المحرر موضوع: عودة الجدل حول إقليم الأنبار في غمرة "معركة" إخراج القوات الأميركية من العراق  (زيارة 227 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31496
    • مشاهدة الملف الشخصي
عودة الجدل حول إقليم الأنبار في غمرة "معركة" إخراج القوات الأميركية من العراق
اعتراض قوى مقربة من إيران على الفكرة منعا لقيام أي عائق في طريق طهران - بيروت عبر الأراضي العراقية.
العرب

هل تلحق الرمادي بمنزلة أربيل
عودة فكرة إقليم الأنبار والإقليم السنّي عموما إلى البروز بين حين وآخر لا تنفصل عن حالة الغضب التي تسود مناطق سنة العراق من طريقة الأحزاب الشيعية في حكم البلاد والتصرّف بمواردها، لكنّها لا تنفصل أيضا عن الصراعات المحتدمة بين القوى السياسية السنية بحدّ ذاتها.

الرمادي (العراق) - أعاد اجتماع عشائري انعقد في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار غربي العراق، وحضره وجهاء عشائريون من المحافظة، الجدل بشأن إقامة إقليم الأنبار، وأطلق من جديد عاصفة الاتّهامات لأنصار الفكرة بالخيانة وتهديد وحدة البلاد والعمالة للولايات المتّحدة.

وتوجّهت اتهامات قوى وشخصيات شيعية وسنية مناهضة للفكرة رأسا باتّجاه الوجيهين العشائريين أحمد أبوريشة وعلي حاتم السليمان اللذين أشرفا على انعقاد الاجتماع المذكور، لكنّها شملت أيضا السياسي السنّي البارز محمّد الحلبوسي الذي أزيح قبل أشهر من رئاسة البرلمان إثر إدانته في قضية تزوير وثيقة.

ولم يكن من الصعب توجيه تهمة “التواطؤ مع دوائر أميركية” والعمل على انفصال محافظة الأنبار التي تمتد على ما يقرب من ثلث المساحة الجملية للعراق، في ظل الأجواء التي انعقد فيها الاجتماع والمتميّزة باشتداد الجدل حول إخراج القوات الأميركية من البلاد، وهو مطلب للقوى الشيعية العراقية من أحزاب وفصائل مسلّحة حليفة لإيران، لا تتردّد قوى سنّية وكردية عراقية في التعبير عن رفضه مخافة أن يؤدي ضعف الدور الأميركي في العراق إلى اختلال التوازن لمصلحة المعسكر الإيراني الشيعي بالأساس ومزيد تغوّله وهو المسيطر أصلا على مقاليد الحكم ومؤسسات الدولة.

محمد الحلبوسي: تجار الحروب والأحزاب المتأسلمة يعبثون باستقرار الأنبار
وتتهم  دوائر سياسية شيعية الولايات المتّحدة بالوقوف وراء إحياء فكرة إقليم الأنبار، أو الإقليم السنّي عموما، حتى تضمن لها موطئ قدم فيه وتؤسس لوجود عسكري مستدام على أرضه، خصوصا وأنّ إحدى أهم نقاط التواجد العسكري الأميركي في العراق موجودة حاليا في محافظة الأنبار ويتعلّق الأمر بقاعدة عين الأسد الواقعة في ناحية البغدادي. ولا تخلو الاعتراضات الشديدة على مطالبة البعض بتحويل الأنبار إلى إقليم يتمتّع بوضع شبيه بحالة إقليم كردستان العراق المتمتّع بحكم ذاتي، من مفارقة تتمثّل في أنّ مطلب هؤلاء لا يخرج عن الدستور العراقي الذي نص في الفصل الأوّل من بابه الخامس على أنّ “النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتكوّن من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية”، مشيرا إلى إقراره “إقليم كردستان وسلطاته القائمة إِقْليمًا اتحاديا”، وكذلك “الأقاليم الجديدة التي تؤسس وفقا لأحكامه”. كما أشار الدستور إلى “حق كل محافظة أو أكثر في تكوين إقليم”.

وكان هذا الدستور قد أقرّ سنة 2005 بدفع كبير من الاحتلال الأميركي وبتعاون من الأحزاب الشيعية والكردية المستفيدة من الاحتلال، فيما كانت أصوات السياسيين السنّة هي الأقوى في الاعتراض عليه على أساس أنّه يشرّع لتفكيك البلاد وتقسيمها.

ولا يغيب الصراع الأميركي – الإيراني عن خلفية الاعتراضات الشديدة على إقامة إقليم الأنبار، ذلك أنّ القوى الشيعية تخشى أن تؤدي إقامة ذلك الإقليم إلى قيام “حاجز” في غرب البلاد يقطع طريق التواصل الحرّ بين إيران وسوريا وصولا إلى لبنان عبر الأراضي العراقية، والذي تتدفّق عبره الأسلحة الإيرانية إلى جماعة حزب الله اللبنانية، وكذلك المجاميع المسلّحة التي يستخدمها الحرس الثوري الإيراني في سوريا.

