المحرر موضوع: الشاعر نينوس نيراري يصدر كتابه السادس  (زيارة 624 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
الشاعر نينوس نيراري يصدر كتابه السادس

الكتاب السادس الذي أصدره مؤخراً الشاعر المعروف نينوس نيراري جاء بعنوان " قصائد منزوعة السلاح " ،  والكتاب  هو ديوان شعري باللغة العربية يحوي على أربع وأربعين قصيدة، غالبيتها طويلة جاءت بثلاثة أنماط شعرية؛ العمودي والحر المقفى والنثري.
في الحقيقة وكما اخبرني نينوس ليست هذه كل القصائد التي كتبها في الشعر العربي فهناك التي ضاعت بسبب اوضاع الهجرة القسرية وهناك التي كانت مخباة تنتظر فرصة النشر بسبب ظروف الوطن السياسية فكان فقدانها سهلاً.

مرة اخرى تأخذ دار الادهم للنشر والتوزيع على عاتقها طبع ونشر كتاب من تأليف نينوس نيراري ، وإن دل ذلك على شيء فهو ان  هذه الدار المصرية ادركت جيداً مدى رقي شعر هذا الشاعر ليكون لها الفخر في نشرها. 
غلاف الكتاب الأمامي هو رسم تعبيري قديم وجده نينوس في خزانة كتبه واختاره لهذا الكتاب ليعبر عن رؤى الرسام المجهول عن قصائد نينوس الذي بدأ كتابتها في مرحلة الشباب ، يسهر الليالي يكتب ويجرع الكأس المُرً لأن الحكومة الدكتاتورية الشوفينية استحوذت على وطنه النهريني واصبح بلا وطن. "تموت الحياة بلا وطن "، كما جاء في آخر سطر من هذا الكتاب.
اما الغلاف الخلفي فهو  التعبير عن الرسم الأمامي عبر الكلمات التي جاءت في قصيدة " بأي ثمن " والتي كتبها في شهر تشرين الثاني ٢٠١٩، لمناسبة الأنتفاضة الشبابيةالتشرينية في العراق. والتي كانت سوف تؤتي أُكُلُها في القضاء على حكومة الفساد لولا جائحة الكورونا التي اوقفتها حين وصولها ذروة عنفوانها، في ذكراها السنوية الأولى:
بأي ثمنْ
سيحيا الوطنْ
برغم المحنْ
وكل الفتنْ
برغم السيوفْ
وكل الأنوف
سيحيا الوطن

هنا ثورة الثائرينْ
هنا وثبة الواثبينْ
ستُنهي رؤوس العفنْ
وتمشي الحكومة ملفوفة في كفن

وهناك قصيدة اخرى بهذا الخصوص حملت عنوان "َتظاهَر" جاءت بصيغة أوامر للمتظاهرين. برأي انها تصلح ان تكون نشيد وطني نموذجي لقوة كلماتها وايقاعها الحماسي، كما ان وزنها الثابت يصلح للأنشاد او للغناء، وأيضاً طولها مناسب، فهي سبعة ابيات من مثيل هذا الأول:
تظاهر ..تظاهر..تظاهرْ
وحرك سكونك يا ابن العراقْ
تظاهر وشوه وجه النفاقْ
فمن اجل خبز وماءْ
وللعز والكبرياءْ
وعش شامخاً وتفاخرْ
فهيا تظاهرْ

يقع الكتاب في ١٩٠ صفحة من الحجم المتوسط وجاءت المقدمة بقلم الشاعر نينوس وعبر فيها عن رؤيته لمهام الشعر مقتطفاً من أقوال االمعنيين في فن الشعر، والذي عجبني من اقوالهم ان "الشعر صورة ناطقة". اما نينوس فتصوره هو " الشاعر الجريء يطلق صلصلته عندما يرى الشعب والوطن والحرية ضحايا الحروب وسياسات الحكام " ، لقد وجدتُ هذه الصلصلة ( صوت الرعد ) تسري في السطور وما بين السطور التي وردت على لسان نينوس في هذه المجموعة الشعرية. وشخصياً احسب الشاعر هو قمة الثقافة والأدب والفن لا يعلو عليه إلا الناقد الحصيف العادل.

