المحرر موضوع: ثورة 14 تموز . . تأكيداً للروح وللقرار العراقي !  (زيارة 760 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ثورة 14 تموز . . تأكيداً للروح وللقرار العراقي !

                                   د. مهند البراك

   تمر اليوم الذكرى التاسعة والخمسون لثورة 14 تموز عام 1958 التي فجّرها الجيش العراقي الباسل الذي اثبت بها وبجهود وتضحيات مخلصيه . . ولائه لأرادة الشعب العراقي بعربه وكورده وكل قومياته واديانه وطوائفه المتنوعة التي شكّلت طيفه العراقي، والتي محظته المشاركة في التهيئة لها ثم في احتضانها واستعدادها للدفاع عنها .
   بعد التحوّل الميداني الكبير الذي اعلنته قطعاته المسلحة بعدم استعدادها للوقوف ضد الأرادة الوطنية والقومية التحررية للشعب، حين رفضت اطلاق الرصاص على المظاهرات الشعبية التي ابتدأ بها طلبة الكليات من طلاب وطالبات في تشرين 1952 حين طالبوا باطلاق الحريات الديمقراطية ومن اجل دستور ديمقراطي . . . وانخرطت القطعات للسير مع المظاهرات في شوارع العاصمة بغداد.
   وبقدر ما فاجئت ثورة 14 تموز وارعبت الدوائر الغربية وبالأخص الدوائر الأكثر عنفاً وعسكرية منها في المنطقة، والممثلة في دول حلف المعاهدة المركزية السنتو (حلف بغداد)، الذي كان مقره في العاصمة بغداد، واثبتت لها خطأ لانهائية حساباتها، بعد ان استنفذ اسلوب بناء دولة حديثة بصيغة مملكة برئاسة امير عربي من الحجاز دوره، وبعد ان ادىّ ادواراً تقدمية وتحديثية في الثلث الأول من القرن الماضي . . ليتحوّل الى عامل تقييد واحباط في العقود اللاحقة .
   وفيما يعتبر مؤرخون ثورة 14 تموز 1958 ، امتداداً للثورة العراقية الكبرى في حزيران 1920 التي فرضت على الدوائر البريطانية والغربية، التخلي عن صيغ الفرض والأوامرية، والأستماع وتفهم مطالب المكوّنات العراقية، والتخلي عن اعتماد صيغ : الأحتلال، والأنتداب . . واعتماد صيغة الدولة العراقية لكل المكونات العراقية على اساس انتمائها بالتساوي للدولة الناشئة، وتثبيت ذلك بقوانين خدمت بناء الدولة على اسس حديثة آنذاك، الاّ انها اثبتت ايضاً خطأ وخطورة الجمود عليها وافراغها من محتواها، كما جرى لاحقاً على يد الحكومات المتعاقبة على حكم الدولة بنمطها ذلك .
   فأنهم يحذّرون من مخاطر اجتهادات انواع الدوائر الأميركية والغربية العليا اضافة لعدد من الأقليمية، لمصالح تريد تأمينها لها وحدها دون الأهتمام ودون النظر الى ارواح وتطلعات ومصالح وحاجات العراقيين برجالهم ونسائهم بكل اطيافهم . . موظفين فكرة وصف الشعب العراقي بـ " الحصان الجامح " لتعميق ازماته ولشق وحدة صفه، بدل المساعدة في سعيه لتنظيم صفوفه .
   ودون النظر والبحث عن اسباب جموحه ؟ ودون تسليط الضوء على اهمال الأنظمة المتلاحقة ايّاه ودوسها عليه، ودوام حكمه بالحديد والنار، وتشديد الخناق عليه بتصدير ازمات الحكم الى اهداف خارج البلاد، تارة باسم فلسطين وهم منها براء، وتارة بحرب صدام الطويلة ضد الجارة ايران بحجة (الخطر الصفوي). . لتشديد القبضة عليه وحكمه بالتعذيب والقتل الجماعي وبالأسلحة الكيمياوية.
   ثم عقوداً باسم (المصالح القومية العليا)، واخرى باسم تطهير العرق العراقي من (الشوائب غير العربية ومن ماعز الجبال !) في تطبيق شيطاني لسياسة افقار وتجويع وتجهيل الشعب باطيافه ثم سوقه نحو فخ ( التطهير الطائفي والديني ) . . لتحطيم حيويته وتنوعه الثمين ولتبديد ثرواته، ولجعلة متسكعاً على الأبواب الأقليمية والدولية كي لايعود الى التلاحم والى الوقوف صفاً واحداً ويداً بيد كما صار في ثورة14 وكما تحقق في المنعطفات الهامة في حياة البلاد .
   واخيراً فان لم تحقق الثورة اهدافها العريضة، لأخطاء في مسيرتها ومكوناتها ولطبيعة احزاب المرحلة وطبيعة المناخ الدولي آنذاك . . اضافة الى التآمر الذي تصاعد ولم ينقطع ضدها عالمياً ـ وبالأخص من الأحتكارات النفطية ـ واقليمياً وعربياً ... ولأخطاء وقع فيها قائدها الزعيم الركن عبد الكريم قاسم الذي مثّل اطياف الشعب العراقي تكويناً (*) رغم انحيازه لفقراء العراق باطيافهم، التي لم يستجيب لرجاءاتها ولنداءاتها ايّاه . . بالتعميق اكثر في انحيازه لها .

14 تموز / 2007 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) من اب عربي سني وام كوردية فيلية شيعية . .