المحرر موضوع: الإطار التنسيقي العراقي والمثل الشائع "شمتة بسامير"  (زيارة 132 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31502
    • مشاهدة الملف الشخصي
الإطار التنسيقي العراقي والمثل الشائع "شمتة بسامير"
السؤال الأهم الذي يُطرح في نهاية هذه الأسطر هو هل سيبقى الحكيم متمسكاً بقوى لا تريد أن تبقى موحدة أو أن وحدتها على قدر مصلحتها وإلى متى سيبقى هذا الإطار موحداً.
محمد حسن الساعدي

إلى متى يبقى هذا الإطار موحدا؟
يقال في الأمثال الشائعة “شمتة بسامير”، وهذا المثل يُضرب في القوم الذين يعتدي الواحد منهم على الآخر، ويسعى إلى إسقاطه وإبعاده عن الأضواء، وهو معمول به بحرفية في السياسة والمجتمع وحتى العشيرة، فالشخص الذي يمتلك وسائل إقناع وعلاقات متميزة يُستهدف، ويحاول من يستهدفونه ضربه بالوسائل النظيفة وغير النظيفة، وهذا ما ينطبق فعلاً في العمل السياسي العراقي بعد عام 2003، والذي خرج عن المألوف في المناهج والأطر السياسية المعمول بها في الدول المتقدمة منها والنامية، فهناك مبدأ يعمل عليه السياسيون هو إبعاد الأضواء عن المنافس أو تأجيج الرأي العام ضده أو إثارة الشبهات حول حركته السياسية، أو صنع منافس له يشغله عن تأدية العمل السياسي بحرفة.

الإطار التنسيقي هو الجهة السياسية التي تكونت منها عدة قوى سياسية وجمعت قوى سياسية إسلامية وليبرالية مختلفة، تنوعت أهدافها ومتبنياتها وطموحاتها السياسية فتعددت الأساليب المتخذة في الخلاف السياسي وأصبح هذا المفهوم (الإطار) يحمل اسماً بلا معنى لأن الواقع يتحدث عن حالة الاحتقان التي تثار بين فترة وأخرى بداعي المصالح، وفي أكثر الأوقات يذهب هذا الإطار إلى ضياع أحد أطرافه المهمة، ولكن بلمسة سريعة وسياسية يعود قوياً من جديد.

الطرف الأقوى في الإطار هو من يمتلك العلاقات المتميزة مع الجميع، وفي نفس الوقت تُسخّر هذه العلاقات لطمأنة الآخر أو تذليل عقبة هنا أو هناك، أو تفنيد شبهة هنا أو هناك وهذا الدور لا يمكن لأي أحد القيام به إلا الذي امتلك العقلية الحكيمة والعلاقة الهادئة مع الجميع، وأبعد نفسه عن أي شبهة كانت، بنأيه عن التجاذبات السياسية وأساليب الإسقاط التي يمارسها الآخر، بالإضافة إلى عدم امتلاكه لأي فصيل مسلح، ما يجعله محط أنظار العالم وهو يقود مقود التهدئة والاعتدال في العراق، وهنا نتحدث بثقة عن عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني، والذي على الرغم من كل الصعوبات التي تعرضت لها مسيرته السياسية بعد استشهاد عمه محمد باقر الحكيم ووفاة والده الذي يعيش العراقيون ذكراه، والذي على الرغم من الظلم الذي تعرض له، والعمل السياسي المهم والأبوي الذي كان يقوم به بوصفه الرجل الأول في التحالف الشيعي، استطاع أن يكون مثالا للجميع، فنراه يحظى بمقومات العلاقة المتميزة مع كل القوى السياسية الأخرى، واستطاع أن يقود التقارب بين الجميع ويشكل الحكومات المتعاقبة حتى بالإيثار على نفسه ومصالح تياره.

◙ الإطار التنسيقي هو الجهة السياسية التي تكونت منها عدة قوى سياسية وجمعت قوى سياسية إسلامية وليبرالية مختلفة، تنوعت أهدافها ومتبنياتها وطموحاتها السياسية فتعددت الأساليب المتخذة في الخلاف السياسي

رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم ذهب أبعد من محاولة تهدئة المواقف المتباينة بين قوى الإطار، والذين يسعون إلى تأسيس إمبراطوريات لهم، وحكومات ظل تقود البلاد، ودول عميقة تحكم من خلف الستار، ومع كل هذا استطاع أن يكوّن رصيدا مهما من هذه العلاقة انعكس على الأداء السياسي، وعلى العلاقة السياسية داخلياً وإقليميا ودولياً، من خلال الزيارات المتبادلة التي يقوم بها إلى الدول العربية والإسلامية أو الغربية، والتي يستقبل فيها استقبال الرؤساء والملوك، ويحظى باهتمام إعلامي وتغطية خبرية متميزة تتسق وطبيعة الحدث، وهذا ما حصل فعلاً في زيارته إلى مصر التي حظيت باهتمام الرئاسة المصرية والإعلام فيها.

الحكيم يحاول لملمة شتات هذا الإطار، ويدفع باتجاه أن يكون موحداً أمام التحديات التي تعصف به، وتجعله يتعرض للاتهامات والشبهات. وبمراقبة الأداء السياسي لقوى الإطار نجد أن الحكيم وحده من يدافع عن وحدته ويرفع الشبهات عنه، في حين أن القوى السياسية الأخرى لا نكاد نسمع لها تصريحا أو تلميحا يدعو إلى الوحدة أو يدافع عن متبنيات أو أهداف إلا في حدود السؤال عنه. وكمتابعين للمشهد السياسي عموماً في البلاد نراقب التصريحات من كل القيادات المنضوية داخل الإطار والملاحظ فيها تبني النجاح عند تحقيقه والتخلي عنه عند أي تراجع أو فشل في أي ملف يتبناه أو يرفع رايته.

وعلى الرغم من الحركة السريعة والثابتة للحكيم في تبني ورفع راية “لم الشمل” وترميم العلاقة داخل القوى السياسية عموماً أو الشيعية تحديداً، إلا أنه يتعرض بين الحين والآخر للاستهداف ليس من الغرباء بل من المنافسين له، والذين أخذوا منه كل حركاته ونشاطاته حتى الأطر الدبلوماسية في التعامل، ووصل الحال بهم إلى مراقبة المؤتمرات والندوات التي تتم برعايته والتشريفات التي يقوم بها تياره أثناء هذه المؤتمرات، وذهبوا إلى أبعد من ذلك في أخذ مشاريعه وأفكاره وتبنيها وتنفيذها لاحقاً، والسؤال الأهم الذي يطرح في نهاية هذه الأسطر، هل سيبقى الحكيم متمسكاً بقوى لا تريد أن تبقى موحدة، أو أن وحدتها على قدر مصلحتها؟ وإلى متى سيبقى هذا الإطار موحداً؟ أم أن جهود الحكيم ستذهب كما ذهبت بصمات والده في بناء أسس العمل السياسي في البلاد؟