المحرر موضوع: أمسية الاحتفاء بعبد الحسين شعبان زمن فلسطين والثقافة العربية  (زيارة 83 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبد الحسين شعبان

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1288
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أمسية الاحتفاء بعبد الحسين شعبان
زمن فلسطين والثقافة العربية

بيروت / المحرر الثقافي - خاص

   اكتظّت قاعة جريدة السفير ببيروت بحضور نوعي متميّز احتفاءً بالمفكّر والأكاديمي العراقي د. عبد الحسين شعبان، وبعد أن قدّم رئيس تحرير مجلة تحوّلات، الأستاذ سركيس أبو زيد كلمة ترحيبية أشاد فيها بمناقبيته  ودوره في الثقافة العربية، وأوضح أن الاحتفال به ليس ترفًا وإنما هو احتفاء بفلسطين واحتفاء بغزّة المقاومة، حيث كرّس شعبان جهدًا وافرًا من عمله الفكري والثقافي والنضالي لفلسطين وقضايا الحريّة والعدالة.
   وأدارت الجلسة، التي زادت على ساعتين، الإعلامية والشاعرة نوال الحوار، التي رحبت بالضيوف وقالت عن د. شعبان :نحتفي بحضوره بيننا اليوم، بكلّ ما حمل ويحمل من رصيد فكري ووجدان عربي وتجربة يسارية وعمق نجفي وشخصية عراقية وبُعد حقوقي، عبد الحسين شعبان، بلا تكلّف هو بيت العرب بمنازل شتى... يأنس هذا الرجل بفضاء إنساني غني، كانت فلسطين جذره ونجمته التي لا صباح بدونها، واختتمت بقولها عبد الحسين شعبان نجمتنا فهلّلوا لفلسطين، وهاتوا إلينا بضوء الحسين في زحمة السواد.
  وتوالى على المنصّة العلامة الشيخ حسين شحادة، فألقى كلمة قال فيها أن شعبان قدّيس حريّة الكلمة، وهو صانع اللّوبيات القانونية والحقوقية من أجل فلسطين، كلّ فلسطين، وقال: أن شعبان يوم كتب عن فقه التسامح، لفت انتباهنا سيادة المطران جورج خضر وأنا وآخرين من المتابعين لأعماله الفكرية من يساريين وقوميين وعلمانيين، فقد شعرنا أنه يلملم شظايانا ويراجع تجاربنا بروح انتقادية منفتحة وجامعة، انطلاقًا من سؤال النهضة والحريّة والتنمية، خصوصًا بدعوته للحوار ومحاولة ترزينه وعقلنته وإبعاده عن الأدلجة، وتحرير المعرفة من المخيلة الموروثة وتحرير الشموليات من نزعة التفوّق وذهنية الإقصاء ولوثة الهويّات القاتلة، وكذلك في تنقية الذاكرة ونقض الرواية "الإسرائيلية".
وأشار العلّامة شحادة إلى أن قلم شعبان معافي وخالص من الشوائب: شوائب الفتن وشوائب الانقسام وشوائب التنظير بالتسويات المهينة والمذلّة، بشهادة الأوسمة والدروع التي منحتها إياه بغداد وبيروت ودمشق وعمّان والقاهرة وتونس والخليج وسواها من العواصم الأوروبية وغير الأوروبية، لأنه قبّل الخريطة العربية وقبّل ترابها وأخذنا إلى "دين العقل وفقه الواقع" واستراح لكنه لم يهدأ كمثل عصفور الشرق حطّ على أغصان كرمته، واعدًا بأن نهاية التاريخ لم تُكتب بعد، وبأن الزمن الفلسطيني قد بدأ.
