المحرر موضوع: ضغوط تركية لفرض اتفاقية أمنية تلزم العراق بمشاركة فعلية في محاربة حزب العمّال الكردستاني  (زيارة 151 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31502
    • مشاهدة الملف الشخصي
ضغوط تركية لفرض اتفاقية أمنية تلزم العراق بمشاركة فعلية في محاربة حزب العمّال الكردستاني
طريق التنمية وملف المياه أبرز أوراق مساومة أنقرة لبغداد.
العرب

الحديث عن السيادة مجرّد شعارات
حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تلمس الحاجة الشديدة للعراق لتطوير التعاون الاقتصادي مع تركيا وحلحلة ملف المياه الشائك، وتتخذ من الملّفين وسيلة لإقناع بغداد للانضمام بشكل عملي للحرب التركية ضد حزب العمال الكردستاني والتي لم تؤت نتائجها المرجوّة إلى حدّ الآن.


بغداد - عكست زيارة وزير الدفاع التركي يشار أوغلو، الثلاثاء، إلى بغداد التطور المتسارع في العلاقات بين تركيا والعراق في شقّها الأمني والعسكري، على الرغم من تركيز الخطاب الرسمي للطرفين خلال الفترة الأخيرة على التعاون الاقتصادي الذي يجسّده المشروع المشترك لمدّ طريق يربط مياه الخليج العربي بالبحر المتوسّط مرورا بالأراضي العراقية والتركية.

وجاءت الزيارة بعد نحو أسبوعين من زيارتين متتاليتين قام بهما رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن إلى بغداد وأربيل، وعقد خلالهما اجتماعات مكثّفة مع طيف واسع من المسؤولين العراقيين وممثلي الأحزاب والعرقيات في البلاد. وقالت مصادر عراقية إنّ تركيا تكثّف جهودها لإبرام اتّفاقية أمنية مع العراق على غرار تلك تمّ إبرامها، في وقت سابق، بين طهران وبغداد ونصّت على تعاون الأخيرة في إنهاء وجود المسلّحين الأكراد المعارضين للنظام الإيراني في المناطق الحدودية بين إيران والعراق.

وأوضحت ذات المصادر أن تركيا التي وسّعت بشكل كبير من عملياتها العسكرية ضدّ مقاتلي حزب العمّال الكردستاني داخل الأراضي العراقية لم تعد تَقنَع بالموافقة الضمنية من قبل الجانب العراقي على تلك العمليات، وأصبحت تطمح إلى  مشاركة العراق بشكل فعّال في جهودها لاجتثاث الحزب، بعد أن تأكدت لديها استحالة تحقيق ذلك دون مساهمة عراقية أكبر في الجهد الحربي التركي الذي بلغ أقصى قدراته دون أن يؤدّي إلى حسم الصراع المستمر منذ أربعة عقود ضدّ المسلّحين الأكراد المعارضين.

وكشفت عن طرح المسؤوليْن التركييْن الكبيرين على القيادة العراقية بنود اتّفاق مفصّل ينصّ على إجراءات عملية مطلوب من الجانب العراقي القيام بها ضدّ حزب العمّال. وقالت إنّ التردّد العراقي في القبول باتّفاق ملزم تترتّب عليه إجراءات جزائية في حال عدم الالتزام به وتنفيذ بنوده هو ما استدعى قدوم رئيس المخابرات ووزير الدفاع التركيين إلى بغداد في ظرف أقلّ من شهر.

◙ قيادات حزب العمال الكردستاني متخوفة من تبعات مشروع طريق التنمية على وجود مقاتلي الحزب في العراق

وبشأن علاقة الملف الأمني بالتعاون الاقتصادي بين تركيا والعراق، شرح أحد المصادر أنّ الأمرين مرتبطان بشكل وثيق في منظور القيادة التركية، حيث تطرح أنقرة “تطهير” مناطق شمال العراق بشكل كامل من مقاتلي حزب العمّال كشرط ضروري لإنجاز طريق التنمية الذي يوليه الجانب العراقي أهمّية كبيرة ضمن محاولة تنشيط عملية التنمية المتباطئة في البلاد وتنويع الاقتصاد المرتهن بشكل كبير لعوائد النفط.

وتعلم قيادات حزب العمال الكردستاني أنّ وجود مقاتلي الحزب في العراق تحوّل إلى موضوع للتفاوض والمساومة بين ثلاثة أقطاب هي الحكومة التركية، والحكومة الاتّحادية العراقية، والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقود بشكل رئيسي حكومة إقليم كردستان العراق ويعتبر من أكثرالأطراف العراقية قبولا بالتعاون مع تركيا بشأن ملف الحزب لتأمين مصالح اقتصادية وسياسية مع تركيا.

وعبّر أحد قياديي حزب العمّال المتواجدين داخل الأراضي العراقية عن مخاوفه من تكثيف وتيرة التواصل بين المسؤولين العراقيين والأتراك بالقول “إنّ طريق التنمية بصدد التحوّل إلى نقمة على مقاتلينا”، في إشارة إلى دور المشروع في توثيق التعاون الأمني بين بغداد وأربيل وأنقرة.

ولا يمثّل مشروع الطريق الورقة الوحيدة التي تستخدمها تركيا في مساومة العراق بشأن ملف التعاون الأمني، حيث يستخدم الأتراك في ضغوطهم على العراق ملف المياه الذي أصبح على درجة عالية من الحساسية للعراقيين بفعل التناقص السريع والثابت لمواردهم المائية جرّاء لجوء تركيا بشكل متزايد لحجز مياه نهري دجلة والفرات في سدودها، وذلك على حساب الحصّة المائية للعراق.

