المحرر موضوع: من يصوت لليمين المتطرف في أمريكا اللاتينية؟  (زيارة 262 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حازم كويي

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 38
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من يصوت لليمين المتطرف في أمريكا اللاتينية؟
يوليا ألميدا*
ترجمة: حازم كويي


يشير تحليل أولي لسلوك التصويت في الأرجنتين والبرازيل إلى أن كلاً من خافيير ميلي وجائير بولسونارو، رغم الاختلافات الاجتماعية الواضحة في صورة الناخبين اليمينيين المتطرفين في بلديهما، فهما يُحشدان الغضب من حياة المواطنين،الذين يفقدون نوعية الحياة لأغراضهم الخاصة. واتسمت كلتا الحملتين بأجندة المحافظين الجُدد وخطاب الكراهية الذي تم تغذيته على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام أشكال رقمية مختلفة وانتشار الأخبار المُزيفة.
سنقارن في هذا المقال أولا بين ظاهرة نمو اليمين المتطرف في البرازيل والأرجنتين. ومن ثم يتم أستخلاص بعض الفرضيات منها. الجوانب الثلاثة التالية بمثابة الأساس:

ـ ملف الناخبين ل ميلي في الجولة الثانية في الأرجنتين عام 2023 ولبولسونارو في البرازيل عامي 2018 و2022.
ـ موافقة ناخبي كلا المرشحين على القيم المحافظة في عامي 2023 و2022، و
بيانات عن الملف الشخصي للداعمين الأكثر مشاركة الذين حضروا المظاهرات السياسية للمرشحين اعتباراً من عام 2023.
ـ وأخيراً، سيتم تحديد إتجاهات التنمية المحتملة لليمين المتطرف في حالة فشل سياسته الاقتصادية والاجتماعية في الارتقاء إلى مستوى التوقعات التي أثارها بين قاعدته.

الأغلبية الاجتماعية.
جلب المرشح الرئاسي الأرجنتيني خافيير ميلي أغلبية إجتماعية خلفه عام 2023 وفاز بدعم من( Juntos pela Mudança معاً من أجل التغيير) - أقوى تحالف معارض في البلاد، والذي جاء في المركز الثالث في الجولة الأولى من التصويت. في المجمل، صوت حوالي 14.1 مليون ناخب لصالح ميلي وباتريشيا بولريتش (مرشحة الرئاسة عن مودانسا) في الجولة الأولى، وهو عدد قريب من عدد الناخبين الذين صوتوا لصالح ميلي في الجولة الثانية (14.4 مليون). وتُظهر الأرقام مدى قوة الانتخابات الرئاسية الأرجنتينية، التي أتسمت بالرغبة في التغيير ومدى رفض مرشح الحكومة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الأرجنتين.
وفي البرازيل، تمكن بولسونارو من إقناع أغلبية إجتماعية في عام 2018 عندما فاز على منافسه بهامش مماثل لميلي. ومع ذلك، في عام 2022، سيتضح إختلافان مهمان عن ميلي و2018 (سيتم تحليلهما أدناه)، في ذلك الوقت، كان بولسونارو رئيساً للحكومة وكان عليه التنافس ضد منافس يتمتع بشعبية كبيرة ولم يتم إستبعاده من الانتخابات هذه المرة. (كما في عام 2018).
ومن حيث الدخل، لم يخسر بولسونارو سوى في عام 2018 بين الناخبين ذوي الدخل الأدنى. ومع ذلك، من بين الناخبين الذين يتجاوز دخلهم عشرة آلاف ريال (الأعلى دخلاً)، كان متقدماً بفارق كبير ويُدين في نهاية المطاف بفوزه في المقام الأول لأصوات الطبقة الوسطى. في عام 2022، تغير الملف قليلاً مقارنة بعام 2018، وبعد أربع سنوات في الحكومة، فقد بولسونارو بعضاً من مؤيديه من ذوي الدخل المُنخفض والأعلى، لكنه حافظ على موقعه بين المجموعات ذات الدخل المتوسط. من ناحية أخرى، تم أختيار ميلي من قبل ما يقرب من 60 بالمائة من أصحاب الدخل المُنخفض الذين يصل دخلهم الشهري إلى مائة ألف بيزو. بالإضافة إلى ذلك، فقد فاز في جميع فئات الدخل المتوسط، وإن كان بقيم أقل، وخسر بين الأغنياء.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أنه في الدراسات الاستقصائية المذكورة، لم تجمع المعاهد بيانات عن العِرق (raça)، وهو ما قد يكون مثيراً للاهتمام لمختلف جوانب تحديد ملف الناخبين
عندما يتعلق الأمر بالملف العمري، يمكن رؤية إختلافات كبيرة. وترتكز ظاهرة ميلي في المقام الأول على الناخبين الشباب، خاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً. وفي المقابل، فهو يخسر بشكل متزايد بين جميع الفئات التي تزيد أعمارهم عن 35 عاماً. ويختلف نجاحه بين الشباب بشكل كبير عن حركة بولسونارو. وفي كل من عامي 2018 و2022، تم رفض مرشح اليمين المتطرف بقوة من قبل المجموعة التي تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً. ورغم أن جميع الفئات العمرية ساهمت في فوزه عام 2018، إلا أنه حصل على أقل نسبة دعم من الناخبين الشباب.
بالإضافة إلى ذلك، يُهيمن الناخبون الذكور لصالح بولسونارو، أكثر من ميلي. وقد يكون السبب في ذلك هو موقف بولسونارو الأكثر ميلا إلى المحافظين الجُدد، والذي يتضمن صورة عائلية تقليدية (بما في ذلك الدعوة إلى العنف وملكية الأسلحة).

