدره الشباب ، مع أولى موجات الضباط والجنود الذين التحقوا بصفوف الشعب ، وانشقوا عن مؤسسات النظام ، وباتت اهداف الثورة اكثر شفافية ووضوحا في الشعارات المرفوعة في التظاهرات الاحتجاجية ، ووسائل الاعلام  واجمعت على : اسقاط النظام ، واستعادة الحرية والكرامة ، واجراء التغيير الديموقراطي .
   لم يكد ينقضي العام الأول من الثورة وبعد استيلاء الأحزاب ( الآيديولوجية ) الكلاسيكية بتحكم جماعات الإسلام السياسي وذراعه المنظم – الاخوان المسلمون – على مقاليد الثورة ، والمعارضة حتى حصل التراجع ، والارتداد عن الأهداف من خلال مشروع اسلمة ، واخونة ليس الثورة السورية فحسب بل معظم ثورات الربيع بالمنطقة ، ذلك المشروع الذي رعاه ، وموله النظام العربي ، والإقليمي الرسمي ، كوسيلة لحرفها ، واجهاضها ، ثم الانقضاض عليها ، وهذا ماحصل .
   استراتيجية اسقاط النظام التي استندت اليها الثورة السورية في بداية نشوبها كانت بمثابة التهديد الوجودي للسلطات الحاكمة التي كانت تتعامل بسهولة بالسابق مع أنواع – المعارضات – الإصلاحية التي كانت معروفة بالمدجنة ، والرسمية ، وكانت أساسا مايحتاج اليها النظام السوري للاستهلاك – الديموقراطي – امام الراي العام ، ومنذ أواخر عام ٢٠١٢ لم يعد هذا التهديد قائما ، خاصة وان الصراع في سوريا تحول الى الصراع على سوريا ، وتدخلت فيه القوى الإقليمية ، والدولية ، كمحتلين ، او عبر الوكلاء من الميليشيات المحلية   حول المصالح ، والنفوذ .
          من شعار اسقاط النظام الى عملية التفاوض ومد الخيوط
   اذا كان المقياس الحقيقي الوحيد لجدية ، وصدقية ، ووطنية أية " معارضة " كيانا ، او مؤسسة ، او حزبا ، او مجموعة ، او فردا هو مدى الالتزام قولا ، وعملا بالهدف الرئيسي للثورة المغدورة وهو اسقاط نظام الاستبداد بكل مؤسساته ، وقواعده ، ومرتكزاته الأمنية ، والاقتصادية ، والإدارية ، واجراء التغيير الديموقراطي ، ولكن من هو الطرف السياسي السوري ( المعارض )  الذي تنطبق عليه تلك المواصفات في الحالة الراهنة ؟ .
       أولا -   الائتلاف وهو الامتداد الطبيعي للمجلس الوطني السوري الذي سبقه بقبول قرارات جنيف واحد ، وفيننا  ، لم يعد يطالب باسقاط النظام ، بل لديه هيئة تفاوضية معلنة للاتفاق مع النظام القائم ، ويعلن التزامه بالشراكة معه في الحكم هذا اذا قبل الطرف الحاكم ذلك .
      ثانيا – الفصائل المسلحة المنضوية باطار الجيش الوطني ، والحكومة المؤقتة المحسوبة على الائتلاف تسير على نفس المنوال ، ولم تعد مواجهة جيش النظام من مهامها .
     ثالثا – القاعدة او هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ بقيادة – الجولاني الذي يبسط سيطرته على منطقة ادلب وبالرغم من تعرضها لقصف المحتل الروسي ، والنظام ، الا ان المعلومات تشير الى وجود صلات ، وتفاهمات بين الجولاني والنظام السوري ، وهو يشكل بالاساس عبئا على المعارضة الوطنية لكونه بقائمة الإرهاب ، ولايشكل خطرا على نظام الأسد . 
     رابعا – في الحالة الكردية : ١ - نجد ان احزاب ( المجلس الوطني الكردي ) تلتزم بسياسة الائتلاف على صعيد الموقف من النظام ومشاركتها في معظم اللجان ، والهيئات بما فيها التفاوضية ، بل لدى بعضها صلات خاصة مع أجهزة السلطة الحاكمة منذ عقود وحتى الان ، والتركيبة الأخيرة لمسؤوليه  منذ نحو شهر تؤكد ذلك ، حيث تجد فيها الكثيرين من ايتام الضابط الأمني الشهير في محافظة الحسكة  – محمد منصورة – ،  ٢ – اما – ب ي د – وسلطته ، وادارته ، وقسد ، ومسد ، فهم شركاء النظام في محاربة الثورة السورية ، وصلاتهم التفاوضية مستمرة ولم تنقطع يوما بحسب اعترافهم هم ، ولم ولن يكون اسقاط النظام من ضمن مشروعهم لا الان ولا في قادم الأيام ، ٣ – اما الأحزاب ، والمجموعات الخارجة عن اطار أحزاب طرفي الاستقطاب شكليا ، فاما ان تكون اقرب الى النظام تاريخيا او لا تاثير لها في مسار الاحداث ، بقي ان نقول ان المجموعات التي أبعدت عن – الحزب الديمقراطي الكردستاني  – بعد مؤتمره الأخير لاسباب عديدة ليس من بينها الخلاف حول موقف اسقاط النظام من عدمه ، ٤ – والاهم والأخطر في كل ذلك فان مرجعيات الأطراف السالفة الذكر ومانحوها  ( تركيا – مركز ب ك ك في قنديل – أربيل ) ليسوا من دعاة اسقاط نظام الأسد ، وبعضهم على وفاق معه ، والبعض الاخر يسعى الى التفاهم والتصالح بين المعارضة والنظام .
٥ -  هناك تيارات سياسية ، وفكرية ، وثقافية خارج الأطر الحزبية الكردية ، مثل حراك " بزاف " ، وكذلك مجموعات وطنية مستقلة ، وافراد من الناشطين الشباب ، والكتاب ، والمثقفين  ، يلتزمون باهداف الثورة السورية المغدورة ، ويتبنون شعار اسقاط النظام ، ويعملون من اجل تحقيقه بوسائلهم المتوفرة .
     خامسا – حراك السويداء : هو الطرف الشعبي الأبرز وقد يكون الأوحد كقوة منظمة الصفوف على الصعيد الوطني ينادي باسقاط نظام الاستبداد ، وينطلق من المفهوم الوطني الجامع والقابل با التعددية القومية ، والاجتماعية ، والثقافية ، في اطار الوطن الواحد   ، ويطمح في احياء الثورة بشكل سلمي ، وفي تصحيح مسارها ، وتقويم الإشكالية الدينية المذهبية التي  كان من ورائها الإسلام السياسي ، وذلك بالالتزام بالنظام السياسي العلماني .
  ليس امام الوطنيين السوريين المؤمنين باهداف ثورتهم المغدورة ، الا دعم واسناد حراك أهلنا بالسويداء الذي أعاد الامل من جديد ، والعمل على تنظيم الحراك السلمي المناسب في كل محافظة ، ومنطقة ، وصولا الى توحيد العمل النضالي على مستوى الوطن .