المحرر موضوع: المعمرون في القوش  (زيارة 955 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نبيل دمان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 896
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المعمرون في القوش
« في: 19:13 27/02/2024 »
المعمرون في القوش
نبيل يونس دمان
     قبل البدء بالكتابة عن البالغين مئة سنة فما فوق من معمرّي البلدة القوش الواقعة على سفح جبل مسمى باسمها، أكتب اسطراً عن معمري العالم، ومما يذكر ان أكبر معمر في موسوعة غينيس للأرقام القياسية هي الفرنسية جين كالمينت التي بلغت من العمر ١٢٢عاماً. في الماضي كان متوسط العمر منخفضا ثم بدأ في الارتفاع حتى يومنا هذا، وأكبر دولة في العالم هي اليابان في متوسط عمر الانسان فيها والبالغة ٨٣ سنة، ويشار ان متوسط عمر المرأة أكبر من متوسط عمر الرجل لأسباب تتعلق بالجينات الوراثية. معمرون ذُكروا هنا وهناك ولعل منطقة القوقاز بين أذربيجان وأرمينيا يعيش فيها عدد أكبر نسبيا من المعمرين ومن كلا الجنسين، والسبب جبلية المنطقة، وطيبة هواءها، ونقاء مياهها، واعتماد سكانها على المنتوجات الحيوانية في طعامهم، حيث تشكل مهنة الرعي الرئيسية في تلك الاصقاع. إذا رجعنا الى التاريخ القديم فيذكر مثلا بان الانسان الأول آدم عاش ١٠٠٠ سنة والنبي نوح ٩٥٠ سنة، هناك فهم خاطئ لمدة السَّنَة قد يكون مختلفاً عن مفهومنا لها، فربما كانت السنة في الماضي البعيد تعني دورة واحدة للقمر شهراً بدلاً من الدورة الشمسية 12 شهراً.
     القوش لم تسجل في السابق او قبل حلول القرن الحادي والعشرين معمرين سوى معمرة واحدة هي راحيل متيكا كوسا على حد علمي، اما في مطاوي قرننا الحالي فأصبح عدد المعمرين خلال الأربعة والعشرين سنة الماضية في حدود العشرة الذين عبروا المئة عام، الان نطرح أسماءهم مع ما تيسر من حديث او معلومات بخصوصهم على قدر اجتهادنا:
١- حبي قيا شبلا (١٩١٨- ٢٠٢٣):
     حبي قيا ميخا داويث برجا شبلا عاشت على ارض القوش منذ الولادة وحتى الممات دون ان تغادرها فترة امدها (١٠٥) سنوات. كانت جارتنا منذ عام ١٩٥٨ وحتى عام رحيلها أي جيران في السراء والضراء لمدة ٦٥ سنة، ولذلك عرفناها مع عائلتها عن قرب، فقد كانت متزوجة من يونس هرمز (شنكاري) كولا وانجبت ٥ بنات و٣ أبناء. كانت حتى السنة الأخيرة تذهب الى السوق وتتسوق، وتعمل الكثير من شغلات البيت التي باتت تعيش لوحدها فيه تحت رعاية ولدها حكمت وابنه آرثر وبناتها هدّية وليلى، رحمة الله على ام هرمز وأسكنها فسيح جناته.
٢- شمي ججيكا كيوركيس حنا ديشا (١٩٢٠- ..........):
     المولودة في القوش بتاريخ ٧- ١٢- ١٩٢٠ وهي زوجة المرحوم روئيل (حنوكي) كجو ووالدتها كتي صليوا قودا وقد انجبت ثلاثة أبناء هم المرحوم سامي والمرحوم صباح وليث وعدد من البنات. عاشت في الموصل معظم حياتها وكانت تعمل مع اختها حبّوبه في صنع البقلاوة الموصلية الشهيرة، ثم انتقلت مع ابنتها بعد تردي الأوضاع في الموصل الى مدينة دهوك، وما زالت تعيش بعدما ناهزت الأربع سنوات بعد المئة، لتكون بجدارة ثاني أكبر معمرة في تاريخ القوش الى يومنا هذا. يا خالة شمي لك طول العمر وراحة البال وشيخوخة صالحة.
٣- مريم اسحق ساكو (١٩١٧- ٢٠٢٠)
     مريم اسحق ساكو المولودة في القوش عام ١٩١٧ والمتوفية بتاريخ ٢٣- ٤- ٢٠٢٠ في استراليا، كانت رحمها الله متزوجة من المرحوم بحو كوريال (قاشا) ككميخا دمان، وانجبت ٦ أبناء هم: المرحوم ثابت، المرحوم سعد، حكمت، سمير، رعد، وسلام وبنات: المرحومة صبيحة، جوزة المتزوجة من المرحوم يونس حنا رزوقي، باسمة، وايفلين. وقد عاشت معظم حياتها في بغداد ثم فارقت هذه البسيطة عن شيخوخة طويلة وصالحة امدها ١٠٣ سنة. رحم الله الخالة مريم (ننيكي) اسحق ساكو حيدو واسكنها فسيح جناته.

