المحرر موضوع: أيها العراقيون أينكم من المدنية؟  (زيارة 313 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صالح الطائي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 138
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أيها العراقيون أينكم من المدنية؟

الدكتور صالح الطائي
من يرقب الشارع العراقي، وتعامل الناس فيما بينهم رسميا وشعبيا، يكتشف دون عناء يذكر افتقاره إلى الحياة المدنية بأبسط صورها، فالتشنج، والبيروقراطية في التعامل، والفوقية في العلاقات، والانتقائية في الميول، والتحزب الذي لا يفقه من مبادئ السياسي شيئا، والمذهبية المغرقة بالتشنج والتي تتغذى على نظرية المؤامرة، والضعف في الروح الوطنية، وانعدام ثقافة التكافل والتعاون، وتقليدية المشاريع بما فيها الثقافية والدينية، كلها تدل على أن شعبنا العراقي لم يستوعب بعد ثقافة الحياة المدنية، رغم مرور أكثر من عشرين عاما على التغيير، وتخلصهم من دكتاتورية الحاكم مثلما يدعون.
وهم إن كانوا بالأمس يتذرعون بوجود السطوة الغاشمة التي تمنعهم من ممارسة حياة المدنية، فلا عذر لهم منذ عام 2003، مع أن هناك بوادر فيها دلالات على استجابة بعضهم بل وسعيهم للتغيير، ومن يعرف نسبة هؤلاء سيصاب بالإحباط حتما نظرا لقلتهم نسبة إلى عدد نفوس الشعب العراقي، ولكنها على العموم بشرى خير تزرع في نفوسنا الأمل أن التغيير قادم لا محال، ولكنه سيستغرق زمنا لا طاقة لنا بتحمله، زمن ستقع فيه الكثير من الخروقات والظلم والاستلاب ومصادرة الحقوق وأشياء كثيرة أخرى، لن تمر دون أثر وإنما ستسهم في تأخير تحقيق الهدف لأنها تذكي روح القبلية والثأر والفصل العشائري والوساطات الدينية، وذلك كله يتعارض مع مدنية الأمة.
الذي أراه ومن خلال التجربة والمراقبة والبحث والتقصي أن المدنية لا تُدرك فعلا إلا عن طريق الممارسة الفعلية والمستمرة والمباشرة؛ التي يوجبها القانون الإكراهي، ولو في مرحلة البداية، ويحاسب من لا يعمل بهديها. معنى هذا أنها لا يمكن أن تدرك عن طريق التعليم الرسمي، وإنْ كان للتعليم أثره في ترسيخ متبنياتها وأبعادها، نظرا لكن هذا التعليم يُعنى بشريحة محددة من الناس، فضلا عن ذلك لا يمكن أن نلمس أثر التعليم إلا إذا ما اشتركت معه المؤسسة الدينية والمؤسسة الرسمية ومؤسسة الأسرة والمجتمع كله والشارع، وحتى الأسواق والمتاجر، عندها فقط ممكن أن تعي الجماهير معنى أن تمارس الحياة المدنية لتحفظ كرامتها وإنسانيتها بدل أن تبقى تجتر ظلامات الأمس ولا تفكر بالساعة ولا بغدها القريب.