المحرر موضوع: عاشق الطفولة الشاعر الأنكليزي وليم بليك في قصيدة منظف المداخن كشف الوعي بعمق الألم والمعاناة من الظلم والقسوة في العالم .  (زيارة 475 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ابراهيم برخو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 268
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عاشق الطفولة الشاعر الأنكليزي وليم بليك في قصيدة منظف المداخن
كشف الوعي بعمق الألم والمعاناة من الظلم والقسوة في العالم .
بقلم/ إبراهيم برخو
      في مراجعة لأوراقي الجامعية في كلية الأداب / قسم الترجمة  ،أستوقفني بحثا كنت قد أنجزته حينها عن الشاعر الأنكليزي وليم بليك William Blake  ، ورغبة مني لتعريف أبناء شعبنا من الكتاب والشعراء والفنانين بهذا الشاعر الذي ولد في لندن عام 1757 وتوفي عام 1827 ،  عرف وليم بليك  لكونه  رسام ونحات وشاعر  ، فبالرغم من اعتباره مخبولا من قبل بعض الذين عاصروه ، فقد اعتبر الكثيرمن النقاد بأنه فيلسوفا وشاعرا بارعا، لأعتماده بعض الأمور الفلسفية المخفية والباطنية  في شعره، والتي أتسمت أعماله الشعرية والفنية من الرسومات بالرومانسية والتي تقود الى التمرد ضد الواقع الفاسد ،والتي صنفت أعماله الفنية والشعرية كجزء من الحركة الرومانسية ، فقد كان متأثرا للغاية بمفاهيم الثورة الفرنسية الحديثة، والمثل العليا للأديان .
   في أحدى قصائدة الرائعة التي يحكي قصة أستغلال الأطفال في تنظيف مداخن البيوت لنعومة اجسامهم وطراوتها، حيث أعتاد أبناء طبقة النبلاء ان يشتروا الأطفال من أبائهم  أو للذهاب الى دور الأيتام أو ملاجئ المتشردين بحيث حتى إن عوائل بعض العوائل الفقيرة لم يترددوا في بيع أطفالهم وإرسالهم الى هذه المهنة المحفوفة بالمخاطر. يشترون الأطفال ويدربونهم في التسلق صعودا من داخل مداخن بيوتاتهم ليعتلوا سقف البيت ، ثم ينزلوا  وبأيدهم فرشاة يكنسون بها جوف المدخنة لأزالة الرماد الأسود العالق في الجدران مقابل أجور زهيدة لا تكفي لسد رمق عيشهم ، وقد عمد مالكي هذه البيوت أن يحلقوا رؤوس الأطفال كي لا يتعلق السخام بشعر رأسهم . وهذه العملية بحد ذاتها هي أقسى عمليات التعذيب للأطفال ، ناهيك عن دفع الأطفال الى الأعلى ووخزه بعصا طويلة كي يتمكن من الوصول الى القمة، ثم ينزل مجددا من الأعلى الى الأسفل منظفا للسخام العالق وتجميعه باكياس عند اسفل المدخنة .إن هذه العملية يصاحبها خدوش وجروح في الأيدي والأرجل، وقد علق الكثير من الأطفال في المداخن وأختنقوا بذلك وأصيبوا بامراض مزمنة كالسرطان، او إصابة عمودهم الفقري بتشوهات لمكوثهم لفترات طويلة في وضعيات غير سليمة داخل المدخنة .
    لقد ألتفت الشاعر وليم بليك الى هذه الظاهرة الأجتماعية البشعة في إستغلال الأطفال من قبل ذويهم والمجتمع ، ليحارب بذلك أساليب الفلسفة المقيتة في تبرير هذا العمل الوحشي من قبل مجتمع يدعو الى تطبيق معايير الثقافة المدنية والديمقراطية ،ويعاني من الأفات الأجتماعية التي تؤدي الى إنهيار المجتمع .
    لقد بدأ الشاعر قصيدته ( منظف المداخن ،  The Chimney  Sweeper) بسرد قصة حياة طفل ولد من رحم المعاناة ، حيث توفيت والدته  ثم باعه والده للغرباء وهو بالكاد يبكي بكاء الرضع واء...واء...واء. يخاطب الشاعر المجتمع وعلى لسان الطفل، إذ يقول " أنظف مداخنكم المنزلية وأنام في السخام " في صورة رمزية تصور حجم الكارثة الأنسانية .
في المقطع الثاني يصور الشاعر الطفل توم وهو حليق الرأس ، باكيا ، وكأنه خروف بشعره المتجعد ، معتذرا له بأن الحلاقة سوف لا تفسد شعره الأبيض بالسخام