حسناً فعل نينوس انه في كل قصيدة ألفها كتب تاريخها باليوم والشهر والسنة مع المكان اذا كان بالأمكان، وهذا يسهل على القاري معرفة الظروف التي احاطت بالقصيدة أثناء الكتابة.
في كركوك حيث عاش الشاعر فترة شبابه منتصف السبعينات من القرن الماضي نراه وجدانياً في صياغة مشاعره الانسانية، يحب اهله وتاريخه وأكثر يحب الحق والحرية.
مِن " اصوات مقبرة الخلود ":
مَن قص جنحي
مَن سكب البراكين على جرحي
لا زلت أسير وحدي
بين اطلال مدينتي
اسأل عن مجدي
اسأل مَن جاء قبلي
ومَن جاء بعدي
اين اهلي وأين الديار

ومِن " حجر الشهيد " :
وجلست عند قبر اثري
اتفحص جمجمة مهمشة
فإذا برنين يطرق باب سمعي
كأنه صوت بشري
يعزف لحناً بلا وترِ
يقول " انا ضحية التترِ
انا يا من تحملني بين يديكْ
صوت الحق فوق شفتيكْ"

ومِن " جلجامش يتأرجح " :
اسمي منسي يذكره من يذكر ملحمة الطوفانْ
صوتي مجهول يعرفه من يعرف اغنية الأحرارْ
لغتي لا يفهمها الا من يفهم شيئاً من لغة النارْ

الشاعر مرآة زمانه فها هو متفائل بوجود عبد الكريم قاسم على رأس السلطة في العراق يعكس لنا وطنيته ذاكراً إنجازاته قبل ان يتحول العراق الى الحكم الشوفيني القومي بقيادة دكتاتور على رأس جهاز  استخباراتي يستعبد العراقين في ام المعارك لتكون  سقطته وتنهار اكذوبته في التحرير.
مِن قصيدة " عاش الزعيم عبد الكريم":
يوم ثُرتَ صفقتْ لك تأييدا         بلاد قد مسها اخفاقُ
نخلة الرافدين شامخة أطوادنا   تغفو تحتها اعراقُ
كيف ودعتنا فنحن يتامى         نستقي المرَّ من يد لا تطاقُ

مِن "الرقص مع الرئيس":
مولانا ترقص فوق الرؤوس
وتقرع الكؤوس
شارباً نخب السقطه
قلتَ عنها ام المعارك
اعذرني يا سيدي اني لم أشارك
في هذه الورطه
مهما سحسلني الأمن والشرطه
فأنا جندي اموت لأجل الوطن
وادافع عن الشعب وقت المحن
لا من اجل السلطه
او لتحرير الضرطه.

في الغربة فرحَ نينوس ومعه فرح العراقييون بانتهاء نظام العفالقة كما هو واضح من قصيدة "عهد جديد"، المكتوبة في أيار ١٠، ٢٠٠٣، حيث يقول:
نيسان اطلق نسمة فواحة      فتبرعمت في يأسنا ازهارُ
قد زارنا تموز وهو ضاحك      وعليه رشت عطرها عشتارُ
وطني العراق دنسوك عفالق    متغطروسون احرقهم نارُ

لكن الفرح هنا لم يكتمل لا لنينوس ولا للشعب العراقي، فالذي حصل ان العراق بلغ أسوأ حالاته، ليذوق الإرهاب والفساد، فكتب لنا نينوس وقلبه يعتصر بسبب الذي ذاقه الشعب العراقي ضمن قصائده  "الحب في زمن الأرهاب" ، "كيف احرك قصيدتي"،  "الخطاب" ، وأخرى كتبها بعد عام ٢٠٠٤.
في هذه الفترة نينوس كتب قصيدة عجيبة غريبة تحت عنوان "خلجات" لا تقع ظمن اي من أنماط الشعر المذكورة فهي سريالية، فلسفية، حسابية، فيزيائية . انها لغز اكثر مما هي قصيدة!! كان بودي كتابة كامل القصيدة لكنها تقع في ست صفحات،  اما اختيار مقطع او مقطعين ، فإنه لن يف بالغرض لكثرة "المُبهمات". إن قلتُ اني لا استطيع افهم جيداً عنوان الكتاب " قصائد منزوعة السلاح" ، فبلا شك هنا لم أفهم محتوى ولا مغزى هذه القصيدة :
هذا القنديل الفضي
المعلق في الفراغ
من أطفأ نصفهُ

