من سماء المملكة الهاشمية الاردنية \ الصحفي العراقي ماجد ايليا
نعم اليوم مطلع شهر اذار ٢٠٢٤ والساعة تمام الخامسة والخمسة و اربعون دقيقة عصرا بحسب توقيت بغداد، انطلقت الطائرة التابعة للخطوط الجوية العراقية المتجهة الى المملكة الاردنية الهاشمية، حيث كان لي موعد مع بداية قدر جديد او ما يسمى تجربة للغوض والبدء في حياة جديدة، متاملا حياة افضل لعائلتي التي ستوافيني الى المملكة بعد ايام قلال.
نعم انه الوداع الاخير احبتي يامن تركتهم في وطن اتعبته الحروب والاوضاع الاقتصادية السيئة وامام انظار وسلطة الانظمة وسطوتها على مستقبل الشعب العراقي العظيم، وللاسف اي وطن؟! العراق!! نعم احبتي الاكارم العراق مهد الحضارات وباني امجاد البشرية وموطئ قدم ابو الانبياء ابراهيم، وخامس اكبر احتياطي للذهب الاسود، وحاظن لدجلة والفرات الى مصبهم، نعم انه العراق بلد الخيرات والثروات، ولكن لللاسف بلد غني وشعب فقير.
اليوم بعد ان وصل عمري البشري الخمسين عاما من الالم في بلد نهبته الحكومات والاحزاب الفاشلة والمليشيات الاجنبية والمحلية، اودع وطني الام وبداخلي الم الفراق والوداع على فراق احبة منهم من تركته تحت التراب شهيدا او متوفيا، ومنهم من بقى حيا ولكن وللاسف يتنفس هواء الحسرات التي خلفتها الحكومات المتعاقبة على وطننا ونهبت كل ثرواته وبيع بابخس الاثمان للغرباء.
قد يرى البعض ان في الغربة وجع الفراق المبطن بخرافات العقل الباطني للانسان، متناسين اننا في بلدنا وبتفضيل الغريب والاجنبي المحتل بالعقلية والفكر اصبحنا اصلا غرباء وسط وطن منقسم على نفسه وبرئاسة اكثر من حكومة من شماله لاقصى جنوبه والوسط، حكومات ورئاسات تلونت سياسة البعض منهم بالدينية المتعددة والتعصب، ومنهم اتخذ النهج القومي مفضلا به على الوطني والانساني، ولهذا نرى ومنذ عقود هجرة الالاف ورحيلهم عن وطنهم وارضهم لا لانهم لم يعشقوا تربته او مائه ولكن طفح الكيل باغلبهم
متلمسين فقدان احلامهم المستقبلية.
و من خلال نافذة الطائرة المحلقة في سماء شمال العراق الحبيب، اودعك يا وطن لطالما اتعبته الحروب والمأسي.. اودعك يا حلمي الذي اغتاله الاغراب وسكنه غزاة الهمجية، مودعا اياك ومسلما امرك بيد الباري على امل ان اراك ذات يوم شامخا منعما بين الامم المتقدمة بعطاءك وتاريخك الازلي، وداعا يا ايها المستقبل الذي لطالما تمنيتك ان تكون لي وللعراقيين ذخرا وحاضن لطموحاتنا لنقدم كل جديد من شانه ان يفتخر به الجميع ذات يوم.. وداعا يا ماضي والحاضر للمستقبل.