٤- صادق ياقو برنو (١٩١٩- ٢٠٢١):
     أي عاش (١٠٢) سنوات قضى منها حوالي خمسين سنة في أرض الوطن والباقي في اميركا، كان متزوج من السيدة أغاثا شمعون بولاذ منذ عام ١٩٣٧، كان بهي الطلعة، منتصب القامة، قوي البنية، يمتلك ذاكرة قوية وسرد ممتع للأحداث الماضية، كما كان شماساً قديراً وخطاطاً باللغة السريانية. عمل في العراق في البداية مع والده ياقو في عمل البرادع، ثم سائقاً في وزارة النفط لسنوات وبعدها سائق حافلة في احدى المدارس الاهلية في بغداد، وقد اعتقل في الموصل عام ١٩٦٣ لأسباب سياسية. ارتبطتُ معه بعلاقة قوية خلال سني وجودي في كاليفورنيا، وحصلت منه على معلومات تاريخية عن القوش وابناءها، رحمة الله على عمّه صادق برنو.

٥- راحيل متيكا كوسا ( ١٨٩٨- ١٩٩٩):
     مولودة في القوش ومتزوجة في قرية ارادن من كيوركيس هرمز شوّي، ثم توفت في اميركا عام ١٩٩٩ عن عمر ناهر المئة سنة وسنة. الله يرحم الخالة راحي ويرثها الجنة.

٦- ريجو سعدو يوسف فعونا (١٩٢٢- ٢٠٢٣):
     بلغ عمرها عند وفاتها (١٠١) سنة زائدا ٤ أشهر، مولودة في القوش بتاريخ ١٣- ٧- ١٩٢٢ من الأم سُرّي متي ختي (١٨٨٦، غير مسجل تاريخ وفاتها) ومتزوجة من هرمز صليوه من قرية شيزي وتم عقد الزواج في الدير بتاريخ ٥- ٢- ١٩٥٠ وكان الكاهن المكلل القسيس بطرس شلي، لها ولد وحيد اسمه نونو (يونس) وهي جدة صديقي الكاتب سيزار هرمز. عاشت فترة من حياتها في بغداد ثم في القوش وبهندوايا حتى هجرتها الى اميركا عام ٢٠١٠ ووفاتها فيها عام ٢٠٢٣. الله يرحم الخاله ريجو ويسكنها فسيح جناته.


٧- هرمز متيكا كوسا (١٩٠٥- ٢٠٠٥):
     مولود في القوش بتاريخ ١٩٠٥ ومتوفي في بغداد سنة ٢٠٠٥، كتبت موضوعاً عنه عند بلوغه المئة، ونشرته معززا بالصور في مجلة السنبلة الصادرة في مشيكان من قبل جمعية مار ميخا الخيرية، سوف أقوم بنشره قريباً جداً. رحمة الله تغشاه.

٨- منصور يوسف متي ابونا ( ١٩٢٣ـ .........):
     جرى احتفال بتاريخ ٧- كانون الأول ٢٠٢٣ ببغداد الحبيبة في بلوغ العم منصور المئة عام وهو يتمتع بموفور الصحة كما يشاهد بمقطع فيديو مصور بمناسبة اليوبيل المئوي.
في عمر العشرينات غادر مسقط رأسه للعمل في محطات ضخ النفط أولاً في الحقلانية ثم في تيوان عام ١٩٦١ وبقي فيها حتى عام ١٩٨٣، ومن هناك انتقل مع عائلته الى بغداد وحتى يومنا هذا. العم منصور متزوج عام ١٩٤٢ من المرحومة سارة سليمان كادو (١٩٣٠- ٢٠٢٣) وله من الأبناء: صباح، المرحوم فؤاد، المرحوم ميلاد، خالد، والبنات: مريم، جوليت، بتول، وفاء، سناء، تغريد. يا عمي منصور لك طول العمر وراحة الفكر وشيخوخة صالحة.

٩- امينة صادق (جيجو) ككتوما (١٩٢٣- .........):
     المولودة في القوش بتاريخ ١- ٨- ١٩٢٣ وبذلك دخلت سنتها الأولى بعد المئة، ولا زالت تتنفس نعمة الهواء وتعيش في اميركا، وقد جرى الاحتفال ببلوغها المئة في صيف العام الماضي، ومرفقة بعض صور احتفالها باليوبيل المئوي. بقي ان نقول بانها متزوجة زواج ثاني من المرحوم موسى (عمران) بحو ابونا الذي كان يعيش في القوش حتى عام ١٩٦٨ حيث انتقل الى بغداد. ولها من زوجها الأول عيسى ابونا الأولاد: المحامي عزيز، جميلة (زوجة غانم تنا)، ومن الزواج الثاني:  البنات: سلمى (زوجة فرج جركو) ، جانيت (زوجة بولص خرات)، وجوليت (زوجة شكيب جلو). يا خالة امينة لك طول العمر وراحة البال وشيخوخة صالحة.