وتمّ خلال لقاء وزير الدفاع التركي، الثلاثاء، بالرئيس العراقي عبداللطيف جمال رشيد التطرق لملف المياه مع ربطه بشكل واضح بملف التعاون الأمني والاستخباراتي. وجاء في بيان صدر عن الرئاسة العراقية أنّه جرى خلال اللّقاء “بحث سبل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية وآفاق التعاون المشترك، خاصة في مجالي الأمن والمعلومات الاستخباراتية وبما يخدم أمن واستقرار البلدين، إضافة إلى ملف المياه والتبادل التجاري وبما يؤمّن المصالح المشتركة للشعبين العراقي والتركي”.

وأظهر رشيد في محادثاته مع أوغلو تفهّمه لـ”الظروف التي تمر بها دول العالم وتقنينها للمياه بسبب التغيرات المناخية وزيادة أعداد السكان”، لكنّه طالب في المقابل بـ”معالجة ملف المياه فنيا وضمان حصة عادلة للعراق لسد احتياجاته وتفعيل عمل اللجان المشتركة”.

كما جاء في البيان أن الرئيس العراقي شدّد في مباحثاته مع الوزير التركي على “ضرورة حل المشاكل الحدودية والملفات الأمنية بين البلدين عبر التعاون والتشاور والتنسيق المتبادل، وتشكيل لجان أمنية من الجانبين لوضع الحلول اللاّزمة ورفض الأحادية في معالجة القضايا العالقة أو أن تكون أرض العراق منطلقا لتهديد لدول الجوار”. كما شدد، بحسب البيان ذاته، “على وجوب احترام السيادة العراقية ووقف الخروقات والانتهاكات العسكرية التي تطال الأراضي العراقية بما فيها مدن إقليم كردستان العراق وحل المسائل العالقة بين الجانبين عبر الحوار ومواصلة اللقاءات لترسيخ الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة”.

◙ تركيا لم تعد تَقنَع بموافقة العراق على عملياتها ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني وأصبحت تطمح لمشاركة عراقية تعاضد جهودها لاجتثاثه

وكانت العملية العسكرية التركية ضدّ حزب العمال والتي تشمل الاستطلاع والقصف باستخدام الطائرات المسيّرة قد تجاوزت المناطق القريبة من حدود تركيا وطالت مناطق في العمق العراقي وصولا إلى محافظة السليمانية التي قام الطيران التركي بقصف مطارها في وقت سابق على أساس أنّ بعض نواحي المحافظة تحوّلت إلى ملاذ لمقاتلي الحزب.

واعتبر رشيد أنّ “بعض الإجراءات التركية بوقف الرحلات الجوية بين مطار السليمانية والمدن التركية من شأنه أن يخل بالتعاون المشترك ويعرقل إدامة العلاقات الاجتماعية بين الشعبين”، لافتا إلى “المصالح المشتركة، لاسيما في المشاريع الاروائية وتوليد الطاقة الكهربائية الموجودة على نهر الزاب، فضلا عن وجود رجال الأعمال والشركات التركية وارتفاع التبادل التجاري كونه يعد منطلقا للوصول إلى تفاهمات مشتركة حول العقبات التي تواجه البلدين”.

وكان لأوغلو والوفد المرافق له والذي ضمّ رئيس هيئة الأركان العامة متين غوراك لقاءان منفصلان في بغداد مع كلّ من وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي ورئيس الوزراء محمّد شياع السوداني الذي عبّر للضيف التركي عن رفض بلاده “المساس بسيادة العراق وأي إجراءات لتصفية الحسابات على أرضه”، بحسب ما رود في بيان للمكتب الإعلامي للسوداني.

وذكر البيان أنه جرى خلال اللقاء “بحث العلاقات بين البلدين الجارين وأهمية تعزيز التعاون الأمني الثنائي، بما يسهم في تحقيق أمن البلدين واستقرارهما”. وأشار السوداني إلى “ترابط أمن العراق وتركيا كما هي الحال مع أمن دول الجوار”، مبينا أهمية تبادل الزيارات بين المسؤولين الأتراك والعراقيين "من أجل المزيد من التنسيق والتفاهم بين البلدين في مجال دعم الأمن والاستقرار”.

وشدد على “التزام العراق بالمبادئ الدستورية التي تؤكد منع استخدام الأراضي العراقية للاعتداء على دول الجوار”، قائلا “إنّه تم اتخاذ إجراءات عديدة في هذا الصدد، لاسيما في الشريط الحدودي بين العراق وتركيا”. وكان لافتا في الخطاب الرسمي العراقي بشأن محتوى المحادثات بين المسؤولين العراقيين ووزير الدفاع التركي تركيزه بشكل لافت على تطوير التعاون الأمني والاقتصادي وحل مشكلة المياه كحزمة واحدة.

أما إثارة الرئيس رشيد ورئيس الوزراء السوداني لموضوع سيادة العراق ووجوب احترامها من الجانب التركي، فلا يعدو، بحسب مصادر واكبت زيارة أوغلو إلى العراق، كونه حديثا بروتوكوليا إلى حدّ بعيد لا يعكس حقيقة الضوء الأخضر الممنوح لتركيا لملاحقة عناصر حزب العمّال داخل الأراضي العراقية، والمتوقّع أن تحوّله الضغوط التركية الشديدة من مجرّد موافقة ضمنية إلى مشاركة فعلية في محاصرة الحزب ومحاولة اجتثاثه من مواقعه على الأراضي العراقية.