المحرر موضوع: مقتل مارشمعون بنيامين البطريرك الشهيد .......  (زيارة 126 مرات)

0 الأعضاء و 2 ضيوف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يعكوب ابـونا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 714
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الجزء ( 5 )                     
                               مقتل مارشمعون بنيامين
                                   البطريرك الشهيد .......
                  يعكوب ابونـــــا
             نقدم تعازينا الحارة لابناء شعبنا الاشوري عموما بذكرى استشهاد زعيم الامة وقائدها البطريرك مار بنيامين شمعون ، الذي وقع في مثل هذا اليوم 3 /3 /1918 . على يد الخائن سمكو الشكاكي غيلة وغدرا ..؟؟     
      كما ذكرنا في الحلقة السابقة بان ( كريسي ) ممثل بريطانيا نفى بعد فترة ما تعهد به امام المجتمعين ، ولكن ممثل فرنسا الذي كان حاضرا في الاجتماع  ( ب – كوجول ) فند هذا الانكار من كريسي اذ يقول في رسالته المؤرخة في 19 / كانون الثاني /1934
 (( اني اذكر جيداً ذلك الاجتماع الذي انعقد في نهاية كانون الاول 1917 او كان في بداية كانون الثاني 1918 ،
والذي اشتركت فيه بصورة  رسمية وكان معي   
( نيكيتين )  نائب القنصل الروسي في اورميا ، اما الكابتن ( كريسي  )
القائم بالعمل كاحد اعضاء الاستخبارات البريطانية ، فقد جاء من مقر قيادته في ( وان ) لهذه الغاية وذلك لتشجيع الاشوريين بالعمل على تنظيم مقاومتهم ضد الاتراك ومتعهدا باسم حكومة انكلترا بتقديم الاموال اللازمة لاعداد الجنود والضباط كما ووعدهم بالاستقلال الذاتي في المستقبل " ...

   سيظهرلاحقا ان ما ذكره ( كريسي ) امام المجتمعين والبطريرك لم يكن في حقيقة الامرالا مؤامرة ضد الاشوريين اذ كانت بريطانية تعمل الى افشال المخططات القومية الاشورية ، خاصة بعد انتهاء (كونفرانس ) البعثات العسكرية لدول الوفاق المنعقد في ( تبليسي ) الذين توصلوا به الى قرار يقضي باستخدام الكفاءات القتالية العالية لدى الاشوريين في الصراع ضد الاتراك وارسال مستشارين من الضباط الانكليز والفرنسيين كخبراء عسكريين للاشوريين .. وعلى ذلك ارسل ممثل الاركان العامة في ما وراء القفقاس الجنرال ( ليواندوفسكي ) برقية الى الوفد الذي كان مارشمعون قد ارسله الى تفليس ، بانهم يمكنهم الرجوع الى اورمي وسيستلمون مساعدات حربية دون مباحثات مسبقة ..

 من هذا وذاك توصلت القناعة لدى الاشوريين بان المهمة ليست عسكرية فقط بل وسياسية ايضا ، علية فان  بحث مسائلة حق تقرير المصير القومي للاشوريين مسائلة مطلوبة  ، ويجب وضع الخطوط العريضة لها ، فصدر بيان ( وحدة واتحاد اشور الحرة ) في 28 / حزيران / 1917  اذ ورد في البيان ما يلي :
1-  يعتبر هدف وتطلعات اتحاد اشور الحرة هو تطبيق الادارة القومية في الوقت القريب على المناطق التالية : ( اورمي ، الموصل ، طورعابدين ، نصيبين ، جزيرة ، جولامرك ، ضمن اطار روسيا العظمى الحرة كما في العلاقات الصناعية التجارية كذلك في العلاقات العسكرية وحتى الدخول في الوحدة مع روسيا .
 2- الموقف السياسي لاشورالحرة سيكون مبنيا على اساس التجمع القومي العام الذي سيمثل بدوره السلطة التشريعية والتنفيذية وسيكون منفذا لاجراءات الرئيس والوزراء .
3- الممثلون القوميون في التجمع  القومي العام سيتم انتخابهم بطريقة تصويت الشعب على تشكيلات سباعية الاعضاء بغض النظر عن المذهب والوضع الاجتماعي والمنشا والقومية .
4- كل اب وابنه في الشعب الاشوري متساويان امام القانون لاشور الحرة وجميع السكان تحت قيادة اشور الحرة سيكونون مواطنين احرار .
5- الحرية الكاملة للكلمة والطباعة والاجتماعات والاتحادات والاضراب بشرط الا تلحق الاذى بشرف الانسان ..
6- ستوزع الضرائب على جميع سكان اشورالحرة دون تفاوت ولكن وفقا لوضع ودخل كل منهم ..
7- الزامية التعليم في المدارس لكل من يبلغ الخامسة عشر من عمره في اشور الحرة .
8- الفصل بين الكهنوت والحياة في اشور الحرة ، وعدم السماح للكهنوت باي شكل من الاشكال التدخل في الشؤون القومية والمصيرية .
9- تستطيع شعوب القوميات الاخرى القاطنة ضمن حدود اشور الحرة العيش بحرية ولكنهم يخضعون لمتطلبات قوانين البلد التي ستكون نافذة من خلال التجمع القومي العام ..