السلاح والدين.
وفيما يتعلق بالجوانب الثقافية التي تم تحليلها هنا، ربما تختلف البرازيل والأرجنتين اليوم في مجال الدين.
الكنيسة الكاثوليكية هي الديانة الوحيدة التي تدعمها الدولة الأرجنتينية. ينتمي إليها حوالي 62.9 بالمائة من السكان. وعلى الرغم من إنخفاض عدد الكاثوليك بنحو عشرة في
المئة في السنوات الأخيرة وزيادة عدد الإنجيليين بنسبة من 9 في المئة إلى 15.3 في المئة بين عامي 2008 و2019، إلا أن الكاثوليك لا يزالون يشكلون أغلبية واضحة.
لا تقدم الدراسات الاستقصائية المذكورة هنا أي معلومات حول العلاقة بين الدين وسلوك التصويت في الأرجنتين. ومع ذلك، فإننا نعلم أن المؤيدين الإنجيليين في البرازيل يشكلون جزءاً أساسياً من القاعدة السياسية للبولسونارية حيث ساهموا في نجاحها الانتخابي. وفي الأرجنتين، لا يلعب عامل الدين دوراً في ترشيح ميلي، ربما باستثناء علاقة تشير أكثر إلى الاتجاه اليهودي الصوفي (بما في ذلك الدعم الكامل لموقف إسرائيل في الحرب الحالية ضد فلسطين). ومن الجدير بالذكر أيضاً أن ميلي هاجم لفظياً الفاتيكان والبابا فرانسيس.
ومع ذلك، هناك تشابه واضح في كلا البلدين عندما يتعلق الأمر بسلوك التصويت لأفراد الجيش. أظهر استطلاع للرأي نشرته بروميسا (2023) أن ما يقرب من 90 بالمائة من العسكريين أيدوا ترشيح ميلي. يتمتع بولسونارو أيضاً بجزء كبير من قاعدته السياسية هنا. فهو ليس ضابطاً سابقاً فحسب، بل قام أيضاً بتعيين مسؤولين عسكريين كمرشحين لمنصب نائب الرئيس في كلتا الحملتين الانتخابيتين (موراو في عام 2018 وبراجا نيتو في عام 2022). مع وجود أكثر من ستة آلاف ضابط عسكري في مناصب في الحكومة الفيدرالية البرازيلية والعديد من الضباط العسكريين بين وزرائه، شكل الحكومة الأكثر عسكرة منذ نهاية الدكتاتورية العسكرية، ناهيك عن المكانة التي يتمتع بها داخل الشرطة العسكرية.
ومن ناحية أخرى، في الأرجنتين، بعد انتهاء الدكتاتورية العسكرية هناك، تم إنشاء سيطرة مدنية على القوات المسلحة وكان تأثيرها على الشؤون الداخلية والشرطة محدوداً. علاوة على ذلك، فإن الشرطة ليست عسكرية بالقدر نفسه. ومع ذلك، يمكن ملاحظة إعادة تنظيم الأجزاء الأكثر محافظة في القوات المسلحة حول الرئيس الجديد، خاصة من خلال نائبته فيكتوريا فيلارويل، التي تنحدر هي نفسها من عائلة عسكرية وتدعم هذا المشروع. وليس من قبيل الصدفة الموقف التعديلي الذي أتخذه تحالف ميلي/فيلارويل فيما يتعلق بعدد القتلى والمختفين من ضحايا الدكتاتورية العسكرية. وخلف ذلك هناك محاولة لتقويض الذاكرة الجماعية، حتى أنها قد تؤدي إلى عفو محتمل أو مراجعة الأحكام في بعض المحاكمات ضد العسكريين.