   ثم تحدّث بعده الدكتور محمد الحوراني، رئيس اتحاد الكتّاب العرب، الذي قدِم من دمشق للمشاركة في الاحتفاء بالدكتور شعبان، فقال من الصعب بمكان أن تجد أديبًا بارعًا في السياسة ومن النادر أن ينجح مثقّف في الإمساك بخيوط الاقتصاد والقانون ويناقشك فيهما نقاش الخبير العارف بتفاصيلهما على اختلاف المدارس الفكرية الأدبية، فضلًا عن دفاعه عن حقوق المظلومين في أصقاع المعمورة، ولعل كتابيه "عصبة مكافحة الصهيونية" و "مذكرات صهيوني"، يضعانه في صف أبرز المؤرخين، فضلًا عمّا يملكه من براعة في التحليل وسلاسة اللغة، مما يجعل كتبه ذات قيمة عالية، وقد وظّف ذلك في خدمة القضية الفلسطينية ومقاومتها من موقعه اليساري، منتقدًا بقسوة آراء كثير من المثقفين الغربيين المتحاملين عليها والراغبين بتدنيس طهرها... إنه الباحث والمفكر الأديب الأستاذ الدكتور عبد الحسين شعبان.
   وتناولت د. أوغاريت يونان ، المفكّرة التربوية ومؤسسة جامعة اللّاعنف علاقتها مع د. شعبان وعملهما المشترك في جامعة اللّاعنف، ليس فيما يتعلّق بكتبه، ذات القيمة الأكاديمية الرفيعة، بل وبسلوكه الأخلاقي الأنيق وإنسانيته الطافحة وحبّه للحياة وفهمه للمتغيّرات وإيمانه باللّاعنف، وكذلك قدرته على التجدد والمرونة، فهو الصحافي والكاتب والمحلل المنتشر شرقًا وغربًا، والمثقف والباحث والمنجذب إلى الأكثر وأكثر، الراوي الحافظ لذاكرة بإبهار، كأن في نصوصه رزنامة زمن ودفتر أسماء وعناوين وحكايات وسرد بكلّ الأحرف والأرقام في السياسة والتاريخ والسيسيولوجيا والدين والنضال والماركسية والقومية وحقوق الإنسان واللّاعنف.
 وخاطبت شعبان بقولها: إصرارك على الشباب والحب والتنوّع والسلام، يكفي لي، كي أعرف من أنت بدون أن أقرأ كتبك... وأكملت: من هذا الركن أذهب معك إلى فلسطين... من البديهي أن تكون هذه قضيتك، وأن تكتب لها وعنها، هذا بديهي. قضية فلسطين النبيلة لا تستحقّ إلّا غايات ووسائل نبيلة، أي ما نسميه نحن مقاومة لا عنفية... أنت تناضل في ميدانك، ميدان البحث وكشف المعطيات ببراعة. فشكرًا على توثيق التاريخ للعدالة ولبناء تاريخ آخر. وقد أحبّك وليد صليبي وأحب شخصيتك منذ أول لقاء بينكما.
   أمّا الأستاذ سعد الله مزرعاني، وهو نائب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني (سابقًا)، فأشار إلى أنه تعرّف إلى د. شعبان في الثمانينيات، ولاحظ منذ لقائه الأول أنه كان يواجه أسباب الخلل في الحركة الشيوعية في جانبها الفكري، وكذلك في التوجّهات والعلاقات والسياسات والممارسات، وأنه انصرف لتلك المهمّة ضمن مسار ومخاض فكري وسياسي وكفاحي جاد وجدّي، بعيدًا عن ردود الفعل الصغيرة المعتادة، ولعلّ أحد أهم منجزاته على هذا الصعيد، هو كتابه "تحطيم المرايا"، فضلًا عن بعض استنتاجاته التي هي في غاية الأهمية، لاسيّما في التعامل مع التراث كجزء من مشروع التغيير.
   وقال مزرعاني: لم يمارس شعبان ما مارسه أخرون من ردود فعل على الخلاف، بالتخلّي عن المبادئ والقيم، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بل ثابر على مواصلة رحلة بحث ومعرفة ونشاط فعّال، استغرقت عمره وأثمرت الكثير، وختم كلمته بالتحيّة المتجددة للصديق والرفيق شعبان، الأكاديمي والمفكّر والمجتهد والمناضل.