    كما نجد بان هذه الطلبات والاهداف قد اخذت لاحقا بنظرالاعتبارعندما طالبت البعثة ( الاشورية الكلدية ) في مؤتمر لوزان  في 26 / تشرين الثاني / 1923  المتمثلة في الجنرال اغا بطرس والجنرال ملك قنبر من بيت ملك وردة . فقد قدموا بعض الرسائل للمؤتمر منها  رسالة ملك قنبر وردة الى الفرنسيين ابان سيطرتهم على سوريا ، يطالب بها بارض مابين الجزيرة وخابور لتاسيس الكيان الاشوري عليها .
 كما ان اغا بطرس احد الابطال الذين انقذ امته الاشورية من الفناء ايام الحرب العالمية الاولى ، كان يعمل بكل جد واخلاص لاقناع الانكليز بمنح الحكم الذاتي للاشوريين في وادي الرافدين .
   وسناتي الى توضيح هذا الجانب بشكل مفصل لاحقا ... 

   كانت مهمة ( كريسي ) كما ظهرت لاحقا بانها ترمي الى تخريب كل عمل اوهدف كان الاشوريين يرمون الى تحققه ، وافشال المخططات القومية لهم ، لان بريطانية كانت نواياها بالنسبة للاشوريين هي ارسالهم الى مابين النهرين والزامهم بحماية الثروة النفطية لهم في العراق , اما في الظاهر فكانوا يبينون خلاف ذلك ، وبانهم يسعون الى مساندت الاشوريين في بناء مستقبلهم السياسي ، لذا نجد كريسي في اجتماعه المذكور انفا وامام الحضور  يذكر ويعتبرالاشوريين حلفاء متساويين لهم في الصراع ضد المانيا وتركيا ويقول لهم بما ان روسيا القيصرية  قد خرجت من الحرب فيجب طرد الضباط الروس من الجيش الاشوري ، واضاف بان بريطانيا سترسل بدلا عنهم خبراء ومستشارين وستساعد الاشوريين في تاسيس دولتهم المستقلة ...وهو في الوقت ذاته كان ينسق لاغتيال وقتل مارشمعون والتخلص منه ..

   ومن الجانب اخرى في ممارسة السياسة البريطانية نقرا مذكرة موجهة الى ( سورما خانم بيث مارشمعون ) من ( السير هنري دوبس  ) في 31 / ايار / 1924 " يقول ان حكومة جلالة المملكة البريطانية اخذت على عاتقها ، لمدة من الزمن مسالة الشعب الاشوري ، وحماية مصالحهم اخذين بعين الاعتبار الخدمات الجليلة التي قدموها للحلفاء خلال الحرب من جهة ومستقبل علاقاتهم مع دولة العراق من جهة اخرى " ...
   وتاكيداً لتلك التعهدات البريطانيه للاشوريين باقامة دولتهم ، ما جاء الى ذكره رئيس وزرائهم (( تشرشل ) في مذكراته يقول ((  لقد خانت بريطانيا العظمى حليفتها الصغرى الامة الاشورية بعدم تمكينها من تحقيق استقلالها ....)