الناخبين الأساسيين والقضايا الأساسية.
ومن المهم التأكيد على الرغم من الارتفاع الكمي لأصوات ميلي في الجولة الثانية مقارنة بالجولة الأولى، إلا أن الخصائص العامة لناخبيه لم تتغير بشكل جذري. فهو كمرشح، كان قادراً على إقناع معظم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 24 عاماً (مع وجود فجوة واضحة بين الفئات العمرية الأخرى) والذين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 34 عاماً. كما حصل على أغلبية أكبر بين الناخبين الذكور منها بين الناخبات، خاصة في الجولة الأولى. وعلى نحو مماثل، يظل المرشح المفضل للقطاعات ذات الدخل المنخفض.
أما بالنسبة لناخبي بولسونارو، فيمكن ملاحظة الظاهرة نفسها عند المقارنة بين جولتي الانتخابات. وهنا أيضاً، لم يتغير تقريباً عمر الناخبين ودخلهم ونوع جنسهم. ومع ذلك، ظهرت خلافات بين العمليتين الانتخابيتين.
عند النظر إلى الناخبين الأساسيين لميلي - ما يقرب من 30% من سكان الأرجنتين الذين صوتوا له في الجولة الأولى - فإن أوجه التشابه مع بولسونارو وأجندته المحافظة الجديدة تصبح أكثر وضوحاً.
ومن الواضح أن ناخبي ميلي وبولسونارو، يشتركون في قِيمهم المُحافظة. يُعد المجتمع الأرجنتيني حالياً أقل تحفظاً من المجتمع البرازيلي (بطبيعة الحال، شكلت السنوات الأربع التي حكمت فيها حكومة يمينية متطرفة النقاش العام وقيمها)، وهو ما يمكن أن يفسر جزئياً الفارق في النسبة المئوية بين ناخبي ميلي وبولسونارو.
ودون الخوض في الأصول التاريخية والمعاصرة للتيار المحافظ في كلا المُجتمعين، يبدو أن الجانب الحاسم لسلوك اليمين المتطرف هو أنه، على جميع الأصعدة، يمثل ناخبو بولسونارو وميلي هذه القيم المحافظة بقوة أكبر من عامة السكان. من كلا البلدين.
وأخيراً، وفيما يتعلق بالأرجنتين، فمن المهم أن نأخذ في الاعتبار مدى إحتلال حقوق المرأة، وخاصة الحق في الإجهاض، في قلب المناقشة السياسية والحملة الانتخابية. وبعد تعبئة واسعة النطاق، تمكن الأرجنتينيون من تأمين تشريع الإجهاض في عام 2020. ورغم أن أغلبية المجتمع تؤيد هذه الخطوة، إلا أن ترشيح ميلي يظهر أنها توحد وتنظم المعارضين لهذه السياسة. وبعبارة أخرى، فهوأيضاً رد فعل مُحافظ على التقدم المُحرز في مجال حقوق المرأة.