١٠- شكري الياس زورا غزالة (١٩٢٤- .............):
     والدتها من قرية شيوز التابعة الى قضاء سميل، وقد اقترنت بالمرحوم ياقو متي من قرية شيوز أيضا، ولهم من الأبناء: بولص، وسيزر، وعدد من البنات. مسقط راسها القوش ثم عاشت فترة في شيوز وانتقلت مع زوجها الى كركوك حيث عمل في شركة النفط، بعد ذلك استقروا زمنا طويلا في بغداد واليوم تعيش في مملكة السويد، يا خاله شكري لك طول العمر وراحة البال وشيخوخة صالحة.
١١- شكري هرمز (مامينو) اسطيفو اودو (١٩٢٤- .........):
     هي ابنة عم والدتي من الدرجة الأولى مولودة في القوش بتاريخ ٢٢- ٣- ١٩٢٤، والدتها مريم شابا حلبي ( ١٨٩٤، ...... ) متزوجة من المرحوم يوسف متي ابونا بتاريخ ٣- ٥- ١٩٣٦ وكان القسيس المكلل رابي فرنسيس حداد ولها من الأولاد: متي، نجيب، فؤاد، ماري، آمال، بتول، تريزا، عاشت الشطر الأكبر من حياتها في بغداد، والان تعيش في ديترويت وقد احتفلت في العام الماضي بعيدها المئوي. يا خالتي شكري لك طول العمر وراحة البال وشيخوخة صالحة.
**********
     هذا الموضوع اختمر في ذهني في صيف العام الماضي وانا أعيش رغد في بلدتي وبين ظهراني اهلي واحبتي، فبدأت انسج خيوطه في جمع المعلومات اساساً من السجلات الكنسية المحفوظة في كنيسة مار ميخا بالبلدة القديمة، وعند رجوعي الى اميركا واصلت البحث والاتصالات بأقرباء المعمرين وعن طريق الإنترنت في الاتصال بمكتب الكنيسة بهذا الخصوص، وقد ساعدني كل من القسيس الشاب رودي كامل صفار والشماس راند يوسف النجار، فلم يتضايقوا من طلباتي في الليل او النهار، حتى تكللت الجهود المشتركة بهذا الجهد المتواضع، الذي يحتاج الى تدقيق وتعزيز فلا تترددوا بملاحظاتكم البناءة. كما اود قبل ان أصل الى نهاية الموضوع بتوجيه الشكر الى مختار القوش سادو ابونا وابنه ايفان للمساعدة التي أبدياها، بخصوص معلوماتهم عن المعمرين.
     ما لفت انتباهي بان أكثر العوائل بلغت الرقم القياسي في العيش مدة طويلة هم عائلة متيكا عكيل كوسا وأولاده (واصلهم من قرية شيوز التابعة الى قضاء سميل) فقد عاش العم متيكا ٩٤ سنة (١٨٧٣- ١٩٦٧) وعاشت ابنته راحيل (راحي) ١٠١ سنة، وعاش ولده هرمز ١٠٠ سنة. وقد كان للعم متيكا اخ اسمه بتي وهو بطل من ابطال فترة الحرب العالمية الأولى (السفر برلك) كان متزوجا في مدينة أدنة التركية من فتاة ارمنية وله منها عدد من الأولاد قتلوا مع باقي اهله في فرمان ضرب المسيحيين بالسيف عام ١٩١٤، فطار صوابه واستطاع ان يفلت من كماشة الموت، وإنتقم لهم وهو يقطع الطريق من آدنة الى القوش، وكل رجل يقتله يعلق أذنيه في خيط الى ان امتلأ، وعندما دخل القوش كانت الاذان المقطوعة معلقة في رقبته.
     أختتم هذا الموضوع الشيق بالتمنيات ان يواصل المعمرون في هذه البلدة من الجنسين بإمداد نسغ الحياة في همة وغيرة، لتتميز البلدة في هذا الجانب المرتبط بالجينات الوراثية،  وبالبيئة الجبلية، وحسن التربية والتوعية، ومراعات متطلبات الحياة، وتجاوز المصاعب، والمصائب التي اعترضت حياتهم، وحياة من عاش تلك السنين التي تقلبت فيها الظروف، وساور الناس الكثير من القلق والخوف، وما زال الأمل لا يبارحها ان تتحسن الظروف في وطن بين النهرين، وان يسعد ويلقى المعاملة الحسنة والرعاية الصحية المطلوبة في سني الشيخوخة، والله يكون في عونهم وليحتفل أولادهم واحفادهم باحتفال خاص يليق بهم في ذكرى ميلادهم كلما دار الفلك حولاً!
     الرب يحفظ القوش ويزيد من اعمار أولادها، سيما وهناك العشرات ممن تجاوز عمره التسعين، ويثبتها لتقاوم عاديات الدهر، ويسعد أهلها أينما كانوا ليكونوا خير رسل وبمثابة سفراء لها في الدول التي شاءت الظروف ان يستقروا فيها، فيغدون القدوة، والمثال الجيد، والسمعة الحسنة، والنجاح في أعمالهم، وفي تحصيلهم العلمي، وحتى النهاية عندما يرث جميع أبناء الله مملكة المجد.
nabeeldamman@hotmail.com
California on February 10, 2024
&&&&&&&&
&&&&&&
&&&&
&&
&