المحرر موضوع: نجاة لم تعد صغيرة  (زيارة 197 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31502
    • مشاهدة الملف الشخصي
نجاة لم تعد صغيرة
« في: 11:43 29/01/2024 »
نجاة لم تعد صغيرة
تكريم نجاة كان حدثا مهما نجح السعوديون في صناعته. وهم ينطلقون في ذلك، من رغبة في السيطرة على أضواء المشهد الفني والإعلامي في المنطقة العربية.
الحبيب الأسود

تكريم نجاة الصغيرة في الرياض حدث كبير
كثر الحديث هذه الأيام عن التكريم الذي حظيت به الفنانة الكبيرة نجاة الصغيرة في العاصمة السعودية الرياض، وهي في السادسة والثمانين من عمرها. وتراوحت المواقف بين مرحبين لحضورها على ركح "جوي أواردز"، وبين منتقدين لعودتها للظهور بعد أكثر من عقدين من قرارها اعتزال الغناء والمشاركة في التظاهرات العامة.

ومهما يكن من أمر، فإن تكريم نجاة كان حدثا مهما نجح السعوديون في صناعته. وهم ينطلقون في ذلك، من رغبة في السيطرة على أضواء المشهد الفني والإعلامي في المنطقة العربية. ويعتمدون على قدرة فائقة على توفير كل الإمكانيات الملائمة لتشكيل ملامح البذخ والفخامة على تظاهراتهم التي تدخل في سياق خطة إستراتيجية واضحة المعالم وتستند إلى قرار سياسي داعم بقوة.

ونجاة الصغيرة من مواليد أغسطس 1938 بالقاهرة، لأب سوري الأصل، هو الخطاط محمد كمال حسني البابا. وقد بدأت تظهر عليها موهبة الغناء وهي في الخامسة من عمرها. ووجدت الرعاية لدى شقيقها الفنان الملحن عزالدين حسني الذي كان قد التحق بعد انتهاء تعليمه في مدرسة الدواوين بالسيدة زينب بمعهد فؤاد للموسيقى. واشتهر كعازف كمان. وعمل مع عدد من الفنانين من بينهم محمد عبدالمطلب، وفريد الأطرش، ومحمد عبدالوهاب وغيرهم. وسمعته أم كلثوم بالمصادفة، وكان عمره وقتها 19 سنة. وطلبت منه الانضمام إلى فرقتها الموسيقية.

وفي الثامنة من عمرها، تأكد والدها من أنها تملك صوتا رائعا من حيث القوة والمقدرة التعبيرية وحلاوة الأداء. فأخذها إلى مقر صحيفة "المصري" اليومية، وقدمها للصحافي محمود يوسف. وطلب منه أن يستمع إليها. فرد عليه الصحافي بأنها لا تزال صغيرة، ولا داعي للدفع بها إلى عالم الفن في تلك السن. فأجهشت بالبكاء، ما جعل زميله في المكتب يترجاه ألا يكسر بخاطرها. وفعلا استمع إليها، وكتب عنها في عموده اليوم “شموع تحترق” وأطلق عليها اسم نجاة الصغيرة، أولا لصغر سنها وضآلة حجمها، وثانيا للتمييز بينها وبين الفنانة الكبيرة نجاة علي التي كانت من أبرز أصوات النصف الأول من القرن العشرين.

ومن أشهر أغانيها: "فاكراك ومش هانساك" و"يالايمين في الهوى" و"من بعيد لبعيد"، كما غنت قصيدة "الأطلال" في لحن للفنان محمد فوزي. وكان لها الفضل في اكتشاف الملحن رياض السنباطي الذي بدأ حياته الفنية كعازف للعود في فرقتها. واشتركت في حفل افتتاح الإذاعة المصرية سنة 1934 مع كوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار محمد عبدالوهاب، وسجلت حوالي 90 إسطوانة، وشاركت في بطولة عدد مهم من الأفلام السينمائية.

ولم يكتف محمود يوسف بالكتابة عن نجاة الصغيرة، وإنما اتصل هاتفيا بالمذيع محمد محمود شعبان المعروف بـ"بابا شارو" صاحب برنامج الأطفال بالإذاعة المصرية، وتحدث معه بشأنها. ومن هناك كانت بدايتها، حيث قدمت أول فيلم لها بعنوان "هدية" عام 1947. وكتب عنها الكتب الصحافي الكبير فكري أباظة "إنها الصغيرة التي تحتاج إلى رعاية حتى يشتد عودها، وفي حاجة إلى عناية حتى تكبر، وهي محافظة على موهبتها، مبقية على نضارتها".

كان تكريم نجاة الصغيرة في الرياض حدثا كبيرا. والثابت والمؤكد أن نجاة كانت خلاله  الكبيرة، بتراثها الفني العريق، وبتجربتها الثرية، وبقدرتها على صناعة الحدث، وبرحلة الحياة المديدة التي عاشتها وعايشت فيها أجيالا ومراحل وعهودا فنية وسياسية وثقافية مختلفة.