الطليعة السياسية.
إستطلاعات الرأي التي أجرتها جامعة ساو باولو "Monitor do Debate Político no Meio Digital" (مراقبة المناقشات السياسية في القطاع الرقمي) بين الجمهور في آخر ظهور لميلي قبل الجولة الأولى من التصويت (25 أكتوبر) وفي التجمع الأخير لحزب اليمين المتطرف في البرازيل (26 نوفمبر) يكشف عن الاتفاق في المواقف المحافظة والليبرالية الجديدة (الأرقام متشابهة للغاية بالنسبة للقيم النيوليبرالية). وكما يشير بابلو أورتيلدو في مقالته في O Globo، فإن هذا قد يتغير على مدار فترة ولاية ميلي.
يحمل الناخبون الأساسيون لبولسونارو وميلي (الطليعة السياسية) قيماً مماثلة للمحافظين الجُدد وقيماً نيوليبرالية متشابهة جداً. ويشير أورتيلدو أيضاً إلى أن هذا السؤال قد يكون مرتبطاً أيضاً بالميل نحو التطرف بعد إنتخاب بولسونارو، وهو ما قد يحدث أيضاً بين ناخبي ميلي. وأخيراً، ينبغي التأكيد على أن تشكيل وتعبير اليمين المتطرف في الأرجنتين هو ظاهرة أحدث بكثير مما كانت عليه في البرازيل، ولهذا السبب تأخر تطوير بعض السمات.

