المحرر موضوع: المادة 125 من الدستور العراقي النافذ إقصاء للحق القومي الآشوري  (زيارة 85 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سامي هاويل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 365
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المادة 125 من الدستور العراقي النافذ إقصاء للحق القومي الآشوري

سامي هاويل
19- 3 - 2024
 
 بمجرد الاطلاع على ديباجة الدستور العراقي النافذ، تتجلى أمامنا صورة ما يحمله في متنه من "حقوق" للشعب الآشوري، فالمهتم اللبيب، المطلع على التاريخ المعاصر للدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها عام 1921 يعي جيداً ما تعرض له الآشوريون من مآسي، تمثلت بداية بكيل الأتهامات لهم لتشويه صورتهم في نظر المجتمع العراقي، تمهيداً لإلغاء حقوقهم، وجعلهم دخلاء، ومن ثم شرعنة عملية إعلان الحرب المقدسة ضدهم، فتوجت تلك  الجهود  بمذبحة سميل ضد الآشوريين العُزل شيوخاً ونساءً وأطفال، لتكون باكورة جرائم الحكومات العراقية المتعاقبة نتيجة لسياساتها العنصرية التي تلاقت فيها الأجندات الدينية والقومية المتطرفة، ودفعت سياسة السكوت عليها والتعمد على تشويه احداثها ووقائعها واختلاق سيناريوهات مزيفة عنها  الى توالي الجرائم المشابهة لها بحق بقية فئات العراقيين على أختلاف أنتماءاتهم العرقية والدينية، ووضعت ملامح الحكومات المتوالية لتكون شمولية، إقصائية، إجرامية، مبنية على أُسس قومية ومذهبية مقيتة، تستبيح الحريات العامة، ولا تحترم حقوق المواطن.

   في سياق حديثنا عن هذه الديباجة لابد لنا ان نستشهد ببعض الفقرات منها، فعلى سبيل المثال نقتبس: ( مستذكرين مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة ومستلهمين فجائع شهداء العراق شيعة وسنة، عرباً وكرداً وتركماناً، ومن مكونات الشعب جميعها)، ثم تسترسل ( ومستنطقين عذابات القمع القومي في مجازر حلبجة وبرزان والأنفال والكرد الفيليين، ومسترجعين مآسي التركمان في بشير). أنتهى الأقتباس.

   المقتطفات أعلاه تكفي لتميط اللثام عن ما يدور في مخيلة القائمين على صياغتها، ونظرتهم للمسألة الآشورية!!، فإذا كان الدستور هو الضامن الأول لحقوق الشعب  والأفراد ويصون كرامتهم، ومنه تستوحى قوانين البلاد، قد تجنب الإشارة الى مذبحة الآشوريين في سميل، وغيّبَ ما تعرضوا له من ظلم واضطهاد، فذلك يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام الإقصائيين لحشو عقول العامة بما يتوافق وأجنداتهم العنصرية، وما هول المآسي التي تعرض لها الآشوريين طوال العقدين الماضيين والتي لازالت وتيرتها مستمرة إلا دليل على ذلك. ثم يتحفنا كتبة الدستور في نفس الديباجة قائلين ( لنصنع عراقنا الجديد، عراق المستقبل، من دون نعرة طائفية، ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولا تمييز، ولا إقصاء ) ؟؟ فكيف تكون إذن النزعات والنعرات الطائفية والعنصرية والإقصاء وما الى ذلك؟ أهكذا ستصنعون عراقكم الجديد؟.

    يبدو أن الفقرة الأخيرة أعلاه قد أرغمت القائمين على صياغة الدستور لأبتكار الفقرة 125 كمادة خاصة بـ "حقوق" القوميات، حيث نصت هذه المادة على: أقتباس ( يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون)أنتهى الأقتباس.

    تشتت الآشوريون في مختلف بقاع العالم من جراء الهجمات المتتالية التي أستهدفتهم في كل أماكن سكناهم، ولازالت هذه المادة غير منظمة بقانون!، وتم الألتفاف على حقوقهم الإدارية والسياسية، وهذه المادة غير منظمة بقانون!، قضمت أراضيهم التاريخية أمام مرآى الجميع وتحت ظل هذا الدستور ولازالت المادة غير منظمة بقانون!. هذا إذا أفترضنا جدلاً بأن ما جاء في هذه المادة هو فعلا حقوق قومية ممنوحة للقوميات في دستور جديد عادل للبلاد وُضِع لتسود العدالة والمساواة وليصون حقوق الجميع ولكن؟، ما ورد فيها ليس حقوق قومية، بل أبسط الحقوق المدنية الإنسانية التي تُمنح لأفراد أو لأية مجموعة عرقية أو حتى لأي عشيرة في اي بلد يتميز نظام حكمه بنوع من الحرية والديمقراطية.

   الشعب الآشوري حقوقه القومية تكمن في الأقرار الرسمي "وليس الإعلامي السياسي" بأنه شعب العراق الأصيل، ووريث الحضارة الآشورية، وعلى هذا الأساس ستندرج حقوقه القومية خاصة ما يتعلق بخصوصيته وجغرافيته المستباحة، حيث لم تسلم قراه ومناطق تواجده التاريخية من كل أنواع الاحتلال لأسباب وتداعيات وأجندات متعددة، منذ تأسيس الدولة العراقية، مروراً بمذبحة سميل، وما تلاها من أحداث متعاقبة طوال العقود الماضية، والى مذبحة صوريا،  وصولاً الى العقدين الماضيين، وليومنا هذا، كل تلك الممارسات المشبوهة أرغمت، ولازالت تدفع الآشوريين الى ترك أراضيهم وممتلكاتهم واللجوء الى داخل المدن الكبيرة كمرحلة أولى، ومن بعدها التشتت في مختلف بقاع العالم،  بعد أن فقدوا آمالهم في إنصافهم من قبل القوى المهيمنة على القرار السياسي في مجمل البلاد، سواءً السلطة المركزية أو السلطة الكردية، وتبددت أحلامهم في العيش الكريم في وطنهم وعلى أرضهم التأريخية. وما نشهده حاضراً من مضايقات مستمرة بمختلف الذرائع لما تبقى للآشوريين من وجود على أراضيهم نموذج صارخ لما تعرض له طوال القرن الماضي. الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية تكون تحصيل حاصل منح الحق القومي،  وليست حقوق قومية بحد ذاتها، لأنه حتى بدون ايراد هذه المادة في الدستور من الطبيعي جدا أن تتمتع المناطق ذات الكثافة الآشورية بتمثيل إداري آشوري، وهكذا ضمن أبسط الحقوق الإنسانية سيسمح للاشوري تعليم أبنائه لغتهم، وهكذا يسري على الجانب السياسي والثقافي والأجتماعي، إذاً الحقوق القومية الآشورية مثلما ذكرنا سلفاً تكمن في إقرار أصالتهم، ومراعاة كل ما يتعلق بعمق تجذرهم في تلك الآرض وعلى وجه الخصوص التواجد الجغرافي التاريخي، وإصدار القوانين الخاصة لحماية خصوصيتهم، وإلزام الجهات المعنية بمتابعة وتطبيق تلك القوانين،  يليه بقية هذه الأمور المذكورة في هذه المادة.