المحرر موضوع: عمليات التجميل حاجة صحية أم كمالية أستهلاكية عمانوئيل يونان الريكاني / عراق / سدني  (زيارة 64 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عمانويل ريكاني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 147
    • مشاهدة الملف الشخصي
عمليات التجميل
حاجة صحية أم كمالية أستهلاكية
                عمانوئيل يونان الريكاني / عراق / سدني
تتوافد سنوياً ملايين الناس من كلا الجنسين رجال ونساء شباب وشابات ومن أعمار مختلفة في طوابير لا بداية لها ولا نهاية من أجل حجز دورهم في عيادات أطباء التجميل للقيام بأجراء عمليات جراحية وغير جراحية من أجل تحسين مظهر الشخص أو تصحيح عيوب جسمه . وتشمل هذه العمليات : شد الوجه ، تجميل الأنف ، تجميل الشفاه ، زرع الشعر ، حقن البوتوكس ، فيلر ، تكبير وتصغير الثدي ، شفط الدهون ، نفخ المؤخرة ، تضييق المهبل ، وغيرها . تنفذ هذه العمليات من قبل أطباء تجميل مؤهلين بدون أستبعاد بعض الطفيليين على المهنة الذين ركبوا الموجة لأسباب تجارية ومن اجل أرباح مادية غير مشروعة . بالرغم من الفوائد المرجوة منها لكنها تتضمن أيضاً مخاطر  حسب نوع العملية وحالة الشخص .
إن الحفاظ على الجمال والشباب مطلب مشروع وحاجة نفسية وضرورة أجتماعية لكن أن يكون بشروط معقولة ومعايير مألوفة بدون تهور وطيش وسفاهة . إزالة أي تشوهات وعيوب خلقية لأستعادة مظهر الشخص يعني إعادة البسمة والسعادة إليه بعد أن كان غارقاً في بحر الألام والأحزان والأكتئاب، هذا بحد ذاته واجب أنساني وأخلاقي قبل أن يكون طبي . من الممكن أستخدام الفيلر fillers والبوتوكس Botox لأخفاء بعض علامات التقدم في العمر وإعادة النضارة للبشرة . كلنا نتمنى أن يتوقف الزمن في فترة معينة من حياتنا يكون فيها الشباب في عنفوانه والجمال جالس على عرشه يحكم . لكن هذه مجرد أضغاث أحلام لأن الرياح تسير بما لا تشتهي السفن . فشبح الشيخوخة يلاحقنا دوماً ولا مفر من هذه الحقيقة الساطعة بالرغم أننا لا نريد أن نشارك أبو العتاهية 747م-826م مشاعره :
بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم يغني ألبكاء ولا النحيب
فيا ليت الشباب يعود يوماً
لأخبره بما فعل المشيب
إن قلقنا ومخاوفنا تكمن في المجتمع الأستهلاكي التي ندور في فلكه وأصبحنا بدرجات متفاوتة جزء لا يتجزء منه شئنا أم أبينا. فهو لا يميز بين الحاجة والرغبة والضروري والفاخر والأساسي والكمالي.
ويتم أستخدام وسائل الأعلام وتقنيات الأتصالات الحديثة بشكل بارع جداً من اجل التسويق والأعلان بعد غسل أدمغة الزبائن . وجعل الأنسان نفسه سلعة وترويج ثقافة الأستهلاك من أجل الأستهلاك
وليس من أجل الأنسان. ويعمل جاهداً على صناعة القطيع في العالم الأفتراضي والواقعي كي يشل تفكير أي فرد أو جماعة يغرد خارج السرب.
نظرة واحدة إلى خارطة حياتنا اليومية لنرى النزعة الأستهلاكية تقودنا بدون إرادة حرة منا. فنحن أغلب الأحيان نشتري ما لا نحتاج أليه ونظن واهمين أننا نحتاج اليه. كم مرة نبدل سياراتنا وموبايلاتنا وتلفزيوناتنا وأثاثاتنا ….الخ . احياناً دون الحاجة الماسة إلى ذلك .
على هذا الوتر تلعب مراكز التجميل في العالم مستغلين النساء الذين يتنمروا ويتغولوا على وجوههم وأجسادهم ولا يعرفوا غير لغة السرف والتبذير والبذخ من أجل أيجاد وجوه وأجساد غير موجودة إلا في مخيلتهم. ان ايرادات عمليات التجميل تصل الى مليارات الدولارات من جيوب بعض المغفلين لا تقل شأناً عن تجارة الأسلحة والدعارة والمخدرات .
إذا كان التجميل حاجة صحية شيء جيد لا غبار عليه
أما مجرد مسايرة الموضة وحب التقليد هذا حسب ما يقول علماء النفس نتيجة
عدم الثقة بالنفس والشعور بالتفاهة وضآلة الشأن وقلة الأعتباروالغيرة من الأخرين .وإلا ماذا تفسر وجود فتيات منّ العآمة والوسط الفني والأعلامي آية من الجمال يلعبون بعدادات جمالهم مفضلين الصناعي على الطبيعي.
إن السباحة ضد التيار البايولوجي للحياة وتحدي قانون الطبيعة الأنسانية ، أشبه ما فعله سيزيف
وهو شخصية من الأساطير اليونانية وهي رواية لألبير كامو 1913-1960 يعاقب في الجحيم لأداء مهمة مستحيلة ومتكررة ، وهي دفع حجر ضخم إلى أعلى
تلة فقط ليرتد ويعيد السقوط ، مما يجعلها عقاباً لا نهائياً ويظل محاصراً في دورة لا نهائية من الجهد الباطل .