   وتوقّف الروائي مروان عبد العال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث قال: الدكتور عبد الحسين شعبان ايها السادة ، نتشرفُ  ونعتزُ أنَّه رفيقُ وحبيب فلسطين والجبهةِ الشعبيةِ لتحريرِ فلسطين، منذُ انطلاقتِها بعد نكسةِ  حزيرانَ عام ١٩٦٧ وهو من صفوة حوارييها الخُلّصِ، وأشهد أنه  كان بمثابة العقل المدبّر، الذي يستشار في مواقفها وقراراتها ووثائقها، وهو  الصديق الوفيُ  لعددٍ كبيرٍ من قادتِها الأوائل ومنهم  تيسير قبعة  وغسان كنفاني وأبو علي مصطفى وصابر محي الدين وليلى خالد وصلاح صلاح وخاصة جورج حبش  رفيقُه  في الزمن الدمشقي، يومَ  كان  "الحكيمُ"  يلحُ على قراءةٍ جديدةٍ لمعرفةِ  ليس من هو العدو فقط،  بل ماهيّة هذا العدو؟"
وأكمل عبد العال: كنتُ قد  قرأت وتعلمت وتعرفتُ على الخارطةِ الفكريةِ  للعزيز الدكتور  عبد  الحسين شعبان  من صفحاتِ مجلةِ الهدف، التي لم يبخلْ عليها بمقالٍ او اضاءةٍ وبحث جاد حتى عددها  ال 55 الرقمي الخاصِ الاخير الذي صدرَ   بالأمس،  واتحفنا بمقاله  " طوفان الاقصى: صراعُ الاراداتِ والعقول" .
وتناول كتابيه الأخيرين " عصبة مكافحة الصهيونية" و"مذكرات صهيوني"، كما توقّف عند كتابه "الزمن والنخب - في أنطولوجيا الثقافة العربية"، مشيرًا إلى أنه المفكّر والمناضل والأكاديمي، الذي ظلّ مع فلسطين، على الرغم من كلّ المتغيّرات. وبصدد كتاب "مذكرات صهيوني" كتب يقول: ما هذا السرُ الذي نهشَ عقلَ وتفكير د. جورج حبش؟ وبعد اجتماع للتبيان والتخطيط  والدرس، بدأت رحلة البحث مذكراتِ ريدليخ، وبإلحاح منه طار د. عبد الحسين الى براغ،  للتفتيش عن أوراقٌ تحتوي معلوماتٍ مثيرةً تتعلقُ بالصفقةِ اللاخلاقيةِ بين النازيةِ والصهيونيةِ، الأمرُ الذي يعكسُ حقيقةَ أن الصهيونيةَ والنازيةَ هما وجهان لعملةٍ واحدة، وكلاهما يستمدّان أيديولوجيتِهما من الفكرِ العنصريِ الاستعلائي.
وأنه تقاطع مع جورج حبش بشأن موضوع حل الدولتين، حيث كنت تتلّمس أن المسألة أبعد من ذلك وأي حل لا يستجيب للحق الثابت وغير القابل للتصرّف لفلسطين، ستعاد المسألة مرّة وأخرى وثالثة حتى يتحقق حلم الفلسطينيين بتقريري المصير والعودة، وهو ما يؤكده شعبان.
   وكان آخر المتحدثين، البروفيسور شيرزاد النجار، أستاذ العلوم السياسية والمستشار السابق لدى رئيس إقليم كردستان، فتناول علاقته بالمفكر شعبان منذ نحو 6 عقود من الزمن، وتوقّف عند منشئه الأول عائليًا ومدينيًا، ثم دوره الثقافي ولمعته الفكرية منذ سنوات الجامعة، وأشار أنه مع فلسطين والفقراء أحاديًا، كما ذكر ذلك د. إياد البرغوثي، في حين أنه تعدّدي في كلّ شيء، وقال أن علاقته مع المقاومة الفلسطينية بدأت من بغداد، وكانت أحد أبرز الناشطين في تظاهرات العام 1967 بعد عدوان 5 حزيران، وساهم خلال السنوات المنصرمة في تقديم أنواع الدعم لفلسطين عبر المؤتمرات والاجتماعات الدولية.
 وقال أن قضية العدالة لديه لا تتجزّأ، مثلها مثل قضية الحرية وحق تقرير المصير، وهو في الوقت نفسه وقف مع الشعب الكردي وحقه في تقرير المصير، وأول من صاغ فكرة الحوار العربي الكردي (1992)، ونظم فعالية كبرى لإنجاز الفكرة، علمًا بأن أول نص لفكرة حق تقرير المصير للمعارضة العراقية في العام 1992 أيضًا كانت من بنات أفكاره ومن نسج قلمه.