الاستنتاجات.
لم يحدث صعود اليمين المتطرف في الأرجنتين والبرازيل على نفس الخلفية. قبل كل شئ، كانت هناك نقطة بداية سياسية مختلفة، تم إنتخاب بولسونارو في عام 2018 بعد إنقلاب برلماني (أطاح بالرئيسة ديلما روسيف من حزب العمال من منصبها) وسُجن لولا. ربما لم يتمكن بولسونارو من هزيمة منافسه لولا في إنتخابات 2018، لأنه كان متقدماً في جميع إستطلاعات الرأي. حدث نجاح بولسونارو الانتخابي في مناخ كانت فيه السياسة والمؤسسات ضعيفة بالفعل بسبب الإطار الاستبدادي وتأثرت الأغلبية الاجتماعية بسجن لولا.
من ناحية أخرى، فإن ترشيح ميلي، يتسم بالحيوية والشباب منذ البداية. لقد كان قادراً على إستغلال فشل حكومة ألبرتو فرنانديز وخليفته المُحتمل سيرجيو ماسا لأغراضه الخاصة. وبالتالي فإن ميلي هو نتاج الأزمة الحالية للكيرشنرية (التي هُزمت بالفعل في إنتخابات عام 2015 على يد النيوليبرالي المتطرف موريسيو ماكري، وهو رفيق حزب بولريتش).
ولكن ومن الناحية الأجتماعية هناك أختلافات مهمة. إن المؤيدين المُعبأين والمجموعات الاجتماعية الرئيسية حول ميلي وبولسونارو ليسوا متماثلين. وفي حين حشد ميلي القطاعات الأصغر سناً والأفقر للتصويت والنشاط السياسي، كانت الغلبة لبولسونارو بين الناخبين الأكبر سناً والطبقة المتوسطة. يتمتع كلاهما بشعبية لأنهما استحوذا على تأييد قطاعات كبيرة مهمة تمثل عامة السكان.
ومع ذلك، فإن الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية بين الناخبين البرازيليين والأرجنتينيين لا يتم التعبير عنها في أجندات سياسية مختلفة. ويتفق كلاهما في دفاعهما عن أجندة المحافظين الجُدد والليبرالية الجديدة. والواقع أن المواقف السياسية للناخبين بشأن هذه القضايا تكاد تكون متطابقة (خاصة عند المقارنة بين أنصار اليمين المتطرف الأكثر التزاماً في كلا البلدين).
ويمكن إستخلاص الاستنتاجات، لتشكيلات اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.
أولاً، يبدو أنها تتمتع بمهارات مثيرة للإعجاب في التعبير السياسي وحركة متحدة حول العالم خلف أجندة موحدة.
ثانياً، على الرغم من أنها نتاج الأزمة الاقتصادية العالمية بعد عام 2008، إلا أن مصالحها الاقتصادية لا تتوافق بالضرورة مع توقعات المجموعات السكانية التي تدعم أجندتها. وهذا يعني أن هناك تناقضاً بين الخطاب الاقتصادي وسؤال، من سيستفيد منه في النهاية. قد تكون هذه لحظة مهمة. مَن المُستفيد ومَن الخاسر من صعود اليمين المتطرف؟
تم إنتخاب ميلي كمرشح شعبي، وصوتَ له غالبية الفقراء. لذا فهو مدين لناخبيه بالإستجابة. والمشكلة هي أن أجندته لا تتعلق بإعادة التوزيع، بل بالتركيز الاقتصادي. ويتلخص البديل الذي يقترحه في إنهاء آليات إعادة توزيع الدخل المختلفة في المجتمع الأرجنتيني من أجل السيطرة على التضخم. ولذلك، فإنه سيصل إلى نقطة، إما أن تتغير صورة ناخبيه أو أنه سيفشل هو نفسه.
وتعد قاعدتها الشابة للغاية أيضاً علامة على أزمة الأجيال في الأرجنتين. وهي تعمل على تعبئة القطاع الأكثر تضرراً من الأزمة، والذي يعاني من هشاشة العمل ولا يستطيع تصور أي مستقبل آخر. وتشكل أزمة الأجيال هذه أيضاً اتجاهاً في الرأسمالية العالمية في مواجهة عدم المساواة والهشاشة المتزايدة للعمل.
وهذه نقطة حساسة بالنسبة لحكومات اليمين المتطرف، حيث تميل أجندتها الاقتصادية إلى التركيز على تركيز الدخل (وتقف في طريق آليات إعادة التوزيع من خلال السياسات النيوليبرالية)؛ وتكمن قوتها بشكل رئيسي في كراهيتها لبعض القطاعات السياسية (العداء تجاه حزب العمال، ومناهضة الكيرشنرية، وما إلى ذلك)، وفي أجندة قيم المحافظين الجدد و/أو في أجندة التوتر المؤسسي الاستبدادي.
ولكن بمجرد وصولهم إلى الحكومة، يفقد السياسيون اليمينيون إحدى القوى الدافعة لهم، وهي القدرة على إستغلال غضب غالبية السكان. ولذلك، فإنهم يميلون إلى تكثيف الخطاب السياسي والأيديولوجي الراديكالي ويَجمعون حولهم نواة أكثر تحفظاً والتزاماً مما كانوا عليه وقت إنتخابهم. هكذا كان الأمر مع ترامب، وهكذا كان الأمر مع بولسونارو.
لن يَتبع ميلي بالضرورة نفس المسار الذي إتبعه أهم أسلافه، لكنه يواجه نفس التحديات ووضعاً أكثر حدة (قاعدة الدخل المنخفض، والاقتصاد في أزمة، والموارد الشحيحة). وإذا فعل كما فعل أسلافه، فلن يتم إعادة إنتخابه. هذه هي مشكلة اليمين المتطرف فيما يتعلق بديناميكيات الديمقراطية الليبرالية، من الصعب تكرار النجاحات الانتخابية الأولى. وهذا ما تدل عليه محاولات ترامب الانقلابية باقتحام مبنى الكابيتول ومحاولات بولسونارو باقتحام الكونغرس. ربما يدخل اليمين المتطرف في مختلف أنحاء العالم جولة ثانية مع تكثيف الأجندة المؤسسية الاستبدادية.

*يوليا ألميدا: باحثة قانونية، وهي مؤلفة كتاب” (“عسكرة السياسة في البرازيل الحالية”)، الذي نُشر عام 2023. وهي عضوة في مجموعة ("حقوق الإنسان ومركزية العمل والماركسية") وتقوم بالتدريس في جامعة أنهيمبي مورومبي في ساو باولو.