وينتقل الى الطفل حالما بألالاف من أصدقائه من منظفي المداخن، وهم محبوسين في توابيت سود ، ويأتي الملاك بمفتاح براق ،ليفتح التوابيت، ويطلقهم أحرارا في سهل أخضر، يقفزون ضاحكين، يغتسلون بماء النهر، وتلمع أجسادهم بضوء الشمس ،تاركين حقائبهم خلفهم، صاعدين الى السحب عراة بيضاء أجسادهم  يلعبون مع الريح ، حينها أخبره الملاك ، ووعده، بأنه سيصبح أبا له، إذا ما أصبح ولدا صالحا، ولن يعوزه الفرح بعد ذلك .
 وفي المقطع الأخير
أستيقظ توم بعد ذلك ، فنهضوا في الظلام وأنطلقوا الى العمل حاملين حقائبهم وفرشاتهم ،وعلى الرغم من برد الصباح كان توم سعيدا ودافئا ، ولم يتأذى احدا منهم ، وقام كل واحد بواجبه.
    من كل هذا السرد الشعري الجميل للشاعر وليم بليك ، نتلمس براءة الأطفال وقساوة قلوب النبلاء وأصحاب العمل من منظفي المداخن . إذ بين الشاعر بقصيدته الرائعة صرخته بوجه الظلم وعدم المساواة ، والتمييز الذي يعانيه مجتمع الطفولة البرئية، وضرورة البحث عن البدائل للحد من معاناة الأطفال من ألم وعمل محفوف بكل المخاطر النفسية والجسدية ، والتي تقود شريحة الأطفال الى الهلاك المحتوم بالموت ، ويهنىء من ورائها أصحاب السلطة والجاه في مجتمع تغيب عنه الأنسانية  ويستقوي الأنسان على أخيه الأنسان.
   إن الفلسفة الأنسانية الحديثة تقودنا في هذه القصيدة  الى مسألة غياب الوعي الجمعي ومخاطره على مفاصل الحياة عند الأنسان والتي حتما نعدها من الثقافات الساقطة وظيفيا ، كما إننا سنجد بأن فلسفة النقد في الأدارة والأحتكار ستقود المجتمع الى الخلاص من الأنهيار الأخلاقي .
   بهذا الأستقراء الشعري للقصيدة نأخذ بتحليل مشاكل المجتمع وتصوير مدى القبح في معاملة الأطفال المحكوم بمرور الزمن وتسجيل رودود الأفعال الكائنات وإعتبارها مادية ومعنوية تؤثر على الأنسان المعاصر. وضرورة النظر الى الكائنات جميعها نظرة تطورية فسلجية سايكولوجية لا تؤيد مسار نظام العبودية والاسترقاق لشريحة الأطفال والنساء على حد سواء.
 إن الألتفات الى كل ما ينقص الأنسان  في راحة البال ،هي الشغل الشاغل للكثير من الشعراء والأدباء بعكس رجال الساسة الذين يبحثون عن الجاه والسلطة.
القصيدة الشعرية بنصها الأنكليزي . ( منظف المداخن... The Chimney Sweeper  ) للشاعرالأنكليزي  وليم بليك

When my mother died I was very young,
And my father sold me while yet my tongue
Could scarcely cry " 'weep! 'weep! 'weep! 'weep!"
So your chimneys I sweep & in soot I sleep.

There's little Tom Dacre, who cried when his head
That curled like a lamb's back, was shaved, so I said,
"Hush, Tom! never mind it, for when your head's bare,
You know that the soot cannot spoil your white hair."

And so he was quiet, & that very night,
As Tom was a-sleeping he had such a sight!
That thousands of sweepers, Dick, Joe, Ned, & Jack,
Were all of them locked up in coffins of black;

And by came an Angel who had a bright key,
And he opened the coffins & set them all free;
Then down a green plain, leaping, laughing they run,
And wash in a river and shine in the Sun.

Then naked & white, all their bags left behind,
They rise upon clouds, and sport in the wind.
And the Angel told Tom, if he'd be a good boy,
He'd have God for his father & never want joy.

And so Tom awoke; and we rose in the dark
And got with our bags & our brushes to work.
Though the morning was cold, Tom was happy & warm;
So if all do their duty, they need not fear harm.