وأشار النجار إلى قول عبدالحسين شعبان أن "وجود كوردستان قوية وعراق ضعيف سيكون العراق بأكمله ضعيفاً، ووجود كوردستان ضعيفة وعراق قوي سيكون العراق ضعيفاً أيضاً، لذلك نحن بحاجة الى إقليم قوي بكافة حقوقه ونحتاج الى دولة عراقية فيدرالية قوية بوحدتها ومواطنتها المتكافئة والمتساوية أيضاً
   ووصلت، إلى حفل تكريم الدكتور، رسالة من البروفيسور مكرم خوري مخّول من جامعة كامبريج  - دارة فلسطين لعدم تمكنه من الحضور، أشاد فيها بالدكتور شعبان وبالجهة التي دعت إلى تكريمه كقامة فكرية عربية وأممية كبيرة، وأن له أياد فواضل في حقول متعددة كالقانون والسياسة الدولية والأديان، وما يلفت، هو تركيزه على الشعب الفلسطيني ونضاله، وذكر دوره على الصعيد الدولي، وخصوصًا مساهمته المتميزة في مؤتمر ديربن ضدّ العنصرية.
   وحيا المفكر والكاتب والصحفي نصري الصايغ الاحتفال وأشار بكلمة قصيرة إلى دور شعبان الذي يمثّل مكتبة متحركة وقرر أن ينشر كلمته الموسعة في وقت لاحق
   واختتم د. شعبان الحفل بكلمة قصيرة، قال فيها أن الاحتفاء هو بفلسطين، والاحتفال هو بالمقاومة والتضامن مع غزة.
   وأعرب عن حرجه وقلقه وارتباكه إزاء ما قيل بحقه، وأضاء على عدد من القضايا أهمها التركيز على المقاومة الثقافية والقانونية والديبلوماسية، وضرورة الاستمرار بذلك.
   وسلّط الضوء على بعض إجراءات محكمة العدل الدولية التي انعقدت بدعوى من حكومة جنوب أفريقيا، تلك التي تدمغ "إسرائيل" بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وهي التي تهدد شرعية وجودها واستمرارها.
   وأشار إلى أنه منذ 4 عقود من الزمن كان قد اشتغل على هذا الملف، ولاسيّما متابعة تقديم "إسرائيل" إلى القضاء الدولي لارتكابها جريمة تهديد السلم والأمن الدوليين وجريمة الإبادة الجماعية وجرائم ضدّ الإنسانية وجريمة العدوان والاستيطان، وهذه كلّها جرائم مدانة بموجب القانون الدولي. ومن هذه الزاوية دعا الدول العربية للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي تأسست في روما العام 1998، ولفت الانتباه إلى كتاب كان قد صدر له في العام 1987 عن دار شرق برس بعنوان " سيناريو محكمة القدس الدولية العليا"، وكتاب آخر صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية عام 2010 تحت عنوان " لائحة اتهام: حلم العدالة الدولية في مقاضاة إسرائيل".
   وأكّد إلى أن هناك تحوّلًا بالمزاج العالمي إزاء القضية الفلسطينية وعدالتها، بل يمكن القول ثمة انعطافة جديدة ومهمة وأنه هناك تغييرات في النظام الدولي العالمي، خصوصًا بصعود الصين ومعافاة روسيا.
   ولفت الانتباه إلى الدور الأوراسي، قائلًا أن الذي يسيطر على أوراسيا كأنه سيطر على العالم ، كما قيل، ليس من زاويته الجيوسياسية حسب، بل هذه المرة من زاويته العلمية التكنولوجية في ظلّ التعددية القطبية التي هي الآن في طور التكوين والنشوء، .
   واختتم شعبان بشكر النخبة المتميزة والكوكبة اللامعة، التي شاركت في إحياء هذا الحفل وفي هذه الأمسية البيروتية العربية الأممية بامتياز كما عبرّ المتحدثون.
   الجدير بالذكر أن العديد من المتحدثين أشادوا بدور الأستاذ طلال سلمان وصحيفة السفير، التي كانت مدرسة حقيقية للعروبة ولفلسطين وصوت من لا صوت له.