كل ما سقط قد قام
الا انا

ازحف على بطني
فتضحك الأفعى

ادخل الى الماء
فتخرج الأسماك

داروين. " الكون أكبر سند لوجود الله"
نيراري." الشعر أكبر سند لوجودي"

احياناً اكون سريالياً
مستقيماتي تمتدذُ الى ما لا نهاية

افشل في إعلان الحب
فأعلن الحرب بإسقاط الراء

احزروا من يستفزني احياناً
حاولوا ترتيب حروف هذا الأسم المجزء
ا.ل.ي.ر.ع.ج.ف

انا معتدل
لا أقول للحاكم المستبد نعم
ولا اقول لا
بل اقول نع + لا
اسمحوا لي ان أقدم لكم نفسي
انا. لا. الرافضة

قولوا لي يا قراء يا اعزاء هل هذا ابداع، ام كما يقال " الجنون فنون" ، وحاشا ان يكون نينوس مجنوناً!!!!!

قصائد اخرى كتبها نينوس للضرورة وخاصة عن شخصيات جذبته أعمالها.  منهم الشاعر الذي وافاه الأجل في ريعان الشباب سلمان مروكَل ، الشاعر سرجون بولس، الشهيد مار بولس رحو، والمؤرخ هرمز ابونا، ولا بد ان نقف هنا عند القصيدة عن هذا الأخير، واستشهد ولو بسطرين لان نينوس معجب جداً بمآثر هذه القامة التاريخية:
هذا كتابك في يدي وحضارة
                             وكنيسة نُحرتْ وهذا واقعُ
يا أخضر العطاء مثل سهل نينوى
                                   تجود ولا يصدكَ رادعُ

يختم نينوس قصائده بمرثية لأرواح شهداء بغديدا والتي جاءت بعنوان: "عرس النيران" والتي أهداها الى أرواح اهل بغديدا الذين ماتوا حرقاً والذين اصيبوا في قاعة الهيثم للأعراس والحفلات في شهر أيلول ٢٦، ٢.٢٣ اثر "حادث مفتعل بفعل فاعل وقالوا عنه قضاء ً وقدراً، " كما علق عليها نينوس.
هذه القصيدة كتبها نينوس لتكون عمودية وقافيّة القافية لتكون قوية و موسيقية. كل بيت سُطِرَ في هذه القصيدة كان أقوى تعبيراً من الذي قبله ومن الذي بعده. في الوسط جاء هذا البيت:
هل أسطر عن مأساتكِ لو
                                       سطرتُ سيشتعل الورقُ
يا عروسة حزنٍ ضاع الرجا
                                 يا عريس الأسى ضاق الأفقٌ
فستانكَ طاووس ابيض
                                   يتبخر  مشياً  وينطلقُ
من تخيل ساعة فاجعةٍ
                                    فالموت له وجه صَفِقٌ
أرقصا رقص نارٍ  مستعرٍ
                                     كغروب الشمس له شفقُ

يا له من شعر رصين، لو قرأه المتنبي لعقب وقال: قيّدوا ترتيب هذا الآشوري من بعدي في قول الشعر العربي.

في الختام اقول  للقاريء الكريم كل الذي ذكرته هنا هو غيض من فيض عن شعر نينوس الوطني باللغة العربية التي ليست لغة الام له لكنه اتقنها جيداً ونظم الشعر بها بما يثير العجب ويستحق التقييم اللازم.
                   حنا شمعون/ شيكاغو 
                    ١٦ كانون الثاني ٢٠٢٤
       




غير متصل قشو ابراهيم نيروا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4733
    • مشاهدة الملف الشخصي