المحرر موضوع: تشكيل حكومتي ديالى وكركوك رهين المحاصصة والتدخلات التركية – الإيرانية  (زيارة 149 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31502
    • مشاهدة الملف الشخصي
تشكيل حكومتي ديالى وكركوك رهين المحاصصة والتدخلات التركية – الإيرانية
مجالس المحافظات العراقية جاءت انعكاسا لمصالح الأحزاب وصفقاتها بمعزل عن إرادة الناخبين.
العرب

الموقف الحقيقي لأهالي ديالى لو أخذ رأيهم في الاعتبار
الانسداد السياسي الذي أصبح سمة ملازمة لفترات ما بعد إتمام المناسبات الانتخابية في العراق يصيب محافظتي ديالى وكركوك كون التنافس الحزبي والعرقي عليهما شديدا وله صلة بمآرب إيران وتركيا المجاورتين وتدخلاتهما في أدق الشؤون العراقية دون استثناء لشؤون الحكم المحلّي بالبلاد.


بغداد - أبقت التدخّلات الخارجية والتنافس الشديد على المناصب بين القوى السياسية الفائزة في الانتخابات المحلية الأخيرة في العراق عملية تشكيل الحكومتين المحلّيتين لمحافظتي ديالى وكركوك معلّقة، فيما استُكمل تشكيل حكومات باقي المحافظات الثلاث عشرة التي أجريت فيها الانتخابات بطريقة روعيت فيها مصلحة الأحزاب المتنافسة بعيدا عن تحقيق إرادة الناخبين.

وأبرزت عملية تشكيل الحكومات المحلية للمحافظات العراقية في ضوء النتائج المتحقّقة في الانتخابات التي أجريت في الثامن عشر من شهر ديسمبر الماضي، مجدّدا مساوئ نظام المحاصصة المتّبع في العملية السياسية بالعراق والذي يهدف في ظاهره إلى تحقيق قدر من العدالة بين القوى السياسية والمكوّنات الطائفية والعرقية بالبلاد، لكنّه أفضى عمليا إلى حياة سياسية مشوّهة كثيرا ما تنتهي إلى انسدادات وتعطيل لمؤسسات الدولة ومصالح المواطنين.

وأصبح تعطّل تشكيل البرلمانات والحكومات واختيار قياداتها ظاهرة مألوفة يشهدها العراق بعد كل انتخابات يجري تنظيمها، وذلك بسبب التنافس الشديد بين الأحزاب على المناصب، الأمر الذي يحوّل العملية إلى مزاد للمساومات وعقد الصفقات دون اعتبار لما أفرزته صناديق الاقتراع وأملته إدارة الناخبين.

وينطبق ذلك على الانتخابات المحلية الأخيرة، حيث شهدت عملية تشكيل مجالس المحافظات واختيار المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات كما هو معتاد إبرام تفاهمات وعقد صفقات للفوز بتلك المناصب، الأمر الذي سهّل تشكيل حكومات محلّية لغالبية المحافظات مستجيبة لشروط المحاصصة، وليس لرغبة السكّان
عقيل الرديني: حراك سياسي في بغداد لتشكيل حكومتي ديالى وكركوك
لكنّ التعطيل والانسداد لم يلبث أن ظهر عندما تعطّلت ماكنة المحاصصة وعجزت عن تحقيق مصالح مختلف القوى والأحزاب المتنافسة على المناصب والتوفيق بينها.

وعطّل تنافس القوى السياسية ذات الخلفيات الطائفية والعرقية المختلفة، وكذلك التدخّلات الخارجية تشكيل حكومتي كل من محافظة ديالى وكركوك الواقعتين شمالي العاصمة بغداد، في وقت لاح فيه شبح التدخلات التركية والإيرانية في خلفية ذلك التنافس المفضي إلى التعطيل.

وانصّب اهتمام تركيا بشكل استثنائي على كركوك الغنية بالنفط والتي لا يتردّد مسؤولون أتراك في ادّعاء أنّ لهم حقوقا تاريخية فيها.

وعبّرت أنقرة بشكل صريح عن رغبتها في تولّي المكوّن التركماني قيادة المحافظة. وطالب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في وقت سابق باعتماد مبدأ التداول في اختيار المحافظ آخذا في الاعتبار أن المنصب شغله من قبل الأكراد فالعرب ما يعني أنّه جاء دور التركمان للفوز به بغض النظر عن نتائج الانتخابات.

ولم يحصل التركمان في الانتخابات الأخيرة سوى على مقعدين من المقاعد الستة عشر المشكّلة لمجلس محافظة كركوك بينما تحصّل المكوّن الكردي على سبعة مقاعد خمسة منها لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومقعدان للحزب الديمقراطي الكردستاني، وستّة مقاعد للقوائم العربية ومقعد واحد (الكوتا) للمكون المسيحي ممثلا بحركة بابليون.

وإذا كان فوز التركمان الذين يشاركون الأتراك انتماءهم القومي بمنصب محافظ كركوك أولوية لأنقرة، فإنّ الخيار الثاني في ترتيب أولوياتها هو عدم ذهاب المنصب للمكوّن الكردي، أمّا الخيار الثالث في حال لم يتحقّق الخياران الأوّلان فهو عدم ذهابه لحزب الاتحاد الوطني الذي تناصبه تركيا العداء على خلفية اتّهامها له باحتضان حزب العمّال الكردستاني المعارض للنظام التركي والذي يخوض حربا ضد القوات التركية منذ أربعة عقود من الزمن.