وكثيرا ما يرتبط بروز فكرة إقامة إقليم لسنّة العراق بحالة الغضب من الممارسات الطائفية للأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق منذ سنة 2003، وإهمال الدولة العراقية على مدى العقدين الماضيين للتنمية في المحافظات السنية ما أدّى إلى تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هناك، فضلا عن الكارثة الأمنية التي حلّت بتلك المناطق بداية من سنة 2014 بدخول تنظيم داعش إليها وما ارتكبه التنظيم من فظاعات بحق سكّانها، وما خلّفته الحرب ضدّه من خسائر بشرية ومادية جسيمة.

ويحاول دعاة إقليم الأنبار كسب دعم سكّان المحافظة لفكرتهم بإبراز المكاسب التي ستتحقق لهم من وراء إنشائه. وجاء في حساب داعم للفكرة على منصة إكس أنّ المحافظة تمتلك مقومات دولة فهي “الأكبر مساحة وتمتلك أربعة منافذ حدودية ومخزونا هائلا من النفط ومعادن الفوسفات والكبريت وثلاث بحيرات ونهرا عظيما يمكن هندسة مجراه”.

لكنّ الفكرة لا تلقى اعتراض القوى الشيعية فحسب، ولكنّها تصطدم أيضا بمعارضة قوى سنية من داخل المحافظة ذاتها.

وردّا على اجتماع الرمادي عقد عدد من شيوخ ووجهاء المحافظة مؤتمرا عشائريا تعبيرا عن معارضتهم لفكرة الإقليم.


وشارك الوجيه العشائري عبدالحميد الحسن الدليمي في تنظيم المؤتمر ودعا في إثره إلى “التبرؤ عشائريا من كل من يحضر المؤتمرات التي تهدف الى تقسيم البلاد إلى دويلات متفككة تكون عرضة للتدخل الخارجي”.

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلّية أنّ “الترويج إلى إقامة إقليم الأنبار في هذا التوقيت جاء بعد الإطاحة بمحمد الحلبوسي (من رئاسة البرلمان) في مؤشر على أن هناك طبخة سياسية بين المتخاصمين ربما تجعل من الأنبار ساحة لتصفية الحسابات”، محذرا من “مغبة الانجرار وراء المخططات الرامية إلى تقسيم العراق إلى دويلات متفككة تحت أيّ مسميات كانت”.

من جهته قال عبدالرحمن حمد الدليمي وهو أحد وجهاء الأنبار إنّ هناك “أجندة لتقسيم العراق تنطلق من المحافظة تحت يافطة الأقاليم تقودها شخصيات سياسية وبعض الشيوخ”.

ووجّه اتّهامه لأحمد أبوريشة وعلي حاتم السليمان قائلا إنّهما “كانا على رأس اجتماع سري بدعم خارجي حضرته شخصيات سياسية وعشائرية في منزل أبوريشة لبلورة موقف موحد للمضي بمشروع إعلان إقليم الأنبار”.

وأضاف “الاجتماع شهد توظيف إمكانيات مالية كبيرة لتحقيق هذا المشروع بدعم خارجي”. كما اتّهم الحلبوسي بأنه “من أكبر الداعمين للمشروع حيث أوعز بعقد الاجتماع في الرمادي ومن ثم الانتقال إلى باقي مدن المحافظة”.

وعلى الطرف المقابل تبرّأ الحلبوسي من أيّ صلة له بعقد اجتماع أبوريشة والسليمان وبطرح فكرة إقليم الأنبار، متهما ما سمّاها بـ”الأحزاب المتأسلمة” بالوقوف وراء محاولة العبث بأمن واستقرار محافظة الأنبار قائلا إنّ المحافظة “عن بكرة أبيها صوتت سابقا لرفض الدستور لموقفها الثابت والدائم من وحدة العراق”، وذلك في إشارة إلى تنصيص الدستور العراقي على إنشاء الأقاليم، مؤكّدا أنّ “موقف شيوخ المحافظة وأبنائها لم يتغيّر”.

وقال الحلبوسي عبر حسابه في منصّة إكس “لا يزال تجار الحروب ومؤججو الفتن من الأحزاب المتأسلمة يحاولون تشويه صورة الأنبار والعبث باستقرارها ولن يفلحوا. ونسوا ما تسببوا به من تهجير وتدمير وخراب وشهداء وثكلى وأيتام”.

وأضاف “ما زلنا ننتظر من الحكومة الاتحادية تضميد جراح أبناء الأنبار وإكمال ملفات تعويضهم وإعمار المدن وإنصاف الأبرياء وتحقيق العدالة الاجتماعية ومعالجة أسباب ظهور الإرهاب”، معتبرا أنّ “هذه هي مطالب الأنبار الحقيقية ولا شيء سواها”.