   كما ان القنصل العام ممثل روسيا باسيل نيكيتين ، في رسالته المؤرخة 31 كانون الاول 1924 يؤيد هذا القول اذا كتب يقول (( اني اؤكد بان الكابتن( كريسي ) عضو الاستخبارات البريطانية المفوض بالعمل في ارمينيا وكردستان / شعبة رئاسة الاركان العسكرية البريطانية في القفقاس قد جاء من ( وان ) في اواخر عام 1917 وتم بمبادرته عقد اجتماع مستعجل عند بطريرك الاشوريين وحضر الاجتماع ممثلون اجانب وطلب – كريسي – من الاشوريين الاستمرار في الحرب وحمل السلاح ضد الاتراك ، ووعدهم  خلال الاجتماع  بتقديم حكومته المساعدات المادية والمعنوية لهم خلال مدة الحرب وبعد وضع الشروط الاخيرة للسلم .  كنت قد حضرت الاجتماع مع الممثلين الاجانب الاخرين بصورة رسمية كقنصل روسيا ، تلبية لرجاء الكابتن كريسي حيث اعلنت بدوري ، تاكيدا على تعهدات الحكومة البريطانية ، ان حملهم السلاح ضد الاعداء سيمكنهم بدون شك للحصول على الاستقلال بعد انتهاء الحرب حيث سيكونوا قد نالوه بكل استحقاق .

  كانوا الاشوريين في الاجتماع المذكور قد وجهوا ثلاثة اسئلة الى الكابتن كريسي :
1- عن راى حكومة ايران بتسليح الاشوريين
2- عن مصادر الامدادات المادية والعسكرية
3- عن تقوية القطعات الاشورية من قبل جيوش الحلفاء .
اجاب كريسي :عن السوال الاول – " بان وزارات خارجية الدول الحليفة تتباحث مع الحكومة الايرانية في هذه الامر ويمكن اعتباره منتهياً لصالحكم ... كما قال انه لايعتقد بوجود معارضة لتسليحكم من قبل الادارة المحلية الايرانية ."
وعن السوال الثاني اجاب ان " مسالة الامدادات المالية مسالة محلولة فقد تم فتح اعتماد بمبلغ مليون " قران " عمله ايرانية ، في مصرف ( امبريال بنك )  في تبريز وان بريطانيا مستعدة لدفع اية نفقات تتطلبها الوضعية اما فيما يخص الاسلحة والعتاد فانها ستاتي عن طريق القفقاس ،
 وبخصوص السؤال الثالث اجاب بان " قوات نظامية سوف تصل المنطقة من القفقاس في بحر ستة اسابيع بالاضافة الى ان 25 ضابطا انكليزيا هم في الطريق الان " .
 وذكر بان ( سيمكو ) رئيس قبائل الشيكاك الكردية  يود عقد تحالف معكم  واقترح على ضرورة عقد مثل هذا التحالف واكد لهم بان سيمكو من جانبه ابدى رغبته في عقد مثل هذا التحالف خاصة معكم ( الاشوريين ) والارمن ليكونوا يدا واحدة مع الحلفاء ، وكذلك يمكن تسوية كل الخلافات المتعلقة فيما بينكم وذلك لمصلحة الطرفين .
 الا ان البطريرك من جانبه لم يرتاح  لهذه الفكرة ، وكذلك زعيم الارمن فاتيار تسبيان لم يقنعوا بان سمكو له رغبة بالتعاون ، كما ان اغا بطرس حذر البطريرك من مغبة الاجتماع مع سمكو الشرير ، وقال له " فداؤك سيدي اترك هذه الامور لنا ، ونحن خير من يقتدر منها ، لك الصليب واترك  السيف لنا ، ان سيمكو رجل ماكر ورعديد دعهو ياتي الينا ."
 ولكن وكما كان معروف عن البطريرك  حبه وسعيه للوفاق والسلام هذا من جانب ومن جانب اخر ضغط الانكليز ومكر ودهاء كريسي اقنع البطريرك لتحقيق هذا الاجتماع كما هم خططوا له ..
   فارسل البطريرك ممثلا عنه السيد ( صموئيل خان ) ابن القائد الاشوري
 ( بيجان ) الى سيمكو للاتفاق على موعد اللقاء ، وقد استقبل هذا المندوب بترحيب بالغ من قبل سيمكو رئيس القبيلة الكردية شخصيا وتقرر ان يكون لقاء الطرفين في3 / اذار / 1918 .. في مدينة ( كونا شهر ) التي تبعد 20 كلم عن ديلمان . وصل خبر وعلم البطريرك قبل موعد اللقاء من اناس مهتمين بهذا الشان بان هناك مؤامرة تحاك ضد قداستك وقد تصل الى محاولة الاغتيال قد تجرى لكم في المدينة ذاتها .. لكن البطريرك مارشمعون لم يصدق ذلك ، مبرراً اعتقاده بالقول مادام ( كريسي ) قد ضمن مسبقا هذا اللقاء فلا خشية من شىء من هذا القبيل ..... .

