المحرر موضوع: كيف لسلطة عاجزة عن ضبط الأمن في الضفة أن تتولى إدارة غزة  (زيارة 186 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31502
    • مشاهدة الملف الشخصي
كيف لسلطة عاجزة عن ضبط الأمن في الضفة أن تتولى إدارة غزة
تهيئة سلطة محمود عباس لمرحلة ما بعد الحرب في القطاع أمر صعب.
العرب

سلطة تفتقد السيطرة
رام الله – تصدر إشارات من الولايات المتحدة وأوروبا حاثة على إشراك السلطة الفلسطينية في مرحلة ما بعد الحرب لخلافة حكم حركة حماس في قطاع غزة، وهو ما يثير التساؤل: كيف يمكن لسلطة عاجزة عن ضبط الأمن في الضفة أن تتولى حكم غزة بما تحمله المرحلة القادمة من تعقيدات أمنية وسياسية.

ومن شأن هذا الأمر أن يزيد من صعوبة الحديث عن إصلاح السلطة الفلسطينية وإعادة تهيئتها للحكم من جديد كما تطالب بذلك دوائر غربية.

وبدت سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس غائبة كليا خلال المواجهات الأخيرة في مدن وقرى الضفة الغربية، فلا هي وقفت في وجه الاقتحامات الإسرائيلية وما تبعها من قتل واعتقال العشرات، ولا هي سيطرت على أمن هذه المدن والقرى ومنعت إدخال الأسلحة والمتفجرات وأنشطة المسلحين لقطْع الطريق على التدخل الإسرائيلي.

واقترحت واشنطن أن تؤدي السلطة الفلسطينية بعد الحرب دورا في حكم قطاع غزة، لافتةً إلى أنها “تحتاج إلى تجديدٍ وتنشيط وتحديث في ما يتعلق بأسلوب حكمها، وتمثيلها للشعب الفلسطيني”. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض اضطلاع السلطة بأي دور في المستقبل.

كيف لسلطة عاجزة في الضفة أن تكون بديلا موثوقا، والوضع الأمني والعسكري أمر بسيط مقارنة بتعقيدات غزة

ويقول الإسرائيليون إنه لا يمكن الوثوق بالسلطة ودورِها، مشيرين إلى أنها فاقدة السيطرة على ما يحدث في الضفة فكيف لها أن تكون بديلا موثوقا في القطاع، والوضع الأمني والعسكري في الضفة أمر بسيط مقارنة بتعقيدات غزة.

ولا يُعرف ما تقوله السلطة للإسرائيليين عما يحدث في الضفة، وكيف تبرر محدودية دورها كسلطة كما تحدده اتفاقية أوسلو، ولماذا تراجع أو اختفى التنسيق الأمني، وهل أن الأمر مرتبط بمناورة من داخل السلطة أم هو نتيجة ضعف.

وفي المحصلة تبدو كل الملفات التي تعني السلطة في الضفة خارج سيطرتها. وإذا كان هذا وضعها هناك، فكيف يمكن أن تكون البديل عن حماس والإدارة الإسرائيلية معا في القطاع.

وقبل أسابيع، وعلى مقربة من مقر السلطة الفلسطينية، حمل العشرات من الشبان رايات حركة حماس الخضراء عند استقبال الأسرى المفرج عنهم في صفقة التهدئة، وهتفوا لحماس وتأييدا لكتائب عزّالدين القسام، الجناح العسكري للحركة، في تحد واضح لهيبة عباس وسلطته التي تراجعت شعبيتها بشكل كبير.

ووجد الرئيس الفلسطيني نفسه في وضع حرج، فهو لا يستطيع إدانة ما قامت به حماس ولا انتقاد المغامرة التي كلفت الفلسطينيين خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات. وأي كلام في هذا السياق سيتم تأويله على أنه انحياز إلى إسرائيل، وأن حساباته الخاصة تجعله في صفها.

في المقابل طلبت إسرائيل من السلطة الفلسطينية إدانة واضحة لما قامت به حماس. وبسبب غياب موقف واضح من عباس باتت إسرائيل تطالب بإخراجه من صيغ الحل التي ستأتي في مرحلة ما بعد وقف الحرب.
ويرى الإسرائيليون أن السلطة لم تعد تفيد كشريك في مسار السلام، وأن بقاءها سيكون عبئا كبيرا لعدة اعتبارات؛ منها تراجع شعبيتها وسيطرة الفساد على مؤسساتها وضعف الرئيس عباس وافتقاره إلى الشرعية الدستورية منذ سنوات طويلة، والأهم أن السلطة تريد الحكم  دون أن تنهض بأي دور ذي قيمة.

ويتطلب رجوع السلطة إلى غزة أعباء مالية كبيرة لتوظيف الآلاف بهدف إحياء الأجهزة الأمنية وتوفير الرواتب والمقار، هذا دون اعتبار الجهود الكبيرة لإعادة الإعمار، وهو ما قد يجعل خيار عودة السلطة مُكْلفا.

وقال عباس في مقابلة مع رويترز في ديسمبر الماضي “نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل السلطة وبحاجة إلى دعم دولي كبير” للعودة إلى القطاع.

وما يثير مخاوف الإسرائيليين من الدور المحتمل للسلطة في غزة أنها تريد حكما تشاركيا مع الفصائل تحت مظلة منظمة التحرير، ما يفتح الطريق أمام عودة مقنّعة لقادة حركتَيْ حماس والجهاد الإسلامي إلى حكم القطاع.

وتجعل المآخذ الإسرائيلية على سلطة عباس الحديث عن أي إصلاح لها من الداخل أمرا صعبا لأن الأمر لا يتعلق بضعف الإمكانيات وإنما بغياب مقومات الإصلاح، خاصة أن رئيس السلطة يرفض إجراء الانتخابات وتجديد مؤسسات السلطة وإدخال الحيوية عليها من خلال توظيف الشباب والانفتاح على مكونات فلسطينية أخرى قريبة من السلطة وبعضها في حركة فتح أو منشق عنها.

ويتساءل المحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شتِيرن “كيف يمكن تحويل السلطة الفلسطينية الموجودة بهذه الحالة إلى أخرى (أكثر فاعالية)؟”.

ويعتقد شتيرن أن تحقيق هذه النقلة يتطلب “وقف الفساد المستشري في السلطة الفلسطينية، وتجديد القيادات بشكل مستمر، لأن وجود البعض منهم في السلطة لمُدَدٍ طويلة يحولهم إلى “فاسدين وغير فاعلين ولا نافعين”.

ويؤكد أن “إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية” يجب أن يكون “داخليّا وليس دوليا أو عربيا”.
وبمرور الوقت واقتراب الحسم العسكري نشط الحديث لدى دوائر غربية بشأن ضرورة إصلاح السلطة وإعادة تهيئتها للنهوض بدورها، لكن مراقبين يخفّضون سقف هذا التفاؤل.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الثلاثاء خلال الزيارة التي أدتها إلى مصر “على المجتمع الدولي أن يلتزم بتنظيم الأمن في غزة بعد الحرب ويتعين على السلطة الفلسطينية التي خضعت للإصلاح أن تلعب دورا حاسما في المستقبل”.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال بعد اجتماعه مع عباس، في أواخر نوفمبر الماضي، إنهما ناقشا ضرورة إجراء إصلاحات لمكافحة الفساد وتعزيز دور المجتمع المدني والصحافة الحرة.