ولم يتمكّن حزب الاتّحاد رغم حصوله على العدد الأكبر من المقاعد من عقد تفاهمات مع باقي الأطراف لتشكيل الحكومة المحلّية.

وكانت مصادر عراقية قد تحدّثت عن اتصالات أجراها رئيس جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم قالن خلال زيارته الأخيرة إلى العراق مع ممثلين عن المكونين العربي والتركماني حثهما خلاله على التحالف في ما بينهما لمنع المكوّن الكردي من الفوز بمنصب محافظ كركوك.

عملية تشكيل الحكومات المحلية للمحافظات العراقية أبرزت مجدّدا مساوئ نظام المحاصصة

وعقد مجلس المحافظة أولى جلساته لكنّه اضطرّ إلى تعليق انعقاده بسبب تعذّر تحقيق نصاب النصف زائد واحد مع اقتصار الحضور على الأعضاء الأكراد السبعة والعضو المسيحي، وغياب الممثلين الثمانية الآخرين  للمكونين العربي والتركماني.

وقالت مصادر محلية في كركوك إنّ التركمان تقدّموا باقتراح يقوم على تناوب القوى الممثلة في مجلس المحافظة على تولي منصب المحافظ، لكن المقترح جوبه بالرفض من قبل الأعضاء الأكراد.

وفي محافظة ديالى الواقعة على الحدود مع إيران، أدت نفس الظاهرة المتمثّلة في تساوي عدد مقاعد القوى المتنافسة على المناصب القيادية بالحكومة المحلّية إلى تعطيل تشكيل تلك الحكومة.

ويأتي ذلك في وقت تعيش فيه ديالى وضعا هشّا ومصاعب في تجاوز مخلّفات الحرب ضدّ تنظيم داعش التي شاركت فيها الميليشيات الشيعية التي ما تزال تحتفظ بسيطرتها على عدد من مناطقها التي كانت دخلتها أثناء تلك الحرب.

وتساهم تلك الميليشيات في تأمين حضور قوي لإيران في ديالى التي يعتبرها الإيرانيون جدارا أمنيا متقدّما لبلادهم وممرا مفتوحا أمام البضائع والمواد المهرّبة في الاتجاهين من سلع مقلّدة ومواد مخدّرة وأسلحة ومشتقات نفطية يتم تسريبها من العراق باتجاه الداخل الإيراني.

وتجد الأحزاب والميليشيات الشيعية مصلحة مادية مباشرة في السيطرة على مجلس محافظة ديالى كون تلك الأحزاب والفصائل المسلّحة هي من تدير بشكل رئيسي حركة التجارة والتهريب بين المحافظة وإيران المجاورة.

التركمان تقدّموا باقتراح يقوم على تناوب القوى الممثلة في مجلس المحافظة على تولي منصب المحافظ، لكن المقترح جوبه بالرفض من قبل الأعضاء الأكراد

وعلى هذه الخلفية يدور الصراع على المناصب القيادية في المجلس بين ميليشيا عصائب أهل الحقّ بقيادة قيس الخزعلي وميليشيا بدر بقيادة هادي العامري.

وسعت بدر للتجديد للمحافظ المنتمي إليها مثنى التميمي، بينما رفضت العصائب ذلك معتمدة على قدرتها على تعطيل عملية تشكيل مجلس المحافظة كونها تقود تحالفا مساويا في عدد مقاعده للتحالف الذي شكلته بدر.

وقال مصدر سياسي عراقي إنّ إيران ترغب في تفاهم سريع بين حليفيها الخزعلي والعامري، موضّحا أن الحرس الثوري الإيراني يميل لحصول عصائب أهل الحق على منصب محافظ ديالى كون هذه الميليشيا أنشط في مجال التهريب عبر المناطق الحدودية في المحافظة وأقامت شبكات متشعّبة لذلك من شأن سيطرتها على الحكومة المحلية أن تساعدها في حمايتها وتسهيل حركتها ونشاطها.

ولم يستبعد نفس المصدر أن تكون دوائر في الحرس الثوري هي من شجّعت الخزعلي على التمسّك بالمنصب.

وتعتبر ميليشيا بدر وميليشيا العصائب مكونين رئيسيين ضمن الإطار التنسيقي المشكّل لحكومة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني. ومن شأن تطّور الخلافات بينهما حول قيادة مجلس محافظة ديالى أن تمثّل تهديدا لاستقرار الحكومة.

وعلّق القيادي في الإطار عقيل الرديني على تعطّل تشكيل الحكومتين المحلّيتين في ديالى وكركوك بالقول إنّ المحافظتين “تمتلكان خصوصية ونتائجهما في الانتخابات لم تحسم الخيارات حول تمكن أيّ كتلة من تحقيق نصف زائد واحد لذا هناك صعوبة في اختيار رئيس المجلس ونائبه وتشكيل الحكومة المحلية”.

واستدرك بالقول متحدّثا لوكالة بغداد اليوم إنّ الإطار التنسيقي ليس قلقا بشأن الأوضاع في المحافظتين. كما كشف عن “حراك سياسي على مستوى عال في بغداد ربما سيعلن عن نتائجه خلال أيام لدفع الخيارات نحو تشكيل حكومتي ديالى وكركوك”.

وسبق للعراق أن شهد حالات مماثلة من التعطيل لاحقة للمناسبات الانتخابية، لكنّ القوى السياسية الحريصة على ضمان استدامة مصالحها كانت دائما تتوصّل في الأخير إلى عقد صفقات في ما بينها تراعي فيها تقاسم المناصب والمواقع القيادية دون مراعاة لمعيار الكفاءة واختيارات الناخبين.