المحرر موضوع: قراءة للآية 219 من سورة البقرة  (زيارة 110 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف تيلجي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 473
  • كاتب ومحلل في مجال نقد الموروث الأسلامي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                      قراءة للآية 219 من سورة البقرة
أستهلال :
( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ / 219 سورة البقرة ) .. في هذا البحث المختصر ، سأسرد تفسيرا عاما للآية أعلاه - من المصادر المعتمدة ، ومن ثم سأستعرض قراءتي الشخصية ، متناولا مفردة الخمر دون الميسر .

الموضوع :                                                                                                                                 المحور الأول / الأثم :- " قل فيهما إثم كبير" فإنه يعني بذلك جل ثناؤه : قل يا محمد لهم فيهما ، يعني في الخمر والميسر إثم كبير . فالإثم الكبير الذي فيهما ما ذكر عن السدي فيما : حدثني به موسى بن هارون .. قال : ثنا أسباط ، عن السدي : أما قوله : " فيهما إثم كبير" فإثم الخمر أن الرجل يشرب فيسكر فيؤذي الناس . وإثم الميسر أن يقامر الرجل فيمنع الحق ويظلم . حدثني محمد بن عمرو .. عن مجاهد : " قل فيهما إثم كبير"  قال : هذا أول ما عيبت به الخمر . حدثني علي بن داود .. عن ابن عباس قوله : " قل فيهما إثم كبير " يعني ما ينقص من الدين عند من يشربها . والذي هو أولى بتأويل الآية ، الإثم الكبير الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه في الخمر والميسر ، في الخمر ما قاله السدي زوال عقل شارب الخمر إذا سكر من شربه إياها حتى يعزب عنه معرفة ربه ، وذلك أعظم الآثام ، وذلك معنى قول ابن عباس .

المحور الثاني / المنافع :- وأما قوله " ومنافع للناس " فإن منافع الخمر كانت أثمانها " قبل تحريمها " ، وما يصلون إليه بشربها من اللذة ، كما قال الأعشى في صفتها . لنا من ضحاها خبث نفس وكأبة وذكرى هموم ما تفك أذاتها وعند العشاء طيب نفس ولذة ومال كثير عدة نشواتها وكما قال حسان : فنشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ما ينهنهنا اللقاء وأما منافع الميسر فما مصيبون فيه من أنصباء الجزور ، حدثني موسى بن هارون .. قال : ثنا أسباط عن السدي : أما منافعهما فإن منفعة الخمر في لذته وثمنه ، ومنفعة الميسر فيما يصاب من القمار . حدثنا علي بن داود ، قال : ثنا أبو صالح .. عن ابن عباس : "ومنافع للناس" قال : يقول فيما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها . واختلف القراء في قراءة ذلك .         * نقل التفسير من موقع / القرآن ، وبأختصار .. ( أما ما ورد بالتفسير أعلاه بشأن تحريمها فلا يوجد نص يشير بذلك ) .

القراءة :                                                                                                                                    بداية ، أود أن أبين ، بأني سأعمد الى ترك جانبا ، ما فسره المفسرون ! ، لأنهم يفسرون ويرقعون ، وفق هوى معتقدهم ،أما قراءتي تعتمد على فحوى متن النص ، وبطريقة عقلانية ، بعيدا عن تأثير الأنتماء العقائدي .                                            1 . في الآية أعلاه ، نلحظ أن الذات الألهية كان غير واضحا ، فهو بين من أن الخمر بها " إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ " ! . بمعنى لم يأمر أو يوضح للمتلقي من أن الخمر آثمة أو نافعة ، بل وقف موقفا وسطيا / رماديا ضبابيا ! . وهذه البنية النصية ليست ألهية ! . لأن الله يقول أما نافعة أو ضارة . 

2 . هكذا هو النص القرآني ، غير واضح ، وكما قال علي بن أبي طالب ، القرآن " حمال أوجه " ، ومن موقع / أسلام أون لاين ، أنقل “ وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال : سمعت ابن عباس يحدث عن الخوارج الذين أنكروا الحكومة فاعتزلوا علي قال : فاعتزل منهم اثنا عشر ألفا فدعاني علي فقال : اذهب إليهم فخاصهم وادعهم إلى الكتاب والسنة ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذوو وجوه ، ولكن خاصهم بالسنة” . أي أن النص القرآني يقبل أكثر من تفسير ، ويحتمل عدة تأويلات .         

3 . من جانب أخر أن الخمر ، كان محللا ، وكان كبار الصحابة يحتسوه ! . ومن موقع / القطرة ، أنقل التالي عن تعاطي عمر بن الخطاب شرب الخمر { لا شك في أن عمر بن الخطاب ، كان مدمنا على معاقرة الخمر في الجاهلية والإسلام ، أما في الجاهلية فقد اعترف بنفسه أنه من أكثر الناس شربا لها ! إذ ورد في مصادرهم : " إني كنت لأشربَ الناس لها - أي للخمر - في الجاهلية " ! ( كنز العمال ج5 ص505 ) . كما قال : " كنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها "! (البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص101). } .
                                                                                               
4 . وحين كان أتباع محمد يأتون الصلاة وهم سكارى ، نزلت الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ .. / 43 سورة النساء ) ، وحين لم يمتثلوا للآية ، جاءت آية أخرى ، ب " أجتناب الخمر " ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ / 90 سورة المائدة ﴾ ، فلم يكن هناك تحريم ، بل أجتناب ، ومعنى كلمة " أجتناب " وفق قاموس المعاني ، هو التالي : (  تَحَاشِيهَا ، تَجَنُّبُهَا ، تَلاَفِيهَا ، البُعْدُ عَنْهَا ) .
خاتمة :                                                                                                                                  ما أختم به القول ، هل النص القرآني خيير المسلم بين شربه للخمر ، وأشار الى منافعه ، وبين أجتنابه وعدد أثامه ! . أذا كان كذلك ، فسنكون أمام الآية / 219 من سورة البقرة - التي سبق ذكرها ، التي ستقاطع ما سبقها من آيات / التي تؤكد على أجتنابه ! . بمعنى أخر ، أكد هذا النص القرآني للمسلم ، الخيار بين شربه للخمر ، أو تركه .. أما النقطة المحورية المهمة ، أنه ليس هناك من نص واضح وجلي في تحريم الخمر أو في تعاطيه .. أي " أنه لا تحريم ألا بنص ".