       ذهب مارشمعون الى مكان الاجتماع  وكان بصحبته اربعة من الضباط الروس والعقيد الروسي الابيض ( كونداراتييف ) الذين كانوا " ضمن 200 ضابط روسي انضم الى القوات الاشورية عند انسحاب القوات الروسية من ايران بعد انتصار الثورة الاشتراكية في روسيا " بالاضافة الى  اخوه ( داويذ ) و( صموئيل خان ) زعيم ( ترغاور ) ..
     وكان بحراسة البطريرك  مائة وخمسون من المقاتلين الاشوريين الاشاوس ، وصل البطريرك  يوم 3 / 3 / 1918 الى ( كونه شهر )  واستعرض مع سيمكو حرس الشرف قبل دخوله مقر( سيمكو )... اشارة سيمكو برجاء على البطريرك بان اهالي المدينة اصابهم الهلع والفزع  من مظهر الفرسان المسلحين في المدينة فارجو ان تامر رجالك الى نزع سلاحهم وركنه على الحيطان القريبة من مربض الفرسان  ، الذين من جانبهم اتخذوا مواقفهم في الازقة المؤدية للقصر ، وذلك ليطمئن الاهالي من جهة ، ولعدم الحاجة الى السلاح لانكم في مدينتكم وبين اهلكم  فامرالبطريرك رجاله بان ينحوا سلاحهم  جانبا ، تمت المحادثات بشكل ودي تماما داخل المقر، وقدم الشاي وتبعه الغذاء ...
  الا ان احد مرافقي البطريرك لفت نظره وجود بعض الاكراد على سطوح البيوت التي تحيط بمكان الاجتماع ، بعد ان نبهه بعض اليهود من سكان المنطقة الى ذلك ، وكان هناك المئات من المسلحين يتمركزون في سطوح الدورفي المدينة .
   ومن جانب اخر اثار امتداد وقت المحادثات شكوك وقلق رئيس الحرس المرافق للبطريرك فارسل احد جنوده واسمه ( دانيال ) لمعرفة مايجري في  داخل المقر( القصر ) ، وعند دخوله المقر لاحظ هناك ظاهرة غربية من عدم تقديم الاكراد الشاي للروس وعندما سئل عن سبب ذلك فاجيب بان ( الروس يمكنهم اكل الزقوم ) . فاخبر رئيس الحرس بذلك ، فاعلن رئيس الحرس الاشوري الانذار في صفوف حرسه بعد ذلك ..
    وفي هذه الاثناء خرج سيمكو برفقة البطريرك للوداع ، وفيما كان البطريرك يروم  صعود مركبته اختفى سيمكو في مقره لحظات قصيرة خرج بعدها ببندقيته واطلق النار موجها الرصاص الى البطريرك مارشمعون ، وكان ذلك اعلان لبدء الهجوم الاكراد على الاشوريين . وهكذا وقعوا الاشوريين في فخ وقتل اكثرية المرافقين لقداسته ، ولم يبقى على قيد الحياة الا ( دانيال ) و ( داويذ ) و( كونداراتييف ) وبضعة جنود اخرين ، مثلّ القتلة بجثة مار شمعون حيث اجلسوه على كرسي وهو صريعا وبتروا اصبعه واخذوا منها الخاتم  الذهبي وتركوه هكذا للسخرية منه وهو فاقد الحياة ....
 نقل خبر الفاجعة الضابط الروسي الذي كان بصحبتهم ( بلكونيك كوندراتيف ) الذي استطاع الهرب الى مدينة خوسراوا ، وبلغ سرما اخت مارشمعون بالخبر . ارسلت هي بدورها رسالة عاجلة الى اغا بطرس وملك خوشابا والرؤساء الاشوريين تبلغهم بالنازلة الكبيرة التي حلت بهم ، بفقدانهم قائد الامة الذي اخذا غدراً وقتل ، وعندما وصلت الرسالة الى اغا بطرس ... سنجد ماذا كان موقف اغا بطرس من هذه الرسالة ..
 في ( ....  الجزء 6 لاحقا )  ....
         يعكوب ابونا ..........   8 / 3  /   2024